المحرر موضوع: // كتاب جديد // كيف أبقى بوش الأب على نظام صدام؟  (زيارة 1010 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Sabah Yalda

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 32867
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي



// كتاب جديد // كيف أبقى بوش الأب على نظام صدام؟ [/color][/size][/b]

 الأحد 01/12/2006
ليست هذه هي المرة الأولى التي يعبر فيها وزير الدفاع الجديد روبرت جيتس عن قلقه من احتلال العراق والتداعيات السلبية المحتملة على الوجود الأميركي هناك وعلى المنطقة ككل. فقد سبق أن لعب جيتس دوراً مهماً في ديسمبر 1991 عندما كان يشغل منصب نائب مستشار الأمن القومي، حيث شكل مع مجموعة من المسؤولين لجنة داخل الإدارة الأميركية أجمعت على خطورة الحرب وحثت الرئيس الأميركي بوش الأب على الاكتفاء بتحرير الكويت ودحر الجيش العراقي، دون السعي إلى تغيير النظام، لأن الفكرة السائدة حينها لدى أغلب السياسيين هي الحفاظ على استقرار المنطقة، خدمة للمصالح الأميركية. وهو رأي عبر عنه خليفة دونالد رامسفيلد قائلاً: "كان انشغالنا الأساسي هو أنه بعد قصف الجسور وإلحاق الدمار بالبلد، فمن المفترض أن نصلح كل ذلك، والواقع أننا لم نكن نرغب في توريط أنفسنا في أي إصلاح". هذه التصريحات وغيرها لأركان إدارة بوش، يضمنها كريستيان ألفونسي، الحاصل على شهادة الدكتوراه في موضوع العراق من جامعة هارفارد، في كتابه "دائرة الرمال: لماذا رجعنا إلى العراق؟"، وهو الكتاب الذي يجسد ثمرة تحليله للوضع العراقي، بدءاً من "عاصفة الصحراء" التي حررت الكويت، وانتهاءً بالحرب الأخيرة في رمال العراق المتحركة.
وبتركيز المؤلف على السنوات الأولى من تسعينيات القرن الماضي، وخصوصاً خلال استعدادات إدارة الرئيس بوش الأب لدخول معركة تحرير الكويت، وما تخللها من مناقشات حادة بين أركان الإدارة انتهت بتغليب رأي الواقعيين الذين آثروا تحرير الكويت دون تغيير النظام. فقد اعتقد مستشار الأمن القومي حينها برينت سكوكروفت، حسبما يورد الكتاب، أن إلحاق الهزيمة بذلك النظام العدائي دون الزحف على بغداد، سيساعد على حفظ التوازن في الشرق الأوسط، وهو ما كان مطلوباً للحفاظ على المصالح الأميركية وتأمين مستقبل إسرائيل في المنطقة. غير أن انشغال إدارة بوش الأب بمسألة الاستقرار وضبط موازين القوى في الشرق الأوسط، لم يرق لمسؤولين آخرين كانوا في الإدارة، وقد انتظروا فرصتهم مع قدوم الرئيس جورج بوش الابن إلى البيت الأبيض ليمتد انشغال الإدارة الجديدة إلى خارج دائرة الحفاظ على الاستقرار في المنطقة، والسعي إلى إعادة تشكيلها وتغيير ملامحها. المؤلف يكرس كتابه لدراسة هذا التحول في السياسة الخارجية للجمهوريين؛ من ضبط موازين القوى إلى استعراض القوة الأميركية المنتشية بانتصارها على الاتحاد السوفييتي.
ويستند المؤلف في ذلك على مجموعة من الوثائق والحوارات التي أجراها مع كبار مسؤولي إدارة الرئيس بوش الأب، بعد الحرب العراقية الأولى. ويشير إلى الصراع الذي بدأ يتشكل في دهاليز صناعة القرار، بين الجناح الواقعي بزعامة مستشار الأمن القومي برينت سكوكروفت، ونائبه روبرت جيتس، المحذرين من مغبة الاندفاع وراء إغراء تغيير النظام في بغداد، وبين تيار آخر يمثله نائب وزير الدفاع بول ولوفويتز المنحاز إلى تغيير النظام وإعادة تشكيل الشرق الأوسط. لكن رغم الانقسام في إدارة بوش الأب، يقول المؤلف إن القرار النهائي بعدم استهداف النظام العراقي، كان قراراً متعمداً ومدروساً قاد في الختام إلى الورطة الأميركية في العراق. فلو أن الرئيس بوش الأب دفع بمسألة الإطاحة بنظام صدام حسين منذ اللحظة التي أفصح فيها عن تهديده بحرق نصف إسرائيل، لما اضطرت الإدارة الحالية إلى تبني معلومات استخباراتية مغلوطة لتبرير غزوها للعراق. فقد كان المناخ الدولي حينها أكثر ملاءمة بعد احتلال العراق للكويت، فضلاً عن أن الفظائع الأخرى التي ارتكبها النظام ضد الأكراد، كانت ما تزال عالقة في أذهان الرأي العالم العالمي.
ويبدو وكأن المؤلف يعزو التعثر الذي تشهده الجهود الأميركية في العراق حالياً، وتصاعد العنف الطائفي، إلى العمل غير المنجز من قبل إدارة بوش الأب التي كانت على أعتاب تصفية النظام السابق، إلا أنها تراجعت في وقت كانت فيه الظروف الدولية أكثر من ملاءمة. هذا التردد في موقف إدارة بوش الأب يتعقبه المؤلف بنوع من التفصيل ليشير إلى الوفد الأميركي الذي زار صدام حسين سنة 1990 في أوج توتر العلاقة بين الولايات المتحدة والعراق وتصاعد اللهجة المستخدمة من كلا الجانبين ضد الآخر. هكذا توجه وفد ترأسه السيناتور "بوب دول" الذي صحب معه مجموعة من نواب الكونجرس، للتباحث في العلاقات التجارية. وكان الشغل الشاغل للسيناتور "دول" هو إقناع الرئيس صدام بشراء القمح الأميركي، لاسيما أن العراق كان وقتها من أكبر مستورديه. لكن قبل المغادرة إلى العراق التقى "بوب دول" بوزير الخارجية جيمس بيكر وأطلعه على النقاط التي يتعين التطرق إليها أثناء الحديث مع صدام حسين. وخلال الزيارة التي انضمت إليها السفيرة الأميركية في العراق "أبريل جلاسبي" التي تجيد اللغة العربية، حل الوفد ضيفاً على صدام حسين في مقر إقامته بالموصل شمال العراق.
ويوثق المؤلف الشعور بالدهشة الذي تملك أعضاء الوفد من الحفاوة الظاهرة التي استقبلهم بها صدام حسين، والتعامل الدمث الذي خصهم به، وهو ما جعل السفيرة الأميركية المخضرمة تستنتج أن صدام كان يسعى إلى ترميم العلاقات المتدهورة بين أميركا والعراق والتي وصلت إلى أدنى مستوياتها بعد خطاب صدام الذي انتقد فيه الرئيس بوش وتوعد فيه إسرائيل بالويل والثبور وعظائم الأمور. واللافت حسب المؤلف أن ردة فعل السيناتور "دول" لم تكن أقل تهذيباً، وكأنه يحاول طمأنة صدام بأن نظامه باقٍ ولن يتعرض لمحاولة الإطاحة.

زهير الكساب
الكتاب: دائرة الرمال: لماذا رجعنا إلى العراق؟
المؤلف: كريستيان ألفونسي
الناشر: دابلداي
تاريخ النشر: 2006
 




http://www.aljeeran.net/wesima_articles/index-20061201-57129.html[/font]
مرحبآ بكم في منتديات عنكاوا كوم