المحرر موضوع: حوار بين الانسان والحياة  (زيارة 1594 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل John Homeh

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 137
  • الجنس: ذكر
  • John Homeh
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
حوار بين الانسان والحياة
« في: 17:17 30/05/2013 »

حوار بين الانسان والحياة


جان هومه


جلس الانسان خلف مغارة مهجورة , ثم نظر الى الأفق وتمتم يسأل الحياة ما في داخله من اسئلة تحيّره ليل نهار . ايتها الحياة , جئتك وأنا لا اعلم من اين ؟ فهل لي ان اعرف منك حقيقة وجودي ؟
لمست يد الحياة كتف الانسان واجابت ... يا بني سؤالك هذا قديم كقدم وجودك على الأرض .لو اجبتك سأخون عهدي مع القوة الخالقة . كذلك قد يضرك اكثر فتهتز اركان كيانك وفكرك ومشاعرك .
تنهد الانسان والتفت الى يمينه وقال : نعم لقد حاولت مزج فكري بتأملاتي حتى ايقنت ان فلسفة وجودي لن تمنحني غير الألم . مع هذا اشعر ان رياحك تقذفني نحو شواطىء الألغاز الكونية .
اقتربت الحياة من الانسان وضمته الى صدرها وهمست في اذنه ... الألغاز الكونية لا تحصى يا ولدي . حتى السنين الضوئية او السنين التي تجري بسرعة الأفكار لا تكفي لك لتدرك حقيقة ما في الأكوان من الغاز او معرفة اسرارها .
هزّ الانسان رأسه وبكى على صدر الحياة ثم رفع رأسه وسألها بمرارة : اماه ... احلّفك بقدسية القوة الخالقة قولي لي ماذا تريدين مني  ؟
نظرت الحياة في عيونه وتمعّنت ما يخفيه وراء هذا السؤال حتى حملت راحته وتحدثت باسلوب اكثر شفافية ... ما اريده يا ولدي هو ليس اكثر من أن ترفع من شأني امام القوة الخالقة .
اتكأ على خاصرة الحياة واجابها بسؤال : كيف ؟؟؟
لنسير معا في كرمة هذا الكون حتى اجيبك كيف . اسمعني باصغاء شديد حتى تفهمني جيدا . اولا العطاء بدون قيود او حدود .
اوقفها تحت شجرة الزيزفون وحمل يدها ووضعها على خده الأيسر ثم سألها : لمن اعطي ؟
داعبت خصلات شعره والابتسامة تغرّد فوق شفتيها واجابت ... للغريب قبل القريب , ولكل محتاج دون أن يسالك العطاء .
داعب الانسان شفته السفلى بلسانه وبعد تفكير وتأمل نظر في عيونها ليسألها باستغراب : اي نوع من العطاء تقصدين ؟
سؤال مفيد ... ان من وهبك نعمة المواهب , يريد منك أن تعمل بها من كل فكرك وروحك وقلبك . فكن عاشقا لها بكل صدق واخلاص وتضحية. لأنك بهذا ترفع من شأني انا وترتقي بأخلاقك انت .فلا تنسى ان من خلال موهبتك يكون عطاؤك رسالتك . وكل رسالة تكتبها بحروف المحبة , ستتحوّل الى شهادة سمو وقداسة امام عرش القوة الخالقة . ولأن كل رسالة محبة  تخطّها ستنقص من بشريتك لتزيد من انسانيتك .
صمت الانسان لبعض الوقت ثم جلس في حضن الحياة وقال: اذن ما تقصدينه يعني انني كبشري لن احصل على سمو الأخلاق والمبادىء والمحبة الا اذا توصلت الى مرتبة الانسانية .
لقد نطقت الحقيقة يا ولدي ... اجابت الحياة .
ثم ماذا يا اماه ؟
ثانيا ... القوة الخالقة يا بني هي من ارسلت ابنها البار لينقذك من المفاهيم الخاطئة المتوارثة من خلال الأديان .
لم افهم , ماذا تعنين ؟
الأديان هي مصدر الخوف والرعب والقتل والدمار والأنانية وصانعة السياسة وكل ما يسىء الى غاية القوة الخالقة من خلقك .
احتار وهزها بعفوية وسألها ... لقد قلت يا اماه أن القوة الخالقة هي التي ارسلت ابنها البار لخلاص الانسان من المفاهيم الدينية الخاطئة . اوليس هذا الابن البار قد جاء بديانة جديدة ؟؟؟
ابتسمت الحياة واجابت . لا يا ولدي ابن الانسان لم يأت بدين بل بسلام ومحبة وتسامح. فالسلام لا يحتاج الى دين والمحبة هي ذاتها القوة الخالقة والتسامح يلغي العداء.
ابن الانسان ؟؟؟ تعنين يسوع الذي صلب على خشبة الخلاص .
بالتأكيد ... جاء من اجل خلاصك فكان لك المعلم والطبيب والمهندس والمحامي وعالم النفس وكل ما تحتاجه . لأنه هو الحق والطريق والنور .
هل تعلمين اماه انني منذ وعي وانا اؤمن بهذا ايمانا من كل فكري وروحي وقلبي ؟
كيف لا اعرف وانت ولدي الحبيب ؟...
اكملي ارجوك , ماذا بعد ؟
احب حماسك هذا لأنه دليل عشقك لكل ما هو جميل .
هيا يا امي ما هو الثالث ؟
ثالثا يا بني ... ولادتك في وجودي هي دراسة وعمل وامتحان .احفظ دروسي جيدا . اعمل بأخلاق ومحبة واخلاص, فلو فعلت هذا حينها ستدخل في تجربة الامتحان الصعب . ان نجحت يعني انك حصلت على شهادة الانسانية بامتياز . وهذه الشهادة هي طريقك من خلال جسر الموت الجسدي لينتقل العقل من خلاله الى منزلة السمو والروح الى مرتبة القداسة . بهذا ستكون مستحقا في التمتع بحياة اخرى اسمى مني بمراتب ارقى ... هي حياة القوة الخالقة .
بكى الانسان لسببين الأول فيه الفرح لأنه اطمأن ان هناك حياة ارقى واسمى واقدس , والثاني فيه البكاء , لأنه يرى ان هذه التجربة لها بوابة ضيقة تحتاج الى تحمل اعظم الآلام واقساها .
اراك تهت يا ولدي , الى اين اخذك الفكر ؟
اماه ... ارجوك قبل أن ننهي حوارنا , هل لي أن اسألك للمرة الأخيرة ؟
كم أنت فضولي يا ولدي ؟ اسأل حبيبي تفضل .
من هو الاله ؟
مجرد انك قلت هو , يعني انك شخّصته بالذكر وهذا تصور بشري خاطىء ومفهوم ساذج . لكن مع هذا سأجيبك من خلال الآتي اوليس الابن البار هو البداية والنهاية ؟
نعم انه هو .
اذن لا تبتعد اكثر في طرح الأسئلة لأن ما في هذا الكون من الغاز لا تعد ولا تحصى , قف هنا وتأمل وجودك في اعماقي وتمتع بجمالي , يكفي أن البداية والنهاية تعني بلغة القوة الخالقة والتي يسمونها البشر ( الله ) هي لغة آشور . وآشور يعني البداية .

    
  
      
  
اصنع سيفك من معدن المحبة تنتصر أنت وعدوك

جان هومه


غير متصل Enhaa Yousuf

  • مشرف
  • عضو مميز
  • ***
  • مشاركة: 1748
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • http://www.enhaasefo.com/
رد: حوار بين الانسان والحياة
« رد #1 في: 19:03 19/06/2013 »

الاخ العزيز جان

هنا فلسفة خاصة
يتجول في أروقتها الانسان
باحثا عن زاوية يختبأ فيها ويصغي الى همس الحياة
ليكشف اسرار ها  .... ويتمعن في طبيعتها
شكرا لهذا النص التأملي
بشوق كبير لنتاجاتك الادبية الجميلة
محبتي
انهاء

غير متصل ايفان عادل

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 70
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
رد: حوار بين الانسان والحياة
« رد #2 في: 23:50 02/07/2013 »
آميــــــن ...

تحياتي

ايفان عادل