لا تختزلوا مأساة أمة في حدود دعاية انتخابية!!
أوشـــانا نيســـانoschana@hotmail.com
لقد أثبت الدهر، أن شعبنا بحاجة الى مثقف بحجم معاناة التاريخ يحمل راية الحداثة بعقلانية ليؤسس لفكر جديد من خلال ثورته على كل الموروثات والقيم الخاطئة بدون تمييز، ولا "المثقف" المهموم بمحاولات تنشيط التطبيع الثقافي مع السياسي الانتهازي والبلد على أبواب انتخابات برلمانية مصيرية.
شعبنا بمسيس الحاجة الى المثقف أو السياسي الذي يفلح في مراقبة المشهد السياسي ضمن العراق الجديد عراق ما بعد ما يقارب من قرن من الدكتاتورية والاضطهاد العرقي والمذهبي بعين العقل ومنطق المصارحة ليدرك تماما،ان هناك شعوب ودول في الشرق الاوسط وفي مقدمتها شعوب العراق، غير مهياة بما يكفي من الحصانة الفكرية والسياسية بعد للانفتاح الديمقراطي دون مواجهة تعقيدات الخلط بين الديمقراطية والتسيب!! لآن العراق عامة والاقليم الكردستاني على وجه التحديد في مرحلة مخاض وفي وضع الانتقال نحو الديمقراطية ولا وضع الانتقال الديمقراطي، كما يكتب هذا المنظّر أو ذاك.
ومن المنطلق هذا يمكن للمتابع تقيّم عملية التغيير والتنمية التي احدثتها تجربة الديمقراطية في الاقليم خلال فترة زمنية قصيرة، قياسا بنتائج ما يسمى بديمقراطيات الانظمة الوطنية العربية لما بعد الاستعمارين الانكليزي والفرنسي، واخرها الربيع العربي الذي سهل وصول الاسلام السياسي الى مقاعد السلطة.
نحن هنا لسنا بصدد الدفاع عن مسيرة الحكومة الكردستانية، فليست كلها سمن على عسل. ففي الوقت الذي يجب الاعتراف بجملة من الانجازات الوطنية وخطوات التنمية التي تحققت في الاقليم للمرة الاولى في تاريخ العراق السياسي الحديث وفي مقدمتها الكوتا المخصصة لآبناء شعبنا الكلداني السرياني الاشوري، هنالك جملة من الاخفاقات أولها، أستشراء ظاهرة الفساد المالي والاداري التي تعرقل جهود ومبادرات رئاسة الاقليم، بهدف الغاء مخلفات الارث السياسي الذي خلفته النظم المركزية "العربية" في عقلية المواطن العراقي وتحديدا المواطن غير العربي منذ تشكيل أول حكومة عراقية عام 1920 ولحد سقوط الصنم عام 2002.
فالاحداث المتعلقة بسياسات التغيير الديمغرافي، أوالتجاوزات التاريخية على القرى والارياف التابعة لابناء شعبنا الكلداني السرياني الاشوري في الاقليم الكردستاني المقبل على الانتخابات البرلمانية والرئاسية، من شأنها أن تكشف خلفيات هذا الملف المعقد " أشوريا" على الاقل خلال العقدين الاخيرين. حيث طبقا لقواعد اللعبة الديمقراطية وفي جميع ديمقراطيات العالم، من الاسهل لقيادة أي حزب أو أي حركة سياسية حصلت على الاكثرية من أصوات المقترعين أوفازت بالكوتا في البرلمان، أن تمرر مشاريعها ومقترحاتها الموسومة ببعدها القومي من دون اعتراض يذكر!! و"أن الوضع النهائي لتشكيلة البرلمان( المقصود هنا هو البرلمان الكردستاني) كما ورد في موقع زوعا تحت عنوان " لمحات من مسيرتنا في برلمان الإقليم "، جعل القائمة البنفسجية بيضة القبان في البرلمان تستطيع أن ترجح كفة أي طرف من الطرفين اللذين تقاسما مقاعد البرلمان (الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني)، وهذا ما جعلها محط اهتمام كبير من كافة الأوساط السياسية في الداخل والخارج، وسلطت عليها أضواء إعلامية كبيرة فكان هذا مكسبا لشعبنا من خلال تعويم وجودنا وتعريف العالم بقضيتنا القومية والوطنية"، انتهى الاقتباس.
ولكن يبقى السؤال: لماذا أختارت القيادة البنفسجية"المدللة" والتي كان بامكانها أن ترجح كفة الحزب الديمقراطي الكردستاني على كفة الاتحاد الوطني الكردستاني أو العكس كما ورد أعلاه، أن تسكت سكوت القبور ولا تنبس ببنت شفة عن هول التجاوزات والاعتداءت التي جرت خلال 20 سنة الاخيرة؟ ثم لماذا يجب أن نحمّل بقية الاحزاب والمنظمات القومية المؤمنة بوحدة شعبنا الكلداني السرياني الاشوري على الاقل خلال مرحلة الانتخابات ديسمبر القادم، مسؤولية الاخفاق في حل تداعيات سكوت القائمة البنفسجية عن مسألة التجاوزات قبل سقوط الصنم، ثم قائمة الرافدين بعد السقوط باعتبارها القائمة التي تعودت أن تتمرد على وحدة الصفوف والعمل القومي المشترك؟
غياب دور الصحافة الحرة يبدوا أن الاستعدادات الخاصة في خوض معركة الانتخابات البرلمانية والرئاسية في العراق والاقليم، أعادت الى الواجهة الحديث عن حاجتنا الماسة الى الصحافة الحرة التي تفلح في نقل الاخبار الصحيحة بحيادية ونزاهة في سبيل رفع دور المثقف العضوي الناقد.لآن المثقف العضوي بحسب المفكر غرامشي يناقض مفهوم المثقف التقليدي باعتباره الملتزم بقضايا طبقته والمدافع عنها والمنخرط فيها، وهو على عكس المثقف التقليدي المتأفف عن تلك القضايا والمنزوي في برجه العاجي، أو المتحالف ضمناً مع البورجوازيات الاقتصادية والسلطوية.
فالحوارالاخوي الذي جرى بتاريخ 16 حزيران الجاري، بين قائمة الائتلاف بجميع فصائلها السياسية والسيد كمال كركوكي عضو المكتب السياسي في الحزب الديمقراطي الكردستاني ورئيس البرلمان الكردستاني الاسبق يظهر مدى جدية الاطراف على وجوب حل تعقيدات الارث الشوفيني الذي خلفته النظم الشمولية بالطرق السلمية واخرها ما جرى من التجاوزات في قرية "جمي ربتكي" وغيرها من القرى، ومن ثم الالتفاف مبدئيا حول المقترح الذي قدمه عضو المكتب السياسي لحزب بيت نهرين الديمقراطي السيد عامر حزيران خلال الحوار، من أنه بصدد زيارة القرية المذكورة في اليوم التالي بهدف الاستماع لمقترحات مختار القرية ودعوات اهاليها عن قرب قبل الاتصال بمسؤولي الفرع الاول من الحزب الديمقراطي الكردستاني. المقترح الذي أثنى عليه الطرفان وشجعوا الرفيق عامر مسؤول فرع دهوك على الاسراع في تنفيذ مشروعه الاخوي بهدف وضع نهاية لعملية التجاوزات من دون ربطها بالحملات الانتخابية كما جرى وتجري ضمن اعلام الطرف المتمرد على الوحدة. علما أن مسؤول فرع دهوك لحزب بيت نهرين الديمقراطي أستقبل في مكتبه بتاريخ 18 حزيران الجاري وفدا من مختاري واعيان سبع قرى لابناء شعبنا برئاسة مختار قرية جمي ربتكي. وتطرق الرفيق خلال مأدبة غداء أقامها لهذا الغرض على ضرورة تفعيل بنود الحوار بين الطرفين بهدف تفعيل أواصر الارتباط التاريخي والجغرافي بين الشعبين الجارين، واتفق الجميع على ضرورة وضع نهاية قانونية مشرفة لكل هذه التجاوزات والاعتداءات التي جرت وتجري على ممتلكات وقرى أبناء شعبنا الكلداني السرياني الاشوري. النهاية المشرفة التي ينتظرها كل وطني وقومي بفارغ الصبر.