المحرر موضوع: مذبحة ساحة الطيران: حيّ على الجهاد  (زيارة 1368 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عبدالمنعم الاعسم

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 788
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

مذبحة ساحة الطيران: حيّ على الجهاد
[/color]

عبدالمنعم الاعسم
malasam2@hotmail.com


 المجاهد الذي اخذ الإذن من امير الجماعة للسياحة في ملكوت الله فجر الثلاثاء، كان قد توضأ وصلى، حكما، قبل ان يتجه بالسيارة”الاسلامية” المفخخة نحو ساحة الطيران في قلب العاصمة بغداد..فثمة مبرر للجهاد ضد الاحتلال وفي سبيل الله سيلقى القبول والجزاء في رحاب الجنان كلما زاد عدد قتلى عمال المسطر، وكلما زادت النائحات المفجوعات على الضحايا، اما المجاهد الذي بسْملَ وكبّر قبل ان ينكّل بالعمال الطيبين الفقراء وهو يردد “والله اشد بأسا واشد تنكيلا” فسينضم الى الذين سبقوه في مجازر الاسواق وقطع الرؤوس “وجنات لهم فيها نعيم مقيم”.
 في واحدة من غارات الشرطة على احد مخابئ المجاهدين في اطراف بغداد عُثرعلى كراس مخصص لتركيز الايمان في قلب “المقاتلين” في العراق يتضمن طائفة من الاجتزاءات الدينية والتلفيقية والفتاوى الجهنمية التي يُشحن فيها صبيانٌ صفرُ الوجوه تحدروا من سلالات الهمج والتخلف واليأس ليكونوا في مقام “الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا” في رحلتهم من مكة الى المدينة، وليروّضوا الخوف في نفوسهم ويستبعدوا عنها فروض الرحمة وشوائب الشفقة، فلقائهم سيكون  بالضحية امتحانا  لاصالة الوحشية وخسة المتوحش  و”ان ابواب السماء تفتح عنده وينزل النصر”.
وحين ضربتْ خيوط الدماء الشاشات الملونة للفضائيات، وتساقط عمال ساحة الطيران مثل طيور اسطورية، وهتفت امرأة “ الله اكبر” ولاذ طفل بعباءة امه، ورفع شيخ رأسه الى الاعالي، وبدأت صناديق الخشب تحمل اجسادا مزقتها الانفجارات والشظايا، كان الجهاد من اجل الاسلام قد انتصر مرتين، مرة على طابورالعمال العراقيين الباحثين عن لقمة  يسدوا بها رمق عائلاتهم، ومرة اخرى على نشرات الاخبار التي اضطرت الى وضع حادث تفجير ساحة الطيران وقتل اكثر من خمسين من عمال المسطر في مقدمة  الاحداث العالمية لتقدمها وجبة افطار مقززة الى العالم من انتاج قتلة محترفين بوظيفة مجاهدين.
آنذاك عدتُ أقلّب الكراس الذي يُلقن منه اولئك الصبية، صفر الوجوه، الايات التي تبيح هدردماء العراقيين الابرياء، والتفنن في اثارة الهلع “والجهاد والقتال وقطع الاعناق” ووضعتُ خطوطا حمراء تحت وابل من الرطانات المستعارة من ترسانة الماضي الرث لاستدل بها الى المغزى الديني  الذي يقف وراء مذبحة ساحة الطيران وجنس المخلوقات التي ارتكبتها، ومن ثم الى اي فريق من الكفار يمكن احتساب اولئك العمال الذين كانوا طعما للموت في غارة ناجحة للجهاد في سبيل الله، فثمة فتوى استُهلّ بها الكراس تحضّ على مقاتلة “المشركين والملحدين وعبدة البقر والشمس والقمر والحداثيين والوجوديين” فالى ايٍ من هؤلاء ينتسب عمال المسطر في ساحة الطيران؟.
وثمة فتوى تضع المجاهد الانتحاري بمواجهة العالم، وتضع العالم في تابوت، فان ظنة الكفر لا حدود لها: “ثمة عشيرة كافرة أو بلد كافر أو قارة كافرة” وفتوى اخرى تقرّب الجهاد الى البربرية والمجاهدين الى الذئاب المتوحشة، بالاشارة الى “السبي” كناية لعمليات اختطاف المواطنين، إذْ “تبدأ حربنا بالسبي.. اي بالسيطرة عليهن يصبحن مملوكات، وحكم الطفل المسبي حكم ابويه” وان “الذكور البالغين من الاسرى يتعين قتلهم.. والامام مخيّر إن شاء ضربَ اعناقهم، وإن شاء قطع اياديهم وارجلهم، وتركهم ينزفون حتى يموتوا”.
الذي يقرأ كراس “إعداد المقاتلين في العراق”  لن يستغرب ان يكون عمال البناء هدفا “شرعيا” للجهاد في سبيل الاسلام، ولن يأخذه العجب حين يعرف ان البناء نفسه عقبة امام  المجاهدين، لان مشروعهم يقوم على العودة بالعراق الى عصر الخيام والابل.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
...وكلام مفيد
ــــــــــــــــــــــــــــــ
“خمسة آلاف سنة
 ونحن في السرداب
 ذقوننا طويلة
 نقودنا مجهولة
 عيوننا مرافئ الذئاب”.
            نزار قباني
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جريدة(الاتحاد) بغداد[/b][/font][/size]