المحرر موضوع: يوم قيامة بغدادي  (زيارة 563 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عدنان حســـين

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 669
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
يوم قيامة بغدادي
« في: 16:32 20/08/2013 »
شناشيل
يوم قيامة بغدادي
عدنان حسين
بألم ممضّ .. بوجع مبرح يُزهق الروح .. بشعور بالغ بالقهر، وبفم ملآن بالدم، أعترف، انا الذي كان لي شرف معارضة نظام صدام حسين لأكثر من ربع قرن .. معارضته بضراوة لم تَعرف المهادنة يوماً برغم الاغراءات المادية التي قدمها النظام لكي أسكت، مجرد السكوت، وبرغم الاضطهاد المتواصل والمتفاقم الذي تعرضت له عائلتي بعد فراري سرّاً الى المنفى، من اعتقال وتعذيب وملاحقة وتضييق ومحاربة في الارزاق، حتى الوالد والوالدة كانت لهما حصة فيها.. أعترف بانني كنت على خطأ.
لم أخطأ في معارضتي لصدام ونظامه، ببساطة لأن نظام صدام كان يستحق بجدارة أن يعارضه الوطنيون .. كل شرفاء العراق عارضوا صدام، إن في السر أو في العلن، ولم أكن سوى واحد من هؤلاء.. حتى يوم سقوطه قبل عشر سنوات كان نظام صدام أسوأ نظام شهده العراق في تاريخه الطويل.
أعترف بانني أخطأت إذ كتبت في الصحف والمجلات التي عملت فيها خارج الوطن، وإذ قلت في الندوات والمؤتمرات واللقاءات التلفزيونية والاذاعية، ان النظام الذي تشكّل بعد 9 نيسان 2003 سيكون أحسن من نظام صدام .. أعترف بانني اخطأت في دفاعي المستميت عن هذه الفكرة، فيومها لم أكن أتخيل ان العراق سيشهد نظاماً سيئاً كنظام صدام.
أعترف، وانا بكامل قواي العقلية والجسمية، انني كنت قاصر الادراك في هذا، فلدينا الآن حكومة تتنافس مع نظام صدام في السوء.. أقول هذا بألم ممضّ للغاية، واقول بوجع مبرح ان صدام أهدر كرامة العراقيين لكن حكومة السيد نوري المالكي الثانية تكاد تبزّه .. صدام تجاوز على انسانية العراقيين بيد ان الحكومة الحالية تفعل الشيء نفسه وأكثر .. صدام انتهك حريات الناس وحقوقهم الا ان الحكومة القائمة اليوم  تتسابق معه في هذا أيضاً.
كان عهد صدام سيئاً ، لكن العراقيين كانوا، مثلا،  يعرفون متى تنقطع الكهرباء ومتى تأتي .. وفي عهد صدام السيء كانت الحصة التموينية أكثر عدداً في مفرداتها وتصل في موعدها .. وفي عهد صدام السيء كانت المدن أنظف ... في عهد صدام المتوحش لم يوضع الناس أمام خيارين: إما أن ينحشروا في السيارات ساعات لعبور نقاط التفتيش، أو أن يقطعوا الكيلومترات تحت الشمس الحارقة أو المطر الغزيز أو عواصف التراب ليصلوا الى دوائرهم ومراكز أعمالهم وبيوتهم.. وفي عهد صدام المتوحش كان الذي مع النظام مدللاَ، والمعارض مهدور الحقوق والكرامة، والذي لا مع الحكومة ولا مع المعارضة لا أحد يتعرض له في الغالب.. أما اليوم فالجميع مَهدور الكرامة ومُنتهك الحقوق ومُتجاوز على انسانيته، بنقص الخدمات الاساسية وبعمليات الدهم والاعتقال العشوائية وبالاجراءات الأمنية الفاشلة التي ما نجحت، ولن تنجح، في مكافحة الارهاب، وهي عقوبة للشعب وليس للارهابيين .. ويستوي في هذا الهدر في الكرامة وانتهاك الحقوق والتجاوز على الانسانية  معارضو النظام ومؤيدوه وأصحابه ممن ضحوا بالكثير من أجله ، أو بالأحرى من أجل نظام غير سيء، كنظام صدام.

بموازاة اشاعة كاذبة لفّقها بعض أوساط الحكومة المذعورة من خيالها قالت بوجود مخطط لاجتياح المنطقة الخضراء، وُضعت بغداد أمس في حال انحشار قاتلة ووُضع أهل بغداد وزوارها في حال الاهانة السافرة .. أُغلقت شوارع حيوية بين الكرخ والرصافة، واحتجز الناس في معسكر اعتقال حقيقي .. حتى الحيوانات في الزرائب لا يمكن أن تُعامل كما عومل الناس في بغداد أمس.. كان واحداً من أكبر أيام الذل والاهانة وانتهاك الكرامة الانسانية والاستهتار بالحقوق في تاريخ العراقيين قاطبة.