المحرر موضوع: لماذا أكتب، وكيف، وماذا، ولمَن؟  (زيارة 1022 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل لويس إقليمس

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 426
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
لماذا أكتب، وكيف، وماذا، ولمَن؟

فن الكتابة بمجمله، فيه شؤون وشجونٌ. فهو، إلى جانب ضرورة توفر القدرة على إيصال الفكرة بأسلوب سلس وواضح خالٍ من اللف والدوران، يتطلب أيضًا الكثير من الدقة والحذر والإحاطة بمجمل الموضوع الذي يتم طرحُه أو عرضُه على القارئ. وعلى الكاتب، ألاّ يبخل باستخدام العبارات القوية وشدّ ذهن قارئه حول جوهر الفكرة منذ بداية السرد، كي لا يتيه في الكماليات والمجمِّلات. فالدخول في الموضوع أصرفُ من الدوران حوله وعدم إيصال المطلوب إلى القارئ المتربّص.
من طبيعتي ألاّ أردّ على ما يرد من تعليقات على كتاباتي. فالمهمّ عندي أن أعبّر عن أفكاري وأعلن عن تصوّراتي بوضوح ودون صعوبة كي تصل إلى ذهن القارئ، ولا يهمّني كيفية تقبّله إياها، سلبًا أم إيجابًا، فهو حرٌّ في قناعاته.
ولكن، استدعاني لهذا التوضيح، ما تلقيتُه من تعليقات مغرضة وقاصرة النظر ومصلحية، بعيدة عن واقع حالٍ قائمٍ، حول آخر مقالة لي عن بلدة "برطلة المعروضة للبيع بالمزاد" منذ فترة، وهي الحائرة اليوم بأهلها ومصيرها، وما يُقال بشأنها من كلامٍ بين طامعٍ بموقعها ومحرّض عليه، في موضوعة التغيير الديمغرافي. وأنا طرحتُ وجهة نظري في ما يحصل وما قيل ويُقال والضجة المفتعلة حول ذات الموضوع. وأرى أن كلّ هذه الضجة تدخل في نطاق الاستهلاك المحلّي لتحقيق غايات باتت معروفة للقاصي والداني ولكلّ متتبّع لما يجري في عموم مناطق سهل نينوى، من تدخّلات مفضوحة لمؤسسات ومنظمات وأشخاص في الداخل وفي بلدان الاغتراب، دخلوا جميعًا على الخط، وهم أصلاً غرباء ودخلاء عن تلك المناطق. ولكوني إنسانًا وطنيًا في أعماقي وأصالتي وناشطًا مستقلاّ في تحرّكاتي وآرائي، لا يهمّني ما يتهمني به زملاء كتّاب قاصرو النظر أو قرّاء تخلو انتقاداتُهم من عمق في التصوّر وقراءة الأحداث، رغم اعتزازي بنخبة أصيلة منهم ممّن يتسم برؤية فاعلة وثاقبة البصر . فأنا ما أزال مقتنعًا، أن ثقافتنا في سهل نينوى، ومنها في بلداتنا المسيحية في باخديدا/ قرقوش وبرطلة وكرمليس وبعشيقة هي عربية، وهي تختلف عن مثيلاتها القريبة أكثر من أجواء كردستان اليوم. وهُؤلاء الزملاء،  إذا أرادوا لهم شيئًا غير ما نفكر به نحن في مناطقنا التاريخية، فهذا أمرٌ يخصّهم بالتحديد. ولكن لن يكون مقبولاً تدخّلُ أي دخيل أو مغترب على مناطقنا هذه لأية علّة أو غاية. وعلى العقلاء والحكماء وأصحاب الشيم من الأصلاء في هذه المناطق، ألاّ ينساقوا لما يُخطّط له عبر مؤسسات ومنظمات وأحزاب تمّ تسخيرُها جميعًا لتحقيق غايات وأجندات واضحة. وكون ثقافتي عربية، فهذا لا ينتقص من قيمة اعتباري وتشرّفي بمكوّني السرياني، طقسًا وقوميةً ولغةً، إن حسن للبعض فهمُ ذلك. وهذا قصرُ الكلام!

أكتب بالعربية دون تحفّظ
من طبيعتي أنّي أحبّ الكتابة، رغم ما في هذا الفنّ من هموم ومنغصات. وكتابتي كسائر الزملاء الكتاب هي بالعربية، وهي اللغة التي تطبّعنا عليها أغلبُنا ثقافةً ومَلَكَةً وتفاهمًا في مجتمعنا العراقي عامة، وذلك منذ وعيِنا للدنيا وتعلُّمِنا لها ولقواعدها ولبديع أسرارها في المدارس والمعاهد والكليات، كما في تصفحِنا اليومي لكلّ ما تقع عليه عيونُنا. إذن، نحن متطبعون بثقافة عربية، وهذه حقيقة، لا تجافي ولا مساومة فيها. ألسنا نتفاهم ونتحاور ونعلّق في هذا الموقع بالعربية؟ أم أنا مخطئ؟ نحن اليوم، كما بالأمس وسنبقى غدًا وبعد غد، نكتب ونتحدث ونتفاهم بالعربية، شئنا أم أبى غيرُنا. ولا مغالطة في ذلك ولا تجنّي في طمس الحقائق والجغرافية والتاريخ التي ليست قائمة إلاّ في مخيّلة الحالمين والمنغلقين القابعين في مرابع العم سام وأبناء عمومته من الغرب الملحد الذي اجتذب أبناء الرافدين لإفراغه منهم، من حيث لا يدرون، بحيث اصبحوا منابر للتحريض والتخوين باتهامهم الغير "بالمساومة والخضوع والخنوع غير المبرّر والافتراء والتجنّي"، رغم عدم وجود أية صلة لبعض مغتربينا بالبلدات التي يدافعون عنها عن بعد، سوى الحلم الخيال الذي لا يسكن إلاّ في مخيلاتهم المريضة!

أين التجنّي في قول الحقيقة؟
 إنّي حقًا، لا أستطيع فهم بعض كتّابنا باتهامي ظلمًا، بوقوفي بالضدّ ممّن يحاول هو التجنّي على مصير ومستقبل بلداتنا في سهل نينوى، وهم ليس لهم فيها لا ناقة ولا جمل! أنا ككاتب مستقلّ، أرى الحقيقة وفق تصورّ أمين يلامس واقع الحال اليومي. ثمّ، ما دخلُ المنظمة العراقية (مجتمع مدني) التي أنتمي إليها بما يحصل في بلدات سهل نينوى، أو ببساطة ما دخلُها بالثقافة العربية التي أحملها أنا وغيري من الكتاب، حتى الناقد منهم لتوجهاتي وآرائي؟ فمَن يا تُرى، يستطيع الجزم اليوم، باحتفاظ عرقه أو القومية التي يدّعيها بصفائها، حتى العظم دون مزاوجة واختلاط حتّى ندّعي غير ذلك؟ ولماذا هذا الخلط بالأوراق، بينم ما هو عام وخاص؟
 أنا أنتقد تصرفات وأجندات "المجلس الشعبي القطاري" غير المقبولة. هذا رأيي الشخصي. قد أكون محقًا أو قاسيًا بعض الشيء، بسبب حركة الاستحواذ التي لعبها هذا التنظيم الذي انقلب حزبًا سياسيًا بين ليلة وضحاها، ينافس أحزابًا ذات ماضٍ نضاليّ مشهود وينكّد على بعضها ويحاول تفتيتها وجرّها إلى انقسامات وانشقاقات من  تحت الكواليس، وذلك بفعل الأموال التي يدرّها على أتباعه ومرتزقته الذين استأسدوا بفضل الدعم الأمني غير الشرعي الذي يغطّي أعمالهم ونشاطهم. هاكم مثالاً على ذلك: لقد استطاع وبدهاءٍ ما، أن يجرّ إلى صفوفه أغلب الأعضاء الأصلاء الذين شكّلوا أول خلية تنظيمية قومية شاملة بعد السقوط مباشرة في 2003، والمتمثلة بالمجلس الكلدو- آشوري السرياني القومي الذي ظلّ فاعلاً لغاية 2007 . حتى إن السكرتير العام المختار لهذا الأخير، قد اضطرّ للإفصاح سرًّا لزملائه، عمّا لاقاه من ضغوطٍ وإرهاصات من نفرٍ من النواة المشرفة على "المجلس الشعبي القطاري" في وقتها، بهدف حمله على ترك هذا التنظيم القومي والابتعاد عنه، ما اضطرّه لتركه مرغمًا غير مخيَّر. فالحقيقة كما الشمس لا يمكن أنْ يحجبها غربال. ومَن يريد التأكّد، فليسأل صاحب الشأن!

لغات أخرى، ليست في خانة التعبير
هناك بالمقابل، فئة من ابناء شعبنا في شمال الوطن، ممّن تجيد اللغة الكردية، وهي اللغة الرسمية في إقليم كردستان اليوم. فهل هذه الفئة تكتب وتنشر وتعبّر بصورة واسعة عن أفكارها وآرائها بالكردية؟ ومع ذلك، لا ننكر أن هناك قلّة قليلة من ابناء شعبنا المسيحي، من السريان والكلدان والآثوريين والأرمن ومن أبناء طوائف غيرها، ممّن يستطيع الكتابة او القراءة أو التحدّث بالكردية داخل وخارج حدود الإقليم، ولكن ليس للنشر بل ضمن نطاق ضيّق جدًا. وذات الشيء ينطبق على اللغة الآرامية/ السريانية الفصحى (وليس السورث) التي تجيدها فئة محدودة من المسيحيين، دون أن تستخدمها في المرافق العامة وميادين النشر على نطاق واسع، إلاّ ما ندر. وهذه حقيقة إضافية لا نستطيع تغييرها. المهمّ، لكلٍّ حقُّه في التعبير باللغة التي يجيد استخدامها للتعبير والإقناع، بغضّ النظر عمّا إذا كانت ثقافتُه عربية أم كردية أم آرامية/ سريانية أم غيرها. أنا ثقافتي عربية، كما هي حال الكثير من كتابنا المحترمين، الذين لا ينكرون مثل هذه الحقيقة. ومن ثمّ ليس من حقّ أحد أن يتحذلق وينكر عليّ هذه السمة أو أن يفرض عليّ وعلى غيري ما يراه بغير هذه الثقافة وخارجها، تكابرًا واستغفالاً وإمعانًا في نكران الواقع. وهذا ليس في حدّ ذاته انسلاخًا أو نكرانًا لتوجهاتي الوطنية المسيحية "السريانية" (أو بالأحرى، لنقلْ القومية منها، دعمًا لحقوقنا كشعبٍ أصيل). هذه هي حرية التعبير والفكر والتقديم والقبول فالانتماء!

لماذا التجنّي على فكر الكاتب الحرّ؟
لكلّ كاتبٍ متتبعون ومتابعون ممّن يقرأون له. وبين هؤلاء مَن يطيب له التعبير الموضوعي عمّا يقوله الكاتب، وآخرون يسعون لإيجاد ثغرات في الأفكار التي يعرب عنها هذا الكاتب أو ذاك، لأجل النقد والتسقيط والاستخفاف والتسفيف، ليس إلاّ. فيما غيرُهم، لا تهمّهم، لا الأفكار ولا الحقائق ولا كشف المستور، بسبب انغلاقهم واصطفافهم للفئة التي يعملون لها ويشيدون بها وبمنجزاتٍ يعتقدون أن هذه الأخيرة تستحق على ضوئها، كلّ مواقع الإشادة والتبجيل إلى حدّ العبادة. وفي هذا تجنٍّ على الكاتب والفكر الذي يحملُه والراي الذي يريد إيصالَه لقرّائه.
أنا أرى أن ما يقوم به "المجلس الشعبي القطاري"، هو تجنٍّ بحدّ ذاته على هوية بلداتنا المسيحية ذات الثقافة العربية في شرق سهل نينوى. وهذا حقٌّ لي في التعبير بما أراه على أرض الواقع والجغرافية والتاريخ. فالمنطقة عمومًا، لا تدين باللغة الكردية ولا بثقافتها، فكيف للغرباء عنها أن يملوا على أبنائها ما يحاول هذا المجلس تنفيذه على حساب أهلها وجيرانها، مقابل الثمن الذي قبضه عملاؤه لتحقيق الطموح المنشود؟ أليس في هذا تجنٍّ ومساومة وصفقة تجري من خلف الكواليس؟
ببساطة الأمور، إنّ ما قد ينفع في قرى أبناء شعبنا المسيحي في شمال العراق أي كردستان الحالية، ليس بالضرورة أن يتناسب مع توقعات وتوجهات وطموحات أبناء السهل، أو في الأقلّ بلدة باخديدا وما جاورها، التي لا يدين أبناؤها بأية سمة كردية. فأين التجنّي في هذه الحقيقة؟ وبوسعي التوضيح أكثر، إن التحالف السياسي المفترض بحسب تبريرات البعض، بين تنظيماتنا المسيحية شيء - هذا إن كانت فقط مستقلة القرار والرؤية-،  والانتماء القسري لفئة شيء آخر. قد يكون ذلك صحيحًا في قرى شمال العراق، التي اغتصبت ودُكّت ونُهبت واستوليت أراضيها منذ الأحداث الدرامية في منتصف القرن الماضي وقبلها، ولكن ليس بالضرورة أن ينطبق ذلك على بلداتنا السريانية، وبخاصة باخديدا/ قرقوش التي تتعرّض اليوم هي الأخرى، لغزو مسيحي- مسيحي ممنهج، تنفيذًا لروزنامة محدّدة زُجّت بها طاقات وصُرفت وتُصرف أموال لتحقيق هدف طموح، بسبب موقعها وخصب العمل فيها وطيبة أهلها وترحيبها بكلّ قادمٍ غريب.

حق النقد مكفولٌ دون تجنّي
 هناك مَن يقرأ بروية، وينتقد ويعلّق. وهذا حقٌّ كفلته له قوانين النشر في الصحف ووسائل الإعلام ومواقع إلكترونية، ضمن شروط أدبية وأخلاقية لا تتجاوز الحدود الأدبية والأخلاقية المسموح بها، كما يفعل اليوم موقع عنكاوا، الذي يحظى بتقدير واحترام واسعين من شرائح واسعة من أبناء شعبنا، كونه أصبح النافذة التي منها يتنفس الكتاب شيئًا من حرية التعبير والترويح الفكري والإبداعي عبر هذا الحزام الناقل للحقيقة والواقع، بحلوها ومرّها! وفي هذا الصدد، أنا شخصيًا أعتز كثيرًا بهذا الموقع لعدم إحجامه بردّ ما أكتبه، حتى لو اختلفتُ فيه مع توجّهات إدارته أحيانًا، حسب اعتقادي. ولكن هذا لا يُفسد في الودّ قضية بيننا، كما حصل لي مع مواقع بلدتي "بخديدا" التي وضعتني في القائمة السوداء، ولا أدري لماذا وما السبب وراء الضجة المفتعلة ضدّ ما أكتبه وأنشره من واقع حال وحقائق تكشف المستور ممّا يُحاك ضدّ أبناء منطقة سهل نينوى بالذات، أو ما يجري من اتفاقات خلف الكواليس بين أحزاب كارتونية ومؤسسات مسيحية وَجدت في بلدات هذا السهل، الأرضيةَ الخصبة للاسترزاق وتنفيذ طموحات كردستان الكبرى بغير وجه حق.

عشق للغة العربية وثقافتها
أنا تعوّدتُ الكتابة كثيرًا باللغة العربية التي أعشقها، كما أسلفتُ. فمنذ الابتدائية، بدأت هذه اللغة، تدخل في شرايين جسمي كالماء الزلال، حيث تتلمذتُ على يد معلّمي الجليل جرجيس حبش، أدام الله في عمره والذي كان شجّعني كثيرًا لأكون قدوة الصفّ طيلة سنوات الابتدائية، وله يعود الفضل الأول لغرسها في عروقي. كما كان للأب المرحوم جبرائيل جرخي، طيّب الله ثراه، دورٌ أساسيٌّ في صقل هذه اللغة وإبداعي فيها وتقدّمي على زملائي في معهد مار يوحنا الحبيب للدومنيكان بالموصل، طيلة السنوات  السبع التي أمضيتُها فيه. وكنتُ دومًا أنال درجة كاملة في هذه المادة، حتى إنه شكاني مرةً لدى المرحوم الأب المربي يوسف أومي، رئيس الدير آنذاك، بسبب اعتراضي على تنقيصه ربع درجة من النتيجة النهائية للمادة التي كانت من 20 درجة. وقال لي في وقتها: الدرجة الكاملة هي لله وليس للبشر! كما لا أنسى جهود الشاعر الموصلّي معد الجبوري في صقل موهبتي الأدبية أيام دراستي في ثانوية قرقوش. القصد من وراء كلّ هذه الشذرات هو للقول بأنّ ثقافتنا في المنطقة، شئنا أم أبينا، هي ثقافة عربية في واقعها، ولا داعي للمراوغة وخداع الناس بالكلام العاطفي الذي يدغدغ المشاعر الجارفة لمن يطيب له التمسك حدّ الانغلاق لما يسمّيه ب "القومية"، انتسابًا للغة الطائفة التي ينتمي إليها، سريانية كانت أم كلدانية أم آثورية أو أرمنية أو غيرها.
 قد أكتب أحيانًا ايضًا باللغة الفرنسية أو الإنكليزية أو السريانية، ولكن قليلاً جدّا، إلاّ فيما يخص مناسبات أو لضرورات اجتماعية واحتفالية وسياسية ضيقة تستدعيها الظروف. فهذه ليس لها قرّاءٌ كثيرون وسط مجتمعنا المسيحي بخاصة. فالكاتب يكتب لعامة الناس وليس لشريحة ضيقة فقط. ولكن، عندما يغيب قلمي، أُعاتَبُ عليه، فأعود ثانية متى تيسّر لي الوقت، لقول حقيقة ما أومن به دون رتوش أو مغالطة أو مجاملة. فالخطوط تخرج من قلمي صادقة كما الكلمة من فمي، لا مجاملة لأحد أو لحدث أو لجهة، لكوني إنسانًا مستقلًا في رأيي وفكري وتوجهاتي، ومن ثمّ لا أحد يملي عليّ ما أكتبه أو أتحدث به. فأنا أجد في الكتابة فرصة لنقل الحقيقة وتوضيح الأحداث وكشف الوقائع، إضافة إلى تبادل الآراء والأفكار وأيضًا ترويحًا عن هموم، بسبب ضغط العمل المكتبي اليومي وصعوبات الحياة الكثيرة.

عدم الردّ هو شعاري
ومن مبادئي، كما أسلفتُ في أعلاه، عدم الرغبة في الردّ المباشر على التعليقات التي تصدر من زملاء كتّاب، حتى لو تعرّضوا لي بالنقد والتسقيط والتخوين والاتهام. فآراؤُهم ورؤاهُم مقبولة وهم أحرار، أيًا كانت سمتُها. فالكلمة تصدر من قلمي صادقة بلا صعوبة، لاسيّما فيما أومن به وأراه في أرض الواقع. إلاّ أنّ ما يحزنني في الردود التي ترد فيما تنشره مواقع التواصل الاجتماعي، أن يُصار إلى خلط الأوراق بحيث يختلط العام بالخاص، والفكر الشخصي المستقل للكاتب بالانتماء إلى حزب أو منظمة مجتمع مدني أو أي نشاط آخر. أنا عندما أكتب، وبتوقيع شخصي وليس باسم المنظمة التي أعمل بها، أتطيّر غضبًا من ناقد لا يعرف التمييز بين ما هو بتوقيع شخصيّ مستقلّ، وبينما يعود بآثاره لمنظمة أو جهة لم أصرّح بها البتة ولو في سطرٍ واحد ممّا أكتب. لذا ليس من المعقول أن أُحمّل وزر غيري، مَن أعمل معه في هذه الأنشطة التي قد أتفق وقد أختلف معه. منظمة مجلس الأقليات العراقية التي أنا واحدٌ من مؤسسيها وبُناتها ومديمي تواجدها، هي منظمة مجتمع مدني تضمّ المكوّنات قليلة العدد "الأقليات". ومن الطبيعي أن يجهد كلّ مكوّن في الدفاع عن حقوقه، ولكن ليس على حساب المكوّن الآخر. والاختلاف أو الاتفاق في الطروحات مع الزملاء في المنظمة ليس بحدّ ذاته، تنازلاً أو مساومة أو خضوعًا كما طاب للبعض أن يسمّيه. بل إن مثل هذا الاتهام مرفوضٌ جملة وتفصيلاً. فموقفي من حقوق شعبنا المسيحي في مناطقه التاريخية واضحٌ برفض أي تغيير ديمغرافي، ليس من مكوّنات الجوار فحسب، بل من نفس المكوّن المسيحي أيضًا. وهذا الموقف قد يجلب عليّ نقمة الكثيرين، ولكنه موقف واضح وصريح، لا تنازل عنه. فليطمئنْ مَن يحاول الاصطياد بالماء العكر، أن كاتب هذه السطور، لا تتغيّر مبادئُه ولا تتزعزع طموحاتُه ولا تتراخى متابعاتُه.
لا اختزال في المصير
ومن ثمّ، فإنّ اية محاولة لاختزال مواطني سهل نينوى وبلداته المسيحية التاريخية من قبل راعي التشكيلة "القطارية" تبقى مرفوضة وغير مقبولة، لعدم شرعيتها وعدم استقلاليتها وعدم إنصافها! ف"أهل مكة أدرى بشعابها". ولسنا بحاجة لمَن يدلُّنا على ما ينبغي لنا فعلُه بمصير بلداتنا من أجل تأهيلها وبنائها وصيانة تاريخها وديمغرافيتها وبما يتلاءم مع المعايير الوطنية والضرورات الحضارية وما يستجدّ من أحداث وتطورات. واللبيب من الإشارة يفهم!


لويس إقليمس
بغداد، في 5 أيلول 2013



غير متصل lucian

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 3345
    • مشاهدة الملف الشخصي
الا خ لويس إقليمس المحترم

انا سابقى متابع لك لما تنشره من مقالات على موقع البطريركية حتى وان اختلفت معك في بعض النقاط.

في مقالتك هذه انا لدي اعتراض على ما قلته بان اللغة العربية هي لغة المدارس والمعاهد والكليات

انا لا اتفق معك بهذه النقطة. اللغة العربية هي ليست لغة الكليات والجامعات وهي لن تصبح مثلا لغة لتدريس الطب والهندسة

هي تقتصر على المدارس وفي هذه الحالة هي حالها حال اللغة السريانية في المدارس السريانية.

ولكن من ناحية اخرى فان اللغة السريانية تتفوق على اللغة العربية , فاللغة السريانية نحن لا زلنا نتحدث بها وفي الكنيسة تستعمل بشكل نقي جدا. اما اللغة العراقية فهي لا علاقة لها باللغة العربية لان اللغة العراقية يمكن اعتبارها لغة مستقلة خاصة هذا سواء ان كان هناك من اعترف بهذه الحقيقة ام لا. هل سمعت عراقيين يتحدثون بالعربية؟

تحياتي