المحرر موضوع: منطقة الحكم الذاتي... نظرة مستقبلية  (زيارة 2121 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل وسام كاكو

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 64
    • مشاهدة الملف الشخصي
منطقة الحكم الذاتي... نظرة مستقبلية
[/color]
بقلم: وســام كاكـو

في المقالات الأخيرة التي نشرناها في موقع عنكاوة تحدثنا عن أهمية القائد الواحد وقارناه مع قادة التنظيمات في مكونات شعبنا ثم تحدثنا عن مكانة القائد في معادلة الشعب – القائد في خلق حالة حكم أو تنظيم إداري وصولاً الى توجيه الشعب نحو هدف كبير يسعى الى تحقيقه (وليتخلص به أيضاً من عقدة المشاكل التي تواجهه) وهو الحكم الذاتي وأهميته في حياة شعبنا الكلداني السرياني الآشوري، وكان منطقياً أن نناقش في هذه المقالة، على الأقل بشكل أولي، الخطوط العريضة للستراتيجية المقترح إتباعها للوصول بشعبنا الى مرحلة تحقيق الأهداف الحيوية له ولكن فضّلنا تأجيل ذلك الى ما بعد، لأسباب ربما تسنى لنا شرحها لاحقاً. ما وجدناه هو إنه في التاريخ لا توجد أمثلة كثيرة على حالات مشابهة لحالة شعبنا والتي يمكن الإستفادة منها في مجال التطبيق لذا وجب على مفكرينا وسياسيينا وناشطينا المجيء بطريقة مُبتكرة في مجال التخطيط والتنفيذ وصولاً الى تحقيق الهدف الأساسي لشعبنا وهو العيش في منطقة حكم ذاتي خاصة بنا واضحة المعالم وواقعية الأهداف والحدود وليست خيالية، أي أن لا تكون حالة من الحالات المستحيلة التحقيق كأن نقول بأنها منطقة تمتد  من أقصى الحدود مع تركيا الى أقصى جنوب الموصل مثلاً لأننا بذلك ننقل حالة الهدف الممكن التحقيق الى حالة الصورة الخيالية التي تندرج تحت تصورات اليوتوبيا، مع مراعاة أن تكون هذه المنطقة مُنسجمة ومتوافقة ومتفاعلة مع النسيج العراقي العام إجتماعياً وإدارياً.
ما هي ملامح منطقة الحكم الذاتي لشعبنا وكيف ستُدير نفسها؟ هذه مسألة يجب البحث فيها لاحقاً لأن العمل بإتجاه تحقيق هذا الهدف (إنشاء الحكم الذاتي) لم يكتمل بعد لذا فإن التكهن بما سيتم تطبيقه يبدو مُبكراً الآن ولكن يُمكن التخطيط لما يمكن إعتباره مناسباً، وهذا جهد يُمكن القيام به إعلامياً على الأقل.
الموضوع الأساسي لمقالنا هذا سيتركز على تصور ما يُمكن أن نتعرض له عند البدء بإقامة وتعزيز هذه المنطقة من مختلف النواحي وسنضمنه مقترحات مختلفة وهي عبارة عن تصورات عامة للمستقبل وكالآتي:
 أولاً: ضرورة خلق قوة إقتصادية في سهل نينوى من خلال تخصيص ميزانيات مناسبة لها من حكومة الدولة أو من حكومة الإقليم لأن سهل نينوى بوضعه الحالي لا يبدو قادراً على تقديم الكثير بسبب تركيز نشاطه الإقتصادي على الزراعة ويفتقد الى حد ما الى الصناعة والسياحة وهذه المسألة يجب التخطيط لها لأن المنطقة قابلة للتطوير سياحياً وصناعياً ولكن هذه الخطوة تتطلب توفير الميزانيات لها من الحكومتين المركزية والإقليمية. يُمكن إضافة بُعد آخر الى ميزانيات الحكومتين وهو إستثمار المستثمرين من أبناء شعبنا في الخارج والداخل في نشاطات التنمية الخاصة بهذه المنطقة، وتوجد أفكار كثيرة يمكن البحث فيها لتحفيز أبناء شعبنا على الإستثمار كما إنه من الواجب تحفيز الدوافع الأخلاقية والتاريخية وطبيعة الروابط التي تربط أبناء شعبنا لغرض دفعهم الى الإستثمار في هذه المنطقة التي يُتوقع لها أن تكون بمثابة البقعة الذهبية في العراق لأن ساكنيها سيكرسون جُلّ نشاطهم على تطويرها وتقوية مكانتها في الجغرافية والديمغرافية العراقية وإقتصادها.

ثانياً: نظام الحماية والأمن في المنطقة يجب أن يعتمد بالدرجة الأولى على أبناء المنطقة وبالتنسيق مع القوى الأمنية في الإقليم والقوى الأمنية التابعة للحكومة المركزية. إعطاء المسؤولية الأمنية والحماية لأبناء المنطقة سيُعزز من الشعور بالأمان لدى أبناء المنطقة كما إن هذه العملية ستوفر على حكومة الإقليم والمركز الكثير من الصداع الذي ينتج عن السلبيات التي يُمكن أن تحدث هنا وهناك لا سيما عند حدوث بعض الإختراقات الأمنية العادية التي قد يتعذر تجنبها.

ثالثاً: لكي تتمتع هذه المنطقة بخصوصية إيجابية ومتكاملة مع العموم العراقي ينبغي عدم إهمال العملية التربوية والأهمية القصوى للتعليم بلغتنا الأم التي بُذلت جهود حثيثة في السنوات الأخيرة لتطويرها بالشكل الذي يُناسب تربوياً عملية التعليم الإبتدائي والإعدادي وربما الجامعي الآن. هذه العملية ستُعطي تنوعاً جميلاً وحيوياً في النسيج العراقي لأن لغتنا إحتلت مكانة كبيرة في تاريخنا وتاريخ العراق ولا ينبغي تجاهلها أو العمل على طمسها بعد أن صمدت كل هذه المئات من السنين المليئة بشتى أنواع الإضطهاد والظلم لأبناء شعبنا المسيحي ومن جهات مختلفة. الحقيقة إن هذه المسألة ستُسجل للحكومة الكردية وللحكومة المركزية سبقاً تاريخياً في العملية الديمقراطية في العراق، فرغم إنه كان في السابق قد مُنح لشعبنا الحق في ممارسة الحقوق الثقافية ولكن هذا رغم أهميته بقي محدود الأفق والنشاط في حينه.

رابعاً: المسألة التي تبعث على التفاؤل بالنجاح هي إن الطاقات العلمية والإقتصادية والكفاءات الكثيرة في أبناء شعبنا، داخل العراق وخارجه، سيكون لها دافع قوي للمساهمة في بناء بيتهم الذاتي هذا في منطقة سهل نينوى. ستكون منطقة سهل نينوى بمثابة بيت لكل فرد من أبناء شعبنا المسيحي في العراق فبعد بعثرة الجهود بين هذا وذاك لقرون من الزمن يستطيع أبناء شعبنا الإبداع بشكل مركزي ومن ثم تعميم هذا الإبداع على كل العراق ومن خلاله للعالم وهذه المسألة قد يُنظر إليها بشيء من السطحية ولكنها مهمة، فهذا الدافع لبناء بيتنا الذاتي سيُشكل مُحركاً معنوياً قوياً للتقارب والإلتقاء والعمل الجاد بإتجاه خلق بيت جميل ومتطور وقوي ولا شك بأنه سيكون محط أنظار الجميع الذي قد يُبادر الى تقليده. سيكون هذا البيت أو سهل نينوى خميرة العراق في المستقبل عندما تهدأ الأمور في عراقنا.

خامساً: تطور منطقة الحكم الذاتي وإزدياد قابليتها على إستقبال النازحين من أبناء شعبنا من المناطق الساخنة سيخلق دافعاً متنامياً للموجودين في مناطق العراق المختلفة للتوجه الى هذه المنطقة، فلماذا الخروج الى سوريا أو الأردن أو تركيا ومواجهة المجهول أملاً في الحصول على قبول لدى بعض الدول الأوربية أو أميركا أو كندا أو أستراليا، هذه الدول التي شدّدت الخناق كثيراً على عمليات الهجرة مؤخراً. إن السنين الثمينة التي تُضيعها العوائل الكثيرة من أبناء شعبنا في دول الإقامات المؤقتة المجاورة يُمكن إستثمارها جهداً ومالاً في منطقة سهل نينوى التي ستكون فضلاً عن إنها وطننا فإنها ستحمل وتحمي خصوصياتنا التي يُمكن أن نضيعها في دول المهجر وفي دول الإقامات المؤقتة.

سادساً: غالباً ما أثير تساؤل بخصوص عوائل شعبنا المقيمة في مناطق خارج سهل نينوى، وهو هل إنها مُطالبة بالتوجه الى سهل نينوى أم إنها ستتمتع بالحرية الكاملة في الإختيار، لا سيما العوائل المقيمة في قرانا الأخرى في إقليم كردستان. لا أعتقد إن أحداً سيكون مُرغماً على الإنتقال الى منطقة الحكم الذاتي ولكن الواقع المنطقي يقول إن المرحلة الأولى ستشهد إنتقالاً للعوائل المقيمة حالياً في المناطق الساخنة في العراق الى منطقة الحكم الذاتي لحماية أنفسها وهذه العملية بذاتها يمكن أن تضع اللبنة الأولى للنمو الإقتصادي لهذه المنطقة، ولكن يجب تطوير المنطقة ايضاُ بحيث تستطيع أن تواكب الزيادة السكانية فيها. المرحلة الثانية وهي المرحلة التي تبدأ عندما تصل هذه المنطقة الى مستوى متقدم نسبياً إقتصادياً وأمنياً، عندذاك ستنمو إحتمالية أن يبدأ أبناء شعبنا الموجودين في المناطق والقرى والبلدات الحالية في كردستان بالإنتقال الى هذه المنطقة بدوافع إقتصادية أو حتى أمنية وترفيهية وهذه الخطوة الثانية ستأخذ بعض الوقت حتى تبدأ.

سابعاً: المسألة التي تبدو عويصة وتحتاج الى خطة واضحة وحازمة في التطبيق وهي إن شعبنا، أو على الأقل تنظيماتنا، ما زال خاضعاً في تفكيره الى النظرة المكوناتية فكل واحد منا يُفكر بإعطاء الأولوية لمكونه وستزداد المسألة سوءاً عندما تُترك الأمور بأيدي قادة التنظيمات الضيقة الأفق التي لا ترى أماناً لوجودها إلا في مكونها وتصطدم بمشكلة التعامل مع حالة الشعب الواحد وهذه المشكلة يُمكن أن تخلق تنافساً مُتشنجاً بين أبناء المكونات الثلاثة وقد لاحظنا بوادر مثل هذا التفاعل المتأزم في كتابات بعض كُتابنا التي نُشرت مؤخراً فعندما قال أحدهم إقامة منطقة حكم ذاتي لأبناء شعبنا الآشوري في منطقة سهل نينوى، ردّ الكُتاب الكلدانيون بالقول هذا غير صحيح فأبناء منطقة سهل نينوى كلدان. هذه المسألة ستخلق بعض التشنج في البداية لا سيما عندما تبدأ عملية التطبيق لذا نرجع الى أهمية القائد الواحد الحكيم ودوره في توجيه الأمور بمركزية! مع ملاحظة ضرورة تجنب الإشكالات التي سيثيرها قادة التنظيمات المكوناتية من خلال إشراكهم في صياغة نظام العمل وإدارته لأن تركهم كمتفرجين يختلف عن إدخالهم كلاعبين فالمتفرج يُكثر من التحليل والتعليق والإنتقاد والتشكي أما اللاعب فيكون مشغولاً في تنفيذ العمل الذي هو بصدده. ضروري جداً هنا الحفاظ على الإلتزام بكلمة القائد الواحد لأن هذا سيُجنب شعبنا الكثير من الإشكالات التي هي قادمة لا محالة.

ثامناً: ينبغي تشجيع التنظيمات المكوناتية حالياً على العمل بشكل توافقي ومنفتح على بعضها البعض ويجب أن تضع جميع هذه التنظيمات نُصب عينها مسألتين هما أولاً: تطوير برامجها وخطط عملها وأدبياتها لكي تستطيع التعامل مع مكونات شعبنا كحالة واحدة متماسكة وليس كمكونات متنافرة لا تربطها غير المصالح، المسألة الثانية هي العمل بكل جدية على تحقيق الهدف الأعظم لشعبنا وهو المساهمة في إزدهار وتقدم هذا الموقع الخاص بأبناء شعبنا وتكون المنافسة بينها على تقديم الأفضل وليس الإنغماس في مستنقع الإنتقادات والجدالات العقيمة. يجب أن يكون مجال العمل مفتوحاً أمامها بشكل تنافسي شريف مُوجه نحو كسب إبناء الشعب الكلداني السرياني الآشوري الواحد نحو مباديء التنظيمات وفي هذه المنافسة سيكون الأفضل هو الذي يكسب أكبر عدد ممكن من أبناء الشعب حول مبادئه.

تاسعاً: الخطاب الإعلامي لإدارة وقيادة هذه المنطقة يجب أن يُشجع تنظيمات المكونات على صياغة خطاب مُتجانس يُبين إنها جزء لا يتجزأ من هذا الشعب بمكوناته الثلاثة ومن لا يرغب بذلك ينبغي أن لا يتم تشجيعه فالتنظيم الفاشل أو الذي لا يفهم إنه جزء من هذا الشعب لا ينبغي أن يشّد الشعب الى الوراء بنظرته وأدبياته المتقوقعة ضمن إفق محدود.

عاشراً: . الإشكالية الأخرى التي لا بُد من التعرض للتعامل معها هي إن أبناء المنطقة الحاليين لا ينبغي أن ينظروا بتعالي وتكبر أو بتجاهل وإحتقار للوافدين من أبناء شعبنا من المناطق الأخرى ولنا في مثال عنكاوة واقع ينبغي على الأقل أخذه بعين الإعتبار فكل ما قدمته عنكاوة للوافدين لم يُجنب أبناءها من الإنتقادات المنشورة هنا وهناك، أو بالعكس، أي لم يسلم الوافدون من بعض التشنج من أبناء عنكاوة وقد نُشر بعضها على الملأ أو نُقل شفاهاً، صحيح إن هذه المسألة كانت ضئيلة التأثير في حالة عنكاوة لمكانتها الكبيرة في حياة شعبنا والمحبة التي يحملها أبناء شعبنا لهذه المنطقة حالها حال الكثير من المناطق التي تعود في تاريخها وجغرافيتها وديمغرافيتها لأبناء شعبنا، ولكن منطقة سهل نينوى قد تُعاني من مشكلة أكبر لأن فكرة الحكم الذاتي لأبناء شعبنا بحد ذاتها تُعطي إنطباعاً لكل فرد بأن هذه المنطقة هي منطقته التي يمتلك فيها الحق والتي ينبغي عليها أن تُعطيه شيئاً لمجرد إنه إنتقل اليها، ولأن شعبنا إعتاد على أن يرى (المسؤول) أو الحكومة تُوفر له ما يريد سيعتقد أن مجرد تخصيص هذه المنطقة كمنطقة حكم ذاتي لأبناء شعبنا يعني إن كل شيئ سيكون متوفراً لينعم به، وهذا سيزيد من أعباء مسؤولية القائد والقيادة والمنظومة الإدارية وأبناء شعبنا في الخارج للمساهمة بتطوير هذه المنطقة.

أردتُ إثارة النقاط الآنفة في هذا المقال لكي ننفتح أكثر على واجباتنا في المرحلة المقبلة التي لا ينبغي النظر اليها وكأنها مرحلة ستُوفر لنا طبقاً من الذهب للإكتناز منه، إنها مرحلة عمل جاد ومثابرة وسباق لإثبات الذات (ذات شعبنا الواحد) ولا يتخيل أحدنا إن الكل سيُمجدون أعمالنا ونشاطنا في سبيل خدمة هذا الشعب، إنها مرحلة تضحية ونُكران ذات لكي تنعم إجيالنا الحالية والمقبلة بالآمان والعيش بسلام.[/b][/font][/size]