تسالــني ....
لطيف پـولا
تسالني دعاء ٌ : ما لي اراك َ مُكتئبا ؟!
أحسبكَ راهباً في صومعة ٍ مُحتجبا !
أو بلبلا مهيضاً, في قفص ٍ, مُنتحبا
فلم نعد نسمع ُ منكَ الأنغام َ والطـَربا
هل هجرتَ الفنـونَ والطبيعة َ والأدَبا ؟
كنتَ تحسبُ حتى الصخورَ رَبعاً وصُحُبا
فـقـلت ُ لها والبوح ُ بخفايا القلب ِ وَجَبا
صدقت ِ يا دعاء ُ فالدَجـَل ُ كان السَـبـَبـا
نـَكـَدُ أهل ِالغدر ِ صيَّرَني اليوم مُتعبا
وحينما استفقت ُ من سَكرتي مُتعجبا
أدركتُ أنني قد صرتُ في حبـِهم حَطبا
بعد ابتلاع ِ الطـُعم ِ كرهتُ نفسي ندما
ضللتـنـي طيبتي أسامرُ ليلاً عقربا ؟
تلسعني في الظهر ِ إن كنتُ عنها مُغتربا
لا أطيق ُ الخداع َ أو اصنع يوما مَقلـَبا
والوفاءُ من طبعي ودمي به مُخـَضَّـبا
أعانق كل َّ من يقول لي : مرحبا !
فلا نصبت ُ مكرا, لا غايةً ً,لا مَخلبا
فاستغلَّ طيبتي من كان لي أمَّا وأبا
بعد فساد ِ الكرْم ِ لا تنـتظرْ منه عـِنبا
إذ صحوتُ لأرى الدنيا ضِباعا ودُبَبا
فلملمتُ جروحي وعدتُ أدراجي خائبا
لأجرعَ من وضعي فوق الهموم ِ مصائبا
تركناها للذي يـــرى الحياة َ حــقائــبا
يتاجرُ بالزيف ِ وقد يحصلُ مَـناقـِبا !
يُكرَّمُ الفاشلُ وينحرونَ المواهبا
مَكارمُ الأخلاق ِ صارت اليوم شوائبا
وبفعل ِ الغربانِ ِأمست الدنيا خرائبا
فكيف لا اصبح بحرَ احزان ِ مُضطربا ؟
ولو بكيت دمعا لكانت دموعي سـُحـُبا
فأكظم ُ اللآلامَ ونارَ الغيض ِ والكـَرَبا
لكم اجبرتُ قلبي على النسيانِ ِ ! لكنه أبى
أرنو الى اوتاري وقد تلـَحـَّـفـَت التـُرُبا
والغبارُ كهـَمـّي يكسو القرطاس َ والكـُتـُبا
فاتركيني دعاءُ ! قلبي مُقطعٌ إرَبا
حين َ يُقتلُ الحبُ لم يعد شيئاً مُحـَبـَّبا
انهكَ الحبُ قلبي وموتا بطيئا جـَلـَبا
فلن تسمعي مني إلا نحيبا من الصَبا
إذا استفحل َ الشرُّ يصبح ُ الخيرُ مُـغيبا
فلا تـرجوَ الـحُر َّ يرتدي قيدا مُذهـَّبا
ولا بـُلبـُلا يشدو في قلبـِه مـُصَوَّبا