المحرر موضوع: الكورد بين الواقع المزدهر والتاريخ المفبرك  (زيارة 3037 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل أبرم شبيرا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 395
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الكورد بين الواقع المزدهر والتاريخ المفبرك
==================================
أبرم شبيرا

لايستطيع أحد أن ينكر الواقع المزدهر الذي يعيشه الكورد في  "كردستان" العراق من إستقرار سياسي وأمني وتطور إقتصادي وإنفتاح سياسي وإجتماعي والذي تحسدهم عليه بقية مكونات الشعب العراقي والشعوب المجاورة خاصة العربية منها التي أحترقت ولا زالت تحترق بشمس ربيعهم اللهاب. فبمراجعة بسيطة لتاريخ الكورد في المنطقة سنجد بأنه لأول مرة في تاريخهم القومي ينعمون بمثل هذه النعمة وبهذا الواقع الذي كانوا يطمحون به منذ سنوات طويلة، سنوات تاريخهم الدامي والعبودية والإستغلال من قبل الدول التي عاشوا في كنفها. هذا الواقع المزدهر لم يكن مصدره أو منبعه خلفية حضارية وتاريخية أرتقت إلى مستوى عالي من التطور والتقدم وساهمت في روافد الحضارة الإنسانية كما كان الحال مع الأشوريين، على سبيل المثال لا الحصر. فحال الكورد كحال الكثير من الشعوب الترك - المغولية الذين لم يستطيعوا أن يبنوا حضارة متطورة ويساهموا مساهمة فعالة في الحضارة الإنسانية، بل الفضل الأول والأخير لهذا الواقع الكوردي المزدهر هو التطور السياسي لتاريخهم المعاصر ونشؤء أحزاب سياسية قومية قادرة على إقتناص الفرص الذهبية وصبها في المقام الأول في مصلحتهم القومية. فأحداث خمسة عقود الماضية من تاريخهم السياسي المعاصر، خاصة بعد تقليم أظافر نظام البعث الحاكم في بغداد عام 1991 ثم بعد أنهياره في عام 2003 يؤكد حقيقة هذا الواقع السياسي والقومي للكورد. صحيح هناك جملة عوامل موضوعية من جغرافية وديموغرافية ساعدت الكورد على الوصول إلى هذا الواقع المزدهر إلا أن مثل هذه العوامل الموضوعية كانت متوفرة لهم منذ عقود طويلة ولكن لم تكن هناك عوامل ذاتية من أحزاب سياسية فاعلة وقادرة على التفاعل مع العوامل الموضوعية وتحقيق المطمح الكوردي القومي والوصول إلى هذا الواقع المزدهر إلا بعد نشوء أحزاب سياسية قومية تمكنت من ركوب موجهة التطورات والإرهاصات التي مرت بها المنطقة ككل وخاصة بالعراق.
 
ولكن هذا الواقع المبهرللكورد لا يلوثه ويفسد إزدهاره ولا يشوه سمعته السياسية الإقليمية والدولية إلا بعض الممارسات الخاطئة تجاه بقية مكونات إقليم "كردستان" خاصة شعبه الأصيل وتحديداً "الكلدان السريان الآشوريين"، الشعب الذي عاش في هذا الإقليم والذي كان يعرف ببلاد آشور منذ ألاف السنيين وقبل مجئ الكورد وغيرهم من الأقوام إليه والإستقرار فيه. ويأتي التغيير الديموغرافي لأراضي "الكلدان السريان الآشوريين" من جراء تجاوز بعض الكورد عليها وإحتلالها رغم أنف الحكومة الإقليمية وقوانينها في مقدمة جدول الممارسات الخاطئة. فإذا كان هناك جملة عوامل سياسية وإقتصادية وإجتماعية وأمنية معقدة وتتداخل مع بعضها في خلق عوامل تؤدي إلى التغيير الديموغرافي والتي يتطلب حلها أو التخفيف منها إرادة سياسية قابلة للتصديق والوثوق بها هي مسألة مفهومة، ولكن الذي لا يمكن فهمه ضمن سياق هذا التطور السياسي والإقتصادي والإجتماعي لإقليم "كردستان" المزدهر هو عدم أحترام مشاعر وأحاسيس وتطلعات بقية مواطني الإقليم من غير الكورد. فعلى سبيل المثال لا الحصر، درج أسم المجرم إسماعيل أغا (سمكو) الشيكاكي في المناهج الرسمية لكتب التاريخ كبطل قومي كردي أو تسمية شارع بأسمه، في الوقت الذي هو معروف في تاريخ المنطقة كمجرم أغتال البطريرك الآشوري مار بنيامين شمعون عام 1918 ليس خدمة لشعبه الكوردي بل خسة وغدرا وخدمة لأسياده الفرس. فمثل هذا الإجراء هو إهانة وتجريح لأحاسيس ومشاعر الآشوريين وأتباع كنيستهم المشرقية، جيرانهم التاريخيين، لا بل وتدنيس لارواح الكثير من الشهداء الآشوريين الذين ضحوا بحياتهم من أجل الحركة القومية الكوردية أمثال هرمز ماليك جكو وماركريت جورج وغيرهم كثر وهم أبناء هذه الكنيسة التي كان الشهيد مار بنيامين بطريركاً لها.
 
هذا من جانب، أما من جانب فبركة تاريخ طويل وعظيم ومبهر للكورد من قبل بعض الكتاب والمؤرخين يأتي من جانب آخر لإفساد هذا الواقع من خلال بناءه أو إرجاعه إلى أسس باطلة لا معنى علمي وموضوعي لها لا بل وتتنافي مع أبسط أبجديات تاريخ المنطقة خاصة عندما يتم تضخيم وجود بعض القبائل والعشائر على هوامش بلاد آشور وإعتمادها كمصدر للأساس التاريخي لوجود الكردي القومي في المنطقة. فبناء الحاضر على أسس تاريخية هزيلة لا تستقيم مع منطق التاريخ في البحث عن أصل الكورد مسألة لا تتماشي مع الوجود الفاعل للكورد في المنطقة. ويأتي الموضوع الذي  كتبه السيد مهدي كاكه يي تحت عنوان "نبذة تاريخية عن الكورد والآشوريين والعلاقة بينهم" ونشر في عنكاوه دوت كوم كنموذج ضمن هذا السياق. أتذكر بهذا الخصوص، إن لم تخونني الذاكرة، عن الواقع الكوردي وأصلهم التاريخي في المنطقة مقابلة الزعيم الكردي ملا مصطفى البارزاني (رحمه الله) مع أحد مراسلي الأجانب عندما سأله فيما إذا كان أصل الكورد من الشيطان، فأجابه بما فحواه: أنا لا يهمني ما هو أصل الكورد وإنما المهم هو الواقع الذي نعيشه نحن الكورد وهو الذي يثبت وجودنا القومي وليس الأصل. لقد كان البارزاني قد أصاب كبد الحقيقة، فما فائدة النبالة والعظمة لأصل الشعوب إذا كان واقعها لا يلبي أبسط متطلباته ويحقق طموحاته. أنظروا إلى "الكلدان السريان الآشوريين" الذين يتغنون ليل نهار بأمجاد أجدادهم العظام من بابليين وآشوريين وكلدانيين ولكن واقعهم أقل ما يقال عنه بأنه مأساوي ومهدد بالإقتلاع من أرض أجدادهم، ولا أعتقد أحد في هذا الكون يحسدهم على مثل هذا الواقع.

أن موضوع السيد مهدي غير علمي ولا موضوعي  فلا يصدقه أي عاقل ومطلع على تاريخ المنطقة وبالتالي لا يستوجب الرد عليه ودحضه أكثر مما كتب وعلق عليه بعض الزملاء في الموقع الألكتروني نفسه. ولكن الذي أود أن أضيف هنا وأقول بأنه منذ بضعة سنوات كتبت موضوعاً عن الكورد وتحت عنوان "الدولة الكردية – حقيقة أم يوتوبيا" وباللغة الإنكليزية ومن ثم ترجمته إلى العربية ونشر في جرائد ومجلات عديدة منها الشرق الأوسط والخليج الإماراتية. وعلى العموم أرى من المفيد أن أستل بعض الفقرات منه لنبين الخلفية التاريخية للكورد خاصة القومية والسياسية والإجتماعية عسى ولعل أن تكون مدخلاً لفهم أكثر لتاريخ الكورد الماضي المختلف كلياً عن واقعهم الحالي المزدهر.
========================


يعتبر الكورد في هذا اليوم، والذين يقدر نفوسهم بين ( 20-25 ) مليون نسمة، من القوميات الكبيرة في العالم التي ليس لها كيان سياسي متميز أو دولة خاصة بهم رغم كون " كردستان"، والذي يعني بلد الكورد، يمتد جغرافياً إلى مناطق واسعة تشمل أراض من العراق وإيران وتركيا وأذربيجان وحتى سوريا، ولكن هو بلد بدون حدود معينة ومثبتة على الخريطة السياسية للعالم، ولا يدل على انه وطن يتطابق مع دولة كردية موحدة وإنما هي منطقة جغرافية مجزأة بين عدة دول إسلامية متجاورة أو متصلة ببعضها. فطيلة تاريخ "كردستان" لم تشكل بلد مستقل وبحدود سياسية وجغرافية واضحة (للتفصيل أنظر كتاب: لورانت شابري و آني شابري، سياسة وأقليات في الشرق الأوسط، ترجمة د. ذوقان قرقوط، مكتبة مدبولي، القاهرة، ط1، 1991). فتسمية "كردستان" لم تكن معروفة ومستخدمة حتى عام 1157 ميلادية. ففي عهد الخلفاء العباسيين كان السلطان التركماني (سنجق دار) أول من أستخدمها عندما أسس مقاطعة كردية كمنطقة عازلة وحاجز، لا بل كمنطقة حرب ضد شاه الفرس. ونفس الشئ تكرر عند العثمانيين حيث خلقوا عدد من الإمارات الكوردية التي أستخدمت ضد الإمبراطوية الفارسية.
(Kurdistan – Political and Economic Potential, Edited by Maria T. O’Shea, SOAS, London, 1992, P.2).     
 كان هناك جملة عوامل سياسية وإقليمية ودولية لعبت دوراً مهماً في إفقار الكورد من كيان سياسي قومي خاص بهم،  وقد تنطبق هذه العوامل أيضا على بعض القوميات الأخرى، كالآشوريين،  التي مزقتهم الحدود السياسية للدول، إلا أن ما يميز الكورد عنهم هو تفاعل هذه العوامل مع عوامل داخلية اجتماعية مرتبطة بطبيعة الكورد أنفسهم ساهمت مساهمة فاعلة في هذا الإفقار. وعلى العموم يمكن حصر هذه العوامل في: أولاً: علاقة الكرد بالدين الإسلامي، وثانياً: التركيب الاجتماعي لهم .

بالنسبة للعامل الأول، يجمع معظم المؤرخين بأن الكورد لم يكونوا معروفين للعالم كقوم لهم خصائص قومية متميزة إلا بعد اعتناقهم الإسلام ولم تظهر هويتهم الكردية بشكل واضح إلا بعد الفتوحات الإسلامية. فمنذ دخولهم الإسلام في العام العشرين للهجرة وفي عهد الخليفة عمر بن الخطاب (رض ) شمل حالهم كحال بقية الشعوب الآرية حيث لم يؤسس العرب الفاتحون لبلدان هذه الشعوب مستوطنات سكانية، ربما بسبب اختلاف الطبيعة الجغرافية، بل تركوهم لحالهم محافظين على تقاليدهم وعاداتهم وخصائصهم المتميزة بعد أعتناقهم الدين الإسلامي. لكن مع هذا، برزوا كمحاربين أشداء ومقاتلين في سبيل دينهم. وصلاح الدين الأيوبي (1193 – 1138) معروف بالأمثال المضروبة في شجاعته وبسالته في مقاومة الحملات الصليبية وتحرير بيت المقدس، فهو الذي كان على رأس أقوى دولة إسلامية في زمانه إلا أنه لم يفكر أو يسعى إلى تأسيس كيان خاص لأبناء شعبه الكوردي فحياته كانت كلها مكرسة في بناء الدولة الإسلامية ومحاربة أعدائها. والتاريخ أيضاً يزودنا بدلائل كثيرة على إخلاص الكرد للدين الإسلامي والجهاد في سبيله إذ لم يسجل أية ردة دينية قامت بينهم أو انحراف أو اجتهاد فكري بعيد عن روح الإسلام، وحتى المدارس أو الفرق الدينية التي ظهرت بينهم في فترات معينة فهي الأخرى لم تكن في تناقض أو تعارض مع الإجتهادات العامة للدين الإسلامي. كما أن الطبيعة القبلية والبدوية القائمة على التنقل والغزو والحصول على غنائم الحرب  كان عامل آخر ساعد الكورد على التحول من ديانتهم الزارادشتية إلى الإسلام ومشاركتهم وبشكل فعال في الفتوحات الإسلامية. فالكورد لم يقوموا بثورة أو بتمرد واسع النطاق ضد سلطات الدول الإسلامية التي عاشوا في كنفها مطالبين بحقوق قومية خاصة بهم ومتميزة أو داعين إلى تأسيس دولة كردية أو إلى تثبيت مكانة سياسية خاصة بهم في ديوان الحاكم أو الخليفة أو اقتناء إمتيازات لهم، كما كان الحال مع الفرس والترك والشركس والمماليك، بل كانوا وعلى الدوام، رغم اختلاف انتماؤهم القومي عن الحكام أو عن الأكثرية المسيطرة، كانوا مواطنين أصلاء ومن الدرجة الأولى باعتبارهم جزء من أبناء الأمة الإسلامية ودولتها التي لم تكن تفرق بين العربي والأعجمي إلا بالتقوى، فكان الحاكم بالنسبة لهم أمير المؤمنين وكان ولاءهم له ولأمة الإسلام فحسب. ويجمع معظم المؤرخين على أن العرب المسلمين كانوا أول من أطلق عليهم هذا الأسم (الكورد) حيث كانوا معروفين بتسمية "قبائل الجبال" (زبير سلطان، القضية الكردية من الضحاك إلى الملاذ، دار الشادي، دمشق، ط1، 1995).

أما بالنسبة للعامل الثاني، والمتعلق بالتركيب الاجتماعي للمجتمع الكوردي، فأن الطبيعة الجغرافية القاسية وعزلة المنطقة وصعوبة الاتصال بينها وبين العالم الخارجي من جهة وبين الأقسام المكونة لـ "كردستان" من جهة أخرى ساهمت في خلق نظام اجتماعي متميز شكلت العشيرة البنية الأساسية له والتي تمتعت بنوع من الاستقلال الذاتي تجاه السلطة المركزية. فالكورد وعبر التاريخ لم يشكلوا أمة موحدة لها كيانها الخاص بها، بل كانوا مجموعة من العشائر تفتقر إلى التماسك والتضامن فيما بينهم. فكانوا يعيشون في جبالهم المعزولة ويبدون طاعة شديدة إلى شيخ العشيرة ويخضعون إلى أي نوع من الحكومة طالما كانت سلطتها إسلامية وتدعو إلى تطبيق الشريعة والسنة. وقد يبدو أن مثل هذه الظاهرة قد تكون سائدة في بعض شعوب المناطق المجاورة أيضا، إلا أن قوة وصلابة النظام العشائري في الكرد واستقلالية وحداته الاجتماعية جعلتهم في حالة مختلفة، خاصة عندما كانت الحكومات المركزية، وتحديداً الدولة العثمانية، تستغل وضعهم الاجتماعي وتزيد من ترسيخ استقلالية الوحدات الاجتماعية، أي العشائر، وانعزالها عن البعض وقطع الصلة بينهم سواء من خلال سياسة "فرق تسد" أو عن طريق تأليب بعضهم على البعض، أو استغلال بعض العشائر ضد الأخرين في حالة قيام تمرد أو ثورة أو محاولة الخروج عن هيمنة السلطة أو تجاوز حدود النظام الاجتماعي السائد ومن ثم إخضاع الجميع في نهاية المطاف وحصرهم في قوالبهم الأصلية وحدودهم الطبيعية. ومما ساعد على استمرار هذا النمط من التركيب الاجتماعي للنظام الكوردي هو تداخله وتفاعله مع عامل الدين ومن خلال رأس أو زعامة هذه التركيبة المتمثلة في شيخ العشيرة. فكلمة الشيخ عند الكرد لا تعني زعيم عشيرة فحسب، كما هو معروف عند العرب، بل يقصد بها ذلك الشخص الديني التقي والورع الذي أوقف نفسه لخدمة الله والدين، سواء أكان منحدر فعلاً من أصول دينية أو مكتسباً لهذه الصفة من خلال الممارسة الدينية في حياته. لذلك نجد بأن بعض من السادة أو الملالي أو الشيوخ يدعون انحدارهم من نسل النبي محمد (ص) أو من أئمة دينية معروفة، رغم جذورهم القومية والعرقية المختلفة.

ولكن مع هذا، فالتاريخ الكوردي في المنطقة لا ينفي أبداً قيام كيانات كردية مستقلة في السابق نالت استقلالها عن السلطات المركزية للدول العثمانية، إلا أنها سرعان ما كانت تنهار بعد فترة غير طويلة، إما بسبب موت الشيخ المؤسس الذي قاد الاستقلال، أو باندحاره في نهاية المطاف أمام قوات الدولة المركزية أو عن طريق تحريض حكام هذه الدولة لبقية شيوخ العشائر الكردية للانقضاض عليها. وفي معظم الحالات تقريباً جاء زوال هذا الاستقلال القصير للدولة الكردية بفعل تفاعل العاملين السابقين، حيث كان مثل هذا الاستقلال يسبب لبقية الشيوخ الهلع والخوف من جراء تنامي سلطات الشيخ المؤسس للدولة الكردية والذين كانوا يعتقدون، أو كما كان يصور لهم من قبل السلطات المركزية، بأن مثل هذه الدولة ستكون على حساب مصالحهم واستقلالهم العشائري من جهة، وأنه من جهة ثانية، هو أجراء أو تمرد أو عصيان مخالف للدين والشريعة الإسلامية لأنه لا يجوز مقاومة السلطان العثماني باعتباره خليفة المسلمين أو أمير المؤمنين. وفي تاريخ هذه الكيانات الكردية فتاوى أفتيت بحقها من قبل شيخ أو سيد كردي كانت من ورائها السلطات العثمانية ولعبت دوراً كبيراً في انهيارها. هناك أمثلة كثيرة من هذه الثورات الكردية في القرن التاسع عشر والتي سقطت بمجرد صدور فتوى من شيخ كردي وبتحريض من السلطات العثمانية. لهذه الأسباب قيل بأن الصراع الكوردي – الكوردي الداخلي كان وعلى الدوام أشد بكثير من صراعهم مع أعدائهم ومضطهديهم.

وهناك روايات كثيرة قيلت في عدم وفاق الكورد وتوحدهم وسيادة الفتنة والقتال بينهم وصلت غرابة بعضها إلى حدود الأساطير. وأغربها قصة لعنة رسول الإسلام النبي محمد (ص) على الكورد والتي أوردها كاتب كردي مشهور أسمه الأمير شرف خان البلدليس في كتابه الموسوعي والمعنون بـ (شرفنامه)  الذي كتبه باللغة الفارسية في القرن السادس عشر الميلادي وترجمه إلى العربية محمد جميل الملا أحمد الروزبياني، دار المدى، سوريا ولبنان والعراق، ط3، 2007 ، وهو أول كتاب كردي يبحث في تاريخهم. فقد ذكر فيه وقال بأن الكورد جبلوا على التنافر والشقاق فلا يتناصرون ولايتطاوعون ولا تربطهم رابطة الوحدة والإتفاق… فالكورد ذو أراء إستبدادية يرفع كل منهم لواء التفرد وقد أحتموا بعلل الجبال … وجبلوا على حب الحرية والأنفة والإستقلال ولا يجتمعون على أمر واحد غير كلمة التوحيد (ص 41)، ويرجع سبب ذلك إلى لعنة النبي محمد (ص) للكورد حيث ذكر بأن في بداية الرسالة الإسلامية أرسل (أغورخان – ملك تركستان) وفداً إلى رسول الإسلام (ص) برئاسة شخص يدعى (بغدور) وكان من أمراء الكورد وكان هذا كريه المنظر، عفريتي الشكل، قبيح الوجه، فظاً غليظاً وشديد المراس، فلما وقع نظر النبي (ص) على هذا الشخص الكريه المنظر والضخم الجسم، فزع ونفر منه نفوراً شديداً. وعندما سأل عن أصله وجنسه قيل بأنه من الطائفة الكردية وعندئذ دعا النبي قائلاً "لا يوفق الله تعالى هذا الشعب بالاتفاق بينهم وإلا لغلبوا على الأمم وأساؤوا إلى العالم... فمنذ ذلك اليوم لم يتيسر لهذه الأمة تأليف دولة عظمى وسلطنة كبرى... (ص41) .وعلى الرغم من أن بعض الكتاب ينفون هذه القصة في لعنة الرسول للكورد ويكذبونها لأن الرسالة الإسلامية لم يكن خبرها قد وصل في عهد الرسول إلى بلاد التركستان، إلا أن مع هذا يعطون أهمية لها لكونها قد أوردها كاتب كوردي في القرن السادس عشر الميلادي وكان له دراية ومعرفة في عدم وفاق الكورد وتوحدهم.

وهناك ملاحظة مهمة جداً يستوجب الإشارة إليها وهي حين ذكر البدليسي  ما معناه بأنه لو توحدوا الكورد وأتفقوا لغلبوا على الأمم وأساؤؤا إلى العالم. فمثل هذا القول نلمسه في المخاوف الشديد التي كانت تعتري عقول الحكام، خاصة العثمانيين والفرس والإتراك والعرب والبريطانيين، من توحد الكورد وتأسيس دولة مركزية لهم لهذا نرى الضابط البريطاني (دبليو. أر. هاي) يقول في كتابه المعنون (سنتان في كردستان) المطبوع في لندن عام 1921 والذي زار المنطقة ودرس طبائع الشعب الكوردي، يقول: "أن اليوم الذي يستيقظ الكورد وبوعي قومي ويتوحدون سوف تتفتت أمامهم الدولة التركية والفارسية والعربية، ويقصد العراق، وتتطاير كالغبار ولكن مثل هذا اليوم لا يزال بعيد المنال" (ص36).

نكتفي بهذا القدر تجنباً للإطالة وإذا سمحت الظروف في الأيام القليلة القادمة سنكمل الموضوع عن الكورد في مرحلة نشوء الإفكار القومية ومبادئ التحرر القومي الحديثة ومدى تأثير العاملين الدين والتركيبة العشائرية في مسيرة حركتهم القومية. 


غير متصل اخيقر يوخنا

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 4982
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رابي ابرم
شلاما دمارن
نبذة تاريخية موجزة ومهمة لبعض جوانب الحياة  للشعب الكردي الشقيق

ولكن كما يبدو. انك  لم تتطرق الى  الدور الفعال القوات الامريكية في تحقيق ما كان يحلم به الاكراد

واعتقد ان القوى الكبرى لها كلمة الفصل في كل اجراء  او تغيير سياسي على الارض وبالنسبة لكل القوميات
فهل يا ترى
ان لشعبنا ذكر في الخارطة السياسية لتلك القوى

ونامل ان نقرا البقية

غير متصل Ashur Giwargis

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 880
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
إقتباس : "يعتبر الكورد في هذا اليوم، والذين يقدر نفوسهم بين ( 20-25 ) مليون نسمة، من القوميات الكبيرة في العالم التي ليس لها كيان سياسي متميز أو دولة خاصة بهم"

-------

تعليق : الأكراد ليسوا قومية واحدة بل عدة مجموعات بدوية تختلف ثقافاتها ولغاتها وحتى فيزيزلوجيتها (الشعر والجمجمة) وهذا ما يؤكده الــ kurdologues (علماء "الكرديـّـات") ومنهم نيكيتين الذي يقول : [كل من سكــَن بيت شـَـعر من زاغروس حتى الفرات سُمّي "كردي"]

آشور كيواركيس - بيروت  

غير متصل lucian

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 3345
    • مشاهدة الملف الشخصي
الى اشور كواركيس

الاخوة الكورد بينهم الكثير من الاطباء والمهندسين وهم اناس يتغيرون بسرعة . التطور اللذي حدث في اقليم كوردستان كان سببه الاول وجود مئات الالاف من الكورد في البلدان الغربية واللذين ارادوا ان يكون اقليم كوردستان مشابه للغرب وهم اللذين ارادوا تغيير اقليم كوردستان.

هذا الشئ لم اراه في اي جالية اخرى من الشرق من الموجودين في الغرب اللذين لا يستفادون من ائ شئ , لا في العرب ولا في الباكساتنيين ولا في الاتراك ولا في الايرانيين... هؤلاء ليصلوا الى قدرة الكورد في التغيير يحتاجون على الاقل الى 200 سنة .


غير متصل سارة

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 17
    • مشاهدة الملف الشخصي
السيد ابرم شبيرا وبعد التحية.
شكرا لموضوعكم انا من المتابعين لموضوعاتكم كلها واتابعها لما لها من مواضيع وهي خالية من العنصرية على خلاف مانرى اليوم  من البعض.
السيد شبيرا كنت اود ان اسال ويهمني رايي جميع الكتاب والمثقفين المهتمين بالمسالة الاشورية. انت قلت بان الاكراد في الاقليم اليوم يطغون ويمشون على مشاعر كل من هو غير كردي وهم فعلا كذلك ونزيد على انهم يضطهدون وياكلون حقوق كل من هو غير كردي والكردي ايضا فلا احد يسلم منهم . السوال هو لو عكسنا الاية قليلا لو كان الاشوريين هم الذين يحكمون الاقليم  اليوم . هل كنا سنرى شيئا مختلفا عما يفعله الاكراد اليوم في شمال العراق؟؟؟؟؟

غير متصل Eissara

  • الحُرُّ الحقيقي هو الذي يحمل أثقال العبد المقيّد بصبر وشكر
  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 591
    • مشاهدة الملف الشخصي
صرف الكثيرون من الوقت في البحث عما فعله صلاح الدين ووضعوه في مصاف "الأبطال" ولكن الكتابات التي تظهر بين الفينة والفينة لا تظهره سوى كمجرم مما يذكرنا بتاريخ جماعة صلاح الدين .

الرابط أدناه عن صلاح الدين : 

http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=324154&


غير متصل اتورايا612

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 27
    • مشاهدة الملف الشخصي
سمكو شكاك يعري يونادم كنه
هذا احسن تعبير للحالة فبعد ان عرته وثائق الاستخبارات الصدامية ها هو يتعرى في اربيل ايضا
يونادم كنه النمر الورقي والدونكيشوت مدعي البطولات القومية لم يقل شيئا يوما عن مناهج التعليم التي تقدم سمكو شكاك بطلا قوميا
ولم يقم باي شيئ لا هو ولا اتباعه في البرلمان بالاعتراض على تسمية الشارع
طبعا لانهم يخافون على امتيازاتهم
السؤال ايضا الى اتباعه من الابطال في ايام الانتخابات وبعدها الذين اتهموا الجميع بالتبعية الكردية وبانهم وحدهم اشوريون
ماذا تقولون عن سكوت الزوعا المستمر الى اليوم عن هذا الشيئ
لو اليكتي ما يقبل تعترضون على سمكو
هذا هو ثمن اصوات اليكتي

غير متصل soraita

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 797
    • مشاهدة الملف الشخصي
الي الاخت ساره
فعلا سؤال جيد لاننا نعلم ان كل  مظلوم  عندما يحصل على عامل القوه يتحول الي الظالم وهذا فعلا ماحصل في كوردستان بعد ان كانوا مظلومين من قبل العرب واليوم تحولوا الي ظلام الي قوميات الاخرى ولكن

الاخوه الاشورين هم لحد هذه لحظه هم مظلومين لكن نشاهدمهم يظلوم الاخوتهم المسيحين من كلدان وسريان والله يستر عندما يحصلون على القوه وانا متاكده سوف يفعلون نفس الاعمال الاشورين القدماء مثل صلخ  جلود للاحياء وغيرها من الاعمال البربريه