مشكلة شعبنا عويصة جدا – تعقيب على نتائج زيارة البطريرك لويس روفائيل لرئس الوزراء العراقي
ليون برخو
جامعة يونشوبك
السويدمقدمةفي البداية اود القول إن ما أكتبه ادناه اوجهه اولا إلى نفسي قبل توجيهه إلى أي من قرائي الأعزاء. المقال بمثابة مراجعة للنفس.
والمراجعة هذه هي تعقيب غير مباشر على خبر الزيارة التي قام بها البطريرك لويس روفائيل والمنشور على الرابط في أسفل المقال حيث – حسب الخبر – نحصل على وعد من الحكومة العراقية على إعادة أراضينا وأملاكنا التي أخذت من شعبنا عنوة وكذلك العمل جديا على مساعدة الباقين في أرض الأجداد على الثبات والصمود هناك.
مشكلة عويصةهناك مشكلة كبيرة جدا في خطابنا، سيما نحن كتاب شعبنا الواحد بأسمائه ومذاهبه المختلفة. المشكلة لا علاقة لها بالتسمية، الأزمة التي وصلت إلى درجة من الخطورة على مصير شعبنا حيث يمنع مثلا موقع إعلامي رائد في صفوف شعبنا نشر أي مقال عنها في الواجهة او أحيانا رفع ما يشير إليها من كتابات حتى في المنتدى.
المشكلة حسب وجهة نظري المتواضعة تتعلق بالهوية التي أساسها وحجر زاويتها الأرض واللغة. ولا أظن هناك مفكر او مؤرخ او متضلع في العلوم الإجتماعية ينكر هذين الركنين الحيويين والأساسيين لهوية أي شعب او قوم.
ركنان اساسيانالركن الأول وهو الأرض خسرناه نحن الذين في بلدان الإنتشار او المهجر. تركنا وغادرنا – لن أدخل في الأسباب – وتركنا وراءنا الأرض إلى اصقاع وبلدان وشعوب مختلفة عنا تماما من كل الأوجه الثقافية واللغوية والفكرية والإثنية وغيرها.
ونحن الذين تركنا الأرض ومنا من باعها وقبض أثمانها إلى الأعاجم والأغراب نمثل في غالبيتنا خيرة وخميرة أبناء شعبنا، أي ان أغلب الكفاءات غادرت الوطن وصار اليوم عدد الذين في الشتات أكثر بكثير من الذين لا زالوا متمسكين بالأرض.
والخطورة على هويتنا ومصيرنا كبيرة جدا. نحن الذين في الشتات قد خسرنا ركنا مهما من اركانها وهو الأرض وفي طريقنا – إن لم يكن ذلك فعلا قد حدث – لخسارة الركن الثاني المهم وهو اللغة.
أشقاؤنا في أرض الأجدادأشقاؤنا في الوطن – رغم المخاض الرهيب الذي تعيشه المنطقة والذي قد لا تتحمله أسواء اجناس الجن – متمسكون بالأرض بأسنانهم من رجال دينهم الذين يصرون على تفضيل الشهادة على الرحيل ومرورا بتنظيماتهم المدنية والسياسية والإجتماعية.
هم ليس حماة الأرض فقط إلا أنهم حماة اللغة ايضا التي دونها لا هوية لأي شعب كان حيث لهم ولأول مرة في تاريخنا الحديث مدارس من إبتدائية ومتوسطة وثانوية تدرّس بلغتنا القومية وعددها في إزدياد وهم في طريقهم إلى فتح معاهد وجامعات.
ولهم أيضا مديريات متخصصة ضمن وزارات التربية والتعليم والثقافة في المركز والإقليم تدير وتنظم وتؤازر هويتنا القومية من خلال المحافظة على اللغة والأرض.
نحن الذين غادرنا الأرضنحن الذين فينا الخير سافرنا وأبتعدنا عن هويتنا بعد خسارتنا للأرض. ولغتنا نحن في طريقنا إلى نسيانها وذلك بإندماجنا في مجتمعاتنا الجديدة ولا مؤشر للمحافظة عليها كنسيا ومدنيا عدا محاولات متواضعة هنا وهناك.
ومن بلدان الإنتشار نتحمس ونخطب ونصر– وكله حكي في حكي لأن لا علم لي إن كنا نحن قد تبرعنا لبناء قرية واحدة او معمل واحد او ربما دكان واحد لأبناء شعبنا.
ولا علم لي إن كنا قد ساهمنا في بناء مدرسة واحدة او بلطنا شارعا واحدا. ولا علم لي إن كان لدينا جمعية لها مساهمات كبيرة في الحفاظ على الأرض واللغة والعمل ممارسة وليس خطابيا على حل مشاكل الذين قرروا الصمود في الأرض.
ورغم أن خيّرنا لم يقدم اي شيء عملي للصامدين في الأرض ولم يعمل أي شيء ملموس للمحافظة على اللغة – الركن الثاني الأساسي للهوية – ترى كل واحد منا يغني على ليلاه بخصوص التسمية والقومية ونحن لم نحرك ساكنا من أجلها.
خطيئتانأنا حزين جدا. لأنني كلما أراجع نفسي وأنا غادرت الأرض وفي طريقي إلى ضياع هويتي – لغتي – أرى أنني أقترفت خطيئتين.
الأولى، لا أعمل أي شيء عملي ملموس لهويتي – لغتي- ولا أقوم بأي شيء ملموس لمساعدة أهلي وقومي وشعبي الذي لا يزال متشبثا بالأرض واللغة في الوطن.
والثانية، أنني لا أكف مع كل هذه الذنوب بحق هويتي عن الصراخ والحكي والخطابة الطنانة والرنانة عن ما يجب ان يقوم به اهلي في الوطن وأنا بعيد عنهم ليس جغرافيا بل في كل شيء تقريبا لأنني لم أقم بأي عمل ملموس لمساعدتهم والمحافظة على لغتي التي هي هويتي.
ولهذا أظن علينا نحن الذين في بلدان الإنتشار الكف عن الصراخ. الصراخ من قبلنا لن يثني الذين في الوطن على المغادرة ما لم نقدم لهم دعما عمليا ملموسا على الأرض وهذا ما فشلنا في القيام به فشلا ذريعا.
نصيحةولهذا أنصح أشقائنا الصامدين في الأرض من رجال دينهم وكنائسهم وأحزابهم ومؤسساتهم المدنية والإجتماعية ومديرياتهم الثقافية والتربوية وكافة شرائحهم على عدم الإكتراث لنا وبنا وبصراخنا.
الذي فيه خير في بلدان الإنتشار (من كلا الجانبين وفي كافة المستويات ومن اي من التسميات) ليحزم أمتعته ويعود او أضعف الإيمان ليقدم شيئا عمليا للناس هناك من أجل الصمود.
والذي يتغنى بالقومية في بلدان الإنتشار ( من كلا الجانبين وفي كافة المستويات ومن أي من التسميات) لنواجهه بهذا السؤال المصيري: ماذا فعلت لبقاء الناس في الأرض وماذا فعلت للمحافظة ودعم أسس هويتك المتمثلة بلغتك القومية؟
رابط
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,704462.msg6125129