المحرر موضوع: في الذكرى السنوية الثالثة لمأساة كنيسة سيدة النجاة : أملٌ ورجاء!  (زيارة 968 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل لويس إقليمس

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 426
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
في الذكرى السنوية الثالثة لمأساة كنيسة سيدة النجاة : أملٌ ورجاء!

 31 تشرين أول 2013
في حياة الإنسان محطات، ولكلّ محطة وزرُها وتحدّياتُها، رغدُها ومسرّاتُها. هذه الأخيرة، اي  الرغد والمسرّات، فهي تبقى عادة طيّ الكتمان، ذلك لأنّ التصريح بها على الملأ قد يشوبه شيءٌ من الغيرة والحسد لصاحبه. وببساطة، لأن هذه الأخيرة ملكية شخصية، ومن ثمّ ليس من حق الآخرين الولوج إلى أسرارها.اوأمّا الأولى، فبسبب ما تحمله من طيّات الألم والثبات والعناد والمثابرة وكلّ اشكال التحمّل الذي تقوى أو لا تقوى عليه الذات البشرية، فهي في أغلب الأحيان لا يمكن أن تبقى مطوية النسيان أو ملكًا للشخص الذي تعرّض لها.
حادثة كنيسة سيدة النجاة، كانت بحق مجزرة رهيبة ووصمة عار كبرى بحق الإنسانية وكلّ مَن يتشدّق بحرية الرأي والمعتقد والدين وحقوق الإنسان، مِن دول ومنظمات ومؤسسات خاصة وعامة. وقد لا يتصوّر مأساتَها وواقعَ حدوثها إلاّ مَن شهد حقًا هولَها ورهبتَها وتفاصيل أحداثها التي طالت زهاء أربع ساعات من الخامسة والثلث عصر الأحد 31 تشرين أول ولغاية الساعة التاسعة والثلث تقريبًا من مساء نفس اليوم. حينها، انتهت بمقتل أو تفجير الانتحاريين الأربعة الذين كانوا اقتحموا في وضح النهار صحن الكنيسة بعد ارتكاب جريمتهم الكبرى بحق مصلّين آمنين، ومن بينهم كاهنان شابان وأكثر من أربعين مؤمنًا.
شريط الحدث المأساوي يراودني دومًا، ولا يريد مغادرة ذاكرتي. كلّما أُسأل، وما أكثر ما أُسأل: هل تتذكر ما حصل في ذلك اليوم المشؤوم؟ يكون جوابي: وهل تنسى الأمّ ولادتَها القيصرية بعد طول معاناة وساعات آلامٍ كادت تؤدّي بحياتها في أية لحظة؟ هكذا كنّا نحن الذين اتخذنا من غرفة الخدمات "السكرستيّا"، ملجأً لنا، حسبناه آمنًا ولو لحين، لكنّه في حقيقة الأمر كان أشبه ببناءٍ من قشّ رقيق يمكن لصاحب الأمر أي الانتحاري الجالس أمامنا وعلى بعد خطواتٍ منّا، أن يفجّره برمّانة أو يقتحمه ويسقطُ علينا وابل رصاصه الملعون. وقد فعلها حين أقدم على إلقاء قنبلة أو رمّانة على مقربة من الشاب اليافع "أيوّب" المضرّج بالدماء والذي كان يرقد إلى جواري يصلّي مسبحتَه، فأسكتتْ تلك القنبلة روحَه إلى البد وأصابت أجزاء من جسمي وأعاقت طبلة أذني اليسرى، وما تزال شظية صغيرة تسكن وجنتي اليسرى، كما أصابت غيري.
كنّا نعدّ الدقائق بل الثواني وهي تسير ببطء خلناها ساعات بل سنواتٍ من كابوس ظالم جثم على صدورنا وأرعبَ أفئدتنا، هذا إذا كان قد بقي لنا قلوبٌ تنبض وصدورٌ تشهق وألسنة تلهث. هكذا دارت تلك المجزرة! أربع ساعات من إرهاب قسريّ فرضه أصحاب القلوب القاسية على مصلّين، جلُّ ذنبهم أنهم يختلفون في الدين والمعتقد عن مجموعة إرهابية سلفيّة متحجّرة الفكر وجافية القلب تريد ترتيب العالم وفق مقاساتها ومعاييرها المتخلفة والمتزلّفة. أيّ دين هذا الذي يأمر بقتل نفس آمنة من دون ذنب! وأية أمة هذه التي تسمح لأتباعها بخرق كلّ الأعراف الإنسانية وتنصّب نفسها حاكمًا باسم الله! وأيُ نظام هذا الذي يتساهل مع الجريمة ومرتكبيها ويفسح المجال للإرهاب كي يقتل ويعيث في الأرض فسادًا!
تلك الحادثة، كانت لي كما لغيري من الذين قضوا شهداء أو نجوا بأعجوبة من هول مأساتها، شهادة حيّة ناطقة يمكننا الافتخار بوسام الشهادة أو الاعتراف الذي نلناه. وليس من الجميل ومن الأخلاق أن تُستغلّ  من ذواتٍ تاجروا بها بل نصّبوا أنفسهم شهداء للحقيقة ونالوا كيلَ المدائح من دون وجه حق!
دروسُ حادثة كنيسة سيدة النجاة ونتائجُها كثيرة وعميقة، ليس على الصعيد الكنسي والجماعة السريانية فحسب، بل أيضًا على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي. ولعلّ من أولى تلك الدروس التي تعلّمناها، أن المسيحي يبقى دومًا مشروعًا للشهادة بدينه وربّه ولأجل كنيسته وجماعته. رُبَّ سائلْ متشكّكٍ بقدر الحادثة وترتيباتها الربّانية، فهذا شأنُه. لكنّ التاريخ والشواهد الكنسية منذ بدايات نشأة الكنيسة، يعلّماننا أن أتباع الديانة الجديدة كانوا مشاريع للشهادة والاعتراف بالمسيح، عانوا من ضيقات وعذابات واضطهادات وتهجير وقتل، بل ذاقوا أمرّ العذابات وتلقوا أشرس أدوات الاضطهاد من صَلبٍ وتنكيلٍ ورجمٍ وما إلى ذلك. والمسيح ذاتُه قالها صراحة: "سوف يضطهدونكم ويقتلونكم ويقدمونكم للمجامع والمحاكم باسمي.... ومن يثبت فذاك يخلص...لا تخافوا من الذي يقتل الجسد ولا يستطيع قتل الروح...".
ومن دروسها الأخرى، أنّها علّمتنا الثبات والثقة وفتحت باب الرجاء لمن أراد تقوية إيمانه وتعزيز رجائه بمخلّصه والتشبّث بكنيسته وربط مصيره بها وبأرضه وبوطنه الجريح. فبعد الآلام والصلب، يأتي فرح القيامة وانبعاث الأمل من الموت، ذلك لأنّ حياتنا مرحلة ومحطة فانية يمكن توقّع كلّ شيء فيها من طيب إلى سيّء، ومن سارّ لمرير، ومن إيجابيّ لسلبيّ. تلكم هي الحياة، مزيج من هذا وذاك!
والدرس الآخر، أن تلك الحادثة قد رفعت من شعور ضمير الدولة بما ألحقته هذه المصيبة، ليس في أوساط مرتادي هذه الكنيسة، بل أيضًا في ضمائر العراقيين الشرفاء من جميع الأديان والمذاهب والملل، إلاّ القلّة القليلة الفاسدة، حيث تناخى الجنوب والشمال والشرق والغرب لنصرة أبناء هذه الكنيسة والتعاطف معهم وبهم مع أتباع كنيسة العراق الكبير. ويكفي أن هذه الحادثة المؤلمة، يتذكرها العراقيون جميعًا، عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة وتتناقلها وسائل الاتصال الاجتماعي من دون حرج. بل إنّ هذ الكنيسة قد أصبحت محجًّا ومزارًا لمَن لهم رجاء وغيرة وأمل بقدرة الله وثبات الشهداء والمعترفين.
أمّا نتائجُها السلبية، وبسببٍ من عدم وضوح الرؤية أمام المؤمن المسيحي وعدم نضوج الرسالة لدى الكثيرين، فقد كانت الحادثة علامة لنزع ثوب الرجاء والابتعاد عن رسالة المسيحي التي تطالبُه بالبقاء خميرة صالحة في العجينة الكبيرة، مستبدلاً إياها بالبحث عن نوافذ أكثر أمنًا وترفًا وتخليًا عن واجب ديني وأخلاقي ومعنوي. وهكذا كانت الهجرة، أيسر سبيل للتخلّي عن واجب الرسالة، ما أصاب المكوّن المسيحي بعجزٍ وفقرٍ ونقصٍ في العدد والعدّة، في الفكر والكفاءة، في التأثر والتأثير بالمحيط الذي انتقاه ضمانًا لعيشه واستقراره. ورغم أنّ هذا الخيار محترمٌ ولا اعتراض عليه، لأنه يبقى شأنًا شخصيًا، إلاّ أن الوقائع والتاريخ والمواقف يصيغها الرجال الأمناء والرعاة الهمامون والأبناء البارّون من خلال المثابرة والثبات والعناد والصبر والتجذّر المرهونة بالأمل والرجاء بفرح القيامة النافضة لغبار المتاعب اليومية التي تعتري سياسة الدول وتختلج فيها الإرادات الشرّيرة لجماعات التطرّف والتزلّف والاستكبار.
قولٌ أخيرٌ أسوقه لمن يسرّه سماع ما في جعبتي من أمل وتفاؤل ورجاء: شهادتي في تلك الحادثة المريرة، ستبقي لي سلاحًا أحمله أينما قصدتُ أو تحدثتُ. وكلّما حُملتُ أو أردتُ الحديث عنها، فتفاصيلُ أحداثها باقية محفورةٌ في فكري وشجني ووجداني. هي ألهمتني كيف يكون التجذّر والالتحام بالأرض، أرض الآباء والأجداد. عجبي، هل بهذه السهولة يُضحّى بالوطن والأرض وبإرث أوليائنا وربابنتنا ورؤسائنا، والأهم بمن حمل شعلة الرسالة المسيحية الأولى؟ أترك لكم الخيار في الردّ والتقرير والعودة إلى حديث جوهرة كنيسة العراق، البطريك لويس ساكو، في رسالته الأخيرة إلى الذين اختاروا الاغتراب، ودعوته لهم للعودة إلى أرض الوطن والمشاركة في بناء الحاضر والمستقبل، بدل الضياع في المجاهيل والبقاء أقليات وجاليات غريبة خاوية من مقومات الجماعة بعد جيلين أو ثلاثة.
الرحمة لشهدائنا الأبرار وتحية للمعترفين الذين خبروا أحداث المجزرة والعون والهداية للذين تأثروا بأحداثها وانقلبت أحوالُهم، إنْ غيرةً و حسدًا أو خوفًا وتكابرًا.

لويس إقليمس
بغداد، في 30 تشرين أول 2013



غير متصل lucian

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 3345
    • مشاهدة الملف الشخصي
شكرا لهذا الشريط المهم

انا كنت اتمنى ان ارى عراقيين او مسلمين او جمعيات حقوق انسان عراقية يقومون بمسيرة تعبيرا عن تذكرهم لماساة كنيسة النجاة ولتذكر الضحايا وتعبيرا عن نيتهم لخلق مجتمع جديد متسامح.

ولكن هذا للاسف لم يحصل ولم اجد سوى بضعة اشخاص قرات لهم في الشريط التالي

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,707286.0.html

غير متصل Masehi Iraqi

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 680
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
أهنئك على سلامتك و سلامة الناجين ، فأنتم شهود هذه الجريمة لكم كل الاحترام و التقدير و الحب . قرأت مقالتك عدة مرات و أقول أننا عشنا الواقعة بلحظاتها و بقت في مخيلتنا و ضميرنا و حاولنا بعدها بأيام ان نوصل صوتنا لكل من نتمكن أن نصل اليهم . في كل العالم

ألجريمة افاقتنا من غيبوبة و جعلتنا يدا واحده ، لم يكن هنالك أي تمييز في رد فعلنا بين كلدانيا او سريانيا او آشوريا و لا قبطيا أو أرمنيا أو .....

كان تكاتفنا هو ثمرة مباشرة لتلك الجريمة ...... لقد وحدة  أرادتنا .........

لكن مع شديد الاسف ، بعدها بأسابيع عدنا للتفرقة و عدنا نكره بعضنا و نحاول بشتى الطرق من دق الاسفين بين هذه الطائفة و تلك و ضاع جهدنا هدرا بدون نتيجة مفيده لشعبنا المسيحي العراقي ......

جريمة كنيسة سيدة النجاة تتويج لكل الجرائم التي حلت بشعبنا منذ الف و خمسمائة عام و حتى اليوم ...

كم نحن مقصرون بحقكي يا سيدة النجاة ، فلم نتمكن من تشكيل اي مؤسسة أو هيئة عالمية او محلية لتطالب بحقوق شعبنا و بحقوق من وقعت عليهم الجريمة الكبرى ، و لم نتمكن حتى من تشكيل لجنة من محامين لتتابع القضية و تبحث عن مرتكبيها و تقديمهم للعدالة و تكشف مموليها و المحرضين عليها ..... ومن أفتى للمجرمين بفتاوى شرعية تجيز لهم القتل ....


غير متصل برديصان

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1165
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
           السيدلويس فرنسيس المحترم قد نكون نحن الثابتين في الداخل ليس باليد حيله في كثير من النواحي لكن العتب على اللذين رحلوا وكنت تقراء الكثير حول تضامنهم واستعدادهم لكذا وكيت لكن تبين ان كلامهم كان للاستهلاك فقط حيث ابعدوا بعد فتره عندما اشتدت الشده كان يكون تشكيل منظمات و لجان تاخذ من الحدث مسيرة لحياتهم وبعد ان انجلت الامور تبين ان هؤلاء لم يكونوا سوى مهرجين  لذا لايمكن الاعتماد الاعلى من في الداخل لانه هو الواقع تحت المطرقه  بعدها تبين نفاق الجميع حتى اللذي جرح جرحا خفيفا اخذته الحميه بان يترك كل شيء في البلد اما الاصلاء رجعوا واثبتوا انهم اهلا لتحمل مااوعدنا به الرب يسوع المسيح  بدليل انت كنت     من ضمن هؤلاء لكنك ابيت ان تترك الوطن كذلك انسه او سيده اخرى جرحت في الحادث والقت كلمه مؤثره حول اهمية الثبات  تحياتي لك  وللانسه او السيده     بغداد