المحرر موضوع: التطوير الريفي بين الواقع والقانون  (زيارة 2993 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل ماهر سعيد متي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 568
  • الجنس: ذكر
  • المشاور القانوني ماهر سعيد متي
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
التطوير الريفي بين الواقع والقانون


دراسة تحليلية قانونية وعلاجية
بات واقع الريف العراقي والقرى المشيدة مزريا في ظل عوامل عدة ساهمت في تفاقم الأزمة ، ففي الوقت الذي تعاني فيها مراكز المحافظات الأقضية والنواحي من الهجرات الجاذبة وتراكم العوامل البشرية بشكل سبب إرباكا واضحا في جميع المجالات أهمها الخدمية منها من افتقار إلى الماء والكهرباء واستيعاب الشوارع لهذه الأعداد الضخمة ، والأمر يعزى إلى إهمال القرى والأرياف من أي اهتمام وضعف التخطيط المستقبلي لها رغم الزيادات المتوالية للولادات وتضاعف الأعداد بنسب واضحة ، فهي تفتقر إلى ابسط مستلزمات الحياة اليومية ، لم يفكر مسئولونا بشكل جدي وعملي في النفايات والمخلفات الناتجة منها وأين ترمي ومن يقوم بعملية جمعها وأين ترمى ؟ ، ولم يكلف المسئولون أنفسهم التساؤل عما يحول دون تنقل المواطن بمجرد هطول الأمطار بسبب تعذر السير في شوارع طينية وتوقف الحياة اليومية لعدة أيام وما يسببه الأمر من خسارة إجمالية يضاف إلى الدخل الكلي للفرد العراقي ، ولم نجد إجابة لما يكلف المواطن الريفي نفسه بنقل أولاده للدراسة في المدن نظرا لانعدام البنية التحتية التعليمية المناسبة والتي تغطي جميع أرجاء البلد ، ومتى ستخصص مبالغ في الموازنة لغرض إنشاء المزيد من المؤسسات الصحية من مستوصفات أو مراكز صحية للمعالجة الطبية ؟ ومتى ستتوجه الأنظار إلى تنشيط الزراعة العراقية من خلال إصدار التشريعات وإقامة مشاريع ري ضخمة واتخاذ آليات مناسبة خاصة وان معظم مدخولات سكان الريف قائمة على الزراعة وتربية الحيوانات ،  والأهم من ذلك السكنى العشوائية والتي يمكن معالجتها من خلال بناء مشاريع إسكانية متكاملة تمتص العشوائية بغية السيطرة على الخدمات المقدمة وبهذا الصدد نشير الى قانون مصلحة الإسكان الريفي رقم (132) لسنة 1973 الملغي بموجب القانون رقم  1077 لسنة 1984والذي عالج العديد من هكذا حالات ومنح القروض لسكان الأرياف وسمح بإقامة دور وتمليكها للمستفيدين ومن أهداف هذا القانون رفع مستوى الريف العراقي من جميع النواحي وتقليل الفوارق بين المدن والقرى الريفية وتقديم أوسع الخدمات لسكان الريف وتوفير مستلزمات الحياة المتحضرة عن طريق إقامة القرى العصرية المتكاملة وفق تخطيط سليم منسق وتأمين ظروف تنفيذه ومتطلباته،  والمستغرب إلغاءه وعدم تعويضا ببديل مناسب أو أفضل منه .

هذه مجرد أمثلة تساق لمشكلة اكبر تسمى ( الريف) ، وما علينا سوى أن نقر بهذه المشكلة ، فمجرد الإقرار هو بداية لوضع الحلول لها  .فيما لو مارس كل صاحب مسؤولية عملية تبادل الأدوار وعاشوا لعدة أشهر في هذه القرى لتوصلوا إلى قناعة مناسبة بأهمية الأمر وضرورة المعالجة .
لا تزال التشريعات منتقصة وفيها إشارات ضعيفة إلى الريف ، فمديرية التخطيط العمراني تضع التصاميم للقرى المشمولة بالتطوير الريفي استنادا للتشريع رقم 3 لسنة 1995 ، ورئيس الوحدة الإدارية يصادق على إجازات البناء في القرى استنادا لأحكام التشريع رقم 1 لسنة 2000 على أن تكون التصاميم مصدقة وفق قانون إدارة البلديات رقم (165) لسنة 1964، والخدمات تقدم وفق قانون الصحة الريفية رقم 211 لسنة 1975 المعدل وتبليط الشوارع فيها لا تزال ملقاة على عاتق المحافظة بدلا من أن تتكفل بالأمر شركات متخصصة ، ورغم كون قانون المنشاة العامة للطرق الريفية و العمل الشعبي 82 لسنة 1980 لا يزال ساريا إلا أنها غير موجودة على ارض الواقع ورغم أن العراق قد وقع  على قانون تصديق اتفاقية مؤتمر المفوضين لإنشاء المركز الإقليمي للإصلاح الزراعي والتنمية الريفية لدول الشرق الأدنى رقم (2) لسنة 1985 إلا أن التنمية الريفية لا تزال تراوح في مكانها دون أي تقدم مذكور .
 على السلطة التشريعية أن تغطي النص التشريعي من خلال إصدار قانون للتطوير الريفي يعالج بنصوصه القانونية جميع المجالات الزراعية والاقتصادية والخدمية والبيئية والإسكانية..  وتخصيص جزءا من الموازنة لها ، وأصبح هذا الأمر على المحك في ظل إهمال واضح للواقع الريفي ، ويوقف نزيف الهجرة ويحقق العدالة في التوزيع التي أشار إليها الدستور العراقي في أحكام المادة 106 منه ، فتطوير الارياف سيعود بالنفع على مراكز الوحدات الادارية بوقف الهجرة .
              المشاور القانوني
            ماهر سعيد متي