المحرر موضوع: هلوسات الأنبياء  (زيارة 6445 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل آدم دانيال هومه

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 120
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
هلوسات الأنبياء
« في: 23:51 29/11/2013 »



هلوسات الأنبياء

                              


آدم دانيال هومه


رأيتهم يغربلون الريح في يوم ماطر
لم يكونوا مجانين   
ولكنهم فقدوا عقولهم
حين باغتهم الشيطان على طرف المقبرة
وهم يحملون على أكتافهم نعش الله.
****
أنا المتيّم بخريدة السماء
الطاعن في عشق الأرض والماء وسنابل الضوء
وريث عرش الملكوت
وملحمة التكوين
وسفر الرؤيا
في دمي ومضات ضوء من إشعاعات آلهة سومر
وفي تلافيف دماغي سحر نبوي من كهنة بابل
وفي بؤبؤ عينيّ بقايا بروق ورعود من جبروت آشور
في كل إشراقة شمس
أسمع خطوات الله على رصيف الذاكرة
وعند حلول المساء
تنبثق من بين جوانحي يرقات خضراء
تتطهّر بمعمودية النار
لتحلق فراشات متوهجة بألق قطيع من الطواويس في ظهيرة صيف.

****

أنا الذي صاغ جميع أساطير ماقبل الطوفان
ووضع النقاط على الحروف المضيئة فيها
ثم اعتليت منصّة السماء
فتوهجت روحي على طوالع الآلهة
وتباركت الأرض
وضجّت في أعماقها كل بذرة ذي حياة.

وأنا الذي أمسك بيد عشتار
وهي تجر ذيول الألوهية فوق السحاب
تتناثر من ضفائرها عطور الشموع المحترقة   
على طريق المجرات المؤدية إلى مخدع دوموزي المقدس
في حين كانت أشجار الحنّاء تتمرّغ تحت قدميها
والطيور تحلق صادحة في هالة قدسيتها.

****   
نهض من بين ركام ذاته... مفعما بالأمل
مزهوا بالجينات التي ورثها عن جده الأول
سيّد الفصول الذي أوقد شعلة الحضارات على ذرى الجبال المضمخة بالجلالة
وتبوأ عرش الحرف
مستمتعا بمنظر الحوريات وهن يخرجن عاريات من أعماق البحر
وممتعا ناظريه بقطعان الملائكة تنعكس ظلالها في مرايا الصباح
وقبيل الغروب
تصير ضفادع تلتهم أوراق الصفصاف من ضفاف الأنهار.

****

كلما ضاقت بي سنوات العمر العجاف
أمصّ رحيق رؤوس أصابعي المخضلة برضاب شفاه العرّافات
وأعود إلى مرابع طفولتي المطرّزة بأغنيات عرائس الأنهار
ومواويل جنّيات الغابات المسحورة
أستلهم منها أحلامي وأوهامي وفراديسي المفقودة
لأعاود عزف ألحاني الأزلية على أوتار المطر
بشغف الشعراء الذين يتطوحون في عوالم لاماض لها
ولاحاضر... ولا مستقبل.
أذوب في العشق المتناغم بين الموجة المراهقة
والصخرة الدهرية الناعسة بين جفون الخلجان
وأتجدّد مع قطرات الشمس التي توزع أشواقها اللذيذة
على البشر والشجر والماء والحجر
ثم أستريح على حافة الأبدية
لأشم رحيق الأعشاب النابتة فوق قبور الأجداد
في محراب الوطن الذي يتضور أمنا وسلاما
بين مخالب وبراثن أبالسة الموت الذين انبثقوا من لهيب نار
والدماء تشخب من أفواههم.
.    
****

سأعود يوما إلى رحم عذراء يصطفيها الضوء الأزلي الخلاق
لأولد فقيرا ملوثا برذاذ النبوءات
مضرجا برحيق الطفولة... مضمخا بخضاب الكبرياء.
****
كيف لي أن أتلمس طريقي إلى الله
بين شعوذة الكهان وهلوسات الأنبياء؟
****
في منتصف الحلم    
 أتسلق جبالاً أسطوريّة
وأغور في وديان ليس لها قرار
وأخوض في قلب المتاهات في الصحراء
بحثا عن ذكرى وجهي أمي العصي عن النسيان
والذي لازال يضيء ذلك البيت العتيق... وقلبي.

****   
كان وطني صغيرا على مقاسي
والأوطان الأخرى لم تستوعبني
لذلك بقيت على هامش التاريخ
خارج المقاييس والحدود
وشما على جبين الشمس
غيمة زاجلة فوق مرج ذابل
ترقص على سجادة الريح على إيقاع رعشات الرمال
وتفتح ذاكرتها الفوسفورية المتقدة
لتجليات الرؤى النبوية
لمجدها تنحني الغابات العطشى
وعصافير النار الجذلى

****

وأنا أسوق قطعاني إلى مراعي النجوم
لمحت من كوة الغيم شذّاذ آفاق يحطون رحالهم على مشارف الإيساگيلا
ينجّسون قدس أقداس الوطن بأنفاسهم الملوثة بجراثيم الجاهلية الأولى
يحرثون أرض سومر بمخالبهم التي تقطر من دماء الأمهات الثكالى
يلطخون جدران زقورة أور بصور أسلافهم الديناصورية
ثم يمتطون صهوات الجراد
يطاردون ظلال الأسود على سفوح الجبال
ويقضون ظمأ على ضفاف الأنهار
يؤبنونهم بدو رحل بأبيات من شعر تأبط شرا
ويهيلون عليهم التراب
ويمضون في طريقهم صوب الشام
ليقايضوا آلهتهم بأقمشة يسترون بها عوراتهم
وينامون في العراء تحت ضوء القمر
على نباح الكلاب وعواء بنات آوى
يستيقظون مع مطلع الفجر أمواتا من الرعب
على هدير الزلزال الكبير.
  
****
يأتي كصرير الموت
يتلو آياته الخرافية الممجوجة على مسامع القبور المسكونة بالأشباح
يلتهم أوراق شجيرات الغيم
وينتهك حرمات السنابل العذراء
يعربد في أعشاش العصافير الآمنة المستكينة
يقتحم محاريب الأنبياء
ليعبث بأيقونات الشهداء المنفيين من الفردوس الأزلي
إلى جحيم الغربة القاتلة
ويسرق أحلام الأطفال
ثم يمتطي متن العاصفة
بحثا عن الأصداف المتلألئة على شواطئ المدن المنكوبة.

****
في كل مساء ترفرف روح الله على قرى الخابور المهجورة
وتدخل عشتار بيتا بيتا
لترش الملح على العتبات
تمسّد صور القديسين المعلقة على الحيطان
تبارك جذوع الأشجار التي لم تزل تنبض بالحياة
ثم تنتظر على مفرق الطرق قدوم العاصفة
بينما يقف ديك الوعد في انتطار فجر جديد.

****
شعب تراوده الأحلام... لن يموت
وآثار الأقدام المطبوعة فوق الصخور
من المحال أن تنمحي أو تزول.
****


Adamhomeh@hotmail.com
سدني- استراليا



غير متصل بولص اﻻشوري‬

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 350
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: هلوسات الأنبياء
« رد #1 في: 15:24 04/12/2013 »
تحياتي لشاعرنا المبدع في هذا النص الطويل الذي يبحث عن ملجأ بين نهدي القصيدة
كما يتسامر مع الانبياء الذين شاركوا في خداع الناس البسطاء في هذا العالم الاقتصادي
وبانتظار قبلة القيامة بين حين واخر, قصيدة رائعة ونص جميل يقودنا الى اسوار نينوى
الخالدة عبر العصور. وقصائدنا نجوم ساطعة فوقها لاضاءة الطريق لاحفاد امة اشور. مع محبتي.
paul_ashuree@yahoo.com






غير متصل ojoseph

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 8
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: هلوسات الأنبياء
« رد #2 في: 15:52 05/12/2013 »
الملفان ادم ... تحياتي ,
كلمات  بكتابة مسمارية كلوحات الاجر الخالدة . كلمات الابن البار.
كنت ولا تزال تصرخ في وجه القدر تعاتبه لماذا لا يبعث امة اشور
من سباتها حتى قصدته على حدبات الهياكل عاصيا تفضح مؤامراته
سائلا الى متى  ؟ الا يكفي التضحيات , الهجرة , السيفو , الارهاب  ؟
هل انت المخلص ام الهلاك ؟
الم يكتمل الزمن ليحل السلام كما وعد الكتاب ؟
ام ان القدر قد اصبح رصيد في بنوك الملوك والاباطرة !
يهيجون , يخدعون , يدمرون كأن عشتار لن تأتي على اجنحة
لماسو لتبعث دموزي.

سأعود قراءة اوراقك البنية اللون التي رميتها على حافة نهر الجقجق
في القامشلي لأتفحص النبوئة من جديد ..

غير متصل ميخائيل مـمـو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 696
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: هلوسات الأنبياء
« رد #3 في: 03:54 08/12/2013 »
اخي آدم
انبياء الماضي أصبحوا في خبر كان، بنبؤة انبياء العصر الذين لم يعد بوسعنا عدهم....
حبذا لو اتحفونا بإعجوبة واحدة ليمكننا اتباعهم والإعتراف بما يرمون اليه..
لقد اصبت في العديد من عباراتك قلب الحقيقة، ولكن اين الذي يدرك ويفهم تلك الحقيقة؟!
هذا أقل ما يمكنني أن انعتهم به..وليس بوسعي سوى القول بوركت فيما ذهبت اليه،
 ودام إيحاء يراعك لإنتحال ما يفرضه الواقع الذي نعيشه.
مع بالغ شكري وتقديري
ميخائيل

غير متصل Enhaa Yousuf

  • مشرف
  • عضو مميز
  • ***
  • مشاركة: 1748
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • http://www.enhaasefo.com/
رد: هلوسات الأنبياء
« رد #4 في: 15:19 08/12/2013 »


في محراب كلماتك
تسقط المعاني
وتتحقق النبوءة
فهنا ... في رعشة القراءة
ونضوج الاسفار
اكتناز للكثير من الصور .. وارتماء في دفأ المخيّلة
للوصول الى افق السكون حيث مزمور الحقيقة رغم سحابة التعصب

دمت اخي العزيز ادم
ولابداعك الف تحية

انهاء


غير متصل وليم اشعيا

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 36
    • مشاهدة الملف الشخصي
رد: هلوسات الأنبياء
« رد #5 في: 22:30 08/12/2013 »
   
  تحية الى الشاعر الكبير أدم هومة،،،،

وكما عهدنا كلماتك المفعمة بالحياة والجمال، وكما عرفتك آشورياً وفياً لقضية آمنت بها وأصبحت مسكوناً بها . آشورياً من طراز خاص يتعاطى فقط مع الأنقياء بعد تجربة سياسية صار لا يملك أي أوهام في تقييمه للآخرين لأنه عرف هواجسهم وشخص وأمراضهم.... من يتعرف عليه عن قرب سيستطيع عندها الحديث عن شاعر وسياسي وإنسان في آن واحد.


                      وليم أشعيا / نيويورك

غير متصل طلعت ميشو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 237
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: هلوسات الأنبياء
« رد #6 في: 11:01 11/12/2013 »
الإنسان الرائع آدم هومة ... تحية
قصيدتك (هلوسات الأنبياء) تعلو بصاحبها إلى سماوات يعجز عن الوصول لها شعراء عمالقة. رائع كل حرف سطرتهُ يدك في هذا السِفر الجميل.
وكم هي حية ومُعبرة كل سطور قصيدتك التي وصلت ذروتها في المقاطع التالية:

كبف لي أن أتلمس طريقي إلى الله
بين شعودة الكُهان وهلوسات الأنبياء ؟.

كان وطني صغيراً على مقاسي
والأوطان الأخرى لم تستوعبني
لذلك بقيتُ على هامش التأريخ.

ويمضون في طريقهم صوب الشام
ليقايضوا آلهتهم بأقمشة يسترون بها عوراتهم.

وللدقة فقط ... فهناك خطأ مطبعي صغير في قولك: ( عن ذكري وجه أمي )، والذي من المفروض أن يكون: ( عن ذكرى وجه أمي ).

من ناحية أخرى أعتب على بعض الأخوة المعلقين إقحام ( نينوى وأشوري وأشوريين ) في إبداعٍ كهذه القصيدة التي تعبُرُ بمعناها كل ركامات التحزبات القومية والدينية والعرقية والطائفية الضيقة، وكل ما هو صغير أمام هيمنة الإبداع الشعري الكوني في هذه القصيدة.
خلونا نرتفع بهذا الشعر ونرفعه معنا إلى أسمى مكان يستحقهُ، ولا تهبطوا بهِ إلى مستوى إشتكى منهُ الشاعر في قولهِ: ((كيف لي أن أتلمس طريقي إلى الله))، وأنا أُضيف لهذا البيت: ((بين كل هذه الأرضيات الصغيرة؟)).
 وعسى أن يكون عتابي مفهوماً ومقبولاً من الأخوة المُعلقين فلستُ أتعمد أي إساءة !.
تحيات للجميع.
طلعت ميشو . 

غير متصل يوسف ابو يوسف

  • عضو مميز متقدم
  • *******
  • مشاركة: 6323
  • الجنس: ذكر
  • ان كنت كاذبا فتلك مصيبه وان كنت صادقا المصيبه اعظم
    • مشاهدة الملف الشخصي
رد: هلوسات الأنبياء
« رد #7 في: 13:30 11/12/2013 »
تحيه واحترام ..

((شعب تراوده الأحلام... لن يموت
وآثار الأقدام المطبوعة فوق الصخور
من المحال أن تنمحي أو تزول.))

الشعب الحالم ميت هو استاذي العزيز  ,, فالواقعيون هم يديرون الارض بالفكر الانساني متناسين الفكر الالهي .
 اما الصخور فكل يوم تطبع عليها اثار اقدام جديده ,,,والصخور القديمه اصبح مكانها المتاحف .
وهكذا اليوم كل شئ يمحى ويزول ,وباطل هو كل ما تراه عينك لا بصيرتك وباطل هو كل ماتسمعه اذنك لا فهمك واحساسك.
ابحثوا بصدق من كل قلوبكم وافكاركم وارواحكم فستجدوا الراحه لانفسكم ,,والذين ينجسون الاقداس لن ينتهوا من هذا العالم على الاقل في الوقت القريب ,لانه ما اكثر الالهه في هذا الزمان

                                                                           ظافر شانو
لن أُحابيَ أحدًا مِنَ النَّاسِ ولن أتَمَلَّقَ أيَ إنسانٍ! فأنا لا أعرِفُ التَمَلُّقَ. أيوب 32.