المحرر موضوع: ردا على اشور كيوركيس ومقالته (كان يا ما كان ... السّــوريان في تاريخ الفاتيكان)،،!!  (زيارة 4435 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سرياني ارامي قوميتي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 101
  • الارامية قومية اصيلة ومتجذرة في بلاد النهرين
    • مشاهدة الملف الشخصي
ردا على اشور كيوركيس ومقالته  (كان يا ما كان ... السّــوريان في تاريخ الفاتيكان)،،!!

مؤلفات يوحنا مارون

يعزو البعض تأليف عدد من الكتب إلى يوحنا مارون ومنها كتاب: شرح الإيمان الذي يحتل مكانة بارزة بين هذه الكتب التي تضمها مخطوطة  الفاتيكان 146 السريانية ، والتي تمّ نسخها عام 1392 . اما البطريرك الدويهي فانه يعزو ما لا يقل عن عشرة كتب ورسائل إلى يوحنا مارون  . كما يعزو ابراهيم الحاقلاني إليه كتابين: أحدهما تـفسير خدمة القداس والآخر فصلٌّ في الكهنوت  . اما السمعاني فيقر بأن يوحنا مارون ألَّف مصنفين فقط هما : شرح الإيمان وليتورجية (اي خدمة القداس)  . إلا أنه ينكر أن يكون مارون هو مؤلف الكتابين اللذين ينسبهما الحاقلاني إليه . وحجة السمعاني هي أن مؤلف تفسير الليتورجية او خدمة القداس هو ديونيسيوس ابن الصليبي (ت 1172) وبأن الفصل في الكهنوت كتبه يوحنا ، أسقف دارا (ت 860)  ، وكلاهما من آباء الكنيسة السريانية الارثودكسية  . ومع ذلك ، يصر المطران الماروني يوسف الدبس على أن مؤلف هذه الكتب لم يكن سوى يوحنا مارون


   يؤكد بعض الموارنة أن يوحنا مارون ألَّف ليتورجية . وكما يقول السمعاني فان نسخة من هذه الليتورجية موجودة في المجلد الخامس من الكتب التي جمعها ابراهيم الحاقلاني في مكتبة الفاتيكان  . تمَّ نسخ هذه المخطوطة السريانية في قبرص عام 1846 الموافق 1535 من التقويم اليوناني  . تبدأ المخطوطة على هذا النحو: " أمامك يا ملك الملوك ورب الأرباب "  . لكن المستشرق الفرنسي أوسابيوس رينودوت (1640ـ 1720) ، وهو أول أوروبي قام بنشر مجموعة من الليتورجيات الشرقية لم يجد ثمة ليتورجية ألَّفها يوحنا مارون لكي يودعها هذه المجموعة  . علاوة على ذلك ، ينوه رينودوت بحق بأن غالبية الكتّاب القدامى وأعلام الكنيسة السريانية كانوا " يعاقبة " لا موارنة  . بعبارة أخرى ، يؤكد رينودوت أن الكتب التي يدعى بأن الموارنة كتبوها قد دبجتها في الحقيقة أقلام مؤلفين " يعاقبة " . لم يكن السمعاني على ما يبدو راضياً عن الأسباب التي اوردها رينودوت لعدم ادراجه ليتورجية يوحنا مارون في مجموعته وخاصة من قوله أنه لم يجدها في أية مجموعة لليتورجيات . فهو ينتـقد رينودوت قائلاً ، كأن رينودت قد بحث في سائر المكتبات وحقق كل المخطوطات التي تضمها ، أو كما لو أنه لم يترك مخطوطة في الشرق لم يقرأها كي يؤكد بأنه لم يجد ليتورجية وضعها يوحنا مارون  . ان نقد السمعاني حدا ببعض الكتّاب الى القول بأن السمعاني كان يحسد رينودوت ، وكان يضمر كراهية عميقة له ، مع أن السمعاني كان مضطراً في الغالب على امتداح تبحره في العلم


   هناك دليل على أن هذه الليتورجية لا تخص يوحنا مارون بل انها ظهرت لأول مرة للوجود عام 1535 في قبرص بعد زمن يوحنا مارون بثمانمائة عام تقريباً . وليس هناك ذكر لهذه الليتورجية في هذه الفترة او ان احد الباحثين قد نوّه عنها . وشهادة على ذلك فان الأسقف الماروني أثناسيوس سفر الذي قام بنسخ المخطوطة في روما عام 1677 كتب بأن احد الموارنة وهو ياديس يامين (ابن سليم) من قرية حقيل كان قد نسخ هذه الليتورجية قبل مئة وخمسين عاماً عندما كان مقيماً في قبرص . من الواضح اذن أن نسخة سفر قد تمت في وقت متأخر عن تلك التي عثر عليها في قبرص عام 1535  . والمراد قوله هو عدم وجود دليل بأن هذه الليتورجية كانت معروفة لدى المـوارنة قبل القرن السادس عشر ، وهذا ما يقودنا إلى الاعتقاد بأنه من غير الممكن أن تكون قد كُتبت من قِـبَـل مؤسس الكنيسة المارونية . ومن الغرابة بمكان أنها لم تظهر لأول مرة في لبنان ، موطن الموارنة ، بل في قبرص . يمكننا إذاً أن نستـنتج بأن هذه الليتورجية قد نسخت عن " ليتورجية الرسل الاثني عشر " التي استعملتها الكنيسة السريانية الأرثوذكسية . ومن الغريب كذلك ألا تكون هذه الليتورجية من ضمن مجموعة الليتورجيات التي نشرها الموارنة في روما عام 1594 ، والتي احتوت على أربع عشرة ليتورجية معظمها يخصُّ الكنيسة السريانية الأرثوذكسية  .  يمكننا أن نذكر من بين مؤلفي هذه الليتورجيات على سبيل المثال يوحنا بن شوشان ، ماروثا التكريتي وديونيسيوس ابن الصليبي . ولا نجد ليتورجية في هذه المجموعة تخص مؤسس الكنيسة المارونية وأول بطريرك لها . ولذلك يرى المطران أقليميس يوسف داود أن الليتورجية قد نحلها ولا شك أحد مواطني قبرص الموارنة في القرن السادس عشر ونسبها إلى يوحنا مارون


   قام مؤلف هذا الكتاب شخصياً بقراءة مجموعة الليتورجيات المارونية التي نشرت في روما في عام 1594 فلم يجد فيها ليتورجية وضعها يوحنا مارون  . والحقيقة ان هذه الليتورجية ليست وحدها فقط التي تـنسب إلى يوحنا مارون ، بل ربما كانت معظم الكتب الطقسية المارونية من تأليف آباء الكنيسة السريانية الأرثوذكسية . ولذا نجد الكاتب الماروني المعاصر الأب ميخائيل الرجي يقرُّ بأنه لايوجد مؤلف واحد نسب حتى الآن طقساً منفصلاً إلى الموارنة بحيث يميزهم عن "اليعاقبة" والسريان الآخرين  . ويرى الرجي بأن من الأصح أن تـنسب الليتورجيات المنشورة في روما في عام 1594 بالحرى إلى "اليعاقبة" لا إلى الموارنة . إلا أن الرجي يعزو استعمال الموارنة لليتورجيات "اليعاقبة " إلى ما يسميه " نفوذ اليعاقبة " وإلى حداثة عهد الطباعة . فهو يقول : بما أن نفوذ " اليعاقبة " كان مايزال قوياً في (لبنان) وبما أن الذين يقومون بالطباعة كانوا مبتدئين في صنعتهم  ، فإن العديد من الأجزاء الهامة في " الطقس اليعقوبي " بالإضافة إلى العديد من الليتورجيات وجد طريقه إلى كتب الليتورجيات المارونية بحيث أصبح طقسنا الماروني القديم وطقسهم ، متشابكين . أدرجت ليتورجياتهم إلى جانب ليتورجيتنا القديمة ، المنسوبة إلى الاثني عشر رسولاً ، لا بل سبقتها في الحقيقة في الترتيب بطريقة تجعل من الأكثر صحة في رأيي المتواضع أن ينسب كتاب الليتورجيات هذا إلى اليعاقبة لا إلى الموارنة


   طالما أن الليتورجيات التي نشرها الموارنة في روما عام 1594 كانت تخص الكنيسة السريانية الأرثوذكسية ، فلا يمكن للمرء أن يفهم لماذا أشار الرجي إلى ليتورجية الاثني عشر رسولاً على أنها "ليتورجيتنا القديمة" . يجد الرجي نفسه أمام معضلة وهو يحاول التمييز بين ما يدعوه بالليتورجيات " اليعقوبية " والمارونية . إلا أنه يبيّن بوضوح بأن كل الكتب الطقسية ، بما فيها ليتورجيات عام 1594 ، التي تضم أسماء آباء "يعاقبة" مثل سويريوس الأنطاكي وبرصوم ، وآخرين هي كتب "يعقوبية" وليست مارونية . ولهذا يجب القول ان هذه الليتورجيات يجب ألا تعتبر مارونية حتى وإن وجدت عند الموارنة ، أو انهم قاموا بطباعتها لاستعمالهم الشخصي  . ولكن كيف يمكن للمرء أن يبرر الحقيقة وهي أن مجموعة الليتورجيات المنشورة في روما عام 1594 تحمل العنوان كتاب تقدمة القربان وفقاً للتقليد الماروني ، والذي يدل على أنها كانت مارونية . فبينما نرى الاب ميخائيل الرجي يقدم جواباً بالفعل وذلك بالاعتراف بأن الموارنة عانوا من قلة الكتب الطقسية . فإن كاتباً مارونياً آخر ، هو جبرائيل الصهيوني (ت 1648) سبق ان وضع هذه المسألة برمتها بشكل لطيف في رسالته الموجهة إلى العلاّمة نيوسيوس عام 1644 فيما يتعلق بما يُدعى بالليتورجيات المارونية . فهو يكتب قائلاً: "يتـقاسم الليتورجيات الموجودة الموارنة و" اليعاقبة " لأن الكتب الطقسية للموارنة واليعاقبة هي نفس الكتب "  . المسألة اذن برمتها تتطلب في الحقيقة المزيد من البحث ، ولهذا فإن مؤلف هذا الكتاب يحتفظ برأيه بأن الليتورجيات المارونية هي من أصل سرياني أرثوذكسي إلى أن يُعثر على دليل جديد خلاف ذلك


   يعترف المطران يوسف الدبس بأن الكتب الطقسية القديمة للموارنة و" اليعاقبة " كانت سواسية . ويؤكد أن تأليف هذه الكتب تمَّ قبل انقسام كنيسة أنطاكية السريانية إلى جماعتين ، جماعة الخلقيدونيين والمناوئين لمجمع خلقيدونية . والحقيقة هي انه لم تكن هناك كنيسة مارونية أو جماعة مارونية معترف بها في أواسط القرن الخامس عندما انقسمت كنيسة أنطاكية السريانية بعد مجمع خلقيدونية . إضافة إلى ذلك ، ان ما يقوله المطـران الدبس يقودنا إلى الاعتقاد بأن الليتورجيات التي استعملتها كنيسة أنطاكية السريانية كانت واحدة ، بغض النظر عن الطوائف المختلفة الخاضعة لسلطتها الكنسية . مهما يكن الأمر ، فالحقيقة هي أنه لم تكن للكنيسة المارونية ليتورجية خاصة بها ، وأن الليتورجية المنسوبة إلى يوحنا مارون قد انتحلت على الأرجح من ليتورجية ديونيسيوس ابن الصليبي مطران آمد (ت 1172)  وهو أحد آباء الكنيسة السريانية الأرثوذكسية


   هناك كتاب آخر وهو شرح الخدمة الأفخارستية (اي خدمة القداس) ، ينسبه ابراهيم الحاقلاني إلى يوحنا مارون وهو تـفسير لليتورجية المعروفة عموماً في الكنيسة السريانية بليتورجية القديس يعقوب أخي الرب  : : . توجد نسخة من هذا التـفسير في مكتبة الفاتيكان قام بنسخها الحاقلاني نفسه عام 1660  . وقد أفادنا المطران أقليميس داؤد بأن الحاقلاني نحل هذا التـفسير عن ديونيسيوس ابن الصليبي ونسبه إلى يوحنا  مارون  . إن داود على صواب لأن ابن الصليبي وهو سرياني أرثوذكسي ، يستـشهد بالطبع في تـفسيره لهذه الليتورجية بشهادات آباء كنيسته تأييداًٍ لعقيدة الطبيعة المتجسدة الواحدة للوغوس الإلهي . هذا ما يبدو بوضوح في تـفسيره لكسر الخبز ومزج الخبز بالخمر اللذين يتحدان بطريقة تفوق الوصف للدلالة على وحدة طبيعتي المسيح . يقول ابن الصليبي " إنه عمانوئيل واحد ، غير قابل للانقسام إلى طبيعتين بعد اتحادهما "  . لكن ابراهيم الحاقلاني ، وهو خلقيدوني اجرى العديد من التغييرات في هذا التفسير ، لكي يوافق إيمان خلقيدونية . ويقول اوسابيوس رينودوت ، في هذا الصدد إن هذا التفسير لليتورجية القديس يعقوب هو من عمل ديونيسيوس ابن الصليبي  . يؤيد السمعاني رأي رينودوت ويعد بالتوسع في شرح هذا الموضوع في المجلد الثاني من مكتبته الشرقية . لكن يظهر انه اخفق بوعده مكتفياً بالقول بأن ابراهيم الحاقلاني نسب إلى يوحنا مارون تـفسير الليتورجية الذي يشابه التفسير الذي كتبه ابن الصليبي  . هذا ما ضلل المطران يوسف الدبس وجرّه الى الاعتقاد بأن السمعاني ، في المجلد الثاني من عمله المذكور آنفاً ، بدل رأيه لأنه اشار إلى أن لابن الصليبي كان له تـفسير لليتورجية غير التفسير الذي نسب إلى يوحنا مارون . ويتكهن الدبس قائلاًً بأنه من المحتمل أن يكون ابن الصليبي قد نحل تـفسير الليتورجية الذي وضعه يوحنا مارون  . إن ما يقوله الســمعاني في الحقيقة هو أن الحاقلاني ادرج قسماً كبيراً من تـفسير ابن الصليبي في تـفسير الليتورجية الذي نسبه إلى يوحنا مارون . ولكن سواء أنحل الحاقلاني تـفسير ابن الصليبي برمته أو قسماً كبيراً منه كما يؤكد السمعاني ، فالحقيقة تبقى أن السمعاني لا يصادق على عزو الحاقلاني لتـفسير الليتورجية هذا إلى يوحنا مارون . بيد أن الدبس يصر ، دون مبرر ، بأن السمعاني قام بالفعل بالمصادقة على ذلك ويستـشهد بالدليل التالي ليدعم وجهة نظره . فهو يقول أن الأب الماروني بطرس مبارك قد استشهد بتـفسير الليتورجية في مقالين كتبهما عن القديس أفرام ، وأن السمعاني صادق على نشر هذين المقالين في عام 1740 ، دون أن يُخطر المؤلف بحقيقة أن التفسير المستشهد به لم يكتبه يوحنا مارون . هذا الدليل الذي يبديه الدبس واه جداً ويتعذر الدفاع عنه كما أنه لا يثبت بأي حال من الأحوال بأن مؤلف هذا التفسير هو يوحنا مارون  . ومن الصعب كذلك التصديق كما قال الدبس بأن ابن أخ السمعاني ، يوسف لويس السمعاني (ت 1872) ، كان قد نشر هذا التـفسير في مصنفه Codex Liturgicus (مجموعة اللترجيات) في روما عام 1752 باسم يوحنا مارون وبأن السمعاني الكبير لم يثر أي اعتراض أو تعليق على نشره  ، مما يعني بأنه قَبله كعمل أصلي من أعمال يوحنا مارون  . وبعد تقديم هذه الحجة الواهية ، يقول الدبس أخيراً بأنه كان ينوي " البرهان بشكل حاسم " على أن هذا التـفسير لليتورجية يخص يوحنا مارون  . ولكن كل ما نجح الدبس بالقيام به ، لسوء الحظ ، هو تكرار آراء يوسف لويس السمعاني التي يتعذر الدفاع عنها .

   ويستطرد الدبس قائلاً بأنه عثر في مكتبة البطريركية المارونية في لبنان على تفسير لليتورجية قام بنسخه في روما عام 1670 الأب بطرس مخلوف (أسقف قبرص الماروني) . يدّعي الدبس بأنه قابل هذا التفسير مع الأجزاء التي كتبها ابن الصليبي في تفسير الليتورجية والتي نشرها يوسف لويس السمعاني؛ فوجد العديد من نقاط الاختلاف بين النصين . إن تفسير ابن الصليبي ، كما يقول الدبس موجه إلى أغناطيوس مطران أورشليم السرياني؛ إلا أن النص الآخر غفل من التوجيه . كما أن تفسير ابن الصليبي يضم عشرين فصلاً ، بينما يتضمن التفسير المنسوب الى يوحنا مارون خمسين فصلاً . وأخيراً يقول الدبس أنه وجد العديد من التعابير العقائدية في هذه الليتورجية والتي لا يمكن أن يكون ابن الصليبي قد كتبها لأنها تناقض إيمانه بالطبيعة الواحدة في المسيح  


هذه الآراء ليست آراء الدبس بل هي آراء يوسف لويس السمعاني . يقول هذا السمعاني ، متبعاً رينودودت ، بأن اسطفان الدويهي أقرَّ بأن هذا التـفسير قد كتبه ابن الصليبي . ويجادل بأن عمه ، السمعاني الكبير ، يتـفق مع رينودوت والدويهي حول هذه النقطة  . إلا أن يوسف لويس السمعاني يبدي ملاحظة بالقول انه مع كل الاحترام الواجب لرأي عمه ورأي الدويهي ، فأنه مازال يؤمن بأن تـفسير الليتورجية هذا قد كتبه يوحنا مارون . ويضيف قائلاً أن قول رينودوت بأن هذا التـفسير لم يكتبه يوحنا مارون ، لأنه لم يشر اليه كاتب ما ، لا يعتبر دليلاً كافياً بأن يوحنا مارون لم يكن مؤلف الليتورجية . ويصرّ يوسف لويس السمعاني بأنه قابل ما بين تـفسيري الليتورجية ـ الذي كتبه ابن الصليبي والآخر الذي كتبه يوحنا مارون ـ فوجدهما مختلفين خاصة وانهما يحتويان على عقائد مخالفة . فعلى سبيل المثال ، يؤكد ابن الصليبي بأن كنيسته استعملت خبزاً مختمراً للقربان بينما يقول يوحنا مارون أن كنيسته استعملت خبزاً فطيراً ، وأن ابن الصليبي ، على خلاف اعتقاد الكنيسة المارونية ، ينسب استحالة الخبز والخمر خلال خدمة القداس الإلهي إلى استدعاء الروح القدس  . وبالرغم من اختلاف الليتورجيتين هذا فان يوسف لويس السمعاني والدبس يصرّان بأن تـفسير الليتورجية هو عمل أصيل ليوحنا مارون ، وأنه يختلف عن تـفسير ابن الصليبي وبأن الأخير ، الذي عاش في القرن الثاني عشر ، قد نحل التـفسير الذي كتبه يوحنا مارون الذي عاش في القرن السابع . من المحال تصديق ان ابن الصليبي نحل تفسيره لليتورجية عن تفسير يوحنا مارون الذي ثبت بأنه لم يكتب مثل هذا التفسير


   إن التـفسير المنسوب إلى يوحنا مارون هو نفس التـفسير الذي كتبه ابن الصليبي ، خلا الأقسام التي أحدث فيها ابراهيم الحاقلاني بعض التغييرات ليجعل تفسير يوحنا مارون المزعوم ملائماً لعقيدة المجمع الخلقيدوني . والحقيقة هي أن العلماء السريان الشرقيين والغربيين قد أقروا على الدوام بان تـفسير القداس الإلهي الذي هو قيد البحث يعود الى ديونيسيوس ابن الصليبي . بل لم يذكر أحد من الكتّاب القدامى الذين يمكن الاستـفادة منهم بأن يوحنا مارون كتب تـفسيراً لليتورجية ما . إن رينودوت على صواب بقوله بأنه لم يعثر على تـفسير ليتورجية ليوحنا مارون . بل يؤكد بأنه لا يوجد بطريرك لأنطاكية باسم يوحنا مارون  . إن الادعاء بأن يوحنا مارون كتب هذا التـفسير لليتورجية هو ادعاء حديث العهد نسبياً وقد أكّده لأول مرة كتّاب موارنة من أمثال ابراهيم الحاقلاني وجبرائيل الصهيوني في القرن السابع عشر مما يدل على أن الموارنة لم يعلموا بتفسير القداس الإلهي الذي وضعه يوحنا مارون قبل ذلك القرن  . إن المطران أقليميس يوسف داود على حقّ بقوله ان ابراهيم الحـاقلاني أثناء وجوده في روما قام بتدوين هذه النسخة من تفسير الليتورجية بخط يده ونسبها إلى يوحنا مارون  . هناك في الواقع ترجمة عربية لهذا التـفسير وضعها كاتب سرياني من القرن الخامس عشر ، هو موسى بن عطشة موجودة في الكتاب الذي يسميه الدويهي وموارنة آخرون عقيدة اليعاقبة بالذات ، وهو الكتاب الذي يستشهدون به للبرهان على أصالة كنيستهم وجماعتهم  . ويكفي نتيجة لهذا البحث ان الاب جيروم لابور برهن بصورة قاطعة بأن تفسير الليتورجية هذا يعود الى ديونيسيوس ابن الصليبي  


   يمكننا هنا أن نقدم بعض الأمثلة عن كيفية تلاعب ابراهيم الحاقلاني بتـفسير ابن الصليبي لليتورجية

يقول الحاقلاني عن لسان يوحنا مارون بخصوص حضور   المسيح  في عنصري القربان ، الخبز والخمر معاً ما يلي

كما ان يسـوع بدا كإنسان بينما هو في الحقيقة والجوهر الله ، كذلك هو الحال مع هذين العنصرين . فهـما يبدوان كخبز وخمر لكنهما في الواقع وفي الجـوهر جسـد مخلصنا ودمه ولكن بصفات الخبز والخمر  


اما ابن الصليبي فقال حول نفس الموضوع ما يلي:

يسمى الجسد والدم بالسرّين لأنه لا تمكن رؤيتهما ، بيد أنهما يظهران كخبز وخمر لكنهما في الحقيقة جسد الله ودمه . وكما تجلى يسوع المسيح كإنسان مع أنه كان الله ، كذلك هو الأمر مع هذين العنصرين فهما يظهران كخبز وخمر لكنهما في الحقيقة جسد المسيح ودمه . علاوة على ذلك فإنه وان كان الروح القدس يحول هذين السرَّين إلى جسد ودم لكنهما جسد الابن ودمه

   نجد أن خطأ الحاقلاني الأكثر فداحة ، من وجهة نظر عقائدية بحتة ، هو الذي ارتكبه في الفصلين الرابع والخامس من تـفسير يوحنا مارون المزعوم لليتورجية حيث ادرج شرح خدمة القداس ، ليعقوب الرهاوي (ت 708) وهو أحد آباء الكنيسة السريانية . والتي كان السمعاني قد استخلصها من تفسير الليتورجية لابن الصليبي  . ربما لا نستطيع ابداً معرفة الدافع الذي حدا بالحاقلاني إلى ادراج شرح خدمة القداس ليعقوب الرهاوي في تـفسير الليتورجية ، مع أن بعض الكتّاب أتهموه بارتكاب انتحال " الخبث "  . من المحتمل أن يكون ما دفع بعض الموارنة إلى انتحال كتب الكنيسة السريانية الأرثوذكسية هو ندرة الكتب الطقسية المارونية . علاوة على ذلك ، ان اشتراك الكنيستين المارونية والسريانية الأرثودكسية بتراث سرياني ولغة سريانية واحدة جعل هذا الانتحال ممكناً .

   هناك كتاب آخر يُنسب إلى يوحنا مارون هو في الكهنوت . يتضمن ، كما يقول السمعاني ، أربعين فصلاً وهو مدرج برقم 64 في قائمة الكتب التي جمعها الحاقلاني . وقد نقل الحاقلاني نفسه هذا الكتاب إلا أنه لم يعطِ معلومات حول المخطوطة التي أستقاه منها . يستـنتج السمعاني بعد دراسة النسخة التي نقلها الحاقلاني أن الكتاب لم يكتبه يوحنا مارون بل العالم السرياني يوحنا أسقف دارا (ت 860)  . يفيدنا السمعاني بأنه قام بدراسة مستفيضة للمخطوطة الأصلية لهذا الكتاب وقابلها مع النسخة التي نقلها الحاقلاني فوجد أن الحاقلاني قد ادخل في نسخته ما لا يقل عن اثنين وثلاثين فصلاً من المخطوطة الأصلية ، ناسباً الكتاب برمته إلى يوحنا مارون  . لكن عزو يوسف السمعاني هذا الكتاب إلى يوحنا أسقف دارا يدعو الى التساؤل ، فالنسخة التي استعملها السمعاني مختلفة وهو يخمن فقط بأنها تعود الى يوحنا أسقف دارا . هناك نسخة كاملة من هذا الكتاب ، تمَّ نسخها عام 1224 ، موجودة في دير الشرفة في لبنان تحمل اسم موسى بن كيفا (ت 904) وهو كاتب وأحـد آباء الكنيسة السريانية وأسقف بارمَّان  . كما ان عنوان الجزء الرابع من كتاب في الكهنوت هو على النحو التالي " الجزء الرابع من كتاب في الكهنوت ، للمبارك موسى بن كيفا " . وهناك عناوين مماثلة تظهر في بداية الجزئين الخامس والسادس  خاصة الجزء الأخير الذي يحمل العنوان التالي " بحث لمنفعة أبناء الكنيسة المقدسة دبجه القديس سويريوس الذي هو موسى بن كيفا أسقف بارمّان الذي ورد ذكره "  . كما ان مخطوطة دير الشرفة هذه تضم أيضاً فصولاً أخرى بقلم موسى بن كيفا لم يعرفها السمعاني . من الواضح أن كتاب في الكهنوت يعود الى موسى بن كيفا ولا يخص يوحنا أسقف دارا أو يوحنا مارون  


   أثار إسناد كتاب في الكـهنوت إلى يوحنا أسقف دارا وتحديد هوية المؤلف بأنه موسى بن كيفا وليس يوحنا مارون أستياء المطران الماروني يوسف الدبس الذي أصرَّ ، وبدون دليل ، على أن المؤلف هو يوحنا مارون  . وكل ما قدمه الدبس ليثبت ادعائه هو رأي يوسف لويس السمعاني الذي حاول البرهان بأن عمه السمعاني الكبير كان على خطأ في إنكاره ان يوحنا مارون هو مؤلف هذا الكتاب والذي عزاه إلى يوحنا أسقف دارا لأن نصه يختلف كلياً عن نص يوحنا مارون  . إن يوسف لويس السمعاني على صواب بقوله بأن النصين مختلفان تماماً . لكنه أخفق كما فعل عمه يوسف السمعاني قبله في معرفة أن كتاب: في الكهنوت لا يخص يوحنا أسقف دارا بل موسى بن كيفا . وأنه من البديهي أن النصين في كلتا الحالتين مختلفان . وبالنتيجة فإن معارضته لرأي عمه المبنية على فرضية أن كتاب: في الكـهنوت كتبه يوحنا مارون لا يوحنا أسقف دارا لا صحة لها . كما أن ادعاء الدبس بأن يوحنا أسقف دارا انتحل مؤلفات يوحنا مارون يفتقر الى اساس تاريخي  . غير ان كتّاباً موارنة آخرين كالأب ميخائيل الرجي اثبتوا بأن كتاب في الكهنوت لا يخص يوحنا مارون  . مما دعا بعض الكتّاب لينحوا باللائمة على الموارنة لتحريف الحقيقة حول أصول كتبهم الطقسية  


   هناك كتاب آخر يُنسب إلى يوحنا مارون وهو شرح الإيمان وصلنا كاملاً بنصه السرياني وترجمته الى العربية (الكرشونية) وقد أدرج تحت رقم 14 في الكتب التي جمعها الحـاقلاني في مكتبة الفاتيكان  . هذه المخطوطة السريانية مدرجة حالياً برقم 146 في مكتبة الفاتيكان

   يثير كتاب شـرح الإيمان ، بخلاف الكتب الأخرى المنسوبة إلى يوحنا مارون ، مشاكل كثيرة إحداها تخصّ تاريخ الكتاب . يعتقد يوسف السمعاني بأن هذه المخطوطة قد نسخت عام 1392 ، إلا أن المطران أقليميس يوسف داود يُرجع تاريخها إمّا إلى عام 1422 أو 1472 ، اما الفرنسي الأب ف . نو فإنه يرجع تاريخها إلى القرن السابع وهو الزمن الذي عاش فيه يوحنا مارون  . ولكي يؤيد رأيه يروي نو أن من بين الشهادات التي اوردها يوحنا مارون في كتابه المزعوم شرح الإيمان هي شهادة مستمدة من ترنيمة القديس مار أفرام السرياني المنظومة عن ميلاد ربنا . يدّعي نو بأن القديس أفرام يعترف في هذه الترنيمة بطبيعتين متميزتين ، الطبيعة الإلهية والطبيعة البشرية في المسيح . ويستطرد قائلاً بأنه عثر على رسالة من أحد آباء الكنيسة السريانية وهو يعقوب الرهاوي موجهة إلى أحد الشمامسة واسمه جورج تحتوي على إجابات أسئلة طرحها الشماس . وقد دار أحد هذه الأسئلة حول عبارات وردت في ترنيمة القديس أفرام عن ميلاد ربنا  .  يدّعي نو أن يعقوب الرهاوي يقدم في هذه الرسالة ، نفس الشهادة المأخوذة من القديس أفرام حول طبيعتي المسيح ، وهي الشهادة التي يستـشهد بها يوحنا مارون في عمله المزعوم شرح الإيمان . ويستنتج نو بالقول بأن اليعاقبة حرفوا هذه الترنيمة الموزونة للقديس أفرام ، طالما أن يوحنا مارون ويعقوب الرهاوي كانا يعاصران بعضهما ، وذلك بحذف الإشارة إلى طبيعتي المسيح من الترنيمة لأنها تناقض عقيدة اليـعاقبة بالطبيعة الواحدة في المسيح وأن يعقوب الرهاوي يذكر في رسالته الموجهة إلى الشماس جورج طبيعتين في المسيح . ويذهب الأب نو أبعد من ذلك بقوله أن يوحنا مارون كان قد عاش ولا بد قبل قيام هؤلاء اليعاقبة بتحريف هذه الترنيمة الموزونة للقديس أفرام ، نظراً لأنه يستـشهد بها بصيغتها الأصلية . بعبارة أخرى يريد نو القول ان يوحنا مارون استعمل مصادر لم يحرفها "اليعاقبة" ملاءمة لإيمانهم بالطبيعة الواحدة في المسيح . وأخيراً يصل نو إلى نتيجة أن المصادر التي استعملها يوحنا مارون كانت مصادر " كاثوليكية " وأن يوحنا مارون وتلامذته كانوا " كاثوليكيين " (أي خلقيدونيين ومتمسكين بالإيمان الذي حدده مجمع خلقيدونية)  وهو رأي يثير الكثير من الإرباك والتشويش


إن ما يقوله الأب نو ، في الجوهر ، هو أن يوحنا مارون ويعقوب الرهاوي عاشا في نفس الفترة ، وأن كليهما استـشهدا بترنيمة القديس أفرام المنظومة حول ميلاد ربنا والتي تتضمن إشارة إلى طبيعتي المسيح ـ اللاهوت والناسوت ـ وأن اعتراف القديس أفرام بطبيعتين في المسيح يتطابق مع صيغة الإيمان التي حددها مجمع خلقيدونية . وتقر هذه الصيغة بأن طبيعتي المسيح كانتا متميزتين وظلتا كذلك حتى بعد اتحادهما في شخص واحد . ويمكننا أن نستخلص أيضاً من رواية الاب نو أن أولئك الذين اعترفوا بطبيعة واحدة في المسيح ورفضوا صيغة الإيمان التي حددها مجمع خلقيدونية (أولئك الذين يدعوهم " باليعاقبة ") قد حذفوا عمداً الإشارة إلى طبيعتي المسيح في ترنيمة القديس أفرام المنظومة حول ميلاد الرب؛ وقد فعلوا ذلك كي يوضحوا أنه ما من أحد قد أشار ، قبل مجمع خلقيدونية في عام 451 ، بأنه كانت للمسيح طبيعتان متمايزتان . يحاول نو ، في مجمل القول ، التأكيد على شيئين: أولاً ، أن يوحنا مارون كان "كاثـوليكيا" بمعنى أنه خلقيدوني اعتـرف بالإيمان " الكاثوليكي " بطبيعتين منفصلتين في المسيح ، وهو إيمان ينسجم تماماً مع إيمان مجمع خلقيدونية وكنيسة روما؛ وثانياً ، أن كتاب مارون شرح الإيمان ، الذي يضم عقيدة الطبيعتين هذه في المسيح ويرجع في تاريخه إلى زمن مارون في القرن السابع ، هو مؤلف أصلي لمارون


   لا توجد بيّنة بأن " اليعاقبة " قد حرفوا ترنيمة القديس أفرام وخاصةالإشارة فيها إلى طبيعتي المسيح لإزالة المادة التي لا تتطابق مع إيمانهم . وهذه قضية تستحق أكثر من رأي منفرد . فإن مجرد القول بأن يوحنا مارون ويعقوب الرهاوي كانا معاصرين وأنهما استـشهدا بنفس المصدر في مؤلفاتهما لا يثبت أن كتاب شرح الإيمان يعود الى القرن السابع . فالحقيقة هي أن آباء الكنيسة الشرقية ، بغض النظر عن آرائهم اللاهوتية ، قد اعترفوا بمؤلفات يعقوب الرهاوي ، وهو علاّمة كبير من علماء الكنيسة السريانية ، ومساهماته الفكرية اولوها حق قدرها . كما انه لا يوجد أي دليل بأن هؤلاء الآباء اعترفوا بمؤلفات يوحنا مارون المزعومة أو اولوها حقّ قدرها . بل كيف امكن ان يهمل هؤلاء الآباء مؤلفات يوحنا مارون ان لم تكن موجودة ؟ في الحقيقة هناك صمتٌ مطبق حول مؤلفات يوحنا مارون المزعومة منذ نهاية القرن السابع حتى أواسط القرن السابع عشر عندما قام التلامذة الموارنة في روما لأول مرة بعزو كتب طقسية الى يوحنا مارون . اضف الى ذلك ان الكتّاب النقاد الغربيين والمتبحريين في تاريخ الكنيسة لم يذكروا مؤلفات يوحنا مارون أو يُـشيروا إليها . وأحد هؤلاء الاعلام هو الباحث الانكليزي وليم رايت الذي يعتبر مكانة يعقوب الرهاوي بين مواطنيه كمكانة " جيروم بين الآباء اللاتين " . ويصفه بأنه " رجل عظيم الثـقافة وواسع المعرفة " ولكن وليم رايت لم يذكر كلمةً واحدةً عن يوحنا مارون  . كما أن الكاهن الفرنسي الأب ج . ب . شابو لا يظهر فقط ، في تحليله النقدي للمصادر السريانية القديمة ، الافتـقار إلى وجود يوحنا مارون كشخص تاريخي بل الافتـقار أيضاً إلى صحة مؤلفاته المزعومة


   من المتعذر الدفاع من وجهة نظر عقائدية بحتة لنتائج آراء الأب نو . فهو يتكهن بأن "اليعاقبة" حذفوا الإشارة إلى الطبيعتين في المسيح من ترنيمة القديس أفرام الموزونة بعد عام 659 . ثم يستطرد قائلاً بأن "اليعاقبة" والموارنة تناظروا في ذلك العام حول مسائل دينية بحضور الخليفة معاوية حيث استـشهد الرهبان الموارنة خلالها بترنيمة القديس أفرام المنظومة أملاً في أن يقضي اعتراف القديس أفرام بطبيعتين منفصلتين ومتمايزتين في المسيح على إيمان معارضيهم بطبيعة متجسدة واحدة في اللوغوس الإلهي . ولما ادرك "اليعاقبة" بأنهم قد خسروا المناظرة عمدوا الى حذف الإشارة إلى الطبيعتين في المسيح من ترنيمة القديس أفرام هذه ومازالت عادة هذا الحذف مستمرة حتى اليوم  . يبدو أن الأب نو قد أغفل الحقيقة وهي أن إشارة القديس أفرام إلى (طبيعتي المسيح) لا إلى "الطبيعتين في المسيح" ليست لها دلالة لاهوتية أو عقائدية كتلك التي تضمنتها صيغة عقيدة مجمع خلقيدونية ، كما اراد الاب نو أن تكون عليه . فالقديس أفرام عاش في القرن الرابع ، قبل أن يصبح النزاع العقائدي حول قضية اتحاد طبيعتي المسيح بمائة عام تقريباً . نعم إن آباء الكنيسة في القرون الثلاثة الأولى من الحقبة المسيحية آمنوا بأنه كانت لربهم طبيعتان ، إلا أنهم لم يناقشوا أبداً كيفية اتحاد هاتين الطبيعتين أو نتيجة اتحادهما . فقضية هذا الاتحاد لم تصبح قضية جادة حتى النصف الأول من القرن الخامس عندما أنكر نسطور بطريرك القسطنطينية ، أن العذراء مريم ولدت الإله وبذلك رفض أن يدعوها Theotokos (والدة الله)؛ وفضل أن يدعوها Christotokos (والدة المسيح) بحجة أنها ولدت إنساناً اصبح الهاً فيما بعد . كما أصبحت قضية اتحاد طبيعتي المسيح جادة أيضاً عندما أنكر أوطاخي ، وهو رئيس دير في القسطنطينية ، حقيقة جسد المسيح وأدعى أن الطبيعة الإلهية للمسيح قد استوعبت الطبيعة البشرية في التجسد ، بحيث لم يعد للمسيح نتيجة لذلك سوى طبيعة إلهية واحدة . كانت هذه بداية ما يطلق عليه طلاب علم اللاهوت الجدل " المونوفيزي ـ الديوفيزي " . ومن الواضح انه لا صلة لإشارة القديس أفرام إلى طبيعتي المسيح بهذا الجدل والذي اهاب بالمتناظرين الموارنة للادعاء أمام الخليفة بأنهم عثروا في كتابات القديس أفرام على فقرة تؤيد " إيمانهم الكاثوليكي " المزعوم (بمعنى الإيمان الخلقيدوني الذي تمسكت به كنيسة روما) . ومن الغرابة بمكان أن يعتبر المطران يوسف الدبس ، الذي يورد استـشهاد نو برسالة يعقوب الرهاوي إلى الشماس جورج ، يعقوب الرهاوي قديساً ، دون أن يدرك بأن علاّمة الكنيسة السريانية هذا كان مناوئاً للخلقيدونية ومؤمناً ثابتاً بعقيدة الطبيعة المتجسدة الواحدة للوغوس الإلهي ومدافعاً عنها ، وهي عقيدة يحاول يوحنا مارون دحضها في مؤلفه المزعوم شرح الإيمان  . ان يعقوب الرهاوي كان في نظر الخلقيدونيين " هرطوقياً " لا قديساً .

   إن المشكلة الرئيسية المرتبطة بشرح الإيمان هي هوية المؤلف والمضمون . وهما نقطتان لم يبد فيهما العلامة السمعاني رأياً حاسماً . ففي مكتبته الشرقية 1: 513 يعالج الكتاب كما لو أن يوحنا مارون هو المؤلف ، ولكن عند وصفه للمخطوطة 146 يقول ، في نفس المكتبة الشرقية 1: 576 ، أن شرح الإيمان يُعزى إلى مارون ، وهذا يعني أن يوحنا مارون ليس بالمؤلف . اما التمهيد لنسخة هذه المخطوطة الموجودة في عشقوث ، لبنان ، مخطوطة 47 فإنه يُـشير بصراحة إلى أن هذا الكتاب منسوب إلى يوحنا مارون  . وسوف نرى بعدئذ أن الكتّاب الموارنة ، ومن ضمنهم العلامة السمعاني نفسه ، اتهموا توما أسقف كفرطاب بالتلاعب بـ شرح الإيمان ليجعله ملائماً المونوثيلية . وفي الوقت الذي لا يمكننا أن نحدد بالتأكيد الأصل السرياني لكتاب : شرح الإيمان فإننا نرتأي بأن محتوياته تدل على أن مؤلفه كان مونوفيزياً سريانياً أرثودكسياً مؤمناً بطبيعة متجسدة واحدة للوغوس الإلهي ، الا أنه شايع المونوثيلية ظاهرياً . وخاصة فإن شهادات آباء الكنيسة السريانية الأرثوذكسية التي أوردها المؤلف مراراً تدل على انه سرياني أرثوذكسي . اما نبذ المؤلف لنسطور والفصل المكتوب حول التـقديسات الثلاث (المرفق بالمخطوطة) فقد نُحلا من مصدر سرياني أرثوذكسي ونُسبا إلى يوحنا مارون  . والخلاصة انه بغض النظر عن هوية المؤلف ، فإن الكتاب بأجمعه يؤكد على عقيدة المشيئة الواحدة في المسيح (المونوثيلية) ، مع نزعة قوية نحو عقيدة الطبيعة المتجسدة الواحدة للوغوس الإلهي (المونوفيزية)


   إن ما يؤيد الاعتقاد بأن هذا الكتاب من أصل " مونوفيزي ـ مونوثيلي " هو أن المؤلف يهاجم في توطئته النساطرة الذين يفصلون طبيعتي المسيح كما يهاجم الأوطاخيين الذين يخلطون هاتين الطبيعتين احداهما بالأخرى . وعلى الأخص يهاجم المؤلف مكسيموس ، الذي دافع عن عقيدة المشيئتين في المسيح . ولهذا السبب فإنه من غير الممكن أن يكون يوحنا مارون قد كتب هذه التوطئة خاصة وان الموارنة يدعون بأنه كان مدافعاً عن عقيدة المشيئتين في المسيح؛ وإلا لم يكن ليهاجم مكسيموس الذي اعترف بتلك العقيدة ودافع عنها . من المحتمل أن يكون احد النساخ قد كتب هذه التوطئة اذ يقول بأن " الطاهر مارون بطريرك أنطاكية في دير مارون "  كتب شرح الإيمان . ويتابع الناسخ شارحاً أسباب كتابة الكتاب ، فيقول بأنه عندما أحدث تعليم نسطور ، الذي فصل بين طبيعتي المسيح وحطم اتحادهما ، وتعليم أوطاخي " السخيف " ، الذي خلط هاتين الطبيعتين الواحدة بالأخرى ، اضطراباً في الإيمان المسيحي ، قام يوحنا المُكَّنى مارون بإرشاد أولئك الذين جاهروا بإيمانهم بتعليم هذين الرجلين ، شارحاً لهم الإيمان الصحيح المستند إلى الشهادات التي يوردها في الكتاب . يردف الناسخ قائلاً بأن يوحنا مارون فنَّدَ اعتراف مكسيموس بمشيئتين في المسيح لأتباع تلك الفكرة ثم كتب كتاب: شرح الإيمان ليفند هذه العقائد المضادة  


   يعتقد المطران أقليميس يوسف داود ، ان ابراهيم الحاقلاني تلاعب بالتوطئة المكتوبة في شرح الإيمان بحيث تعني أن يوحنا مارون كان متمسكاً بعقيدة المشيئتين في المسيح وانه يحاول دحض عقيدة المشيئة الواحدة في المسيح . يؤكد المطران داود أنه قبل إضافة التوطئة إلى المخطوطات في مكتبة الفاتيكان ، كانت المخطوطة السريانية 146 التي تضم شرح الإيمان من ممتلكات ابراهيم الحاقلاني  . وان الحاقلاني حرَّف النص السرياني وذلك بمحو الحروف الثلاثة الأولى من اسم "مكسيموس" Maximus وإدخال الحروف " أنتِ " " Ant " بدلاً منها بحيث تُقرأ " Anthimos انتيموس " بدلاً من " مكسيموس " . كما كتب على الهامش الأيمن من المخطوطة : تذكر بعض النسخ ، قورش بدلاً من انتيموس . ولكي يُظهر أن يوحنا مارون كان مدافعاً عن عقيدة المشيئتين ، عمد الحاقلاني كلما ورد تعبير مشـيئة واحدة ، إلى استبدال " واحدة " بـ "اثنتين" بحيث تُقرأ " مشيئتين " بدلاً من " مشيئة واحدة " . ولكن فات عليه انه من السهل جداً اكتشاف محو تعبير مشيئة واحدة  . إلا أن الحاقلاني فشل في القيام بنفس التغييرات في الترجمة العربية (الكرشونية) التي تظهر في عمود ثان إلى جانب النص السرياني ، إذ أن كلمتي مكسيموس والمشيئتين قد تُركتا سليمتين  .

   إن غرض الحاقلاني واضح . فقد عزم على تبرئة يوحنا مارون من المونوثيلية ، التي اعتبرتها كنيسة روما هرطقة وأن يصوره كمدافع عن الإيمان " الصحيح " و" الكاثوليكي " . لهذا السبب حرَّف اسم مكسيموس ، المدافع عن عقيدة المشيئتين في المسيح ، ليصبح انتيموس جاعلاً إياه مدافعاً عن عقيدة المشيئة الواحدة في المسيح ولكن من هو انتيموس هذا ؟ من المؤكد أنه ليس بطريرك القسطنطينية (535–536 ) من القرن السادس الذي تحالف مع سويريوس بطريرك أنطاكية ، الذي دعاه الإمبراطور يوسطنيان الأول إلى العاصمة لمناقشة وحدة الكنائس وتبني عقيدة الطبيعة المتجسدة الواحدة للوغوس الإلهي لأن المونوثيلية لم تصبح قضية عقائدية إلا بعد مائة عام ، ويُـقال بأن كرسي القسطنطينية لم يشغله بطريرك مونوثولي سوى بطريرك واحد ولمدة عام واحد فقط وهو عام 635  . وهكذا من غير الممكن أن يكون انتيموس القرن السادس ، بطريرك القسطنطينية هو الذي ذكره الحاقلاني . حتى وإن كان هناك بطريرك مونوثيلي على قيد الوجود في زمن يتلاءم مع كتابة الحاقلاني فليس هناك من دليل على أن هذا البطريرك كتب دفاعاً عن المونوثيلية التي امكن يوحنا مارون أن يدحضها


   كتب الحاقلاني في هامش المخطوطة عينها اسم قورش للدلالة على أن بعض النسخ تضم هذا الاسم بدلاً من اسم انتيموس  . وهنا يظهر بأن نية الحاقلاني مرة اخرى البرهان على أن يوحنا مارون في كتابه شرح الإيمان فنّد قورش أيضاً ، وهو مونوثيلي . ولكن من كان قورش هذا؟ كان مطران فاسيس ، وخصماً للعقيدة المونوثيلية ، وقد نصحه الإمبراطور هرقل في عام 626 بالاتصال بسرجيوس بطريرك القسطنطينية المونوثيلي ، فقام قورش بذلك ، وكان سرجيوس قادراً على هداية قورش إلى المونوثيلية ، بل قيل بأن قورش أصبح بعدئذ بطريركاً للاسكندرية  . ولكن عند القيام بدراسة دقيقة لهذا الجزء من شرح الإيمان ، نجد أن استبدال انتيموس بقورش لا معنى له لأنه إن كانت نية يوحنا مارون الرد على المونوثيليين ، لكان عليه أن يوجه تفنيده الى مكاريوس بطريرك أنطاكية المونوثيلي ، لا ضد قورش أو انتيموس . علاوة على ذلك ، ليس هناك من دليل بأنه كان لقورش أتباع أو تلامذة يقومون بترويج عقيدته المونوثيلية إلى المدى الذي يستدعي جهد شخص مثل يوحنا مارون لتفنيدها . لأن المجمع السادس المنعقد عام 680  كفانا بإدانته المونوثيلية وليست هناك حاجة لشخص مثـل يوحنا مارون ليدينها  . واما الفترة التي تلت هذا المجمع فقد كان الناس الوحيدون الذين اعترفوا فيها بعقيدة المشيئة الواحدة في المسيح هم الموارنة والسريان الأرثوذكس ، " اصحاب الطبيعة الواحدة " أو " اليعاقبة " . وهنا نصل الى النتيجة انه لا بد أن يوحنا مارون الذي عاش بعد زمن ذلك المجمع بعدة عقود كان مونوثيلياً رفض عقيدة المشيئتين (التي دافع عنها مكسيموس) واعتـنق عقيدة المشيئة الواحدة في المسيح . كما ان البيّنة التاريخية ودراسة نص شرح الإيمان تؤيد تحريف هذا الكتاب الذي لم يكن الغرض منه سوى اظهار يوحنا مارون كمدافع عن عقيدة المشيئتين في المسيح كما تعترف بها كنيسة روما . ومن ثم اثبات ادعاء الموارنة بأن كنيستهم كانت متمسكة بنفس الإيمان (الإيمان الخلقيدوني) الذي اعتنقته كنيسة روما منذ القرن الخامس


   واذا ما وجد اقتراح مفاده بأن غاية يوحنا مارون في شرح الإيمان كانت فقط لتفنيد الملكيين الذين آمنوا بمشيئتين في المسيح فهو اقتراح عاري عن الصحة بل ان المخطوطة 146 نفسها التي تحتوي على أقدم نسخة معروفة لشرح الإيمان لا تتضمن أي دليل كهذا . والأكثر من ذلك فإن هذا الكتاب لا يحوي اي تفنيد للعقيدة النسطورية أو ما يُدعى بالعقيدة "المونوفيزية" او نبذ للمونوثيلية . فكيف كان إذاً باستطاعة أي امرئ الجزم بأن يوحنا مارون فنّد مونوثيليين بارزين مثل " انتيموس " وقورش ؟ وهنا يورد المطران أقليمس يوسف داود جواباً مناسباً . فهو يقول بأن ابراهيم الحاقلاني ، بعد أن حرَّف مقدمة كتاب : شرح الإيمان وجد أن محو تفنيد يوحنا مارون المزعوم للمونوثيليين أمر جد ممل؛ فاستعمل بدلاً من ذلك طريقة أسهل لتحقيق غرضه . فعمد الى انتزاع الصفحات 126 ،125 ،127 التي تضم تفنيداً للنساطرة وأولئك الذين اعترفوا بمشيئتين في المسيح ، واستعاض عنها بصفحات جديدة تتضمن حواراً مع الملكيين كتبه الشاعر والكاتب السرياني داود ابن بولس (750ـ840) . ويشدد هذا الحوار على عبارة يا من صُلبت لأجلنا في التقديسات الثلاث الي رفضها الملكيون ونسـبوها زوراً إلى يوحنا مـارون كما يعترف السـمعاني نفسه


   يدّعي السمعاني بأن تحريف شرح الإيمان ، قام به توما أسقف كفرطاب وهو الذي ترجم الكتاب إلى العربية  . هذا الادعاء ليس بجديد ، فقد رأينا سابقاً أن القلاعي كان أول من أتهم توما بتحريف كتب الموارنة وهو نفسه الذي كتب في عام 1503 بالحبر الأحمر في نسخة هذه المخطوطة التي كانت موجودة سابقاً في عشقوث ، إلا أنها الآن من ممتلكات مكتبة البطريركية المارونية في بكركي في لبنان ، بأن هذا الكتاب يضم " الأسود والأبيض ، السم والترياق "  . كما كتب أيضاً أنه عزم على " تنقيته من الزوان وحرق كل ما دُسَّ فيه " ( إلا أنه كفَّ عن خطته لأن المخطوطة كانت من ممتلكات أبناء القس يوسف من قرية حقيل . وينكر القلاعي أيضاً أنه كان للموارنة مطران اسمه توما في كفرطاب ، مدعياً بأن توما هذا كان مطراناً " يعقوبياً " من ماردين في تركيا ثم رحل إلى لبنان للتبشير " بهرطقة " المونوثيلية  . وهنا يتـفق مرهج نيرون والبطـريرك اسـطفان الدويهي مع القلاعي حول هذه النقطة  


   يبدو أن السمعاني يعتقد ، على غرار القلاعي والدويهي قبله ، بأن توما أسقف كفرطاب قام بتحريف شرح الإيمان . يقول السمعاني بأن الفقرة الموجودة في المقدمة والتي تدل على أن يوحنا مارون أفحم تلامذة انتيموس قد دُست من قِـبَـل المترجم ـ توما أسقف كفرطاب  . ويجادل السمعاني بأن يوحنا مارون لم يكتب في هذه الفقرة شيئاً يفند فيه المونوثيليين والديثيليين (أولئك الذين اعترفوا بمشيئتين في المسيح) لا بل لم يُشر إليهم . ومع ذلك ، لم يكن لدى الموارنة ، كما يقول السمعاني ، ما يخشونه بسبب هذه الهرطقة ، ولذا لم يكن هناك من سبب يدعو يوحنا مارون إلى رفضها . ويتابع قائلاً بأن فكرة قيام يوحنا مارون بتفنيد عقيدة المشيئتين في المسيح قد جاءت بها مخيلة توما المضطربة . سيما وأنه لا وجود لمناقشة موضوع المشيئتين في المسيح في أي مكان من الكتاب . ويختتم السمعاني قوله بأن كل ما شرحه مارون ، هو عقيدة الطبيعتين المتحدتين في شخص واحد (صيغة إيمان خلقيدونية) لأن غايته كانت تفنيد النساطرة والمونوفيزيين  


   ان الادعاء بأن توما أسقف كفرطاب قام في القرن الحادي عشر بتحريف هذا الكتاب وغيره من كتب الموارنة يفتقر إلى أساس تاريخي . كما ان السمعاني نفسه لا يقدم دليلاً ملموساً يشرح الكيفية التي حرَّف فيها توما ، أسقف كفرطاب الكتب المارونية ومتى فعل ذلك . إن نسخة شرح الإيمان التي يدّعي السمعاني بأن توما قام بتحريفها هي أقدم نسخة معروفة ويحدد تاريخ نسخ هذه المخطوطة (مخطوطة الفاتيكان السريانية 146) في عام 1392 . أما النسخ الأخرى من هذه المخطوطة ـ إحداها في المكتبة الوطنية في باريس واثنتان في البطريركية المارونية في بكركي ـ فترجعان في تاريخهما إلى ما بعد تاريخ تلك النسخة بكثير . تضم مقدمات هذه النسخ الثلاث نفس المعلومات ، وبالإضافة إلى ذلك ، فإن اسم انتيموس مذكور في مقدمة نسخة الفاتيكان . والذي يسترعي الانتباه هو ان المطران الماروني يوسف دريان اورد دليلاً يناقض الزعم بأن توما حرَّف شرح الإيمان . يفيدنا دريان أنه عثر على نسخة من المخطوطة في قرية عشقوث في لبنان ناقصة في بدايتها ونهايتها معاً ، ولذلك فهي غفل من اسم للمؤلف أو تاريخ . ويبيّن دريان بأن هذه هي النسخة (الأصلية الوحيدة) بخط المؤلف ، وتتضمن تـفاسير وتـنقيحات عديدة بنفس الخط . ويتابع دريان قائلاً " أن هذه التـفاسير والتـنقيحات هي من عمل احد الطلاب الرواد في المدرسة المارونية في روما "  . ويخلص الى النتيجة أنه بالرغم من كون لغة هذا الطالب المجهول عامية إلا أنها أكثر فصاحة من لغة القلاعي وغيره  . هنا لا تترك شهادة المطران دريان هذه مجالاً للشك بأن التفاسير والتـنقيحات في شرح الإيمان قد قام بها أحد الطلاب الموارنة الرواد في المدرسة المارونية التي تمَّ تأسيسها في روما عام 1584 . ومن بين هؤلاء الطلاب الرواد يمكننا أن ننتـقي فقط ابراهيم الحاقلاني الذي قام نسّاخ آخرون بعدئذ بتدوين تحريفه لأقدم نسخة من شرح الإيمان ، كانت احداهما النسخة التي عثر عليها دريان


   هنا يدور التساؤل حول هذه القضية وخاصة تلاعب توما اسقف كفرطاب بكتاب شـرح الإيمان .  ومن المهم جداً ان نعلم بأن البطريرك الماروني اسطفان الدويهي والسمعاني متفقان بأن توما كان مارونياً   . فإذا كان توما مارونياً فما هو السبب الذي دعاه لتحريف كتب مارونية ؟ إن مما لا يصدق أن يكون توما قد حرَّف النص السرياني لكتاب شرح الإيمان وترك الترجمة العربية سليمة . ومما لا يصدق بشكل أكبر هو عدم وجود اي ذكر منذ القرن السابع وحتى القرن الحادي عشر ليوحنا مارون هذا أو مؤلفاته ، فيما خلا بعض الإشارات المريبة إليه في مقدمة الكتاب الذي يحمل عنوان: الهدى Nomocanon . ويقر السمعاني نفسه في مقدمة كتاب: شرح الإيمان بأن توما أسقف كفرطاب كان مونوثيلياً (83) . وعلى هذا الأساس يمكن القول بما أن الموارنة كا
واثق الخطى يمشي ملكا


غير متصل henri bedros kifa

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 653
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
" الموارنة و اليعاقبة هم من جذور سريانية آرامية واحدة ! "
صحيح أن العالم يتطور و يتقدم و أن هنالك دول جديدة قد ظهرت منذ
20 أو 200 سنة و لكن يجب ألا يغيب عن بالنا أن الهويات التاريخية
لا تتبدل : سكان العالم الجديد قد ألفوا عدة دول بأسماء جديدة : الولايات
المتحدة الأميركية , البرازيل , كندا ...
للأسف لقد إبتعد إخوتنا الموارنة عن هويتهم السريانية تارة لأن الإسم
السرياني يشير الى الكنيسة الأرثودكسية و طورا لأنه يشير الى سوريا
الحالية . الأحزاب المسيحية في لبنان لا تهتم في معرفة هوية المسيحيين
التاريخية:
هل هم موارنة ؟
هل هم فينيقيون ؟
هل هم عرب ؟
هل هم سريان ؟
هل هم لبنانيون ؟
هل هم خليط من جميع تلك الهويات القديمة ؟
السياسيون يتهربون من طرح هذا السؤال مع أن جميع مسلمي لبنان
يؤكدون أن جذورهم هي عربية . الحقيقة المرة هي أن أحزابنا المسيحية
لا ترى أن جميع مسيحيي لبنان يتحدرون من السريان الآراميين , فجبال
لبنان لم تكن مأهولة بشعب " لبناني " في أيام سليمان الحكيم !
و إن الكنعانيين ( الفينيقيين التسمية اليونانية ) لم يسكنوا جبال لبنان
و لكن السريان اليعاقبة و الموارنة هم الذين عمروه ...