المحرر موضوع: شــرف المهنـة : الصّديقيــن ( قصّـة قصيـــرة )  (زيارة 9139 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل نادر البغـــدادي

  • عضو مميز متقدم
  • *******
  • مشاركة: 12144
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

 ســمير وصالح صديقان منـذ الطّفولـــــة ؛ دارهما متجاورة ؛ والد سـمير
 كانَ غنيّـــاً ؛ بينما والد صالح كانَ فقيراً ! ومـرّت الأعوام مسرعة ؛
 فتخرج الإثنان من كليّــة الإدارة والإقتصــــاد .
 آشتغل سمير في شركة والدهِ ؛ ومن كثرة حبّهِ لصديقهِ صالح ؛
 توسّل الى والدهِ بأن يقبل بتعييـن صالح في شركتهِ ؛ فلبّـى الوالــد
 طلب آبنــهِ ســمير آكـــرامــاً لــهُ ! ومـرّت الأعــوام ؛ وتوفيّ والد سمير !
 فأخبر سمير صديقهُ صالح بأن يكون سكرتيره الخاص في الشّركـة .
 كان صالح مثال الإنسان الأميــن والحريص على عملــهِ .
 تعرّف صالح على فتاة ؛ كانت سمعة والدتهـــــا ( ســيّئة ) وبالرّغم
 من نصيحـة والدتــهُ ؛ إلاّ أنّــهُ أصــــرّ بالإقتـــران بها ! كانت زوجـة صالح
 طموحــــة وطمّاعــــة ! تنظر بعيـن الحســد الى معيشـــة جارهــم
 سـمير ! وكانت ترغب انْ تكونَ مثلهـمْ ! فزادت طلباتهـا عن الأمر المألوف !
 وفي يوم من الأيــــام ؛ خرج سمير مُسرعاً من مكتبـــه ؛ ونســي
 مفتاح القاصـة مفتوحـــــاً ! فأدخل إبليس الوساوس الى قلب صالح !
 فمــدّ يدهُ الى القاصــــة ؛ وأخذ منها 10 آلاف دينـــار ( العملـة العراقيّـة )
 طبعة سويسري ! فكانت تمثّلُ ( ثروة ) يحلمُ بها أي إنســــان !
 وترك صالح القاصـة على حالــــها ؛ تاركاً بصماتهِ عليها ؛ !
 ناسياً ذلك من كثرة آستعجالهِ ! وعنـدما رجع سمير الى الشّركـة ؛
 سألَ من الموظّفين عن سكرتيرهِ الخاص صالح ؛ فأخبروهُ بأنّهم رأوهُ يخرج
 مُسرعاً من الشّـركـة ! فدخل مكتبهِ ؛ فرأى باب القاصـة مفتوحـــاً !
 وإنّ نقوداً فقدت ؛ كان قد وضعها فيهــــا البارحــة ! آتّصــــل بالشّرطـة ؛
 فحضر للشّركـة ؛ ضابط مختص بجرائم السّرقات ؛ ومعــهُ عريف وشرطي .
 قال الضّابط لسمير : سيدي من يعمل معك في هذه الغرفــــة ؟
 اجاب سمير : سكرتيري الخاص صالـــح ! لم تمرّ ساعات ؛ إلاّ وتمّ القبض
 على صالح وأودع السّـجن لحين آجراء التّحقيق معــه ! ارسل سمير أحد
 مديري اقسام الشّـركـة الى دار صديقهُ صالح للإستفسار عن سبب
 غيابـــهِ ! فعند رجوع الموظّف ؛ أخبر السيد سمير بأنّ زوجة صالح أفادت
 باّ الشّرطة قد قبضوا على زوجــــها ؛ وكانَ معهُ مبلغ من المال ؛
 لاتعرف مقدارهُ ! فأســــرع سمير الى مركز الشّــرطـة ودخل غرفـة
 المحقّق ؛ بعد فترة قصيرة أحضروا صالح ؛ فعندما دخل الغرفـة ورأى
 سيّدهُ سمير ؛ نكس رأســــه من الخجل ! فبادره سمير قائـلاً :
 أنا لم اقل لكَ بأنْ تذهب الى البيت وتغط في نومٍ عميق !
 لأنّ المال الذي أعطيتــهُ لكَ ؛ وجب أن يصل البارحــــة لمصــرف !
 لأنّ صاحبـــهُ خابرني بوجوب الإسراع لأيصالهُ له ؛ لأنّــهُ كان بأمس
 الحاجـة اليـــه ! فقال الضّابط لسمير : ولكن سيّدي رأينا بصماته
 على القاصــة ؛ وهو الذي سرق المال ! فردّ عليــــهِ سمير :
 مابالك يا أخي بالإسراع للصق تهمـة السّرقة بسكتيري ؟ اليس
 المال عندكَ ؟ فأخرج المحقّق رزمـة من المال ؛ وضعها على المنضدة ؛
 وكان مقدرها 9 آلاف و500 دينار عراقي ! فأخذها سمير وقال
 لضابط التّحقيق : المال كلّه كامـل وليس فيهِ نقص ! فأرجو أن تطلقوا
 سراح صالح ( سكرتيري ) ! وبعـد أن وقّع سمير على ورقة التّنازل
 عن الشّكوي ؛ فأطلقوا سراحــهُ ؛ وأقفل المحشـــــر.
 في الخارج آعتـــرى الذّهول صالح ؛ فبادره سمير صالح :
 آركب السّيارة لأوصلكَ للبيت معي ! فقال صالح : سيّدي لستُ مستحقّـاً
 هذا الكرم من لدنــكَ ! لا أستحق حتى ولو نظرة عطف منكَ !
 لنْ تجدنـــي بعد الآنْ ! فوصل سمير الى الجسر ؛ وأخفى نفسهُ ؛
 مُنتظراً قدوم صالح ؛ لم يمرّ وقت طويل ؛ إلاّ أن رأى صديقــــهُ صالح
 يقترب من الجسر ؛ مصمّمـاً أن يرمي نفسـهُ في النّهر ؛ فأسرع سمير
 وأمسك بهِ بشـدّة قائـــلاً : هــل أنـتَ مجنون ؟ وماذا تكون حياة
 زوجتكَ وآبنك الآتي في الطّريق ؟ ليس منّـــا مــن لا يخطئ !
 فأعادهُ الى بيتهُ ؛ ودخلا الدّار ؛ وقال لهُ : الـ 500 دينـار ؛ هديّـة منّي لولدكَ
 القادم للدّنيـا ! أو آعتبرهــا ( مُكـــافأة ) لخدماتكَ التي آنتهت من
 هــــــذا اليوم . لأنّك لم تحافظ على شرف مهنتكَ ! وخرج سمير ودخل
 داره المُجاورة لهــم ! فأصبح صالح إنساناً مشبوهاً ؛ ولم يقدر أن يحصل
 على وظيفة حكوميّة أو العمل في شركة أهليّــــة ! فأصبح في حالـة
 يُرثى لها ! وبعد أشهر من هذه الحادثــة ؛ آنتشل خفر السّواحل
 ( جثّــــتهُ ) من نهر دجلــــة !! وآنتهـــت صداقتهمـــا ؛ مع الأسف
 / بمأســـــاة / !!
 يجب أنْ يعرف الإنســــان قدر نفســهِ ؛ وإلاّ ســيخســــرها !