ســمير وصالح صديقان منـذ الطّفولـــــة ؛ دارهما متجاورة ؛ والد سـمير
كانَ غنيّـــاً ؛ بينما والد صالح كانَ فقيراً ! ومـرّت الأعوام مسرعة ؛
فتخرج الإثنان من كليّــة الإدارة والإقتصــــاد .
آشتغل سمير في شركة والدهِ ؛ ومن كثرة حبّهِ لصديقهِ صالح ؛
توسّل الى والدهِ بأن يقبل بتعييـن صالح في شركتهِ ؛ فلبّـى الوالــد
طلب آبنــهِ ســمير آكـــرامــاً لــهُ ! ومـرّت الأعــوام ؛ وتوفيّ والد سمير !
فأخبر سمير صديقهُ صالح بأن يكون سكرتيره الخاص في الشّركـة .
كان صالح مثال الإنسان الأميــن والحريص على عملــهِ .
تعرّف صالح على فتاة ؛ كانت سمعة والدتهـــــا ( ســيّئة ) وبالرّغم
من نصيحـة والدتــهُ ؛ إلاّ أنّــهُ أصــــرّ بالإقتـــران بها ! كانت زوجـة صالح
طموحــــة وطمّاعــــة ! تنظر بعيـن الحســد الى معيشـــة جارهــم
سـمير ! وكانت ترغب انْ تكونَ مثلهـمْ ! فزادت طلباتهـا عن الأمر المألوف !
وفي يوم من الأيــــام ؛ خرج سمير مُسرعاً من مكتبـــه ؛ ونســي
مفتاح القاصـة مفتوحـــــاً ! فأدخل إبليس الوساوس الى قلب صالح !
فمــدّ يدهُ الى القاصــــة ؛ وأخذ منها 10 آلاف دينـــار ( العملـة العراقيّـة )
طبعة سويسري ! فكانت تمثّلُ ( ثروة ) يحلمُ بها أي إنســــان !
وترك صالح القاصـة على حالــــها ؛ تاركاً بصماتهِ عليها ؛ !
ناسياً ذلك من كثرة آستعجالهِ ! وعنـدما رجع سمير الى الشّركـة ؛
سألَ من الموظّفين عن سكرتيرهِ الخاص صالح ؛ فأخبروهُ بأنّهم رأوهُ يخرج
مُسرعاً من الشّـركـة ! فدخل مكتبهِ ؛ فرأى باب القاصـة مفتوحـــاً !
وإنّ نقوداً فقدت ؛ كان قد وضعها فيهــــا البارحــة ! آتّصــــل بالشّرطـة ؛
فحضر للشّركـة ؛ ضابط مختص بجرائم السّرقات ؛ ومعــهُ عريف وشرطي .
قال الضّابط لسمير : سيدي من يعمل معك في هذه الغرفــــة ؟
اجاب سمير : سكرتيري الخاص صالـــح ! لم تمرّ ساعات ؛ إلاّ وتمّ القبض
على صالح وأودع السّـجن لحين آجراء التّحقيق معــه ! ارسل سمير أحد
مديري اقسام الشّـركـة الى دار صديقهُ صالح للإستفسار عن سبب
غيابـــهِ ! فعند رجوع الموظّف ؛ أخبر السيد سمير بأنّ زوجة صالح أفادت
باّ الشّرطة قد قبضوا على زوجــــها ؛ وكانَ معهُ مبلغ من المال ؛
لاتعرف مقدارهُ ! فأســــرع سمير الى مركز الشّــرطـة ودخل غرفـة
المحقّق ؛ بعد فترة قصيرة أحضروا صالح ؛ فعندما دخل الغرفـة ورأى
سيّدهُ سمير ؛ نكس رأســــه من الخجل ! فبادره سمير قائـلاً :
أنا لم اقل لكَ بأنْ تذهب الى البيت وتغط في نومٍ عميق !
لأنّ المال الذي أعطيتــهُ لكَ ؛ وجب أن يصل البارحــــة لمصــرف !
لأنّ صاحبـــهُ خابرني بوجوب الإسراع لأيصالهُ له ؛ لأنّــهُ كان بأمس
الحاجـة اليـــه ! فقال الضّابط لسمير : ولكن سيّدي رأينا بصماته
على القاصــة ؛ وهو الذي سرق المال ! فردّ عليــــهِ سمير :
مابالك يا أخي بالإسراع للصق تهمـة السّرقة بسكتيري ؟ اليس
المال عندكَ ؟ فأخرج المحقّق رزمـة من المال ؛ وضعها على المنضدة ؛
وكان مقدرها 9 آلاف و500 دينار عراقي ! فأخذها سمير وقال
لضابط التّحقيق : المال كلّه كامـل وليس فيهِ نقص ! فأرجو أن تطلقوا
سراح صالح ( سكرتيري ) ! وبعـد أن وقّع سمير على ورقة التّنازل
عن الشّكوي ؛ فأطلقوا سراحــهُ ؛ وأقفل المحشـــــر.
في الخارج آعتـــرى الذّهول صالح ؛ فبادره سمير صالح :
آركب السّيارة لأوصلكَ للبيت معي ! فقال صالح : سيّدي لستُ مستحقّـاً
هذا الكرم من لدنــكَ ! لا أستحق حتى ولو نظرة عطف منكَ !
لنْ تجدنـــي بعد الآنْ ! فوصل سمير الى الجسر ؛ وأخفى نفسهُ ؛
مُنتظراً قدوم صالح ؛ لم يمرّ وقت طويل ؛ إلاّ أن رأى صديقــــهُ صالح
يقترب من الجسر ؛ مصمّمـاً أن يرمي نفسـهُ في النّهر ؛ فأسرع سمير
وأمسك بهِ بشـدّة قائـــلاً : هــل أنـتَ مجنون ؟ وماذا تكون حياة
زوجتكَ وآبنك الآتي في الطّريق ؟ ليس منّـــا مــن لا يخطئ !
فأعادهُ الى بيتهُ ؛ ودخلا الدّار ؛ وقال لهُ : الـ 500 دينـار ؛ هديّـة منّي لولدكَ
القادم للدّنيـا ! أو آعتبرهــا ( مُكـــافأة ) لخدماتكَ التي آنتهت من
هــــــذا اليوم . لأنّك لم تحافظ على شرف مهنتكَ ! وخرج سمير ودخل
داره المُجاورة لهــم ! فأصبح صالح إنساناً مشبوهاً ؛ ولم يقدر أن يحصل
على وظيفة حكوميّة أو العمل في شركة أهليّــــة ! فأصبح في حالـة
يُرثى لها ! وبعد أشهر من هذه الحادثــة ؛ آنتشل خفر السّواحل
( جثّــــتهُ ) من نهر دجلــــة !! وآنتهـــت صداقتهمـــا ؛ مع الأسف
/ بمأســـــاة / !!
يجب أنْ يعرف الإنســــان قدر نفســهِ ؛ وإلاّ ســيخســــرها !