المحرر موضوع: جنيف 2 عندما لا يكون ثمة بديل عن جثة  (زيارة 444 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عبدالمنعم الاعسم

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 788
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني


جنيف 2
عندما لا يكون ثمة بديل عن جثة

 ثاني أعقد مشكلة انسانية، بعد قضية فلسطين، في الشرق الاوسط الآن.. هذا ما ذكره الكاتب والخبير البريطاني في شؤون الشرق الاوسط روبرت فيسك عن الحرب السورية الجارية، فثمة نحو 6 ملايين سوري نازح ممن اضطروا إلى مغادرة بيوتهم بسبب النزاع المسلح، وتمكن نحو 2,3 مليون منهم من عبور الحدود ليصبحوا لاجئين في دول الجوار، فيما نصف هذا العدد الكبير من النازحين هم من الاطفال. اما الحل فقد بات على عاتق المؤتمر الذي ينقعد اليوم الاربعاء في جنيف برقم 2.
 لكن المؤتمر، وهو المبادرة الوحيدة المدعومة من المجتمع الدولي والجامعة العربية، سيبدا على هيئة جثة ميتة بحاجة الى جلسات، وجلسات، لكي تدب في اوصاله الحياة، والسبب، لا يتمثل في تنافر طرفيه الاساسيين، المعارضة والحكم،وعدم اتفاقهما على حل وسط، بل ويتمثل، ايضا، في التنافر العميق والمتفاقم داخل المعارضة، بين الجناحين الاسلامي والمدني، ثم التنافر داخل الجماعة الاسلامية (بين النصرة وداعش) واستطرادا، التنافر في صفوف الائتلاف الوطني المدني مُعبرا عنه في انسحاب 40 من اعضائه عشية انعقاد المؤتمر.
 وفي قلب الصورة لا يظهر الانسجام (والعزم) إلا بين راعيي المؤتمر، الولايات المتحدة وروسيا، وفي خلفية هذا الانسجام وقائع مقلقة لسيطرة المتشددين الجهاديين على المعارضة والارض، وخروج "الثورة" عن الانضباط باتجاه اقامة حكم سوري بديل مسالم، غير ان هذا الانسجام تصدع في نقطتين، الاولى آنية، تتصل بمشاركة ايران في المؤتمر إذ يتبنى الروس دعوتها الى المؤتمر، بخلاف الامريكيين، والثانية، مؤجلة، حول مكان الرئيس السوري بشار الاسد في التسوية السياسية الناجزة، بين انْ يرحل وان يكون جزءا من التسوية.
 على ان الامر الذي يتفق عليه جميع المشاركين في جنيف 2 الدوليين والاقليميين والنظام والجيش الحر، هو إقصاء الجماعات "الجهادية" المسلحة المرتبطة بالقاعدة والارهاب من معادلات الحل، وبخاصة التنظيم الجديد الذي اطلق عليه اسم"الدولة الاسلامية في العراق والشام- داعش) وفصائل متطرفة من جبهة النصرة، وليس في هذا الموقف ما يثير الاستغراب حيث اعلنت هذه الجماعات معارضتها للمؤتمر وعدم استعدادها للالتزام بقراراته، على الرغم من انها مُوّلت واحتُضنت من دول واطراف اقليمية ودولية متحمسة للمؤتمر وحل توفيقي للأزمة السورية، ويلزم، هنا التذكير بان الأطراف المتشددة غالبا ما خرجت عن ممولها وراعيها، كما حدث مع تنظيم القاعدة وأسامة بن لادن، بعد انسحاب القوات السوفييتية من أفغانستان، حيث وجه التنظيم بندقيته للجهات التي سلحته ومولته ومدته بالمعلومات والدعم اللوجستي الضخم.
 مؤتمر جنيف 2ولد ميتا لكنه يمكن ان يستيقظ من كفنه بعد ان يدحر قوى التشدد والردة، في العقول وعلى الارض.
******
"" كيف يمكنك أن تحكم بلداً فيه 246 نوعاً من الجبنة؟" 
شارل ديغول