الوحدة الكنسية والقومية في رسائل قداسة بطاركة كنيسة المشرق...
قداسة مار دنخا الرابع نموذجاً
أبرم شبيرالي خزين من المعلومات والمراجع والكتب عن كنيسة المشرق بكل تفرعاتها وكذلك صداقات حميمة ووثيقة مع عدد كبير من رجالها الأفاضل، إلا إنني أتردد كثيراً في الكتابة عن الشؤون الكنسية والدينية ليس بسبب عدم إختصاصنا الأكاديمي في هذه المسائل بل رغبة منًا في عدم "دس أنوفنا" في مسائل لها رجالها وكتابها يكتبون عنها بموضوعية العارف ولها فطاحل يبرعون بببراعة المختص. لكن عندما يتعلق الأمر بمسألة تهم، لا بل تمس وبقوة وعمق الكيان القومي الذي أجد نفسي جزء منه وبالمسائل الكنسية التي ترتبط بهذا الكيان، في هذه الحالة لا أستطيع من كبح إندفاعي وإهتمامي إلا أن أقرأها وبنهم وشغف وأعبر عنها بما تجود بها كلماتي وأفكاري خاصة عندما يتعلق الأمر بمسألة خطيرة جداً تخص وحدة أمتنا المجيدة وتقارب أفرع كنيستنا المشرقية المقدسة.
من هذا المنطلق قرأت رسائل جميع بطاركة فروع كنيسة المشرق الأجلاء منها الكلدانية الكاثوليكية والسريانية الآرثوذوكسية والكاثوليكية والشرقية القديمة وكذلك كنيسة المشرق الآشورية التي بعثها قداستهم عبر الأثير إلى رعيتهم وإلى كافة المسيحيين بمناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة الجديدة 2014. فروح الإيمان المسيحي وعمق المحبة للرعية ومعايشتها روحياً عبر هذه الرسائل لمست نسماتها روحي وعقلي ووجدت نفسي كمسيحي مشرقي مؤمن إيماناً مطلقا بإنتمائي لهذه الكنيسة رغم تعدد تسمياتها وبطاركتها وتنوعها في وحدة المسيح الأحد الواحد، أن أرفع ضراعي إلى ربنا يسوع المسيح وأن أشكره على النعمة التي أنعمها علينا في الحفاظ على كياننا المؤسساتي والديني طيلة قرون طويلة من الظلم والإضطهاد والتهجير. لقد عبرت كلمات قداسة بطاركة فروع كنيسة المشرق الأجلاء عن هذه الوحدة الروحية التي تجسدت في وحدة ربنا يسوع المسيح. ولكن كعلماني مؤمن إيماناً مطلقاً بوحدة أو تقارب أفرع كنيستنا المشرقية وما يترتب على ذلك من إنعكاسات إيجابية مباشرة ومؤثرة على ووحدة قوميتنا رغم تنوع تسمياتها الحضارية الجميلة، فإن هذه الأمور تشد وتؤثر وبقوة على إنتباهي لأقرأ مثل هذه الرسائل وأبحث ما يوري عطشي ويغني حيفي عن وحدة أو تقارب أفرع كنيستنا ووحدة أمتنا، لكن لم أجد منها شيئاً إلا في رسالة قداسة البطريرك مار دنخا الرابع التي أحتوت أفكار ودعوات في هذا السياق والتي خلقت في فكري وروحي ردود فعل لم تستكين إلا أن أعبر عنها من خلال هذه السطور. وهنا لا أعتقد أن يلومني أحد على إشارتي هذه وتفردي بهذه الرسالة لأنه من حقي، وحق أية إنسان في هذا الكون، أن ينجذب نحو الأفكار والدعوات التي تروي عطشه وتشبع جوعه في الوحدة الكنسية والقومية لأمتنا، وبالحتم والتأكيد المشدد لكنت قد أنجذبت أكثر فأكثر وأرتوت روحي وفكري وكياني أكثر فأكثر لو كانت مصادر هذه الدعوات والأفكار والمواقف قد تعددت من خلال رسائل بقية البطاركة الأجلاء.
وسياقاً لما جاء في أعلاه فأنه من المفيد أن أستل بعض السطور من كلمة قداسة البطريرك مار دنخا الرابع التي لمست إيماني المسيحي في وحدة الكنيسة وألتصقت بمعتقدي في وحدة أمتنا. يقول قداسته "كلنا نلنا المعمودية بأسم الأب والروح القدس في الكنيسة المقدسة، لذلك عرفنا بالمسيحيين، عليه فنحن إخوة وأخوات ولدنا ولادة روحية من أم واحدة هي المعمودية. نحتاج للوحدة والسلام والمحبة والتقدير أن يكونوا بيننا كأعضاء بيت مسيحي واحد، خاصة نحن الذين نعيش في بلدان الشرق الأوسط. لا يوجد أي ضرر حول أي أسم يكون لكنيستنا، كمسيحيين مؤمنين يجب أن نحب ونحترم ونعمل معاً كأعضاء قطيع مسيحي واحد، وكأمة واحدة لأننا لسنا ثلاث أمم، بل أمة واحدة وشعب واحد، بالدم والتاريخ واللغة وكلنا كأمة آشورية مسؤولين لكي نحافظ على سلامة أبناء أمتنا كشعب آشوري واحد لكي نكون معروفين ومقبولين في القوانين التشريعية لبلدان الشرق الأوسط كأمة واحدة، لأن توفيق أمتنا هي فرح وتوفيق لجميعنا وفشلنا هو حزن وندم وخسارة لجميعنا. لذلك جميع أبناء أمتنا لأي كنيسة ينتمون يجب أن يكونوا منتبهين وساهرين لكي يحافظوا على السلام والوحدة، خاصة الأحزاب السياسية وجميع مؤسساتنا القومية، أن يعملوا بإيمان مع بعضهم البعض كشعب آشوري واحد، وأن يبتعدوا عن الكراهية والغيرة والجدالات الهدامة التي تجلب خسائر وإنقسامات كبيرة على نجاحات أي أمة... أنتهى الإقتباس". الرسالة كانت بالأصل قد كتبت بالسريانية الحديثة (السورث) ومترجمة إلى العربية ونقلت هذه السطور كما هي، ونشرت مع بقية رسائل البطاركة الإجلاء في موقعنا الموقر عنكاوة دوت كوم.
بإختصار لو أمعنا النظر في هذه السطور لأدركنا على الفور التأكيدات التي يؤكدها قداسته، وهي:
• كنسياً: كلنا أخوة وأخوات ومن معمودية واحدة وجميعنا أعضاء بيت مسيحي واحد.. ولا يوجد ضرر حول أي أسم يكون لكنيستنا. أي هنا تأكيد مشدد على الوحدة المسيحية المطلوبة لكنائسنا، أي الإشارة هنا ليست محصورة في كنيسته (الآشورية) المشرقية وحدها، فالجميع ليكونوا كقطيع مسيحي واحد.
• قومياً: هناك دعوة صريحة إلى الأحترام والعمل معاً، ليس كقطيع مسيحي واحد فحسب، بل كأمة واحدة وليس كثلاث أمم، وإن لم يشر قداسته إلى التسميات إلا أن القصد هنا هي الآشورية والكلدانية والسريانية، لأننا شعب واحد بالدم والتاريخ واللغة ولا يهم لأي كنيسة ينتمون أبناء هذه الأمة الواحدة، كما يقول قداسته.
• سياسياً: هناك دعوات صريحية ومباشرة لأبناء الأمة عامة وبشكل خاص للأحزاب السياسية والمؤسسات القومية ليكون منتبهين وساهرين لكي يحافظوا على السلام والوحدة وأن يبتعدوا عن الكراهية والغيرة والجدالات الهدامة التي تجلب خسائر وإنقسامات كبيرة على نجاحات أي أمة. وهناك تأكيد ضمني على أنه لايمكن أن تكون أمتنا مقبولة ومعترف بها في تشريعات وقوانين بلدان الشرق الأوسط ما لم نكن كأمة متوحدة واحدة.
• آشورياً: يستمر قداسته تأكيده على كون جميع أبناء الطوائف الأخرى، رغم عدم ذكره لأسماءهم في هذه الرسالة، جزء من الأمة الآشورية رغم إنتماءهم الكنسي المختلف، لأنهم أبناء أمة آشورية واحدة تجمعهم مقومات مشتركة من لغة وتاريخ وعادات.
هذا الأمر في تأكيد قداسته لأشورية أبناء أفرع كنيسة المشرق يرفضه البعض الذي يجد إنتماءه القومي في تسميات غير آشورية مثل الكلدانية والسريانية. فإذا كان من حق أي شخص في هذا الكون أن يرفض بما لا يتوافق أو يتلائم بما يعتقده، خاصة عندما يتعلق هذا المعتقد بمسألة مهمة محددة لمصير وجوده، فأن على الجانب الآخر أيضا يحق لكل شخص في هذا الكون أن يصرح ويعلن بما يؤمن به ويعتقد بأن هذا الإيمان هو جزء من الحقيقة التي يراها ضمن الظروف الموضوعية والذاتية المحيطة به. فهكذا هو إيمان قداسة البطريرك مار دنخا الرابع منطلقا من هذه الظروف ليؤكدة إيمانه في كون الكلدان والسريان مع الآشوريين يشكلون أمة واحدة وهي الأمة الآشورية، وهذا أمر سواء رفض أو أستوعب مغزاه فأن ذلك لا يغير شيئاً من هذا الإيمان الذي شيد على مجموعة ظروف موضوعية وذاتية، وسنأتي على ذكرها لاحقا.
لا أبوح بسر في القول بأن مثل هذا الإيمان في وحدة أمتنا بمختلف طوائفها الكنسية يشكل جزء أساسياً من إيماني وحبي لهذه الأمة التي أنتمي إليها بغنى التسمية المفضلة هذه أو تلك. أن ظروف كل مرحلة من مراحل أمتنا يفترض على أبناءها أن يجدولوا أولويات مصلحة أمتهم الأساسية والمصيرية، ففي هذا العصر وبظروفه العاصية والمميتة تأتي مسألة الإيمان بوحدة الأمة والعمل من أجل تجسيدها في قمة جدول أولوياتها أما التسمية فهي تحصيل حاصل لهذه الوحدة. أي بهذا المعنى لو أتفق معظم الذين يجدون إنتماءهم القومي في تسميات متنوعة وعملوا من أجل تحقيق المصلحة المشتركة للأمة ، بغنى عن الإصرار على هذه االتسمية أو تلك، فأن نتائج هذا العمل القائم على تجسيد وتطوير مقومات الأمة من لغة وعادات وتاريخ وأماني مشتركة كفيلة عبر الممارسة السياسية القومية أن تطرح التسمية التي تلائم أمتنا في المرحلة التي تمر بها. من هنا يأتي التأكيد المشدد في هذه المرحلة التي تمر بها أمتنا إلى العمل كأمة واحدة وبمضون واحد القائم على المقومات القومية والكنسية المشتركة لنيل حقوقها، والمستقبل كفيل بطرح الشكل الذي يتلائم مع هذا المضون ويعكسه، فإذا كان الشكل لا يتطابق مع المضمون في مرحلة معينة فأن الممارسة الفعلية ستكون العامل الحاسم الذي سيجعل الشكل يتطابق مع المضمون ويتفاعل كلاهما بشكل جدلي دون إنفصام، ومثل هذا التطابق لايمكن أن يتم من دون وعي متطور لتاريخ الأمة وحضارتها، ومن ثم الوعي الموضوعي للواقع الذي تعيش الأمة فيه.
ليس بغريب أو جديد أن نسمع من قداسة البطريرك مار دنخا الرابع مثل هذه المواقف الوحدوية تجاه الكنيسة والأمة، ففي كثير من المناسبات أكد قداسته عليها. ومثل هذا التأكيد ليس نابعاً من مرحلة آنية مؤقتة أملت ظروفها على قداسته لتأكيد هذه المواقف التي تشبع رغبات المؤمنين من أبناء أمتنا في وحدة الكنيسة والأمة. فهناك جملة ظروف خلف هذه التأكيدات.
أولها: الظروف التاريخية والموضوعية التي جعلت من كنيسة المشرق الآشورية أن تكون الوجه الآخر للعملة. فالأرتباط العضوي بين الأمة والكنيسة في مجتمعنا جعل أن لا نجد أية فسحة للفصل بينهما، فالعوامل المشتركة التي تجمع الأمة والكنيسة جعلت أن تكون المؤسسة الكنسية هي الأطار العام والمؤسسة القومية الرئيسية التي ينظر من خلالها إلى الأمة ويتعرف الآخرون عليها وهذا كان السبب الرئيسي أن يكون بطريرك هذه الكنيسة راعياً لها وقائداً للأمة، وهذا أيضا هو السبب الذي جعل من الصعب على الآخرين التفريق بين الدين والقومية في مجتمعنا.
ثانيها: الظروف الذاتية، من المعروف أن قداسته عاش وعمل في ظروف قومية صميمية في إيران منذ تسنمه المراتب الكهنوتية إبتداءاً من راعي للكنيسة الآشورية حتى رسامته لرتبة الأسقفية للأبرشية الإيرانية. وكانت إيران منذ نهاية قرن التاسع عشر وبداية قرن العشرين مركزاً إشعاعياً للفكر القومي الوحدوي ومنشأ للحركة القومية الآشورية المعاصرة والتي أستمرت وأنبعثت بشكل أكثر وضوحاً في منتصف الستينيات من القرن الماضي حينما كان قداسته راعياً للأبرشية، هناك خلقت الجمعيات الثقافية القومية والشبابية النشطة الظروف المناسبة وهيأت المستلزمات الضرورية لتأسيس الإتحاد العالمي الآشوري والذي أنعقد أول مؤتمر له في عام 1968 في فرنسا. لقد كنت محظوظاً أن أقتني نسخ من المراسلات (والفضل يعود لأحد قياديي الإتحاد الآشوري العالمي فله ألف شكر) التي كانت تقوم بها هذه الجمعيات وتتراسل مع كبار الشخصيات الدينية والقومية من أجل تأسيس إتحاد عالمي يجمع جميع أبناء فروع كنيسة المشرق، ومنها الرسالة الموجهة إلى خمسة بطاركة لكنيسة المشرق: الكلدانية الكاثوليكية والسريانية الأرثوذكسية والسريانية الكاثوليكية والمشرق الآشورية والمارونية الكاثوليكية وإلى زعماء قوميين عرفوا بمواقفهم القومية البطولية أمثال ماليك ياقو ماليك إسماعيل والمفكر القومي ديفيد بيرلي وغيرهم. كان من الطبيعي أن تفعل هذه الظروف فعلها المؤثر في فكر قداسة مار دنخا الرابع وأن يتمسك بالمواقف القومية وبالتسمية الآشورية التي أرتبطت وبشكل قوي بالحركة القومية منذ بداياتها الأولى ويستمر التمسك بها في دعواته الوحدوية الكنسية والقومية و ضمن التسمية الآشورية التي كانت التسمية التي تبناها القوميون والمفكرون الأوائل رغم تعدد إنتماءاتهم الكنسية.
كل ما ورد أعلاه يطرح موضوع "تدخل الكنيسة في السياسة" أو "فصل الكنيسة عن السياسة"، الموضوع الأكثر إثارة بين أبناء الأمة في هذه المرحلة... ولكن كما قلنا لكل مرحلة من مراحل الأمة لها ظروفها الخاصة المختلفة عن المرحلة السابقة... هكذا نقول: اليوم غير البارحة. وموقف قداسة البطريرك مار دنخا الرابع واضح بهذا الشأن. ففي الكثير من رسائله وكلماته، وأتذكر بهذا الخصوص كلمته في النادي الآشوري في لندن قبل بضعة سنوات، عندما قال "بأن هذه الأيام غير أيام حكاري وبداية القرن الماضي. فالظروف الحالية لا تسمح أن يكون البطريرك زعيماً وقائدا للأمة يقودها في الحروب والمفاوضات ويمثلها قومياً وسياسياً لدى غيرها من الأمم، فلنا أحزاب سياسية ومنظمات قومية في هذا العصر هي التي تقوم بتمثيل الأمة وليس الكنيسة" ... ويؤكد قداسته في القول أيضاً "ولكن مع هذا فأنا كفرد آشوري منتمي إلى الأمة الآشورية من حقي أن أعبر عن أفكاري وإيماني القومي وبإنتمائي لهذه الأمة، وكذلك من واجبي كرجل دين على رأس الكنيسة أن أصلي وأدعوا ربنا الخالق إلى أن ينعم أحزابنا السياسية ومنظماتنا القومية بالموفقية والنجاح والوحدة"، ومثل هذه الدعوات والمواقف نلاحظها دائماً أثناء مقابلة قداسته للكثير من قادة وممثلي أحزابنا السياسية ومنظماتنا القومية. لا بل وقد وصلت دعوات قداسته إلى تأييده أن يكون لأمتنا منطقة حكم ذاتي أو إدارة مستقلة ضمن دولة العراق، وهو التأييد الوحيد من بين بطاركة ورجال الدين لكنيسة المشرق بكل فروعها.
مما تقدم يتساءل البعض، أليس ما ورد أعلاه تدخل في السياسة من قبل قداسته وهو يصرح بأنه بمنأى عن مثل هذا التدخل. فالجواب يقوم على:
أولاً: يجب أن نفرق ونوضح بأن هناك فرق بين التدخل في السياسة والإهتمام بها. فالتدخل ينشأ عن فعل مؤثر في العملية السياسية وفي أحزابها السياسية بينما الإهتمام هو تعبير عن موقف من هذه السياسة. من هذا المنطلق فقداسته لا يتدخل في السياسة القومية ولا يعمل بفعل يتعلق بشؤون الأحزاب السياسية وإنما، باعتباره فرد من أفراد هذه القومية، فأن أمرها يهمه ويعبر عن إهتمامه بها من خلال كلماته ودعواته.
ثانياً: العلاقة العضوية والجدلية بين الكنيسة والأمة الغير قابلة للإنفصال، تجعل أن يظهر بأن كل أهتمام بأمر الكنيسة هو إهتمام بالأمة نفسها. فالعلاقة بين الكنيسة والأمة قائمة على الترابط العضوي بينهما غير أن هذا لا يعني بأنه غير ممكن التمييز بينهما، فلكل جانب له حدوده وعوامله الخاصة ولكن من جانب آخر لكل واحد منهما تأثير ضمن العلاقة الجدلية المتبادلة طالما هناك عوامل ومقومات مشتركة بين الأثنين لايمكن فصلهما عن أي طرف من المعادلة، مثلما لا يمكن فصل الروح عن الجسد إلا بالموت. فاليوم الذي تنفصل مقومات أمتنا من لغة وتقاليد وتاريخ عن أبناءها فلا محال من موت الأمة والحالة أيضا بالنسبة للكنيسة فإذا فقدت لغتها وتاريخها ولتروجيتها زالت من الوجود ككنيسة مشرقية معروفة.
هكذا يجب أن نفهم موضوع التدخل في السياسية من قبل الكنيسة أو الفصل بينهما، فهو موضوع طويل وعميق لبحث علمي لكتابي المعنون "الفصل بين الكنيسة والسياسة في المجتمع الآشوري" الذي أحاول إنجازه ونشره منذ عام 2000 ولكن يظهر بأن تعقيدات الموضوع والتطورات الحاصلة على الكنيسة بكل فروعها والأرهاصات التي فعلت فعلها في أمتنا في الوطن تجعل مسألة إنجازه شبه مستحيلة ... وهو الأمر الذي يجعلني أخشى بأن تنتهي حياتي ولا ينتهي هذا الكتاب.