ماذا نقول اذا كانت الكلمات تعجز ان تصف هذا العملاق الراحل, ماذا استطيع ان اقول وباي كلمات ارثيك يا ابي واخي وصديقي, ما استطيع قوله انك كنت جبارا صنعت جبابرة, كنت اعجوبة فتقدمت نحو المستحيل, لم يصمد شيء امام عطائك, اعطيت ولم تأخذ, كافحت, حاربت, ضحيت ولكن لم تذهب اعمالك سدا. عشت فقيرا ورحلت فقيرا, لم تكن طالب كراسي ولا مواقع, صنعت من لا شيء اشياء, بنيت النفوس قبل ان تبني البيوت, لم تترك ناقصة الا وكانت بجهودك فيض من العطاء.
عرفتك وانا طفل صغير ثم لحقت بك بمعهد مار يوحنا الحبيب, فكنت زميلك يوم رسامتك الكهنوتية, كنت معك في كنيستنا الفقيرة في سبعينيات القرن الماضي ولي الشرف ان اكون عضوا في اول مجلس كنسي في كنيستنا المؤجرة,افترشنا حصيرها, وتلحفا بردها وتنشعنا حرها, لم تكن تشبه كنيسة لانها كانت فعلا كانت البيت الذي اراده الرب , بيتا متواضعا, لم نكن نعلم ان تلك البذرة سوف تصبح اعجوبة. عملت بدون كلل وملل رافقت جماعتك فكنت خير راع لها, قدت هذه السفينة المتواضعة فاوصلتها الى بر الامان رغم العواصف والرياح العاتية التي كانت تتلاطمها.
رحلت ولم يكن في جيبك فلسا, ولكن كان في جيبك الكثير الكثير كان فيه حبنا لك.
ارقد بسلام يامن صنعت السلام, ارقد بسلام يا من لم تغمض لك جفن, ارقد بسلام يا من سبقتنا الى رب السلام, انك لم تذهب فانت باق في وجداننا في نفوسنا فانت باق ما بقينا نحن. نحن ابناءك, نحن اخوتك, نحن اصدقاءك, ارقد بسلام يا من لم تعمل لغير السلام, رحلت فسبقتنا ونطلب منك ان تذكرنا في ملكوت السماء.
لم تتعب ولم يوقفك الكلل ولا الملل, كنت عطاءا رغم ان هذا المرض اللعين نخر جسمك الهزيل, فاستحقت الراحة يا من لم تعرف الراحة
اعزي اخوتي واعزائي ابناء عقرة واقول لهم ان لا ييئسوا فان ابينا باق ما بقينا حاملين معوله ساهرين على بذرته وزرعه.
الراحة الابدية اعطه يا رب.