المحرر موضوع: ثمانون عاما من اﻷلتزام الوطني واﻹنساني  (زيارة 627 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل الدكتور علي الخالدي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 486
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
ثمانون عاما من اﻷلتزام الوطني واﻹنساني
 
الدكتور : علي الخالدي

   منح عضوية الحزب من اﻷمور ، التي تفرض نفسها على الذاكرة ولاتنسى ،باعتبارها نقطة تحول في  حياة العضو قائمة على اسس أخلاقية والتزامات نوعية في نكرات الذات ، لا تخلوا من التضحية والفداء ، واﻹعتزاز بالكبر في عيون الآخرين ، فاليوم الذي منح به بيكاسو عضوية الحزب الشيوعي الفرنسي مثلا ، قال لرفاقة الآن وصلت الى نبع الماء ، بقي هذا القول عالقا في ذهن من سمع به ليكون مثالا يحتذى به بعد نيله العضوية ، في التمييز واﻹبداع في الحياة ،وتطوير الذات في مجالات البحث والعمل ﻷسعاد الآخرين ، وهذا ما دعا رجل الدين المغاربي الشيخ عبد الحميد بن باديس بوصف الشيوعية بخميرة اﻷرض .
لم تكن تلك اﻷقوال مبالغ بها ، فقد زكتها  الحياة وعمدتها دماء الشيوعيون اينما وجدوا في سوح النضال من أجل إحقاق الحق وتطبيق العدالة اﻹجتماعية على أمتداد الكرة اﻷرضية ، و من أجل أن تكون أوطانهم حرة وشعوبهم سعيدة ، لذا لقبوا بملح تربة أﻷرض . فتحت خيمة الشيوعية ينضوي كل فئات الشعب من مختلف الطبقاته اﻷجتماعية  واﻹنتماءات القومية والدينية
. هذه الخصال ﻷ يختلف بها الحزب الشيوعي العراقي . فمنذ ولادته الطبيعية قبل ثمانين عاما ، من رحم الشعب ،  جسد ما فات ذكره بشعاره اﻷستراتيجي ، وطن حر  وشعب سعيد ، هذا الشعار شكل مسيرته النضالية اللاحقة ، كمحصلة نهائية ﻹتجاهاته الفكرية وتحركاته العملية المتسلحة بفكر قوانين أستندت على نواميس الطبيعة وحركة التطور اﻹجتماعي ، آخذا بعين اﻷعتبار حاجات الحياة المادية لخصوصية المجتمعات ، وفي حدود اﻹمكانيات الحقيقية . لذا وضع أمام أعضائه مهمات تُجَدد باستمرار ، لتكون متماهية مع الظروف التي تستجد في أوضاع الشعب اﻷقتصادية والسياسية واﻹجتماعية ، مشيرا لكيفية التكيف معها ، وإغنائها  إذا ما رأى ، أنها تصب في مصلحة الشعب وخدمة الوطن ، ضمن تلك القوانين ( قوانين التطور اﻹجتماعي ) ، وما دام هذا النهج للحزب يتجاوب والمصالح الحيوية للشعب والتي لا حد لها  فإنها صَيَرته قوة حاسمة ومحركة لحركة التطور اﻹجتماعي والسياسي في جميع عهود اﻷنظمة الرجعية والدكتاتورية ، وخط سيره الحالي  هو أمتداد لخطه الوطني واﻹنساني تبلور في تعميق المفاهيم الديمقراطية وتطبيق العدالة اﻹجتماعية المغيبة ، لذا وقف ضدكل محاولة سعت اﻷلتفاف حول مغزى التغيير بعد سقوط الصنم ، وعرى المغزى الحقيقي الذي يقف وراءها ، فاضحا القوى والفئات ، التي تسلقت  وبطرق مختلفة بما فيها الغير شرعية الى موقع القرار ، و التي أتاحها لهم نهج المحاصصة الطائفية المقيت أس بلاء بلادنا   
     إن هذه المواقف للحزب مستمرة بمنتهى العقلانية  والواقعية والمرونة  المشفوعة في العمل مع كل من يضع في أهدافه خدمة الشعب والوطن مطبقا مقولة موسسه الخالد فهد قووا تنظيمكم قووا تنظيم الحركة الوطنية ، بعيدا عن الهيمنة والتسلط واﻷنانية ، داعيا الى توحيد كل القوى الوطنية العابرة للطوائف ، في إطار تيار ديمقراطي ﻷجل التغيير ، لمعرفته المسبقة من أن ذلك هو السبيل الوحيد الذي يوحد التواصل مع الجماهير، ويعبأها ﻷجل التغيير في الثلاثين من نيسان المقبل
إن نزاهة الشيوعيون وتفانيهم بخدمة الوطن اشاد بها حتى اعدائهم ومن ضمنهم نوري السعيد , العدو اللدود للشيوعية ، فقد أجاب على استغراب البعض من تعيين وزير مالية قريب من الشيوعيين إن الشيوعيون نزيهون لا يسرقون .  وكان الدكتاتور الذي احتفلنا بقبر نظامه هذه الايام يخافهم لعمق ثقافتهم ، واصفا اياهم بالصعاليك لانهم لا يسرقون قوت الشعب . بينما قال الشيخ  همام حمودي عنهم ،إذا كان الشيوعيين كلهم على شاكلة حميد مجيد ، فإنهم مثال ناصع للوطنية والنزاهة ، نعم ولم لا ﻷن جلهم  شرب من نفس المنبع  وتربوا بنفس الاسلوب والطريقة  .

لقد كُتب على الشوعيين على امتداد تاريخ نضالهم أن يكونوا  محرقة لكل اﻷنظمة الرجعية والدكتاتورية , ومع هذا أضحوا  حمامات سلام يرفضون لغة العنف ، ويتثقفون بحب الوطن وعشقه ، وهم أكثر من حارب الطغيان والانظمة التي اضطهدت الشعب العراقي , ومع هذا لا زالت مفردات لغة معاداتهم تحتل عقول الكثير من مَن يدعون الوطنية ، يطلقونها بين حين وآخر ، وينكرون عليه شهدائه الذين ربطوا   .
 حياتهم بروحية اﻹنتماء للعراق و بمشروع الشهادة من أجله ، حتى في الاجواء التي اتصفت  بلغة القتل والشعوذة .  ساهمت جماهيره من شغيلة اليد والفكر وفلاحين في تطوير ثقافة المجتمع العراقي , فمن اوساطهم خرج العديد من العلماء المرموقين والكتاب والفنانين ، وغيرهم من رجال الثقافة والسياسة والصحافة ، الذين اغنوا التراث الشعبي العراقي بابداعهم المربوط بقيمه الحضارية و اﻷنسانية , ذلك لانهم إرتو من كنز الابداع الشعبي العراقي الذي لا ينضب ، وﻷن الحزب كان كذلك  لم تستطع  وحوش اﻷنظمة الرجعية والدكتاتورية ان تقتلع  جذوره من تربة الوطن , وتعزله عن ساحة النضال ,

إن سر تمتعه بروح الشباب رغم عبوره الثمانين عاما يكمن بمرجعته للشعب ، منه يستمد قوته وعزمه و ديمومته ، وعليه يعقد آماله في التغيير المنتظر القادر على إيقاف كوابح الديمقراطية ، وتقليص رقعة الفقر والفوارق الطبقية بين الناس ، ويضمن عملية اعادة إعتبار للهوية الوطنية ، هذه المهمة الشاقة التي تبعد الناس عن  تبني الهويات الفرعية ، وعن اقامة مراسيم عزاء فقدان الطموح في التغيير و إشاعة الديمقراطية التي تُيَسر و لا تعسر 

نيسان 2014