المحرر موضوع: واعجبي  (زيارة 1317 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Abdullah Hirmiz JAJO

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 604
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
واعجبي
« في: 10:45 21/01/2007 »
واعجبي!!!

فالأمور المثيرة للعجب كثيرة وكثيرة جدا ومثار العجب لا يُعدُّ ولا يحصى، والمراقب للأحداث والحوادث الذي ليس بيده أمر تغيير الأحداث فيها، وإحداث التغيير الذي يشتهيه يبقى لديه فقط التعجب والاستغراب فإنه يقول مع نفسه:

واعجبي... من هذا السياسي الذي يحاول الحصول على أكبر قدر من المكتسبات عن طريق أذكاء الصراع المسلح وتطوير عمل ميليشياته لكي تقتل وتعبث في كل شيء بغية أضاعف خصومه وإرهابهم لكي يتوقفوا ويبقى هو بارزا رغم كل حقل الدم الذي روته دماء خصومه السياسيين.

واعجبي... من السياسي أيضاً الذي يدّعي الديمقراطية وهم يكمم أفواه المحيطين به داخل حزبه ولا يقبل رأيا مخالفا لرأيه حتى إن اقتضت الضرورة؛ التصفية الجسدية ومع ذلك يتكلم عن السلطة الماضية واصفا أياها بالديكتاتورية التي قامت بتصفية الخصوم السياسيين وهو يمارس ذات النهج.

واعجبي... من الموظف رئيس الدائرة الذي رغم مرتبه العالي يحاول جمع أكبر قدر من الأموال بشتى الطرق الفاسدة والصحيحة خائنا بذلك الأمانة التي أوكلت إليه.

واعجبي... من الواعظ الذي يملأ الدنيا ضجيجا يحث الناس لكي يسيروا في طرق التقوى والصلاح وهو الأول بينهم الذي لا يطبق ما يقوله.

واعجبي... من رجل الدين الذي نسي نفسه كونه رجل دين ومشى بطريق السياسة الذي يقتضي منه أحيانا تطبيق الغاية تبرر الوسيلة ويعمل ضد مبادئه الدينية.

واعجبي... من الإنسان الذي لقاء ثمنٍ بخس يقتل أخاه الإنسان؛ معتبرا ذلك وسيلة للعيش وأعالة أسرته.

واعجبي... من الذي يحاول تكفير الآخرين الذين لا يؤمنون على طريقته وكأنه أصبح إله على الأرض ويحلل ويحرم على هواه.

واعجبي... من الطائفي الذي يُهجّر أخاه الإنسان من بيته لا لذنب سوى لكونه من طائفة مغايرة ناسيا أن العراقيين جميعهم أخوة وإن الرسالات السماوية أوصت بالجار وبالإنسان الذي هو أخا لنا إما بالدين أو بالإنسانية.

واعجبي... من اللذين يطالبون بهذه البقعة من الأرض أو تلك لكي تصبح تحت سلطتهم وكأن العراق أصبح كعكة يريد كائنا من كان أن يقضم منها أكبر قدر لكي تكبر وتزداد ممتلكاته متناسيا أن العراق كل العراق هو ملك أهله.

علامات وعلامات تعجب تظهر على وجوه المراقبين في العراق بعدما يقرب من اربع سنوات من السقوط وهم يشاهدون حال من كان يعقد الأمل عليهم بإحداث التغيير وهم يتخبطون سواء عن قصد أو عن جهالة، ويكونوا سببا للألم في جسد أخوتهم الآخرين الذين لم يكن لهم همّ سوى العيش الشريف وليسوا من هواة السياسة، هؤلاء أصبحوا الضحية التي تنزف يوميا  وكأنها كانت المجرمة التي ألحقت بهم الأذى زمن الطغيان!!!

فأين المقاومة الصحيحة من كل هذا؟ ألم تغرق في ظلّ هذه الفوضى وسُلبت حقوقها وتشوهت سمعتها عندما أصبح القتل مشاع والهوية بلية على أصحابها والمذهب جريمة، والديانة سببا للقتل والعمل الشريف والمكسب الوفير نتيجة الجهد والتعب هدفا للخطف والقتل، وللعلم أيضا رجاله والساعين له أصبحوا هدفا للتصفية؛ فالأطباء هلعون والمهندسون خائفون وحتى عمال المساطر مستهدفون، فماذا بقي بعد؟ أليس الهدف من كل هذا هو عراق متخلف.. قاصر عن أداء مهامه الوطنية والقومية والدولية!!!؟ فهل هدف كهذا هو هدف إنسان مقاوم شريف؟ أم أنها أهداف لأعداء هذا البلد الذي علّم الدنيا الكثير وكان مهدا لأبو الأنبياء (أبراهيم) وغيره من رجالات العلم والثقافة. أين أصبحت النخوة التي تسرع لنجدة محتاج أو من هو في ورطة؟ أم أصبح المحتل سببا لكي يختلط الحابل بالنابل؟ وهل أن السلطة التي جاءت يقرار من الشعب ومهما كانت الملاحظات على ذلك نجعلها مكبلة الأيدي، عاجزة حتى عن أن تداوي جروح المجروحين!!! وإلى متى نبقى نعيش في الظلام والعوَز ونحن عائشون على أرض تدر ذهبا !!! ألم نفهم أن الأعداء يمصّون جسدنا، وأموالنا تُهدر ونحن بحسرة الكهرباء والماء والنفط والبنزين وأبسط الخدمات ... إلى متى نستفيق ونفكر كعراقيين فقط وننسى كوننا سُنة أو شيعة، عرباً أو أكراد، كلداناً أو آثوريين، تركماناً أو أيزيديين، صابئة أو كاكائيين ... ألم يحن الوقت لكي نعي أننا كلنا عراقيون؛ وإن كانت كركوك لدى العرب أو الأكراد فإنها ستبقى عراقية، وإن كانت السلطة بيد هذه الكتلة أو تلك فهي سلطة عراقية، وإن أوقفنا العبث بالكهرباء سينعم بها العراقيون جميعا، وإن أوقفنا العنف سينعم بالأمن جميع العراقيين.

كلمات هي بأمس الحاجة لمن يفكر بها ويراجع نفسه ويعيد حسابته وخاصة من المقاومين الذين أغرقهم العنف الموجه الناتج عن عصابات لا همّ لها سوى جمع المكتسبات حتى وإن كانت بطرق غير شرعية، يا أيها العراقيون أوقفوا التعجب فقد تصبح هذه أيضا جريمة تدفعون عنها ثمنا، وبدل ذلك اعملوا سدا منيعا أحموا به العراق من خلال القفز فوق كلما يفرقكم ويريد تدميركم ... إنها صرخة في هذا العالم الصاخب.

عبدالله النوفلي 30/12/2006