أبناء النهرين:
لماذا المطالبة بـ "قانون" لمعالجة التغيير الديموغرافي؟؟
ميخائيل بنيامينفي لقاء سابق أجراه معنا موقع عنكاوا.كوم، تحدثنا فيه عن برنامج تم اقراره في اجتماع مشترك لهيئتي كيان أبناء النهرين (المجلس السياسي والهيئة القيادية) للعمل والقيام بعملية مدافعة من أجل اصدار تشريع يعالج موضوع التغيير الديموغرافي في مناطق شعبنا الكلدواشوري السرياني في سهل نينوى واقليم كوردستان – العراق، وقد وعدنا قراء الموقع الكرام تزويدهم بعدد من الأمثلة المدعومة بالوثائق والمستندات كنموذج تعبر عن واقع الحال الموجود والتي تثبت وجهة نظرنا ولماذا نختار الذهاب للمطالبة بهكذا قانون؟؟
فما الاساس وما هي الفكرة؟ وجود ملف ضخم بالوثائق والمستندات التي تعكس حالة الاراضي التاريخية لشعبنا الكلداني السرياني الاشوري، وما تتعرض له هذه الارض منذ عقود الى تغييرات لأسباب تتعدد ومن جهات متعددة وباساليب مختلفة. حيث بعد الاجتماع السنوي الاول لكيان أبناء النهرين في كانون الثاني 2014، تم تكليف لجنة لتقوم بمهام دراسة هذا الملف، وبعدما قامت بتصنيف وتبويب حالات التجاوزات الواقعة بانواعها المختلفة وجدولتها، قدمت جملة توصيات بينها ترسخ القناعة بصعوبة وعدم جدوى معالجة هذه التغييرات، باجراءات وسياقات ادارية تصدر عن سلطات تنفيذية بمستوياتها المختلفة أو لجان زراعية أو حتى قرارات تصدر عن سلطات قضائية، بغير وجود قانون يتعامل ويعالج مختلف الحالات كل بنوعها.
الالية المقترحة؟أن يتم البدء بتنظيم عدد من ورش العمل وحلقات النقاش، بمشاركة عدد من الاختصاصيين القانونيين والسياسيين ومن ذوي العلاقة من العاملين في مجال الاراضي من أبناء شعبنا وغيرهم، ويتم اطلاعهم على تقرير يستعرض واقع هذه التغييرات بارقام واحصائيات وتصنيفات معينة بحسب الفترات والمناطق والجهات المتسببة وصنف الارض أو العقار والملك وصورة الحل المتوقعة، تلك الحالات التي حدثت منذ عقود وما زالت والواضح انها ستستمر باشكالها القانونية وغير القانونية.
المطلوب أن تتوصل هذه الخبرات والكفاءات من خلال حلقات النقاش والاجتماعات الى مقترح للمشروع المطلوب تشريعه والخاص بمعالجة التغييرات الديموغرافية، وستكون هذه المرحلة الاولى. أما المرحلة الثانية، فستكون مرحلة المدافعة من أجل تشريع واقرار هذا القانون أو صيغة التشريع التي يتم اقرارها من قبل الخبراء والمختصين، سواء في البرلمان والحكومة الاقليميتين او في الحكومة والبرلمان الاتحادي. وبالتأكيد المطلوب ان يتم اللجوء لكل القنوات المتوفرة من أجل المدافعة لاصدار هذا التشريع من الفعاليات السياسية والدينية والثقافية ومنظمات المجتمع المدني والتحشيد المجتمعي والاعلامي، ومن خلال القنوات والسلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية وبمستوياتها المختلفة وكذلك من خلال مشاركة منظمات وطنية ودولية – عالمية مهتمة بمثل هذه القضايا.
المنطلقات والاسباب الموجبة للقانون؟- مضي فترة طويلة على الكثير من هذه الحالات، وحدوثها منذ عقود وبينها الكثير منذ عهد النظام السابق واستمرارها لحد الان، وقد حدثت وما زالت من جهات ولاسباب وباشكال مختلفة، فتعقدت دون وجود أية معالجات، بغير هكذا قانون ووضع اجراءات لتنفيذه سيصعب معالجتها، كما ولن يتم وضع حد للحالات المستمرة لحد الان وباشكال تتعدد، ولا للمستقبلية الواضح انها واقعة لا محال.
- الدستور العراقي وبينها المادة (23/ثالثا/ب)، التي تحظر التملك لاغراض التغيير الديموغرافي، بالاضافة الى تفسير المحكمة الاتحادية العليا لهذه المادة.
- باعتبار شعبنا من الشعوب الاصلية في العراق، فمن حقنا الاستناد لاعلان الامم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الاصلية والمعتمد في الجمعية العامة للامم المتحدة منذ أيلول 2007، حيث يؤكد في الكثير من مواده على ضرورة ان تضع الدول اليات فعالة لتمنع أي اعمال تهدف لنزع ملكية الاراضي والموارد والاقاليم التابعة لهذه الشعوب بالاضافة الى ايجاد اليات الانتصاف. الى جانب بقية المعاهدات والمواثيق الدولية التي تحفظ للمجموعات الصغيرة والاقليات والشعوب الاصلية حقها في حماية أراضيها التاريخية.
المهم في الموضوع، ان الحل لن يكمن بالمزيد من تأجيل المشاكل والتغاضي عنها ولا أيضا بالتاجيج الاعلامي وليس كذلك بمطالبة الناس بفتح جبهات القتال للمطالبة والدفاع عن الحق او التباكي عليه، بل ان حل المشاكل واعادة الحق يفترض ان تتم وفق القانون، وعلينا ان نملك الرؤية والسياسة المطلوبة لصناعة هذا القانون ..
أخيرا، سائل قد يسأل، هل نؤمل ان يشرع هكذا قانون ببساطة وخلال فترة معينة ؟
جوابنا: لا نعرف كم تقصر وتطول هذه الفترة لأجل ان يرى النور هذا المشروع، ولا عن الجهود والنضال الاضافي الذي قد يتطلبه، لكن المهم أن نبدأ به وبجدية وقوة وأن نرسم له خارطة طريق، عندما نتفق على أهميته المتأتية بأهمية الارض التي تقابل الوجود، والوجود الذي بدونه يصعب الحديث عن ممارسة أية حقوق بشكلها الطبيعي وفي أرضها الطبيعية.
والاهم أن نصنع لأهم موضوع يمس وجودنا ملفا واضحا نستخدمه في كل زمان ومكان لما نريد الوصول اليه !!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهذ بعض الامثلة البسيطة، من بين ملف كبيرسنحاول مستقبلا عرضها للقراء تباعا، لاثبات ما ذهبنا اليه في موضوعنا أعلاه.
منطقة سهل نينوى:الالاف من الدونمات في أقضية الحمدانية وتلكيف والشيخان وناحية بعشيقة خلال عهد النظام البائد، قد تم الاستيلاء عليها دون وجه حق ودون رغبة وارادة أصحاب الأراضي التي ورثوها أب عن جد من أبناء شعبنا، ودون أي انصاف، ومن خلال قوانين وقرارات ولجان قضائية وادارية وزراعية مختلفة، تم توزيعها على غير أبناء المنطقة الاصليين من موظفي الدولة وخصوصا العسكريين والشرطة وقوات الامن او تخصيصها لاقامة منشأت حكومية لا سيما العسكرية منها... وكانت نتيجتها النهائية "تغييرا لديموغرافية المنطقة"، والمؤلم ان هذا التغيير لم يزل قائما لا بل ومستمرا وان باشكال ووسائل أخرى.
فمثلا:
القرار 117 لسنة 2000 من خلاله (2750 قطعة بمساحة 250 متر مربع للقطعة الواحدة) من أراضي شعبنا في بغديدا وبرطلة فقط تم توزيعها على مواطنين من غير أبناء البلدة الاصليين.
وفي تلكيف وفق نفس القرار تم تخصيص (1600) قطعة أرض سكنية لتوزيعها أيضا على غير أبناء المنطقة الاصلييين.
وبمطالعة بسيطة لوثائق ضمن الملف الذي قمنا بتنظيمه، تقرأ أيضا عن أرقام مهولة لأراضي تم اطفائها، كمثال في قضاء تلكيف:
750 دونم تم استملاكها لأغراض السكن لموظفي معمل الادوية ومنطقة التبادل التجاري
2000 دونم تم اطفائها للمنطقة الحرة / فلفيل
221 دونم تم اطفائها وتخصيصها لمعمل الادوية
1500 دونم تم استملاكها لأغراض منشأة جابر بن حيان
800 + 400 تم استملاكها لاغراض سكن موظفي منشأة جابر بن حيان
بالاضافة الى قوانين وقرارات سابقة، مثال القانون 53 لسنة 1976 والذي تسبب بضياع 70 % من اراضي شعبنا في منطقة سهل نينوى (بحسب المشاور القانوني ماهر سعيد متي)، أو القرار 1253 لسنة 1985 والخاص بحل الاراضي الزراعية التي لم تزرع لسنتين متتاليتين، الى جانب القرارات الصادرة عن مجلس قيادة الثورة المنحل 181-184 لسنة 2002، حيث أوجب القرار الاخير أن يكون التعويض عن الارض نقدي وليس عيني، ومن بين ما يعني ذلك ان كل أرض زراعية كانت تعود لأحد ابناء شعبنا ويتم اطفائها من قبل الدولة لاي سبب لم يتم تعويض صاحب الارض باية قطعة سكنية بل بتعويض نقدي.. وفي مقابل ذلك يعاد توزيع القطع السكنية في غالبيتها على غير ابناء المنطقة... والى اليوم فان صور واشكال الاستيلاء على الاراضي وبالوسائل المختلفة في كل مناطق سهل نينوى ما زالت مستمرة.
- قد تكون برطلة اليوم أحد النماذج المعبرة عما يحصل للاراضي التاريخية لشعبنا في مختلف مناطقه، فمن ناحية يظهر آخر احصاء اجري عام 1997 ان سكانها كانوا (20000) نسمة، فان غالبيتهم العظمى قد كانو من ابناء شعبنا الكلداني السرياين الاشوري – المسيحي، بينما يصل سكانها اليوم بحسب تقديرات الى (60000) فكم يشكل أبناء شعبنا بين هؤلاء؟؟ وكمثال آخر، قد تم بناء 6 مجمعات سكنية على أراضيها، فقط مجمعان هم لساكني المنطقة الاصليين من أبناء شعبنا، ويجري الحديث عن وجود (126) حالة تجاوز مقرة على أراضي سكنية تابعة للبلدية، كان قد تم اطفائها سابقا من اصحابها الاصليين وادخالها ضمن البلدية، بينما المتجاوزين عليها الان هم من سكان القرى من خارج البلدة...
في مناطق أقليم كوردستان العراق:العشرات من البلدات والقرى تعاني من مشاكل التجاوزات وانتزاع ملكية أراضي وعقارات ولفترات طويلة تمتد لعقود سواء كانت خلال فترة النظام السابق، والتي استمرت ما بعد انتفاضة اذار المجيدة في 1991، وحتى بعد تشكيل برلمان وحكومة الاقليم في 1992 وما زالت مستمرة الى اليوم، والمؤسف ان الكثير منها قد صدر بحقها قرارات للحل ولكنها لم تنفذ أو بقت قاصرة في تنفيذها، وحالات غيرها استجدت وما زالت مستمرة ..
وكأمثلة بسيطة:
- الصفحة الاولى من عريضة مقدمة من مختاري (7) قرى في منطقة نهلة، من بينها 5 قرى الآن مهجرة ولم تستطع العودة، تاريخ العريضة غير واضح لكن معلوماتها تدلل انها مقدمة في بداية الستينات، وموجهة الى لواء متصرف الموصل، وتستعرض المعاناة التي تعانيها وتطلب بوضع حد للتجاوزات عليها، النتيجة ان (5) قرى ما زالت مهجرة وتنتظر حلا لأراضيها واملاكها التي فقدتها ؟؟؟ والبقية لديها مشاكلها استمرت منذ ذلك الوقت بل وزادت ولم تنتهي الى اليوم. الشكل (1) + الشكل(2) عريضة مقدمة من الشماس داود سيفو مختار قرية كربيش الى محافظ نينوى يطالب بالمساعدة لعودة الاهالي الى القرية ومؤرخة في 26/9/1972).
- الكتاب المرقم 488 صادر بتاريخ 14/10/1992 من شعبة زراعة وري عقرة وموجه الى لجنة الجبهة الكوردستانية، مضمونه تبليغ الفلاحين الاثنين من الاكراد المتجاوزين على أراضي قرية كشكاوا في نهلة (مقاطعة كيرا صور)، بضرورة الارتحال عن القرية ورفع التجاوز، لكن واقع الحال انهم ما زالوا الى اليوم متجاوزين بل وزادت تجاوزاتهم، رغم ان مطالبات الحل لم تتوقف الى اليوم. الشكل (3)
- في قرية (قرولا) التابعة لقضاء زاخو، عندما سمح أبناء القرية لعدد من العائلات من خارجها بالسكن لفترة مؤقتة بسبب الاوضاع، قام الساكنين الجدد ببناء دور واستغلال اراضي القرية للزراعة، ولم يتركوا الدور الا مقابل تعويض مجزي، بينما يرفضون ترك استغلال الاراضي الا مقابل تعويض مجزي آخر، ومن هذه الاراضي (1200) دونم تم زراعتها بالاشجار، ويرفض صاحبها الاستغناء عنها الى اليوم رغم قرار صادر من مجلس وزراء الاقليم كان يفترض ان تنتهي المهلة المقدمة لمستغل الاراضي في 12/5/2012.
- الالاف من الدونمات التي تم اطفائها في عنكاوا سواء لانشاء المطار او غيرها، حيث يكفي للمتتبع ان يقارن واقع حال البلدة، بما تبقى لها من اراضي الاباء والاجداد وحتى ما يحدث بمنتصف البلدة ذاتها، ليقرر اذا كان يشكل هذا تغييرا ام لا ؟؟
- أما مسألة المجمعات الكثيرة التي تم بنائها في عدد من البلدات والقرى التابعة لأبناء شعبنا الكلداني السرياني الاشوري، ولأغراض مختلفة سواء منذ أيام النظام البائد وما بعدها، فهو ملف آخر أكثر تعقيدا، ومن خلالها تم هضم وقضم الاف الدونمات من أراضي شعبنا التاريخية بقوانين معينة وبغيرها، ومن بينها :
• مجمع تم بناءه في قرية ديرابون ل(300) عائلة ايزيدية من خارج المنطقة، وهو ما زال يأخذ بالازدياد، بل ان ساكنيه يتجاوزون باستمرار على المراعي واراضي القرية الزراعية ودول حل.. الشكل (4)
• مجمع كبير تم بناءه على أراضي قرية (كورى كافانا) لعدد كبير من العائلات من القرى المجاورة، وأصبح أمرا واقعا ودون أي حل لاصحاب الارض المتضررين.
• منذ 1992 تم بناء مجمع لمرحلي أكثر من (100) عائلة كوردية من قرية بعيدة، على أراضي لأبناء شعبنا في سرسنك، كان حلا مؤقتا في ظروف صعبة، لكنه تحول الى واقع ... والمتجاوزين استفادوا ايضا من قطع سكنية يتم توزيعها عليهم في نفس المنطقة، بينما يحرم أصحابها الاصليين من الاستفادة الشكل (5أ،5ب)...
انها مجرد أمثلة بسيطة لكنها تعبر عن ملف يعتبر الاهم في قضية وجود شعبنا على أرضه التاريخية والتي بعدمها لن يستطيع من التمتع وممارسة بقية حقوقه الادارية والسياسية والاقتصادية والثقافية واللغوية ..