عاجل: البطريرك لويس يعلن الكنيسة الكلدانية "كنيسة منكوبة" ويقرع أجراس خطر هجرة المسيحيينعنكاوا كوم - بغداد - خاصقرع بطريرك الكنيسة الكلدانية في العراق والعالم مار لويس روفائيل الأول ساكو أجراس خطر هجرة المسيحيين في العراق وأعلن أن الكنيسة الكلدانية، ومقرها العاصمة العراقية بغداد، أنها "كنيسة منكوبة".
وفي مقال ارسل نسخة منه لموقع "عنكاوا كوم"، قال مار لويس "تصاعد هجرة المسيحيين اليوم في العراق مخيفٌ ومقلقٌ جداً. لي سنة وبضعة أشهر على تسلمي رئاسة الكنيسة الكلدانيّة وزرت معظم المدن ومن عمق واقعنا اقرع أجراس الخطر وأعلن أننا كنيسة منكوبة".
وحذر "إن استمر الوضع على هذا المنوال، فسوف لن يكون عددنا بعد عشر سنوات سوى بضعة آلاف! أورد مثالاً عن الوضع، قبل أيام زرت مدينة الحلة، كان فيها في تسعينيات القرن الماضي 287 عائلة مسيحية، حالياً لم يبق منها سوى 21 عائلة. وفي بغداد يوجد 21 خورنة كلدانية مفتوحة، تم إقفال بعض الآخر أو دُمج. في كنيسة الصعود – المشتل على سبيل المثال كان يسكن نحو 5 آلاف عائلة وعدد طلاب التناول الأول كان أكثر من 240 طالب وطالبة قبل سقوط النظام. واليوم 25/4/2014 احتفلت في هذه الكنيسة بقداس التناول الأول لـ13 طالباً فقط".
الهجرة قائمة أيضاً في إقليم كردستان الآمنوقال مار لويس إنه "من هذا المنطلق أدعو الجميع إلى الانتباه إلى هذا الكارثة ودراسة أسباب هجرة المسيحيين من وطنهم الأمّ ومعالجتها ووضع حدٍ لها".
وأوضح أن "الأسباب معروفة: الحروب والصراعات المتتالية منذ عقود، المناخ الاجتماعي والخدمي السيئ الذي خلفه التردي الأمني بعد سقوط النظام عام 2003، تنامي التشدد الديني، رسالات التهديد التّي تصلهم، الاستيلاء على ممتلكاتهم، البطالة، تخبط سياسة بعض الدول الغربية وتشجيعها هجرة المسيحيين إليها، غياب رؤية واضحة عند المسيحيين والمسلمين في عيش مشترك أفضل، شعور المسيحيين بانحسار دورهم ومكانتهم في وطنهم فضلاً عن الوضع الساخن في عموم المنطقة. والملفت للنظر أن ما يحصل في العراق يحصل الآن في سوريا ولربما سينسحب إلى بلدان أخرى".
وقال "عملياً، السلطات الحكومية تتحمل جزءاً من مسؤوليّة هذه الهجرة بسبب إخفاقها في استتباب الأمن والاستقرار. المسيحيون مواطنون أصليون يستحقون كلّ الاحترام وحماية حقوقهم وحريّتهم وكرامتهم. ومن هنا أتوجه إليهم لكي يعملوا من اجل السلام ويسعوا لإشاعة ثقافة اللاعنف، وقبول الآخر واحترامه من خلال كافة الوسائل المتاحة كوسائل الإعلام ومناهج التدريس في المدارس والجامعات ومراجعة القوانين خصوصًا مواد الأحوال الشخصية، وتشجيع عودة البعض ممن غادر إلى بلدان الجوار من خلال تأمين سكن لهم وعمل ومدارس. هذا الأمر ليس صعباً على الدولة لاسيما وأن الأعداد ليست كبيرة".
وخاطب "رجال الدين المسلمين والمسيحيين من اجل تكثيف الجهود على أرض الواقع في سبيل الحفاظ على اللحمة الوطنية، وإزالة الأفكار المسبقة عن الآخر"، وقال "لنقف أمام إنسانيتنا وقفة تحرر ومصالحة مع أنفسنا ومع أخينا الإنسان ونصدر بياناً مشتركاً يحرم كل أشكال العنف والتخوين والتكفير، ويدعو إلى السلم والأُخُوّة بين أبناء الشعب الواحد. أذَكّر بالعلاقات الممتازة بين المسيحيين والمسلمين في فجر الإسلام، كيف كان المؤمن المسيحي مثالا للمسلم وملجأ له في الاضطهاد (النجاشي) وكيف أن القرآن الكريم يحث المسلمين على أن يرتبطوا بعلاقات مودة مع المسيحيين، وان وجد بعض التشكي من فئة منهم، لا يجب تعميمه، خصوصاً أن مسيحيّ اليوم غير نصارى القرن السابع!".
وقال "اليوم نحتاج إلى خطاب عملي يشجعنا على العيش معاً في المحبة والفرح والسعادة. هجرتنا تفقر إخوتنا المسلمين، وبقاؤنا وتواصلنا مصلحة إسلامية قبل أن تكون مسيحيّة. نحن بمهاراتنا ومواهبنا نقدر أن نقدم الكثير كما يمكن أن نكون همزة وصل بين الغرب والإسلام".
الغرب والفوضىوطالب "الغرب" بـ "مراجعة مخططاته بشكل صحيح للحفاظ على تنوع ثقافات هذه البلدان وتعددها والعمل على استتباب الأمن والأمان فيها، الديمقراطية والتغيير يأتي من خلال التنشئة والتربية وليس عن طريق الصراعات. تدخل الغرب في المنطقة لم يحل مشاكل هذه البلدان بل أنتج على العكس، مزيداً من الفوضى والنزاع. صراحةً لم تتمكن 1400 سنة من حكم الإسلام على اقتلاعنا من أرضنا وكنائسنا وها هي سياسات الغرب تُشتتنا وتوزعنا في كلّ أقاصي العالم".
وقال "على الكنائس الغربية مد يد العون لتحسين مناطقنا وفتح بعض مشاريع تنموية كالزراعة وتربوية وصحية وخدمية وإيجاد فرص عمل لسكان هذه القرى".
وأضاف "عليه في الختام، نتساءل: هل يُحتّم على الرجال والنساء الذّين بنوا ماضٍ عريق أن يختفي كلّ أثرٍ لهم، لا سامح الله، من بلاد ما بين النهرَين ( العراق) وأرض أجدادهم؟".