المحرر موضوع: قانون الأحوال الجعفري لزواج القاصرات وحقوق الطفولة  (زيارة 3950 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عماد هرمز

  • اداري منتديات
  • عضو فعال جدا
  • *
  • مشاركة: 292
  • الجنس: ذكر
  • مترجم وكاتب وسياسي
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
قانون الأحوال الجعفري لزواج القاصرات وحقوق الطفولة
عماد هرمز
 
مشروع قانون الزواج من القاصرات في العراق، قانون الأحوال الشخصية الجعفري،  الذي بموجبه يحق للرجل أن يتزوج من قاصرات بعمر صغير ابتداء من تسع سنوات، والذي حاول مجلس الوزراء تمريره قبل الانتخابات، كان اسواء مشروع قانون يطرحه مجلس وزراء دولة في هذا القرن. وهو بالنسبة لي التخلف في أوجه معالمه واعلى قممه. فبرأي أن التفكير في تشريع مثل هكذا قرار وفي القرن الواحد والعشرون، هو تصرف سياسي خارج عن نطاق استيعاب العقل البشري والضمير الإنساني. ومن لديه أطفال بعمر صغير مثل هكذا عمر سيتفهم ازدرائي وامتعاضي وتقززي لمثل هكذا قانون الذي تقشعر البدن عند سماعه ولا تتقبله المعدة البشرية فتطرح خارجها مع نفايات الأكل.

وبرأي فأن هذا القانون، لو نجح الساسة في تحقيقه، سيكون تنقيص علني بمكانة المرأة وبعائلتها على حد سواء بغض النظر عما إذا كانت تفسيرات أعضاء مجلس الوزراء وتبريراتهم منطقية أو مستندة على اجتهادات دينية يطرحونها في العلن ومن خلال لافتات أو اعلانات كبيرة، تقرأ الواحدة منها " القانون الجعفري يحمي لي حقوقي وكرامتي" التقطتها عدسة المصور كريم كاظم الذكية (لوكالة الأسوشيت بريس ونشر على موقع الواشنطن بوست) حيث يظهر في الصورة طفلة صغيرة مرسومة على اللافتة وتمر من أمام اللافتة  طالبة صغيرة مرتدية الزي المدرسي. وتعليقي على هذه الصورة بسيط وبديهي ولا أعرف كيف جاء القائمون على التفكير في تشريع مثل هكذا قانون بهذا الطرح الساذج والسخيف. فإذا كان مشروع قانون الأحوال الشخصية الجعفري بالفعل يحمي حقوق وكرامة الطفلة في بيتها الزوجية اليس هذا معناه بأن كرامة وحقوق الطفلة لحين زواجها تكون غير مصانة في بيت أبيها الذي رباها واعتنى بها مثل الزهرة في حديقته والأن وبكل بساطة يتهم هذا القانون رب الأسرة بأنه لا يصون كرامة وحقوق طفلته وأن الزوج هو الوحيد الذي سيقوم بذلك؟ هل من الصحيح القول بأن الزوج هو أفضل من الأب؟ وإذا كان هذا الكلام صحيح فإذا ما حاجتنا إلى الطلاق!، ولماذا يحلل الله الطلاق بالنسبة للمسلمين. اليس الطلاق معناه بأن الرجل أو المرأة وفي حالات كثيرة لا يمكنهم الاستمرار في العيش سوية ويطالبون بالانفصال. ولماذا نسبة الطلاق في العراق أو الدول الأخرى في تزايد مستمر؟  وفي حالة طلاق المرأة الا تعود المرأة إلى بيت أبيها لتحتمي به ويقوم هو بإعادتها إلى قطيعه والاعتناء بها.  هذا تناقض ومنطق غير مبرر بل منبوذ.

 وبشكل عام فأن هذه الظاهرة غير مقبولة ليس فقط عالميا بل عربيا ً وكان الفن العربي من خلال الكتابة والتلفزيون، السباق في إعلانه لرفضه لمثل هكذا ظاهرة. ومسلسل "القاصرات" للكاتبة سماح الحريري وللمخرج مجدي أبو عميرة وبطولة الفنان الكبير صلاح السعدني هو بمثابة صرخة يطلقها الأنسان العربي بوجه هذه الظاهرة التي يشمئز الشخص من سماعها.

وفي بحثي عن مصادر ارتكز عليها للكتابة عن هذا الموضوع تعثرت بمقال للكاتب تيرانس ماك كوي الصحفي في جريدة واشنطن بوست ونشر هذا المقال على موقع الجريدة على الرابط المبين في نهاية المقال. وجدت هذا المقال يغطي جوانب عديدة من تاريخ هذه الظاهرة وبأن الكاتب كان غير متحيز في طرحه وتناوله لهذا الموضوع بالإضافة إلى احتوائه على بيانات مهمة بخصوص عدد النساء اللواتي يتزوجن في اعمار مختلفة في حياتهم وسأعرض جزء بسيط من المقال وبإمكان القارئ قراءته بالكامل.

 عنوان المقال هو " العراق يستعد لإضفاء الشرعية على زواج الفتيات الصغار من عمر تسع سنوات".

يقول الكاتب: ((منذ عقود، في السنوات التي تلت حصول العراق على استقلاله، استفحل تقليد الزواج من الأطفال في تلاله وسهوله. وبناء على أوامر أباءهم كانت الفتيات العراقيات يُخطبن للأغراب وكذلك للخصوم على حد سواء لحل النزاعات والخلافات القبلية أو ردا للجميل. لكن في منتصف السبعينيات من القرن الماضي أصبح قانون " الفصلية" (أو الفصل كما نقوله نحن بالعامية العراقية) ممنوع عندما تقدم البلد نحو العلمانية والتطور. هذا المرسوم "حظر الفصلية" شكل الخطوة الأولى نحو مجتمع عراقي متحضر، وبحسب ما ورد في تقرير نشرة المونتروترجمتها "المراقب"  الشرق أوسطية فأن ذلك "وضع نهاية لإخفاقات المجتمع القبلي".  وشهدت السنوات التي تلت هبوط حاد في معدلات زواج الأطفال. وفي عام 1997، وبحسب ما جاء في المنظمة المركزية للإحصاء، فأن 15% فقط من النساء العراقيات تزوجن وهن أطفال وهذا المعدل بقي نفسه لغاية عام 2004. ولكن وبينما البلد يغطس في أحلك أيام الحرب في العراق، برزت من جديد التقاليد وبضمنها تقليد زواج الأطفال. في عام 2007، وبحسب ما جاء في نشرة المراقب، فأن 21 % من النسوة العراقيات الشابات أفضوا بأنهم تزوجوا في عمر الطفولة. وبعد ستة أعوام، صرح المكتب المرجعي للسكان بأن " الانخفاض في معدلات الزاج المبكر قد توقف". وفي الواقع فأن المعدلات كانت قد ارتفعت. بحلول منتصف 2013، تبين بأن أكثر من ربع الإناث تزوجوا وهم في عمر الطفولة وبأن 5% منهم قد تزوجوا قبل سن 15 عام. وهذا المعدل من زيجات الأطفال وضع العراق في مقدمة الدول في المنطقة من هذه الناحية.  والآن تستعد الحكومة العراقية لإضفاء الشرعية على زواج الأطفال في بلد غالبية سكانه من الشيعة. لكن القانون الذي يتوقع البعض أن يمرر أو يشرع قبل الانتخابات البرلمانية القادمة هذا الشهر له ابعاد أخرى أكثر من تشريع قانون الزواج من قاصر. وقانون الجفري للأحوال الشخصية كما يطلق عليه سيمنع من مسلمة الزواج من غير مسلم ويمنع الزوجة من ترك بيتها بدون أذنن من الزوج ويمنح حضانة الأطفال الذين يبلغ عمرهم أكثر من سنتين بشكل تلقائي للأب في حال حصول طلاق وهذا القانون فيه إضفاء الشرعية على الاغتصاب الزوجي (أي فرض الزوج على زوجته ممارسة الجنس ضد رغبتها)).

وبرأي فأن مشروع القانون هذا ليس إلا قانون يستخدمه الرجل لفرض إرادته ونزواته الجنسية على المرأة. وهذا الفرض يعتبر في القوانين والدساتير الدولية بمثابة سلب لإرادة وحرية المرأة وبالتالي لكافة حقوقها في عيش حياة كريمة متكافئة مع الرجل. وزواج الأطفال بعمر مبكر مثل تسع سنوات ليس إلا إجرام بحق الطفولة قبل أن يكون إجرام بحق الأنثى. تخيل تعريض طفلة في التاسعة من عمرها إلى قضايا جنسية خاصة بالبالغين. في هذا العمر تكون الطفلة في مرحلة دراسية ثالث ابتدائي أي توها بدأت تفك الحرف تنظر إلى الحياة ببعد واحد (أحادية البعد)،نحو اسرتها فقط، أي لازالت تتعلم عن اسرتها ومحيطها، بل بالإمكان القول بأنها بريئة لدرجة أنها لازالت تتعلم عن ماهية نفسها فمن هي ولماذا هي موجودة في الحياة. وعليه تحتاج في هذا الوقت إلى حضن ودفيء والديها واخوتها لكي تستمر في التعلم عن الحياة لحين نضوج عقلها وتمكنها من إدراك المحيط الخارج عن محيط العائلة والتفكير أو الشروع في تكوين اسرة لنفسها.

ومن الصحيح القول بأن الطفلة تصل سن البلوغ في عمر يتراوح بين 8-13 إلا أن ذلك لا يعني أو نفسره على أنه استعداد لممارسة الجنس، وإنما يعني حصول تغيرات في جسم الأنثى أو الطفلة كجزء من تحولها إلى امرأة ناضجة واهمها حصول تغيرات في الغدة النخامية المتواجدة خلف الدماغ التي تعمل على إفراز هرمونات التي من شأنها احداث تغييرات، تعتمد ما إذا كان طفل أو طفلة، في الجسم. وبحسب الدراسات فأن الطفل أو الطفلة في هذا العمر يشعرون بالخجل عند التلميح أو التطرق شفهيا إلى أي مواضيع جنسية. وعلى الوالدين مساعدة أبنائهم في وعلى الآباء والأمهات تفهم وإدراك هذه التغييرات في طلفهم أو طفلتهم، لأنهم مروا بها وعليهم مساعدة الطفل على تقبلها أولا ً ثم كيفية التعامل معها وتخطيها. فالطفل في هذا العمر لا يدرك لماذا يتغير على سبيل المثال صوته أو صوتها أو بدأت ثديها بالبروز أو ظهور شعر في مناطق معينة من الجسم وغيرها من الأمور. ما أود قوله هو أن التغيرات التي تحصل في هذه المرحلة من التطور الجسدي للطفل أو الطفلة تحتاج إلى انتباه ورعاية الأبوين.

اضم صوتي مع أصوات خواتي العراقيات اللواتي خرجن في تظاهرة في عيد المرأة في العراق في هذا العام. فبحسب ما نشر في موقع جمعية الأمل العراقية فأنه "تظاهرت أكثر من عشرين امرأة عراقية في بغداد ضد مشروع قانون الاحوال الشخصية الجعفرية الذي اقره مجلس الوزراء العراقي" وأيضا ً اهتف معهم ونرفع شعارهم "نساء العراق في حداد". وبحسب ما جاء في الموقع فأن الناشطة المدنية هناء ادور صرحت قائلة "نحن نؤمن بأن هذا القانون جريمة ضد الانسانية، وان هذا القانون سوف يحرم الطفلة العراقية من العيش بطفولة طبيعية". وأيضا ً جاء في الموقع بأن ممثلة الأمم المتحدة في العراق نيكولاي ملادينوف، وصفت التشريعات بهذا القانون على موقعها في تويتر "ان مشروع القانون مخاطر دستوريا لحماية المرأة والالتزام الدولي".

وفي مقابلة مع السيد أياد علاوي رئيس قائمة ائتلاف الوطنية مع اعلامي في موقع عنكاوة ورداً على سؤال "كيف ترى الإطار القانوني لحقوق المرأة والطفولة في حالة إقرار البرلمان لمشروع الأحوال الشخصية الجعفرية؟ وكيف تواجهونه؟"، أجاب علاوي قائلا "أولاً، ولله الحمد، المرجعية الشيعية تصدت لهذا القانون واعتبرته قانون ناقص وهو بدون دراسة كاملة وهذا الشيء مفرح لأن المرجعية تؤثر في اتخاذ هذه القرارات". وأوضح "اعتقد أن مشروع القانون لا يخدم الشعب العراقي ولا يخدم وحدة العراق ولا يخدم التطور الاجتماعي الحاصل في العراق... ولهذا يجب أن لا يمرر القانون في شكله الحالي وليس هناك حاجة أن ندخل بتفصيلات هي محط اعتراض المرجعية الشيعية".

نتمنى أن تستمر المرجعية الشيعية في معارضتها لمثل هكذا مشروع قرار ولنعمل سويا مع برلماننا الجديد من أجل الحفاظ على حقوق الطفولة في العراق ولنعمل جاهدين على تشريع قوانين تهدف إلى توفير أفضل سبل التعليم لهم ونعمل جاهدين على توعية الوالدين بمخاطر الزواج المبكر على الطفلة ولنتذكر بأننا في القرن الواحد والعشرون حيث المرأة تلعب دورا مهما في المجتمع والبلد وليس دورها مقصورا ً في العائلة والبيت.