المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري و الحركة الديموقراطية الآشورية
وجهة نظر مقارنة
أبرم شبيراكمراقب ومهتم بالشأن السياسي القومي لأمتنا "الكلدانية السريانية الاشورية" وبالنشطاء والفاعلين على الساحة القومية لايمكن أن نضع الأمور في نصابها الصحيح والمنطقي إلا أن نلتصق بالواقع ونكتشف منه، وبنظرة موضوعية لا إنحيازية، الحقائق كما هي لكي نمتلك الحد الأدنى من المنطق والقبول لوجهة نظر أو رأي في مسألة معينة خاصة المسألة القومية السياسية التي يحتدم فيها النقاشات والمناطحات الفكرية والتي بعضها تخرج عن أطارها العلمي وحتى الإخلاقي المعروف في تناول مثل هذه المسائل المهمة. خلال أيام القليلة الماضية أحتفل المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري (المجلس) بالذكرى السابعة لتأسيسه، وشأن ونشاط هذا المجلس خلال هذه السنوات القليلة في حياته السياسية مسألة لا يمكن أن تمر على المهتم بالشأن السياسي القومي لأمتنا إلا أن يتفحصها وبنظرة موضوعية مهما كان موقفنا منه إيجابيا أو سلبياً فهذا شأن فكري ذاتي وشخصي أما الوقائع التي تدخل في الدائرة الموضوعية فهي خارج النطاق الذاتي والشخصي وبعيدة بمسافات متعدة بتعدد الأراء والأفكار عن البحث العلمي الواقعي والرصين.
تأسس المجلس قبل سبع سنوات، أي في عام 2007 وفي منطقة الحكم الذاتي لكردستان العراق ولهذا التاريخ وما قبله مدلولات وإستنتاجات منها أن هذا التاريخ هو بعد سقوط الصنم البعثي في عام 2003 وما لهذا السقوط من تداعيات وإفرازات على المتسوى السياسي. وما يهمنا نحن هو تأسيس العديد من الأحزاب السياسية وظهور منظمات بمختلف توجهاتها السياسية والإجتماعية والثقافية وحتى الطائفية والعشائرية ومنها المجلس وبالتالي هيمنة التخبط وضياع الفكر السياسي القومي الرصين في النزاعات التي نشبت بين هذه الهايكل الجديدة والقديمة من أجل إقتناء كرسي برلماني أو حكومي واللهث وراء المصلحة الذاتية والشخصية من دون أعتبار للمصلحة القومية التي يتطلبها حد أدنى من التفاهم والتعاون وربما التحالف لتحقيق مثل هذه المصلحة خاصة في الظروف المأساوية الحالية التي يمر بها أبناء شعبنا. الملاحظ أيضا بأن هذه الأحزاب والتنظيمات بما فيها المجلس قد تأسسوا في منطقة الحكم الذاتي حيث وفرت السلطة فيها هامشاً ديموقراطياً أتاحت الفرص لتأسيس الأحزاب والتنظيمات أو تزايد نشاط غيرها المتواجدون على الساحة السياسية قبل هذا التاريخ. والظاهر للعيان أنه تقريباً معظم اللذين أسسوا هذه الأحزاب والتنظيمات بعد عام 2003 لم يكونوا معرفين على الساحة السياسية القومية ولم تكن لهم تجارب في هذا الحقل أو لهم علاقات وطيدة بالأحزاب والتنظيمات القائمة قبل 2003 أن لم نقل بأنهم كانوا يعادون قيام الأحزاب في أمتنا سواء خوفاً من النظام البعثي أو جهلاً بأهمية الأحزاب في حياة كل أمة، لا بل وكان البعض من هؤلاء أعضاء في أحزاب سياسية عراقية كالحزب الشيوعي العراقي أو الديموقراطي الكردستاني (البارتي) وحتى حزب البعث العراقي أو بقوا يحملون الإنتماء المزدوج بين الحزبين بعد تأسيس أو الإنتماء إلى الحزب الجديد. الأهم من كل هذا وذاك الذي يشترك به معظم الأحزاب والتنظيمات التي تأسست بعد عام 2003 مع المجلس هو أن هذا الأخير ينفرد بصفة فريدة ونادرة هي أن تأسيسه جاء على يد أو بتوجهات أو بإدارة أو بمبادرة شخصية تحتل منصباً حزبياً ورسمياً رفيعاً وهو السيد سركيس أغاجان الذي كان كادراً متقدماً في البارتي ووزيرا للمالية ونائباً لرئيس الوزراء ومقرب إليه. وقد يشارك مع المجلس هذه الصفة والإزدواجية الحزب الديموقراطي الكلداني الذي أسسه السيد عبد الأحد أفرام وهو أيضا كان من كوادر البارتي المتقدمة إلا أنه لم يستطيع تحقيق أية خطوة على الساحة السياسية القومية بعكس الحال مع المجلس وربما يكون سبب إخفاق الحزب الديموقراطي الكلداني على الساحة السياسية هو تبنيه للتسمية الكلدانية المفردة بعكس الحال مع المجلس الذي تبنى التسمية المركبة التي كانت صالحة ومفيدة في منافسة زوعا وكسب شعبية على جميع المستويات الكلدانية والسريانية والاشورية، كما أن وجود منافس واحد وقوي وفاعل في مواجهة زوعا أحسن وأكثر عملياً من منافسين وتشتيت الجهود، خاصة بعد ترك قيادة زوعا لمنطقة الإقليم وتوجهها نحو بغداد ودخولها في تحالفات مع القوى السياسية الفاعلة هناك فكان هذا أمراً مطلوباً لملئ الفراغ النسبي الذي تركته زوعا في الأقليم، ولربما جاء تأسيس المجلس في سياق ملئ هذا الفراغ.
وعلى المستوى الرسمي، جاء المجلس من بين كل الأحزاب السياسية والتنظيمات القومية التي تأسست بعد عام 2003 ليبرز كلاعب كبير ومتميز وفاعل على الساحة السياسية القومية في حين لم تستطيع بقية الأحزاب والتنظيمات من مجاراته حتى الأحزاب السياسية العتيدة التي تأسست قبل هذه التاريخ ولها تاريخ سياسي طويل مثل حزب بيث نهرين الديموقراطي (كبًا) والحزب الوطني الآشوري (أترنايا) بإستثناء الحركة الديموقراطية الآشورية (زوعا) الذي نافسها نداً بند وعلى مختلف الأصعدة الرسمية والشعبية. ففي الوقت الذي كانت زوعا وحدها على الساحة القومية حصلت عام 1992 أربعة مقاعد من 5 مقاعد المخصصة للكوتا "المسيحية" في برلمان إقليم كردستان والمقعد الآخر أقتنص من قبل البارتي عبر وجه "مسيحي" مع حصول زوعا أيضا على مقعد في الوزارة في حين نرى بأنه أصبح لها في إنتخابات عام 2010 مقعدين ومن دون وزارة بعد أن حصل المجلس على ثلاث مقاعد مع منصب وزاري. وفي الإنتخابات البرلمانية لهذا العام 2014 لإقليم كردستان أحتفظت زوعا بالمقعدين مقابل المجلس الذي تقلص مقاعده من ثلاث إلى أثنين وحصول المنافس الجديد الآخر لزوعا: كتلة أبناء النهرين على المقعد الآخر من الكوتا. والمنافسة محتدمة ولم تحسم بعد على كرسي الوزارة في الكابينة الجديدة لأقليم كردستان.أستمرت هذه المنافسة بينهما حتى في إنتخابات البرلمان المركزي في نهاية شهر نيسان الماضي 2014 حيث حصل كل منهما على مقعدين والمقعد الخامس من الكوتا حصل عليه الحزب الشيوعي العراقي عبر ممثله المسيحي. وكان المجلس قد دخل الساحة القومية منذ تأسيسه بمطالب وإنجازات تظهر في شكلها العام كمواجهة ومنافسة لزوعا.. جاءت قناة عشتار الفضائية للمجلس مقابل فضائية آشور لزوعا التي أنقطعت خلال فتراتها حتى أختفت بسبب ظروفها المالية كما قيل، وجاء مطلب المجلس للحكم الذاتي مقابل مطلب زوعا في الإدارة المحلية لسهل نينوى ثم جاءت التسمية الشاملة والمركبة لأسم المجلس مقابل التسمية المفردة لزوعا... وهكذا حتى تجمع التنظيمات السياسية الكلدانية السريانية الآشورية لم ينجو من هذا التنافس الذي شله تقريباً. ولو أخذنا الإنتخابات والفوز بالمقاعد في البرلمان كمعيار لقياس مدى قوة الحزب سنرى بأن هناك تنازلاً وتقلصاً في المواقع البرلمانية لزوعا من عام 1992 لغاية عام 2014 فمن اربعة مقاعد ثم إلى إثنان في الأقليم ومن ثلاثة مقاعد إلى أثنين في المركز وبقاء نفس الوجوه تقريباً وعلى نفس الخط التنازلي وهو الأمر الذي يستوجب على قيادة زوعا النظر فيه بجدية وضخ مسيرتها بدماء جديدة وإلا فالخط التنازلي سيستمر في الإنتخابات القادمة وسيصبح حالها كحال رجل متقاعد طاعن في السن لا يعمل شيء غير إستذكار أيام شبابه المفعمة بالحيوية.
لو أي باحث في الشأن السياسي القومي حاول مقارنة هذا التنافس المتوازن والند بالند بين كل من المجلس وزوعا مع الواقع والخلفية التاريخية والسياسية لكل منهما لوقع في حيرة من أمره ولا يخرج منها إلا بفرضيات غير مؤكدة. فزوعا تأسست عام 1977 وبفعل عناصر قومية شبابية ومثقفة معروفة ضمن تجمعات صغيرة وعبر مراحل لم تكن من السهل العبور من خلالها حتى تم ولادة تنظيم زوعا من مخاض صعب وعبر ظروف قاسية ونظام إستبدادي. كما أن زوعا شاركت في النضال السلبي والكفاح المسلح وتحالفت مع المعارضة العراقية بهدف إسقاط النظام البعثي في العراق وقدمت شهداء كثر وتخرج من مدرستنا كوادر سياسية مثقفة سواء بقوا منضمين إليها أو تركوها كما أن زوعا عقدت عدة مؤتمرات حزبية عامة تعتبر بكل المقايس العلمية المعروفة في دراسة الأحزاب السياسية مؤتمرات قياسية في تاريخنا القومي السياسي سواء من حيث التحضير لها وحضور المندوبين وتشكيل اللجان المختصة وأساليب إتخاذ القرارات وإنتخاب القيادات وتوزيع المسؤوليات. وأخيراً وليس آخراً لا أحد يستطيع أن ينكر بأن لزوعا الفضل الكبير في نشر الوعي القومي الصحيح بين أبناء أمتنا وأبراز قضيتنا القومية على الساحة السياسية الوطنية والعالمية وأعتبرها الكثير من المثقفين والكتاب ظاهرة حزبية فريدة من نوعها في تاريخنا السياسي المعاصر.
أما المجلس الذي يعتبر فتياً (7 سنوات) في مقارنته مع زوعا (35 سنة) فقد تأسس في ظروف مريحة وتحت ظل نظام سياسي يوفر هامشاً من الديموقراطية لتأسيس الأحزاب السياسية وممارسة نشاطاتها ولم يمر قبل تأسيسه الرسمي بمراحل صعبة مختلفة حتى يولد المجلس بل ولد بقرار قطعي وحاسم أتخذه بعض الشخصيات وقد يكون مثل هذا القرار مبادرة مباشرة من السيد سركيس أغاجان أو بتوجهات من الجهة التي ينتمي إليها (البارتي) وهذا ليس مستبعداً لأنه لا يوجد في العالم كله حزب يسمح لأحد كوادره أن يقوم بتأسيس تنظيم أو حزب من دون حصول موافقة الحزب الذي ينتمي إليه ويستوجب أن يكون فكر هذا الحزب الجديد غير متجاوز لحدود أجندة الحزب الآخر السياسية والأيديولوجية وإلا فصل من حزبه الأصلي. من هذا المنطلق يصبح المجلس موضوع شك وريبة عند البعض من منتقديه ومهاجميه على كونه من صنيعة البارتي وأداته السياسية في التعامل مع الشأن "الكلداني السرياني الآشوري". ويميل هذا الشك أكثر فأكثر نحو تأكيد تبعية المجلس للبارتي مستنداً على الأموال الضخمة جداً التي توفرت للمجلس وإستخدمها في نشاطه السياسي والقومي المنافس لزوعا مثل قيامه بخدمات كثيرة وضخمة كإعادة بناء القرى وتوفير الخدمات الطبية ومساندة المؤسسات الدينية والثقافية وإنشاء محطة تلفزيونية (فضائية عشتار) والتي تعتبر لحد هذا اليوم من أنشط وأنجح الفضائيات في مجتمعنا والجميع يعرف بأن لا أحد من مؤسسي المجلس ولا من مناصريه يملك الملايين من الدولارات لكي تكرس لخدمة المجلس لهذا السبب بقى مصدر هذه الأموال الضخمة مجهولاً لحد هذا اليوم رغم كون هناك إشارات وتلميحات بأن مصدرها هو البارتي، خاصة في فترة كون السيد سركيس أغاجان وزيرا للمالية والتي تقلصت هذه المبالغ بعد إنتهاء مهمته كوزير، أو هي من جمعيات خيرية عالمية خصصت هذه المبالغ لمساعدة المسيحيين في العراق، هذا الغموض جعل الشكوك حول تبعية المجلس للبارتي تقترب من الحقيقة.
مهما كان مصدر تأسيس المجلس وأمواله الضخمة فإن هذه الحقيقة الموضوعية للمجلس يجب أن لا تجعلنا أن نغض الطرف عن الجانب الآخر من الحقيقية الموضوعية، فالواقع الظاهر للعيان، أتفقنا معه أو لا فهذه ليست مشكلة الحقيقة الموضوعية بل مشكلة الشخص الناظر إليها، أن المجلس أستطاع خلال فترة قصيرة من عمره السياسي أن يكتسب شعبية واسعة في مجتمعنا وهي المصدر الذي أهلته أن يدخل الإنتخابات البرلمانية بقوة وكثافة ويفوز بمقاعد منافساً بذلك الحزب العتيد زوعا فأنحصرت المنافسة بينهما وكأنما أصبحنا أمام نظام الحزبين المعروف في العالم. أستطاع المجلس أن يستغل الأموال الصخمة المتاحة له في كسب ود ورضى الكثير من كبار رجال الدين كما أستطاع أن يستغل الأموال في تعمير بعض القرى "المسيحية" والتي عجز زوعا عن القيام بهذه المهمة فترك بذلك إنطباعاً قوياً لدى أبناء أمتنا بأن المجلس فعلاً يعمل من اجلهم ويحقق إنجازات على الأرض. ولكن بالمقابل يظهر بأن الأموال الطائلة التي صرف في تعمير هذه القرى لم تقم على جدوى إقتصادية ففائدتها كانت محدودة جداً، أما بسبب العدد القليل الذي سكنها أو هي بيوت لعطلة نهاية الأسبوع للبعض الآخر الذي يعيش في المدن الكبيرة لأن هذه البيوت تفتقر إلى البنية التحتية وإلى مصادر عيش ساكنيها. فكان من المفترض أن تقام في أول الأمر بنى تحتية وإنشاء مشاريع إقتصادية تكميلية للمحاصيل الزراعية التي تزرع في هذه القرى تكون مصدر عيش لسكانها وضمان لإستقرارهم فيها. ولكن يظهر بأن هذه الموضوع، تعمير القرى، كان لغرض بناء شعبية واسعة للمجلس والقيام بمهمة عجز منافسه زوعا القيام بها وقد نجح فيها تقريباً. وقد يكون أيضا لهذه البيوت غير العملية نية سياسية مبيتة لبيان بأن الكرد عامة والبارتي خاصة يعملون المستحيل من أجل المسيحيين في المنطقة يعمرون قراهم ويبنون لهم البيوت ولكن لا يسكنوها بشكل كامل ليظهر مثل هذا الإدعاء كغطاء للتجاوزات الواسعة على أراضي المسيحيين وتبرير التغيير الديموغرافي لمناطقهم التاريخية.
على العموم لقد سبق وقلنا بأن الأمة التي لايوجد فيها أحزاب سياسية وتنظيمات قومية نشطة وفاعلة ومخلصة ستصبح إرادة هذه الأمة مرهونة بإرادة الأمم الأخرى... والحق يقال بأن المجلس مع زوعا نشط وفعل على الساحة القومية إلا أن رغم كل التهم الموجهة إليه في تبعيته للبارتي فأنه في الظاهر لم تثبت هذه التبعية من خلال ممارسته لعمله السياسي وقد يكون هناك نوع من التعاون والتكامل مع البارتي، كما يفعل زوعا مع غيرها من القوى السياسية العراقية وهو أمر طبيعي في الحياة الحزبية من أجل تحقيق مصلحة معينة إلا أن هذا لا يكفي لإثبات تهمة التبعية. فعلى سبيل المثال لا الحصر لقد سمعنا وقرأنا بأن ممثلا المجلس في البرلمان المركزي المنتهي ولايته كانا قد غادرا جلسات المجلس عند طرح الموازنة العامة للمناقشة، وبرر المجلس غيابهما في كونهما في مهمة رسمية أو في إجازة، فتعرض المجلس إلى إنتقادات شديدة من قبل البعض واصفين أياه بالتبعية للبارتي معتمدين على مغادرة أو غياب ممثلي الكتلة الكردستانية لهذه الجلسات لأن هذه الموازنة لم تكن منصفة لإقليم كردستان. ولكن بالمقابل كلنا نعلم بأن غالبية أبناء أمتنا موطنهم هو في هذا الإقليم إذن بعبارة أخرى كانت الموازنة غير منصفة بحق أبناء أمتنا أيضا ومن غادر جلسات البرلمان أو رفض الموازنة كان تصرفاً صحيحاً من منظور المصلحة العامة لأمتنا أما من نظر إلى هذا التصرف كأنه فعل خاطئ وأستخدم غياب ممثلا المجلس عن الجلسات لأقامة تهمة تبعية المجلس للبارتي فأنه، مع الأسف، نظر إليه من منظار ضيق شخصي أو حزبي، وهو نفس الأمر الذي ينطبق على زوعا عند تحالفه مع القوى الشيعية أو غيرهم فيما إذا كانت مصلحة أمتنا من وراء هذا التحالف. في إنتخابات شهر نيسان الماضي، وضمن كراسي الكوتا "المسيحية" فاز المجلس بمقعد أربيل – عاصمة إقليم كردستان – وفازت زوعا بمقعد بغداد – عاصمة العراق - افهل يمكن أن نفسر هذا الفوز بتبعية المجلس إو تحالفه مع الكورد والبارتي وكذلك بتبعية أو تحالف زوعا مع القوى الشيعية وعلى رأسها نوري المالكي؟؟.. ربما!!
هناك نقطة مهمة جديرة بالمقارنة السياسية والحزبية بين المجلس وزوعا منظوراً إلى هيكلهم التنظيمي. فالمجلس يشبه كثيراً الأحزاب المعروفة بالهيكلية، أي التي لا تنشط إلا في وقت الإنتخابات والمناسبات العامة، فطبيعة هيكلها التنظيمي بعدم وجود خلايا وتنظيمات منتشرة في جميع أمكان تواجد أبناء شعبنا سواء في الوطن أم في المهجر تجعله أن لا ينشط جماهيريا وعلى الدوام غير وجود له فرع هنا وهناك. فحين على العكس من هذا فتظهر زوعا كحزب سياسي متكامل من جميع الجوانب التنظيمية إبتداءاً من لجنته المركزية وسكرتيرها العام إلى أصغر خلية أو منظمة أو فرع إضافة إلى تنظيمات وهياكل أخرى منظمة إليه أو تابعة له من خارج هيكلها التنظيمي كالإتحادات النسائية والطلابية والشبابية والخيرية وغيرها. أما من حيث الرئاسة أو القيادة فالمجلس ينفرد بحالة فريدة من نوعها ليس في مجتمعنا ولا في العراق وربما ولا في العالم أيضا وهو أن هيئة رئاسته تتكون من ثلاثة أشخاص محددين بالتسميات الثلاث (كلداني وسرياني وآشوري) ويتناوب كل واحد منهم على رئاسة المجلس لمدة ثلاثة أشهر فهذا أمر رغم صفة القيادة الجماعية الظاهرة فيه إلا أنه غريب جداً حيث أن فترة الأشهر الثلاثة لا تكفي إطلاقاً لممارسة أمور القيادة وخوض التجارب وإكتساب خبرتها كما أن أمر إنتقال هذه الخبرة من أحدهم إلى الآخر خلال هذه الفترة القصيرة تكون غير مكتملة ولا يمكن ضمانها لإستمرار نفس السياسية والنهج في التعامل مع الجماهير أو مع غيره من القوى السياسية. هذه الصفة في القيادة الجماعية وبفترتها القصيرة ستحجب إمكانية بروز زعيم أو قائد متمكن وبارز في القيادة ومن جانب آخر تحجب بروز القائد الأوحد أو الزعيم الكاريزمي وبالتالي ظهور الدكتاتور. وإذا ذهبنا مجازاً مع الشكوك القائلة بأن المجلس مصنوع من قبل البارتي وأن السيد سركيس أغاجان هو المؤسس الحقيقي ووكيل البارتي لهذا المجلس فإذن من مصلحة البارتي أن لا يبرز في المجلس زعيم مقتدر ذات صفة كرازميتة آخر قد ينافس السيد سركيس أغاجان على زعامته، ولربما يقول البارتي """ كفانا شرور يونادم كنا""" أو قد يكون هذا الأسلوب الجماعي كسلاح في يد البارتي والمجلس لمحاربة غريمه زوعا لبيان أن زعامة السكرتير العام لزوعا هي قيادة فردية دكتاتورية وأن للمجلس قيادة جماعية. بعكس الحال في زوعا حيث أن أسلوب إنتخاب السكرتير العام من قبل الهيئة العامة للمؤتمر يخلق زعيم كاريزمي ويظهر كانه القائد الأوحد لا بل قد تتمادى سطلته لتتجاوز وتصل حدود الديكتاتورية وهو الأمر الذي عفى عليه الزمان وطلبنا في مقترحاتنا لزوعا عدة مرات تغيير النظام الداخلي وجعل إنتخاب السكرتير العام من قبل اللجنة المركزية المنتخبة وليس من أعضاء المؤتمر العام ولدورات محدودة مقطوعة بفترات زمنية محددة يتم خلالها التناوب في القيادة من دون أزاحة المجربين والمقتدرين خارج دائرة القيادة. ولا أدري إذا كان يصح لنا أن نقول بأن فوز المجلس بمقعدين في الإنتخابات البرلمانية المركزية لهذا العام بشخصتين جديدتين لهم صفة أحترافية تكنوقراطية أكثر من كونهما سياسيين محنكين كما أن تغيير المجلس للممثليه في هياكل الدولة وبقاء زوعا محتفظاً بنفس الوجوه, وربما تبادل الأدوار على المستويات البرلمانية والوزارية ليبقى (نفس الطاس ونفس الحمام) أن يفهم في هذا السياق أي تناوب السلطة في المجلس وإستمرارها في زوعا. ويبقى إنعقاد المؤتمرات العامة للمجلس وزوعا موضوع آخر يستوجب المقارنة. فزوعا كحزب سياسي متكامل تكون معظم مؤتمراتها قائمة على حضور المندوبين والكوادر المتقدم وأعضاء اللجان العليا ولا يحضرها غيرهم ويستمر المؤتمر أكثر من يومين أو ثلاثة أو أربعة وتتم فيه إنتخاب أعضاء اللجان المختصة لتدارس مختلف المواضيع المطروحة في جدول المؤتمر ويتم التحضير له قبل فترة ليست بقصيرة. أما مؤتمرات المجلس، وهذا ما شاهدناه وسمعناه من غيرنا، بأنه لا ينعقد إلا ليوم أو يومين ويكون أشبه بمهرجان خطابي ويحضرها عدد من غير أعضاء المجلس سواء كضيوف أو مستشارين أو بعض الشخصيات المعروفة في المجتمع وهذا أمر لا نستغربه كثيرا لأن هذا الأسلوب يتناسب مع الطبيعة التنظيمية للمجلس.
وأخيراً أكتفي بهذا القدر وأخلص إلى أن أعيد وأكرر ما سبق ذكره بأن الغرض من هذه المقارنة ليس تفضيل هذا الحزب على ذاك وإنما هو إستبيان كينونتهم وطبيعتهم التنظيمية ونشاطهم السياسي ومنافستهم ضمن أطر معينة مقبولة التي يجب أن لا تتجاوز الحدود المعروفة في التعامل بين الأخوة والسائرين على نفس الطريق الذي هو حتما طريق شائك وصعب يستوجب التضمان والتعاون من أجل الوصول إلى الحد الأدنى من المصلحة القومية فإذا كنا فعلاً نحب أمتنا ومصلحتها العامة يجب أن نكترث لتنظيامتنا القومية والسياسية وحتى الدينية لأن الغير لا يتعرف على أمتنا ولا يميز حقوقها المشروعة إلا من خلال هذه التنظيمات والأحزاب. من هذا المنطلق نرغب رغبة شديدة أن يكون لنا أحزاب سياسية نزيهة ومخلصة وتعمل من أجل هذه الأمة وليس من أجل مصلحتها الخاص.