المحرر موضوع: ما بين الحدائق والسياسة  (زيارة 575 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل لطيف العنـــكاوي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 318
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
ما بين الحدائق والسياسة
« في: 09:40 29/05/2014 »
ما بين الحدائق والسياسة
قد يتعجب القارئ الكريم من هذا العنوان ويسال في فكره ما هي علاقة الحدائق بالسياسة وما هي تأثيراتها وتفاعلاتها ونتائجها مع البشر او الانسان في كل بقاع العالم ومن ضمنها عراقنا الحبيب وخاصة بعد ان جرت الانتخابات الاخيرة والتي تجاوزت فيها الاحزاب والكتل السياسية الكبيرة على حقوق الناخب العراقي  من شماله الى جنوبه حيثُ قامت بتزوير علني وسري واعتبرتها بعض الكتل ومنظمات المجتمع المدني سفرة انتخابية حزينة وفاشلة لان اكثرية قطاعات الشعب لم تشارك في ادلاء صوتها وبنسبة 50% فاكثر .
 عندما اطلق على مدينة بغداد .....مدينة السلام بلياليها الرائعة والشاعرية وثقافتها التي فرشت الارض كسجاد اخضر ونرى ونشاهد اليوم ما لحقها من خراب ودمار بالانفجارات والقتل المستمر وسيل الدماء على الشوارع وبين البيوت كالسواقي وجداول الماء مما وضعت باسفل القائمة بين المدن كاسواء مدينة لا يمكن العيش فيها وخاصة للعنصر النسائي الذي اصبح مطاردا ومكروها ومضغوطا من الجميع بحجة الدين والطائفية والعنصرية.
من قصص هذه المدينة يقال ان كان هناك اميرا من امراء دول القوقاز وتحديدا اذربيجان كان مشهورا بعدالته الاجتماعية ويقوم بزيارة يومية الى ابناء رعيته ويحل مشاكلهم ويطلع على همومهم ويــُغير بالقوانين حسب متطلبات كل مرحلة  ويتجول بازقتها وشوارعها بدون جيش من الحماية او المخبرين السريين وما شابه ذالك  ,في احد الايام ارتى ان يزور مدينة السلام ...بغداد  وفي تلك الزيارة  شاهد بنظرة خاطفة ابنة احد امراء بغداد فأعجب بجماها وقامتها السحرية مما خفق قلبه لهــــا من اول نظرة  ففاتح والده كي يخطبها لتصبح زوجة المستقبل , فاخذ والده الامر على عاتقه وذهب الى والد الفتاة للخطبة ولما سمعت البنت لم توافق في بادئ الامر ولكن بعد الحاح من والدها رضخت لامر رغبته ولكن بشرط, وهذا الشرط هو ان زوجها المستقبلي يقوم ببناء دارا صغيرة بقرب من القصر الذي ستعيش معه كزوجة وان يقوم بزرع كافة انواع الورود والزهور الموجودة في العالم , فاجاب الامير هذا ابسط الشروط .
فجرت مراسيم الزواج الاميري وما ادراك كيف يكون هذا الزواج الاميري بالمصاريف والترف والمشرب والمأكل والمجوهرات التي ستقدم هدية للزوجة الاميرية القادمة من مدينة السلام.
عاشت في منتهى السعادة مع الامير الذي كان مشهورا على مستوى العالمي ائنذاك ولكن بعد فترة فوجئت بقساوة وظلم الامير مع ابناء رعيته وشعرت هي ايظا بغضبه اليومي حتى لاتــــفه الاسباب وفي احدى الايام نزلت من القصر الفخم وعاشت في البيت الصغير الذي تم بنائه بجانب القصر غير راضية عن كل ما يصدر من الامير .
اما الامير فاصبحت لياليه سوادا ً في سواد وجن جنون فكره وعقله ولم يستطيع النوم وفي كل ليلة تمر عليه تعادل سنة بحالها ولكن في احدى الليالي كان ساهرا وينظر الى ضوء القمر وسمائه الزرقاء من خلال احدى شبابيك غرفته المفتوحة فاذا بنسيم عليل من العطر الشجي انطلق من تلك الحديقة التي تفرشها ورودا وزهورا بالوانها الرائعة والجذابة وهناك كانت زوجته جالسة فيها  فتنفس الصعداء من تاثير هذه الروائح والعطور  الشجية فارتاحت نفسه وروحه وانتعش فكره وعقله مما اظطر الى النزول من برجه وقصره والركوع امام زوجته ورفعها بين احضانه قائلا عطرك وريحتك احلى واطيب من كل هذه الورود والزهور وحملها صاعدا الى قصره وعاد هو ايظا الى رشده وعن طريق الدكتاتورية والظلم الذي سار فيه ردحة من الوقت.
وعندها يقول كاتب القصة يا ليت بسياسيينا ان يكثروا من الحدائق بدلا من السجون.
اما في عراق اليوم وبعد 11 سنة من سقوط الديكتاتور لم ترى اي تغيير يذكر سوى سيطرة الكتل السياسية الكبيرة على كل مرافق الحياة بدون ان يقدموا ويحلوا الدولة الى دولة مؤسسات ومن خلالها يخدمون هذا الشعب المظلوم والمغبون بل على العكس زادت الطائفية والشوفينية والقتل على الهوية بحيث اصبحت هذه الكتل كالحيتان الكبيرة تبتلع وتاكل كل شئ لحفاظ على كراسي مسؤليها وفسادهم ونهبهم لاموال الدولة والشعب , في الانتخابات الاخيرة التي جرت كانت فاشلة بكل المقاييس بنتائجها وافرازاتها التي ظهرت بوضوح سيطرة الحيتان الكبيرة على الساحة السياسية عندما بدات بالتزوير والتلاعب من خلال المفوضية المــــُـستغلة وليست المستقلة لان كل منتسبيها هم من عناصر الاحزاب المسيطرة والمنفرة في الحكم شمالا وجنوبا .
ان الكتل السياسية لو تضع نفسها كالحدائق بالوان الورود واختلاف الروائح والعطور فالناس ستركض وراء من يكون عطره ذو رائحة طيبة وشجية لكن لا تستطيع حتى من زراعة ارقى انواع الورود لان حاسة الشم لديهم ضعيفة وانوفهم لا تقبل مثل هذه الروائح فقط يحبون رائحة الموت والدم والقتل والسرقة والفساد والسفر الى الخارج للتسلية واللهو وهم تاركين الشعب ورائهم في حيرة من امره بحيث اصبح الخوف يلازمنا من اليوم الذي سياتي ويسرقون نسائنا واطفالنا وعوائلنا.
الشاعر والكاتب
لطيف العنكاوي