المحرر موضوع: انا زعيم عربي إذن أنا نرجسي  (زيارة 676 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عمانويل ريكاني

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 147
    • مشاهدة الملف الشخصي
أنا زعيم عربي إذن أنا نرجسي
بقلم عمانوئيل يونان الريكاني/العراق/استراليا
النرجسية هي حب الذات بأفراط والأعجاب بالنفس يصل درجة العشق .جاءت هذه التسمية من "نرجس" وهو أسم أحد الشخصيات في الأساطير الأغريقية أستعارها المحلل النمساوي سيغموند فرويد 1856-1939 من اعمال الشاعر اوفيد"اوفيدوس"من كتاب التحولات وبنى عليها فكرته عن حب النفس السلبي إن صح التعبير.وتقول الأسطورة وإن أتت باكثر من صيغة لكن كلها تصب في مجرى واحد:قد كان هذا الشخص شابا جميلا تنجذب له العديد من الفتيات الجميلات ولكن ما كدر النساء إنه لم يكترث بأي منهن ولقد وقعت "إيخو"وهي احدى الحوريات في حبه لكنه رفض حبها بقسوة وكعقاب له على عدم تعاطفه وقسوته لعنته الآلهة بأن يحب نفسه فقط وفي يوم ما مال "نرجس" فوق بركة ماء ليشرب فرأى أنعكاس صورته على الماء ووقع في حب نفسه وظل ساعات ينظر أليها وفي هذه اللحظة فطن إنه قد أحب نفسه تماما كما وقع الأخرون في حبه ولم يستطيع ان يتوقف عن النطر الى أنعكاس صورته في الماء لذلك أبتعد بسرعة عن حب نفسه وفي رواية أخرى سقط في الماء وغرق ومات على ضفة البركة نبتت حيث مات زهرة أطلق عليها النرجس.يرجع أهتمام علم النفس بالنرجسية الى عام 1905 لى يد العالم الشهير فرويد وفي عام 1914 نشر مقالة بعنوان "مقدمة في النرجسية" فيها يصف النرجسية أنها مرحلة أنتقالية لحب الذات وشذوذ وأنحراف ونمط لأختيار الموضوع وخلص إن النرجسية بالنسبة له هي حب الذات المبالغ به".عصارة النرجسية تكمن في إن الليبيدو "الطاقة النفسية"بدل أن تتوجه الى الخارج او الموضوع مثل الحبيب والأهل والأصدقاء لأقامة علاقة صحية وصحيحة تتمركز حول الذات لتسير في الطريق الملكي الى هذيان العظمة.
كما إن الماء ضروري للحياة لكن كثيره مدمر "فيضانات" هكذا النرجسية في حدود الأعتدال تكون مقبولة لا بل حاجة أساسية لأنها تعلم الثقة بالنفس والأعتزاز بالذات وأحترامها لان محبة الأخرين تتوقف على حبي الأيجابي لنفسي " أحبب قريبك كنفسك" وأما كثيرها التي تتجاوز المعقول الى درجة الجنون تصبح كالأعصار الذي يجرف كل شئ بدون تفرقة ولا تمييز.ومن سمات الشخص النرجسي التعالي والغرور والتغطرس وجنون العظمة وعدم التسامح ويظن أنه فلتة العصر وإينشتاين زمانه وأن رأيه لا يقبل النقاش لأنه لا يأتيه الباطل لا من خلفه ولا من أمامه وليس له مانع أن يصل الى أهدافه على أكتاف الأخرين ويعتقد أنه الأجمل الأذكى والأكمل وحريص دوما على مظهره جي يكون أفضل من الجميع ويسخر من الغير ويستخف بهم لأنهم قياسا به وبعظمته كالنملة جنب الفيل.إنه مثل الطبل يصدر صوت لكنه من الداخل فارغ وكالبالون كبير الحجم خفيف الوزن وإذا تم نقده وكشف فشله وتبيان عيوبه يترك الأنا الفردي ويتحصن بالأنا العشائري او الأنا الديني او الأنا القومي ليداوي به جراحه ويلجم شعوره بالنقص.
هذه كانت مقدمة سريعة وفكرة بسيطة سلطنا فيها الضوء على الشخصية النرجسية لتساعدنا كمدخل هام لفهم شخصية الزعيم العربي او "الزعماء العرب" بدون أستثناء سنأخذ على سبيل المثال لا الحصر عينات منهم لأنهم كلهم " في الهوى سوى"فالمبدأ واحد عند الجميع رؤساء وملوك وأمراء وأن أختلفت الأسماء والبلدان وهوعشق الكرسي المرضي .وأختيارنا سيكون نتيجة الدمار الذي ألحقوه ببلدانهم وشعوبهم وما زال بعد رحيلهم وهم صدام حسين وعلي عبد الله صالح وحسني مبارك وبن عابدين والأسدين.هناك سمات مشتركة بينهم فهم نرجسيين بأمتياز وحتى النخاع.
1-التفكير السحري:يدعي كل واحد منهم انه القائد الضرورة والمنقذ التاريخي الذي سيحرر فلسطين وينقذ العرب من الذل والخنوع ويقودهم الى حيث المراعي الخصبة وما على الجماهير إلا قطع أحبالها الصوتية وتمزيق حنجرتها بالهتاف والصياح بالروح والدم نفديك يا ....
2-حب الظهور:إنهم مهووسين بالظهور في وسائل الأعلام وعمل المؤتمرات واللقاءات والزيارات كي تمتلئ قربة كبريائهم المثقوبة.ولو قمنا بجولة مكوكية في كل البيوت والأزقة والشوارع والدوائر والساحات العامة لرأينا أطنان من الورق ومواد البناء تصرف على صورهم وجدارياتهم تعد بالمليارات من الدولارات كان يمكن لو أستثمروها في بلدانهم لأنتعش الأقتصاد وأرتفع المستوى المعيشي للناس.
3-أنيميا المدح والأطراء:جوعهم النرجسي الى المديح والأطراء ليس له حدود ويقومون بأعمال ظاهرها أنسانية خيرية كبناء المساجد والكنائس ودور الأيتام والمدارس والمستشفيات لا حبا بالناس بل مطلب من مطاليب جنون العظمة الذي يقتات من الأهازيج والأغاني والتصفيق فكلما شعر بأحتياج الناس أليه زاد رصيده من الفخر والأعتزاز أي كما يقول المثل الشعبي "كبر راسه".
4- الوهم المقدس :يعاني الزعماء العرب من وهمين أساسيين وهم الخلود ووهم الشباب الدائم ويظنون أنهم  غير مائتون لذلك هناك حراسات عسكرية مكثفة عليهم للسهر على حياتهم وتحت أيديهم أحسن الأطباء لمتابعة صحتهم.وتوريث أبنائهم المنصب من بعدهم لأسباب طارئة هذا هو الخلود البايولوجي وهو أضعف الأيمان.ويحاولوا توقيف مسار الزمن من خلال عمليات التجميل والمكياج وصبغ الشعر لمقاومة شبح الشيخوخة الذي يخيفهم وصدق من قال" ما أفسده الدهر لا يصلحه العطار"من له أذنان للسمع فليسمع.
5-حساسية النقد:وأي نقد يعني المساس في قدسية الزعيم لذلك السجون العربية مكتظة بالسجناء الأبرياء والسياسيين الذين لا لسبب إلا لكونهم أصحاب أقلام حرة ناهيك عن فرق الأعدامات والمقابر الجماعية التي خلفوها.وتركوا بلدانهم خرابا بعد رحيلهم لأن جرح النرجسي ثمنه بالغ وهو هدم وتدمير
فهم أي الزعماء يظنون إن الأرض ومن عليها ملكهم فأن لم يستطيعوا الحفاظ عليها يتركوها ترابا كما هم صرحوا مرارا وتكرارا وكانوا صادقين في كلامهم.والمالكي هو الوريث الشرعي لأملاك النرجسية لا يحد قيد أنملة عن أسلافه في أمساك كرسي الرئاسة بالأضافر والأسنان فقد سكر من نفط العراق وحول الوطن الى بحيرة دماء دون أن يرف له جفن والحبل على الجرار.
الى الشعب العربي عامة والشعب العراقي خاصة الذي ما زال يدفع ثمن خطاياعدم الحداثة وذنوب اللاتحضرإن كان هذا قدرنا الذي عاجزين على تغييره الأن لأن أيدينا أكتوت بناره كي لا يصل الحريق الى الاجيال القادمة علينا أطفاء هذه الذهنية الهدامة أي النرجسية المقيتة من خلال تطهيرالمؤسسات الدينية والثقافية والتربوية من براثنها نبدأ فيها من الأسرة لأستئصال هذا الوباء الفتاك كي لا يولد لنا مالكي جديد.
www.emmanuell-alrikani.blogspot.com