هل اصبحت كنيسة المشرق الكلدانية-الأشورية قاب قوسين او ادنى من الوحدة الشاملة؟
ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد
مقدمةالأخبار من ارض الأجداد لا تبشر بخير. المنطقة برمتها تمر في مغاض رهيب قد لا يكون فيه موطىء قدم للكبار الممسكين بزمام الأمور فكيف سيكون حال اقليات لا حول ولا قوة ولا تأثير ولا سند لها.
امام هذا المشهد الحزين الذي يبعث على التشاؤم عرجت بفكري وقلبي صوب مدينة شيكاغو الأمريكية حيث سيلتقي البطريرك ساكو مع اخيه البطريرك دنخا في اول لقاء يجمعهما منذ تسنم البطريرك ساكو لمنصبه كرئس اعلى لكنيسة المشرق الكلدانية.
مع فارق الوقت بين البلد الذي أسكن فيه – السويد – وبين مشيكان لا اعلم ان كان مقالي هذا سيظهر قبل او مع او بعد اللقاء المهم هذا.
بالنسبة لي – وهذا موقف شخصي – ليس هناك شيء أسمى وأغلى في هذه الدنيا من الإيمان المطلق بوحدة شعبنا وكنيستنا المشرقية بإختلاف التسميات والمذاهب.
شوق ولهفةولهذا فإنني على احر من جمر لسماع اخبار سعيدة عن هذا اللقاء الذي سيجمع البطريرك ساكو مع اخيه البطريرك دنخا كممثلين بارزين عن كنيسة المشرق. وهنا يجب ان لا ننسى الشق الثالث لهذه الكنيسة المتمثل بكنيسة المشرق الجاثاليقية القديمة برئاسة البطريرك ادي.
ولشوقي الكبير لسماع اخبار سارة وعلمي مسبقا بهذا اللقاء كنت قد سجلت أنشودة من طقس كنيستنا المشرقية المجيدة على الة الكمان كي أهديها للبطريرك ساكو والبطريك دنخا والاساقفة الذين سيكونون بمعيتهما مذكرا الكل بما تملكه هذه الكنيسة العظيمة من لغة وإرث وتراث واداب وفنون وطقوس هي جزء اساسي وحيوي من الهوية وبدونها لا هوية. أضعها هنا بتواضع شديد وقد جعلت الردة معلته لأهميتها ورمزيتها ومكانتها في كنيستنا المشرقية ولأنها ايضا توائم من ناحية خاصة اللقاء الكبير هذا:
https://www.youtube.com/watch?v=vPB5ycXE7UYخلافاتناخلافاتنا حول التسمية وغيرها يغذيها الخلاف المذهبي والطائفي وإن تم تسوية هذا الخلاف فإنني ارى ان حل المشاكل الأخرى قد يكون سهلا لا سيما إن وضعنا اما اعيننا المصير المشترك والمستقبل الغامض الذي صار حقا على كف عفريت إن لم نستلحق امرنا.
وفي هذا المقال اود ان اضع امام قرائي الكرام ما تم تحقيقه في مسار وحدة كنيسة المشرق حتى الأن وما هو المطلوب وما جمعته وما وحصلت عليه من معلومات من خلال إتصالاتي وزياراتي لبعض الأساقفة من الكنائس (المذاهب) الثلاث التي تشترك معا تقريبا في كل شيء من لغة وإرث وأداب كنيسة وطقوس وفنون وتاريخ واعلام وقديسين. وهنا سأركز على مسائل ثلاث:
اولا الوثيقة المسيحانية Christologyهذه تم التوقيع عليها حيث تم الإعتراف المتبادل بين كنيسة روما الكاثوليكية – وكنيسة المشرق الكلدانية هي في شراكة تامة مع كنيسة روما – وظهر ان الخلاف السابق الذي ادى الى التحريم والهرطقة وغيره كان مجرد خلاف لفظي وثقافي ولا علاقة له بإيمان كنيسة المشرق القويم والسليم وبهذا بإمكان الكنيستين المشرقيتين الكلدانية والأشورية الإصطفاف سوية من حيث الإيمان القويم والسليم.
ثانيا الأسرار Sacramentsلم يتم توقيع وثيقة بشأن الأسرار المشتركة. وهنا لا اظن أنه ستكون هناك عوائق لتوقيع وثيقة مشتركة لأن أساس الأسرار هو الوثيقة الإيمانية المسيحانية. وهناك سوابق في هذا حيث وقعت الكثير من الكنائس الأرثذوكسية الوثيقة المسيحانية ووثيقة الأسرارالمشتركة مع كنيسة روما الكاثوليكية.
ثالثا، الدستور Constitutionهنا ندخل في المسائل المؤسساتية من حيث الإدراة والتنظيم والسيطرة. لم توقع أي كنيسة مشرقية او غيرها – حسب علمي – وثيقة بهذا الخصوص مع كنيسة روما وذلك لأن روما لم تكن تقبل ان تكون للكنائس المنافسة لها والمختلفة عنها ذات السلطة الدستورية والمؤسساتية.
ولكن بوجود البابا فرنسيس دخل الفاتيكان عهدا جديدا حيث صارت المؤسساتية امرا غير محببا لدى هذا البابا الذي اذهل الدنيا بروحه وممارساته الإنجيلية. بمعنى اخر الإنجيل وممارسته على ارض الواقع تأتي لدى البابا الحالي قبل المؤسساتية.
وشخصيا ارى ان هذه النقطة التي كانت نقطة شائكة حقا حيث لا يقبل أي رئس كنيسة او كرسي شرقي او غيره التنازل عن صلاحياته المؤسساتية للأخر ربما هي اليوم من أسهل النقاط بوجود البابا فرنسيس. وهنا اتكلم بعد مراسلات ولقاءات وقراءات لكبار اللاهوتيين الذين بودهم وسيعملون كل ما بإستطاعتهم ومعهم البابا لإعادة الوضع في العلاقة مع الكنائس الأخرى لا سيما الأرثذوكسية الى ما قبل بداية الالفية الثانية حيث كانت الكراسي متساوية القيمة مع شراكة مسيحانية حقيقية.
رغبة عارمة في الوحدةهنا اقول إن البطريرك ساكو سيذهب للقاء اخيه البطريرك دنخا ومعه حشد من أساقفته وهذا دليل على الروح والعمل الجماعي لكنيسة المشرق الكلدانية. هذه من جهة ومن جهة اخرى انني من خلال إتصالاتي مع أساقفة كنيسة المشرق الكلدانية ارى ان هناك رغبة عارمة في الوحدة.
وكذلك ومن خلال إتصالاتي مع كنيسة المشرق الأشورية رأيت هناك رغبة عارمة في الوحدة والشراكة الحقيقية التي تلغي الفروقات وان هذه الكنيسة قد وضعت الخلاف حول الموقف من المطران باوي وراءها ويهمهما الشراكة الحقيقية مع كنيسة المشرق الكلدانية لأنهما اساسا كنيسة واحدة ومن خلالها شراكة حقيقية مع روما تحفظ الخصوصية الثقافية واللغوية والمؤسساتية والتنظيمية والطقسية لكل المنظوين تحت خيمة هذه الشراكة.
وهذه ليست نصيحةومن انا كي انصح بطاركة كنيسة المشرق ولكن لا أظن أنهم يمنعون اتباعهم التعبير عن ارائهم بحرية طالما اتت من اجل النفع العام ومن خلال خطاب تغمره الكياسة واللياقة الأدبية.
ومن هنا اقول لأشقائي في كنيسة المشرق الاشورية بشقيها ليس هناك اليوم ما تخشونه بوجود البابا فرنسيس وأزيد ليس هناك ما تخشونه ايضا بوجود البطريرك ساكو لأنه ها هو يأتيكم ومعه حشد من أساقفته. اليس هو القائل انه من اجل وحدة كنيستنا سيعمل المستحيل؟
كنيسة المشرق الأشورية وبطريركها سيتم دعوتهم لزيارة البابا فرنسيس لأنهم كنيسة مستقلة. عندما تلتقون البابا فرنسيس خذوا معكم البطريرك ساكو وكوّنوا وفدا مشتركا مع خيرة أساقفتكم وضعوا كل ما ترونه انه عائق او مشكلة في سبيل الوحدة امام البابا الذي يذهلنا يوميا بممارساته الإنجيلية ولا أظن انكم ستخرجون خاليي الوفاض.
البابا الذي دعا الغرباء والمسلمين الى وليمة العشاء الأخير في عيد الفصح – اقدس اقداس المسيحية – وغسل اقدامهم وقبلها وسمح في بادرة تحصل لأول مرة في التاريخ بصوت الأذان وتلاوة القرأن في الفاتيكان مع قراءة من الإنجيل والتوراة كيف سيخيب ظنكم وأنت تريدون ان تصبحوا واحدا؟