المحرر موضوع: عثرت على كنز... أسمه ـ حسقيل قوجمان ـ !!  (زيارة 4303 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل jalal charmaga

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 290
    • مشاهدة الملف الشخصي
عثرت على كنز... أسمه ـ حسقيل قوجمان ـ !!


 جلال جرمكا / سويسرا 

يقولون : رب صدفة خير من الف ميعاد!! ........ نعم هذا ماحصل معي بالضبط.. قبل أيام أردت الكتابة عن أحدى المعتقلات العراقية الرهيبة ـ نقرة السلمان ـ ، وأنا أفتش عن المصادر فأذا بي أجد شخصاٌ قد قضى سنوات من عمره وشبابه في ذلك المعتقل.. ذلك الشخص هو الكاتب والصحفي والموسيقي والمترجم وألأديب ألأستاذ
(حسقيل قوجمان ) ذلك البغدادي ألأصيل والشجاع الذي تحدى أكثرية ألأنظمة وحمل شعار الماركسية وحزبه وتلك كانت مصيبة له وحتى لأفراد عائلته البغدادية ..لابل حتى على أصدقائه وأقربائه. .. لقد أعتقل عشرات المرات وتنقل من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب ومن الشرق الى الغرب.. مع هذا وذاك ظل صلباٌ كالفولاذ ومستمر في عطائه .. لقد تتلمذ على يده الكثيرون .. وجعل من تلك المعتقلات الرهيبة و(بالتعاون مع رفاقه) معاهد وورش عمل حتى باتوا لايشعرون بالوقت وهم في قلب الصحراء الجرداء في معتقل ( نقرة السلمان ) السيئة الصيت!!.
وألأهم وبالرغم من تهجيره القسري الا أنه ظل وفياٌ لوطنه ألأم ( العراق) ناضل وتحدى الصهاينة وقد كلفته تلك الكثير الكثير!!... نعم أنه ولحد اليوم ظل متمسكاٌ بنهجه وأخلاصه للوطن ولشعبه العراقي الجريح ... ألأستاذ حسقيل وغيره من كبار ألأدباء والشعراء والمفكرين .. أنهم كأشجار نخيل العراق.. مستمرون في العطاء الى أخر يوم في عمرهم المديد... أنهم رموزنا يستحقون كل الثناء... !!.
ياوطني الجريح كم جندياٌ مجهولاٌ مثل ألأستاذ حسقيل خدموك وهم آلآن في طي النسيان؟؟؟.
للأستاذ / حسقيل العشرات من المؤلفات بالعربية وألأنكليزية عن السياسة والفكر والموسيقى .. بأختصار أنه موسوعة متنقلة .
بعد جهد جهيد حصلت على عنوانه ألألكتروني وراسلته .. وكأي عرقي شهم .. رد وفوراٌ على رسالتي وأستطعت أن أحصل على بعض المعلومات عن حياته :
يعيش مع أسرته في لندن .. متقاعد ( طبعاٌ ) .. منشغل بالكتابة والدراسات ... أرجومن الله أن يعطيه الصحة والعافية ولكل من يخدم بلدنا الجريح .
أهم ألأشياء هي هذه المقابلة معه في جزئين .. أنها ممتعة .. أرجو أن يطلع عليها ألأخوة القراء:
حاوره حسين السكاف: حسقيل قوجمان، مفكر سياسي، عاش الحياة السياسية العراقية الحديثة منذ نشأتها بداية القرن المنصرم، ودخل السجون العراقية لأكثر من عشرة سنوات، عاصر كبار وأوائل السياسين العراقيين من مؤسسي الأحزاب والمنظمات، كتب العديد من المقالات السياسية وترجم الكثير من الدراسات والمقالات. له أكثر من كتاب سياسي، نذكر منها " ثورة 14 تموز في العراق وسياسة الحزب الشيوعي - نشر في المملكة المتحدة 1985 " وله أيضاً " ماركس وماديته الديالكتيكية - نشر في المملكة المتحدة 1981 " وكذلك " ستالين كما فهمته - نشر في المملكة المتحدة عام 2000 " وكان قبل ذلك قد أصدر قاموس عربي - عبري في ثلاث مجلدات.  وهو أيضاً باحث موسيقي عراقي تعد مؤلفاته من البحوث المهمة في تناول تاريخ الموسيقية العراقية ورجالاتها الذين تركوا بصماتهم الواضحة على مسيرة الأغنية والموسيقى العراقية. هنا الحلقة الثانية من لقائي معه في كوبنهاغن:

بعد الخروج من السجن
* عند خروجك من السجن بعد ثورة 14 تموز، كيف كانت ظروفك المعاشية، وماذا عملت؟
- عند خروجي من السجن لم أكن أملك نقوداً، ولم تكن لي عائلة، فجميعهم هُجِروا إلى إسرائيل قسراً، فأضططرت أن أنزل عند حماتي، لم استطع ان اجد عملا لمدة شهر تقريبا إذ أن غير اليهود كانوا يمتنعون عن استخدامي لاني يهودي واليهود لا يوافقون على استخدامي لأني شيوعي. كان الطلب في تلك الفترة على الادبيات الماركسية والسياسية عموما رائجا فوجدت عددا من الناشرين الذين وافقوا على اعطائي الادبيات التي ارادوا ترجمتها لقاء اجور بسيطة ساعدتني على العيش في المدة التي قضيتها خارج السجن اي حوالى 14 شهرا. ترجمت في هذه المدة ثلاثين كتابا او كراسا طبع منها حتى دخولي السجن ثانية 22 كتابا او كراسا. وطبيعي ان التراجم صدرت بدون ذكر اسم المترجم نظرا للموقف السلبي تجاه اليهود، بل أن قسما من الناشرين لم يدفعوا لي أجراً بالمرة.
وفي ذات يوم جاءني شخص قدم نفسه لي كرئيس تحرير جريدة اسبوعية يسارية تصدر كل سبت وسألني إن كنت مستعداً لأن اكتب مقالاً لجريدته. فقلت له انا اكتب بشرط واحد هو ان تنشر مقالتي كما هي وبدون تغيير كلمة واحدة منها زيادة او نقصان. وقلت له أيضاً بأني اتقبل اي انتقاد او مناقشة لمقالتي بكل سرور وعلى صفحات الجريدة، ولكني لا اسمح بتغيير ما اكتب. وافق على هذا الشرط وكتبت مقالاً متسلسلا حول القضية الزراعية في العراق، تناولت به ظروف العراق وطبيعة القضية الزراعية بعد الثورة تحت اسم مستعار "أبو قيس" لانه لا يستطيع ان ينشر المقال باسمي الصريح. كان هذا المقال يملأ صفحة كاملة من الجريدة كل اسبوع إستمر إلى عشرة أعداد فقط، حيث لم استطع اتمامه لدخولي السجن للمرة الثانية.
وماهي قصة أول عود عراقي في السجون العراقية ؟؟.
- في سجن نقرة السلمان بنينا أول عود في تاريخ السجون العراقية. بنينا العود من مواد أولية مثل قطعة من الخشب المعاكس ومنخل وقطعة من عمود " كرك " الخباز وقبقاب. لم أكن من الخبراء في النجارة ولكن دوري اقتصر على تحديد المقاييس للاعضاء الذين قاموا بالعمل. ولم تكن لنا أوتار يمكن استخدامها للعزف فاستعملنا بعض الأسلاك النحاسية التي توفرت في السجن وفتلنا إثنين منها لجعلها اكثر سمكا. ولكني استطعت مع ذلك العزف بهذا العود البدائي في الحفلات مرافقة المغنين.  وفي سجن الكوت بنينا العود الثاني بنفس الطريقة السابقة وكان العود في هذه المرة احسن من العود الاول لاننا اكتسبنا خبرة من بناء العود الأول ولأن الظروف في سجن الكوت سمحت لنا بالحصول على اوتار  حقيقية. وكنت ايضا عازف العود في الحفلات ومدرس النشيد والاغاني السجنية. وللمرة الأولى في تاريخ السجون جرى تلحين حقيقي لنشيد جديد في السجن. فكل الأناشيد والاغاني السجنية كما جاء سابقا كانت كلمات ثورية يؤلفها بعض السجناء من الشعراء ويغنونها على لحن إحدى الأغاني عراقية المعروفة كأغاني الأنصار. وفي منتصف سنة 1953 كان موعد مهرجان الشبيبة في برلين فقررنا أن نحتفل في نفس اليوم. وكان بيننا محام من البصرة ينظم الشعر فنظم نشيدا بالمناسبة وقمت أنا بتلحينه. ولكننا لم نستطع الاحتفال بالمهرجان لان الهجوم الذي انتهى بمجزرة في سجن الكوت بدأ قبل تأريخ المهرجان. وعندما أعادونا إلى سجن نقرة السلمان ثانية، حين نقلونا من سجن الكوت، بنينا العود الثالث في تأريخ السجون، وكان أنجح من سابقيه كثيراً إذ كان أقرب الأعواد الثلاثة التي بنيناها الى العود الحقيقي، لا من حيث الشكل، إنما من حيث الصوت وإمكانية العزف. وكنت انا عازف العود فرافقت المغنين الشعبيين الذين كانوا يجيدون الغناء الريفي وفي مقدمتهم الشاعر زاهد محمد والسجين كاظم فرهود. كانا هذان السجينان يجيدان غناء الابوذية بشتى انغامها وأطوارها، وكنت ارافقهم اثناء غنائهم في الحفلات. وكان الأكراد يحبون رقصتهم المفضلة " سي بيي " وكنت اعزف لهم لمرافقتهم في هذه الرقصة التي كان يشترك فيها بعض العرب أيضا. وكان قسم من السجناء من جنوب العراق يحبون رقصة الدبجة فكنت ارافقهم في ذلك ولكن ذلك كان يحصل ايام العيد في الساحة الكبيرة للسجن وليس اثناء الحفلات الليلية.
 
* ذكرت في حديثك عن حياتك في السجون بأنك تعرفت على الفنان التشكيلي العراقي " رشاد حاتم "، هل تحدثنا عنه؟
- كان بين السجناء الذين حكم عليهم في السجن مع الرفيق فهد سنة 1947 الفنان الكبير رشاد حاتم، الذي استطاع خلال وجوده في سجن الكوت ان يحصل على كمية كافية من مواد الرسم التي يحتاجها، ومن ثم نقلها معه الى نقرة السلمان. استطاع هذا الفنان ان يرسم لوحات زيتية كبيرة ورائعة لمختلف مناحي الحياة السجنية. كان هذا الفنان يجلسنا كنماذج اثناء الرسم، فسجل عشرات اللوحات التي تصور حياة السجناء اثناء ادائهم مهامهم السجنية. عجبت في حينه من انه لم يرسم اية صورة شخصية لأي سجين من السجناء ولا حتى العناصر القيادية. وحتى في لوحاته التي رسمها عن حياة السجن لم يرسم اي وجه يمكن منه ان يستدل على شخصيته. ولكني ادرك اليوم ان هذا الفنان كان ذكيا بعيد الافق. فلو أنه رسم وجوهاً واضحة للاشخاص في لوحاته لكانت قيمتها الفنية قد هبطت إذ ما هبطت مكانة ذلك الشخص الحزبية او السياسية. ولكن عدم وجود صور واضحة للاشخاص يبقي القيمة الفنية للوحة على ماهي مهما تغيرت الظروف. لا ادري ما حل بهذه اللوحات الفنية الرائعة. هل دمرت اثناء الهجمات البربرية والمجازر التي حدثت في السجون أم أفلح رشاد حاتم في انقاذها واخراجها من السجن الى الحرية معه؟ أتمنى لو أنه أفلح في انقاذها لتبقى ذخراً فنياً وصفحة تاريخية رائعة لحياة السجون السياسية في العراق.
 
* كيف رحلت إلى إسرائيل؟
- لم أرحل، بل رُحِلتْ، في حوالى العشرين من شهر كانون الاول سنة 1961 اطلق سراح كافة المحجوزين في العراق وكنت انا  منهم. وبما ان اطلاق سراحنا جاء في الخامسة بعد الظهر ولم يكن مأمور الشرطة في المركز فقد اطلق سراحي من المركز وسافرنا في نفس اليوم الى بغداد. ولو كان المأمور موجودا لما اطلق سراحي اذ ان الاوامر كانت تفيد بأن يرسلوا اليهودي مخفورا الى بغداد ومن ثم تسفيره الى اسرئيل. هكذا فعلوا ليوسف زلوف الذي كان محجوزا في نقرة السلمان. بعد يومين من خروجي من السجن جاءت حماتي التي قررت مساعدتي على الهرب من العراق الى ايران، فسافرنا في باص الى البصرة. وصلنا البصرة في صباح اليوم التالي ونزلنا في بيت شخص من اقرباء حماتي، وهو الذي رتب طريق الهرب الى ايران. وفعلا بدأت بعد يومين سفرتي الى ايران برفقة مهرب محترف اخذني بسيارة الى مكان ما ونقلني في قارب الى جزيرة وادخلني الى كوخ بقيت فيه يومين. وفي منتصف الليل اخذوني الى قارب صغير من الصفيح مربوط بحبل في الجهة الثانية من النهر، سحب شخص في الجهة الثانية القارب بالحبل وفي ثلاث دقائق اصبحت في ايران. قضيت تلك الليلة في بيت الشخص الذي سحب القارب، وفي الصباح اخذني في سيارته الى مدينة المحمرة وهناك قضيت عدة ايام في الكنيس ثم سافرت الى طهران وذهبت الى عنوان اعطته لي حماتي حيث يوجد شخص من اصدقاء العائلة هناك، وهناك قبضت علي الشرطة الإيرانية وسلمتني إلى جماعة كانت ترحل اليهود إلى إسرائيل.
وصلت اسرائيل في 12 كانون الثاني 1962 فبدأت حياتي في اسرائيل حيث التقيت للمرة الاولى منذ اعتقالي مع زوجتي وسائر اعضاء عائلتي.
 
* زوجتك حبيبة قوجمان، أول طالبة عراقية تدخل كلية الهندسة في بغداد، وهي الآن أكبر سجينة سياسية عمراً، كيف تعرفت عليها؟ 
- تعرفت على حبيبة عام 1944 حين طلب مني أحد الأقرباء أن أعطيها دروس في الرياضيات، وفعلاً قمت بتدريسها، وكان ذلك الباب الذي دخلت منه علاقتنا العاطفية والزوجية التي بقيت مستمرة إلى الآن. وحبيبة هي أول طالبة تدخل كلية الهندسة، حدث ذلك عندما أراد أستاذ الرياضيات " علي مظلوم " أن يدخل بنته إلى كلية الهندسة، وعلى هذا الأساس تم قبول ثلاث طالبات عراقيات واحدة مسلمة وهي بنت على مظلوم، والثانية مسيحية والثالثة يهودية والتي كانت حبيبة.
طردت حبيبة من كلية الهندسة في العام الثالث من دراستها في الكلية على أثر إعتقالها والحكم عليها بخمسة سنوات. وبعد إنهاء فترة الحكم أُخذت حبيبة إلى المطار ونفيت إلى إسرائيل رغماً عنها، وحبيبة هي أول قارءة لكتاباتي.
 
في كتابك ( ذكرياتي في سجون العراق السياسية ) كان الإهداء إلى والدتك حيث كتبت " لذكرى والدتي، أشجع وأنبل وأحن امرأة عرفتها في حياتي، أكبر سـجناء الحـزب الشيوعي العراقي سـناً، زج بها (النعساني) في السجن وهي في عمر امه. " ترى ما أهمية هذا الكتاب وما هي الظروف التي دعتك لكتابته؟
- منذ سنوات عديدة كان اصدقائي واصحابي - بصرف النظر عن اختلاف آرائنا السياسية - يلحون على ضرورة نشر مذكراتي لان حياتي، وكما يعتقدون، كانت غنية في تجربتها، وقد تكون مفيدة وشيقة للقراء. وبدأت قبل سنوات في كتابة هذه المذكرات. وطبيعي بدأت أكتبها باللغة العربية، اللغة التي أستطيع أن أعبر بها عن أفكاري أدق تعبير. ولكن  أولادي اعترضوا على ذلك. فهم لا يجيدون قراءة اللغة العربية. وكان احتجاجهم مقنعا لأنهم قالوا أن مذكراتي مهمة لهم بصورة خاصة لانهم يريدون ان يعرفوا أباهم  على حقيقته، واصروا على ان أكتب هذه المذكرات بالانجليزية، وفعلت ذلك. كتبت لحد الآن اكثر من 120 صفحة بالقطع الكبير ولم تنته المذكرات بعد. وهي بحاجة الى تنقيح واضافات كثيرة. ولكني لم اواصل الكتابة فيها لاني بعد الخسارة المالية الفادحة التي تكبدتها من نشر الكتابين الاخيرين اللذين نشرتهما باللغة الانجليزية "ستالين كما فهمته" و "المقامات العراقية" لست في وضع يسمح لي بأن انشر كتابا آخر. ولكن العديد من اصدقائي الذين علموا بما كتبت ألحوا علي بأن أقوم  بترجمة هذه المذكرات الى اللغة العربية. ففكرت في حلٍ وسط، وقررت أن أكتب عن ذكرياتي في سجون العراق السياسية وهي فترة من أهم الفترات في حياتي. كان إهداء المذكرات لوالدتي نتيجة طبيعية، فهي إمرأة قاست الظلم والقهر والسجون وهي مسنة، وهي أكبر إمرأة عراقية سناً تدخل السجون والمعتقلات بتهمة سياسية، وأعتقد بأنها تستحق أكثر من هذا. ]
الشىء المهم ، كم من متميز من المتميزين من أهلنا منسيون على ألأخر لانتذكره..بل تراهم ( مركونين ) في زاوية ما..للأسف الشديد هنالك الغير ( من العراقيين ) يبحثون عنهم ويسلطون ألأضواء عليهم ..أما نحن فأخر من نعلم..هكذا نحن ومن غير ( زعل) لانهتم بالمتميزين لا بعد الوفاة..حينها وفجأة من ألأهمال الى أقامة تماثيل  ومهرجانات لهم..!! أية مفارقة هذه ؟؟؟.[/b][/font][/size]