المحرر موضوع: صموا آذانكم.. انها ساعة الصفر  (زيارة 1282 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عبدالمنعم الاعسم

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 788
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني


صموا آذانكم.. انها ساعة الصفر

 ثمة في اللحظة التاريخية التي يمر بها العراق، على خلفية الاستعصاء الامني والسياسي الخطير،  ما يشبه ساعة الصفر التي تقرر مصائر الكثير من المعارك الجارية، في حلقة الحكم وفي خارجها، وبموازاة ذلك ثمة معبر ضيق (ويضيق) الى السلامة واحتواء الاخطار وتصويب مسيرة العملية السياسية، إذ تتمثل شروط العبور بتغيير سريع في معادلات كثيرة، ابرزها جملة المحاصصات الافقية ذات الصلة بالامتيازات ومحاصيل الوظائف ومقابض سلطة القرار ومفاتيح لي الايدي..   

وباختصار فان ساعة الصفر قد تنفتح على وعي انقلابي ايجابي (اختراق) يعود اللاعبون فيها الى حكمة العقل والتخلي عن "التشبث بالمواقع والامتيازات" او انها تنكفئ الى الكارثة الشاملة، حيث الكل يحارب الكل لتحويل ساعة الصفر الى كنية للحرب الاهلية، وهذا ليس تحذيرا قدر ما هو قراءة لصراعات مستفحلة قد لا يقدر اصحابها النتائج التي تترتب على مفاعيلها.
 
 ساعة الصفر هنا ليست عنوان الفيلم الوثائقي الشهير عن عملية اعتقال صدام حسين، حين داهمته قوة امريكية كانت تستدل الى حفرته بمساعدة مخبر من حراسه في تلك المزرعة السرية على اطراف بلدة الدور، كما انها ليست بحثا فلكيا مجردا في حركة الزمن نحو نقطة افتراق افتراضية بين زلزالين، أو كما تـَرِد، عادة، في الخطط العسكرية او في متابعات الانواء العاصفة، او في خلال الحاجة الى تصفير الوقت او تسويفه او الاحتيال عليه، او في خلال التحضير لمؤامرة، او عملية سطو معقدة، ولا هي تحبيذ لفكرة البطل الذي يقاتل حتى النفس الاخير والمولع بتعيين ساعات صفر كثيرة، او تلفيق لصورة المنقذ  الاسطورة  الذي ارسلته الاقدار لينتشل القارب من الغرق.. انها توقيت جدي لتغيير مؤشرات الصراع وسلوك التعاطي مع الالغام، في وقت لم تعد الساعة تخفي احتقان المشهد، ولم يعد سجل الضحايا يتسع لمزيد من القتلى، وليس في مقدور الوقت ان يتمدد خارج الغليان الذي تتسارع مؤشرات انفلاته.
/من زاوية تحليلية يبدو ان ساعة الصفر تنشق الى ساعات صفر تفصيلية: ساعة الصفر في أعلان مستقبل التحالف الوطني(الاكثرية البرلمانية). ساعة الصفر في اختيار رئيس الوزراء والكتلة النيابية الاكثر عددا. ساعة الصفر في  معركة دحر العصيان الارهابي المسلح في الموصل. ساعة الصفر في  فضّ او تفعيل عقد الشراكة السياسية في ادارة الدولة. ساعة الصفر في تحديد مصير العلاقة مع اقليم كردستان. ساعة الصفر في كشف مستورات مثيرة مطعون بنزاهتها وقد مرت من تحت الطاولات. 
 عندما وقف موسوليني في شرفته ورأى روما في مفترق طرق، وعلى شفير الهزيمة التفت الى الكاردينال شوستر يسترشد فيه الى الخطوة القادمة، قال له الرجل الحكيم: "حانت ساعة الصفر للاعتراف بخطاياك" ومما له مغزى ان طلب الاعتراف هذا جاء متأخرا، فقد كانت روما تعبر ساعة الصفر الى الهزيمة، فالخراب.
*****
"إذا المرء لم يُدَنس من اللؤم عرضه ...
فكل رداء يرتديه جميل"
السموأل بن عاديا- شاعر جاهلي