المحرر موضوع: الحكم الذاتي للأيزيدية والأقليات الأخرى بات مطلباً لابد منه  (زيارة 1377 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سفيان شنكالي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 80
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الحكم الذاتي للأيزيدية والأقليات الأخرى بات مطلباً لابد منه 

سفيان شنكالي

أبناء الديانة الأيزيدية لم يمر عليهم عقد من الزمن, وعلى مر تاريخهم إن لم يتعرضوا فيه لحروبٍ الغاية منها ثنيهم عن مبادئ وقيم إنسانية قاموا عليها منذ آلاف السنين لكونهم يرفضون اعتناق الدين الإسلامي.
هذا الوطن العراق الذي يوضح لنا تاريخه الأسود وحاضره الميئوس منه بأنه لم ولن يكون بيئة أسرية تجمع أبنائه على سفرة الأخوة والمواطنة والمساواة مادام هناك فكر سلفي لم يزل يزرع الحقد والدونية والبغض كلما تغيرت سلطة وتبدل حاكم, عليه يتوجب النظر بجدية والبحث عن حل جذري للخلاص مما بات يهدد بقاءنا على وجه الأرض .
ما بعد جينوسايد "قرية كوجو " التي أبيدت بالكامل, وهمجية "هدم القباب" التي أعادة الصورة الحقيقية لحيثيات أحداث كانت عليها 72 فرمان عثماني..وها نحن لم نزل نتعرض لذات التكفير والإبادة لكون لم نتخلى عن ديانتنا السمحة ومبادئها الإنسانية إذ أصبح من حق الأيزيدية الحكم الذاتي والحماية الدولية التي سوف تصون لهم حق البقاء على قيد الحياة على أرض أبائهم وأجدادهم أرض معبدهم التاريخي ( لالش ) ومقدساتهم وثقافتهم. من حقهم كأقلية دينية أن يتمسكوا بأرضهم التي ولدوا فيها, وليس كما يقترح البعض أن يمنح لهم حق اللجوء الجماعي أو " النفي الجماعي " إلى دول الغرب ينصهر فيما بعد ما تبقى لهم من إرث وحضارة وثقافة نجت من عشرات الإبادات المماثلة لما يجري الآن بحقهم في وقت أغلبهم مهجرون بشكل جماعي وهم بحاجة لمؤن وطعام وخدمات أولية لتنجيهم من حر الصيف, ودور سكن ومساعدات مادية وطبية , وليس أن يُبدأ باقتلاعهم من أرضهم وهم في حالة يرثى لها بعدما قتل أبنائهم وسبيت نسائهم ونهبت أموالهم وسرقت دورهم وهجروا, وهم بحاجة لدعم معنوي يزيل عنهم الخوف ويعيد لهم الثقة والطمأنينة ليعودوا لموطنهم الذي بات تحت سلطة صعاليك الدين والجريمة المنظمة على مرأى ومسمع من مجلس الأمن الدولي ومنظمات حقوق الإنسان التي تحفظ للإنسان كرامته وحقه بالبقاء على قيد الوجود مادامت قد سنت قوانين " وضعية " تقي الإنسان المعاصر من شر السلف الجائر بايديولوجيتهه وشرعته الجهنمية,.
الوطن هو البيئة الأسرية التي يراد لها أمان واستقرار تكون أسرة لتحيى بسلام, بمعنى عائلة واحدة متآلفة ومتحدة يتشكل منها الوطن, ولكن حين يصاب أحد أفرادها بمرض معدٍ حتى وإن كان رب الأسرى تصبح العائلة = الوطن بحاجة للحفاظ على بقية أفراده ومكوناته من شر يحدق بمستقبله, فكيف إذا كان هذا الشر والوباء المستعصي " رب الأسرة = الأغلبية الحاكمة " المسيرة بأفكار وأيديولوجية وغايات "دينية تمييزية "سائدة في دولة عرفت بفسيفسائها العرقي والقومي والديني على مر التاريخ, وهذا ما رأيناه في بلدنا العراق ضد أصلائه من الأيزيديين والمسيحيين والشبك , ولكن ليست هذه الأفكار  سوى " مرض السلف أصاب الخلف " يكفر كل من ليس بمسلم وعربيّ بعدما كان لهذه الأقليات المستضعفة تاريخ وحضارة ووجود في عراق النهرين ـ بلاد ميسوبوتاميا ـ باتت معرضة للانقراض والفناء الحتمي على يد تجار الدين وقتلة الإنسانية .
نحن كأقلية أصبحنا بدون وطن منذ أن ولد العراق بآفة البغض والدونية والترتيبية الطبقية بين مواطنيه, بل لم تأتي سلطة في العراق إلا وكان لنا نصيب من الموت والتهجير والإقصاء على مر التاريخ,  فهناك فئة تعتبر من الدرجة الأولى وهي الأكثرية العرقية والدينية مشرعٌ لها أن تحتكم بمصير الأعراق الأخرى التي تعتبر أقليات دينية وما من قلتها سوى لكونها جابهت عهود مختلفة من الحروب والويلات لأجل الحفاظ على ثقافتها وأصولها التاريخية, كذلك ما حدث في الآونة الأخيرة من انقلاب مفاجئ أعاد تمثيل الفتوحات الإسلامية التي عرفنا عنها في عهد ( مير جعفر الداسني ـ سنة 228 هـ ) وكيف تم سبي أكثر من عشرة آلاف عائلة "داسنية أيزيدية" سيقت كغنائم النصر المبين! إلى مدينة تكريت على يد المعتصم بالله جهراً ! وما تلاها من حروب ـ فرمانات آل عثمان, الآن وفي الألفية الثالثة وأمام أنظار جميع دول العالم يتم سبي واغتصاب النساء وبيعهن كرقيق, وقتل من لم يتبع الإسلام, ونهب وسرقة الأموال معتبريها غنائم النصر بشرعة الله ومحمد, وما من نصرهم إلا على ناس عزل مدنيين لم يكن في حسبانهم القتال مع خفافيش الظلام .
بما أن الأقلية الأيزيدية تستوطن غالبيتها في سهل نينوى, وكذلك أغلبية المسيحيين وجميع الشبك هذه المكونات الثلاثة تعتبر " أقليات العراق" وجميعها تهضم حقوقها وتضطهد وأصبحت مهددة بالانقراض, وما تتعرض له الآن على يد الدولة الإسلامية في العراق والشام " داعش " بات يشكل خطرا لابد من تدخل دولي يضع نهاية لمأساة لا أمل يلوح في أفق أي سبيل لخلاصها, ولا ثقة بعد الآن بحكام عراق عرف "بسلطته المركزية "الغير عادلة والغير منصفة بحق أقليات العراق وهي جعلت من مناطقهم في شمال نينوى مناطق مستقطعة لا تخضع " لخريطة العراق " منذ سقوط سلطة نظام البعث السابق, وبقاء حكومة إقليم كردستان مكتوفة اليدين لا تحمي أصلائها من الأيزيديين, بل سلمتهم دون قتال بيد جرذان داعش ومن يقف ورائهم من البعثيين والدول العربية الداعمة لهم.
الأمر أصبح واضحاً بوضوح الشمس حيث يتوجب على جميع الجهات السياسية والمنظمات المدنية الأيزيدية والمسيحية والشبك إعادة المطالبة كما كان المطلب سابقاً بتشكيل محافظة " سهل نينوى " كما يسمح بذلك الدستور العراقي لتكون تحت حماية الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي للخلاص من سعير المتدينين الذي يعلو أفق السماء, وغدا مصير أصلاء العراق في مهب ريح التدين والإرهاب الأعمى في عصر بات الحيوان في دول الغرب المتحضرة أكثر قيمة من أقليات الشرق الأوسط . أين العدالة الدولية وقوانين الأمم المتحدة التي أقرت في ستينيات القرن المنصرم ؟ وعلى إثرها حدثت ثورات علمية واقتصادية تسببت في جعل العرب متبقين على جهلهم وتخلفهم, فما شأننا إن كان الغرب يريد إدامة التخلف والجهل في بلدان تريد استرجاع أمجاد السيف بحجة نصرة الله الوهمي.؟