المحرر موضوع: ما تعلمته من الأب فيليب هيلايي  (زيارة 1792 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل صباح قيا

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1901
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
ما تعلمته من الأب فيليب هيلايي
         
د. صباح قيّا
شاءت الصدف أن أكون آخر رئيس للهيئة الإدارية لأخوية الشباب الجامعي المسيحي قبل تأسيس النادي الجامعي السرياني كبديل واقعي عنها بعد تخرج أغلبية أعضائها الأساسيين والبارزين وتأهل الكثيرين منهم ، ثم إنشغالهم في الصفحة الجديدة من مسيرتهم الحياتية . كان ذلك في النصف الأول من سبعينات القرن الماضي ، و تزامنت  تلك الفترة أيضاً مع ذكرى الأحتفال بمرور خمسة عشر عاماً على تشكيل  الأخوية . إنطلقت مع مجموعة من الأعضاء نحو مقر المرحوم الأب فيليب هيلايي في كنيسة العائلة المقدسة بمنطقة البتاوين باعتباره أول أب مرشد لأخويتنا ،  بغية مرافقتنا إلى كنيسة أم الأحزان في رأس القرية لمقابلة المثلث الرحمات البطريرك بولس شيخو في مقره آنذاك . أشار عليّ بعض الأخوة المخضرمين بوجوب تهيئة كلمة بالمناسبة تلقى أمام غبطته .  إنتبه الأب فيليب إليّ وأنا منهمك بالبحث عن الكلمات والجمل التي تعكس  أهمية العمل المشترك وعمق  العلاقة بين الرعاة الدينيين و فئة العلمانيين  ، فطلب مني تسليمه القلم والورقة . وما هي إلا دقائق معدودة  فإذا بي أقرأ مشاعر صادقة تشكر ولا تتملق ، تعاهد ولا تتسلق ، تعبّر ولا تتمنطق ... جوهرها الإحترام والتقدير لمن هو لها جدير ، والتماس المغفرة عن كل خطأ حتى ولو طفيف أو صغير ، مع التمنيات  بطول العمر وفخرنا به كراع حليم كبير . أثارت الكلمة استحسان غبطته الذي بدى واضحاً من خلال تعليقه التربوي القصير ، وأيضا الحضور لتصفيقه الحاد وإشادته بما جاء فيها من معنىً وفير ..... شكرت المرحوم هيلايي مبيناً له دهشتي وإعجابي بأفكاره الجميلة وأسلوبه المميز ... عقب بما معناه  :  أنا في بدء السلك المهني وحديث الخبرة العملية  ، ستصادفني مواقف متعددة وأعمل مع عقول مختلفة وثقافات متباينة ، والحكمة أن أضع الأمور في ميزانها الصحيح ، وأن اخاطب كل مركز بما يستحق بدون تجاوز الأعراف السائدة أو التنازل عن الحقوق الفردية أو العامة ،  ولكن بصياغة  يطمئن لها الطرف  المقابل حتى ولو لم يتفق معها....وملخص النصيحة الأبوية هي: أن لا اخدش جلداً بتعابير نابية ، وأن لا أزيده نعومة بجمل منمقة  .... مثال رائع تعلمته من الأب فيليب هيلايي وأنا إبن العشرينات ، ليتطور ويصقل بعدئذ بإضافات الأقدمين واستشارات الإختصاصيين ، والذي ثبت مردوده الإيجابي في مناسبات شتى ، ومع مراجع يتصاعد سلمها الوظيفي مع مرور سنين خدمتي .
ألكتابة هي نوع من الإعلام مهما كان الهدف منها . إنتقاء الكلمات وترتيب الجمل ودرج الأولويات فن وموهبة ودراسة .. ألدراسة تُعلّم بدون شك ، وهي أيضا أداة صقل للموهبة والفن الظاهرين أو الكامنين ، ولكنها  لن تقدم الكثير لصاحبها عند عدم توفر ما يكفي من الموهبة ، وعند افتقار القابلية الفنية الضرورية لتصفيف الأحرف ووضعها ضمن  الكلمات ثم الجمل الصحيحة . فلذلك ليس كل من يعالج المرضى طبيباً ، وليس كل من يعلم التلاميذ معلماً ، وليس كل من دحرج الكرة لاعباً ... والحكاية لن تنتهي ... والأهم ليس كل من قام بالكرازة كاهناً ...
 ألكرازة ، بحسب رأيي المتواضع ، شكل من أشكال الإعلام
  بقدر ما هي دعوة لإيصال وترسيخ رسالة الإيمان عند جمهور الرعية ... ما ألاحظه من على شاشة التلفاز  ومن زياراتي المعدودة لبعض الكنائس غير الرسولية في مناسبات معينة ، بأن راعيها يمتهن فن الخطابة ويلم بكافة جوانبه ، ويتقن الحديث إلى الناس بما يتناسب مع طبيعتهم السايكولوجية وتطلعاتهم الروحية والدنيوية ، ويستطيع بذكاء أن يتغلغل إلى مكنونات عقولهم ، وأن يكسب ثقتهم ويشدهم إليه بسهولة ... وأحياناً أتصور نفسي أمام " راسبوتين " في حركاته المسرحية ونظراته السحرية ودعواته الشيطانية .. قد لا ينطلي عليّ شخصياً ، ولكنه استطاع ذلك " الباستر "  اليوم  ان يقنع الكثيرين ، وربما بالغد أكثر .... لا أشك لحظة واحدة بأنه قد سبق له اجتياز دورات متنوعة بهذا الخصوص تؤهله لتأدية مهمته بجدارة , وأن يتبوأ المكانة التي فيها باستحقاق .
وما الاحظه على النقيض من ذلك ، بأن البعض من آبائنا الأجلاء يتلو كرازته قراءة . ورغم ما قد تحتويه من عمق وأصالة ، إلا أنها لن تحمل الوقع والتأثير المرجو منها على السامع ، وعلى الأغلب  لن تثير اهتمامه ويشرد عنها  بعيداً ، وربما يترك الكنيسة إلى أخرى بحجة ضعف الكرازة وسطحيتها ...  ما هو الحل ؟ ألقرن هو الواحد والعشرون ، الأجواء مهجرية والتنافس فيها شديد والمغريات بلا حدود ... في هذا الزمان والمكان لكل معضلة حل .. ألدورات التأهيلية متوفرة ولكافة الإرهاصات الإنسانية والمعاناة الشخصية ... يتوفر مستشارون لمن يرتبك في الإمتحانات وخاصة الشفهية منها .. لمن يساوره القلق قبل موعد الأختبار ... لمن يتلعثم في المقابلات وتطير منه الكلمات ... لمن تفلت أعصابه بسرعة ... لمن لا يتمكن من السيطرة على نوبات الغضب والإنفعال ... لمن يتسرع في القرار وتتغلب عليه الأهواء المزاجية .....والقائمة تطول .... إضافة إلى الدورات التدريبية والتأهيلية في فن الخطابة ، وفن الإعلام ، وفي كافة المجالات الحياتية التي تساهم في بلورة شخصية الإنسان بما يتناسب مع موقعه الروحي او الدنيوي ...
من السوء أن يتطاول الأبن على الأب ، وأن يتجاوز الكاهن قولا وكتابة على سيده ... ولكن الأسوأ من يقابل الإساءة بمثلها أو أسوأ منها .... معرفة الذات حكمة .. والحكيم من يستفيد من الإمكانيات اعلاه .. وأكثر الناس حاجة لها من يتعامل مع الرعية من موقع إداري أو سياسي أو إجتماعي والأهم من موقع روحي ،  إيمانه الكتاب المقدس وإلهامه الروح القدس ...     


غير متصل صباح قيا

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1901
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
ألأخ حامد العيساوي
سلام المحبة
شكراً لمرورك ولتثمينك للمقال مع إضافتك القيمة .أعجبني الباب ' فن استقطاب القارئ , وبالفعل أن ذلك ضروري في مرحلة تتوفر بها أنواع هائلة  وأشكال متنوعة من بضاعة الكتابة المعروضة على المواقع والشبكات  العنكبوتية .... أتفق مع ما ذكرته عن عبد الناصر والذي إستطاع بخطاب التنحي بعد هزيمة حزيران ١٩٦٧ أن يوقظ  العواطف المندحرة ويثير حماس الشعب العربي عامة والمصري خاصة ليخرج برمته يطالبه بعدم التنحي وهو ما حصل .
شكري للصديق من السماوة . أرجو تبليغه تحياتي مع استفساري عن " بحيرة ساوة " فهل لا تزال مهملة كالسابق . زرتها مرة واحدة خلال الحرب العراقية الإيرانية  ولم يكن فيها " لا أن ولا ودان " كما يقال . إنها إحدى العجائب النادرة ولكنها منسية للأسف الشديد .
أشكرك على إضافة الصورة التي تتكلم عن واقع شعبنا المرير
تحياتي