المطران وتمجيد الذات
بقلم : جلال برنوbarnoj56@gmail.com / Nov.17, 2014
ماذا يعني أن يكتب نيافة المطران مار سرهد جمو مقالاً بالأنكَليزية ويقوم بترجمتهِ الى العربية الأب سعيد بلو أو أن يصدر بياناً ويقوم بقراءتهِ وشرحهِ نيافة المطران مار باوى سورو ! في الوقت الذي نعلم أن نيافتهُ يجيد العربية . ماذا يعني أن يكون لنيافتهُ أتباع وكتاب يدافعون عن سياستهِ ومنها ما يخص ادارة مسألة الرعاة الذين هجروا رعياتهم بخلاف رغبة رؤسائهم ، ماذا يعني نقلتهُ من آشوري على أسوار نينوى بحسب الفيديو المنشور أكثر من مرة على صفحات الأنترنيت الى داعية انفصالي ؟ ألا يعني ذلك سعيهُ لقيادة تشكيل الأنفصاليين . ماذا يعني احاطة نفسه بهالة وحاشية من الأتباع ، وهو الذي يقود اليوم تمرداً على
بطريرك بابل على الكلدان في العالم عقب اصدار الأخير بياناً مفادهُ توقيف عدد من الكهنة والرهبان عن خدمتهم في الكنيسة الكلدانية ؟
وماذا يعني أن يُخصّصْ موقع يُروَّج من خلالهِ تصريحات المطران ، يهلل لنيافة المطران ، فيهِ تنشط الأبواق التي لا تخجل من التشجيع على تجزئة ما تبقى من شعبنا المجزء منذ أن تجزأت كنيسة المشرق ، ولا تتوانى من نشر أخبار غير مسؤولة و تفتقر الى المصداقية .
على سبيل المثال نشر خبر يحمل العنوان التالي :
" أكثر من 55 ألف شخص ينتظرون بفارغ الصبر خبراً مفرحاً "
Sep. 16, 2014الذي نُشرَ على صفحات كلدايا. نيت بتاريخ
" آلاف الفيَّز ( جمع فيزا) للنازحين كثمرة جهود نيافتهُ " ... يا الهي ، كَمْ هو عظيم ومفرح مثل هذا الخبر !!! ولكن ها هي الأيام تمر متثاقلة وعيون عشرات الآلاف من أبناء شعبنا النازحين ترنو الى تلكم الفيَّز وليس في الأفق شيء مفرح ويستحق الذكر ، ولا حتى تلك الصورة الخجولة ... صورة نيافتهُ مع نائب الرئيس الأمريكي المستر جو بايدن مع ابتسامة عريضة للأخير لا تشبع تطلعات اؤلئك الذين لا سقف يحميهم ولا يجدون حليباً لأطفالهم .
الحقيقة برأيي المتواضع أن عمل الكهنة والرهبان ليس عمل وظيفي كباقي الوظائف ، بل أنهُ عمل تبشيري روحي طوعي ، لأن مهمة الكاهن أو الراهب الرئيسية هي التبشير برسالة المسيح له المجد وليس التسلط على مبنى الكنيسة وعلى الرعية كما هو معمول بهِ في بعض كنائسنا . لذا فنداء بولس الرسول بخصوص مهمة جميع المعمّدين الرسولية لا تزال قائمة اكثر من كل وقت: «ليس التبشير بالإنجيل بالنسبة لي عنوان افتخار؛ بل هو ضرورة تقع على عاتقي.
نعم، الويل لي ان لم أبشّر!» (1 قو 9 /16). وعليهِ يكون تشجيع وتعضيد رسالة التبشير في الكنيسة ضروري جداً ويُعَد من الفروض الأساسية في اتمام مهمة الرسالة الكهنوتية .
ان الحياة الكهنوتية تعني العفة ، التواضع ، الطاعة ، التسامح ووو ...و كل المعاني السامية التي علمنا اياها رب الأرباب السيد المسيح لهُ كل المجد ، وهو الذي قال لهم في تعليمه ، تحرزوا من الكتبة الذين يرغبون المشي بالطيالسة ، والتحيات في الأسواق. والمجالس الأولى في المجامع والمتكآت الأولى في الولائم . الذين يأكلون بيوت الأرامل ولعلّةٍ يُطيلون الصلوات. هؤلاء يأخذون دينونة أعظم " ( مرقس 38 -40 ) . وهو الذي قال " من أراد أن يكون فيكم كبيرًا فليكن خادمًا ، ومن أراد أن يكون الأول ، فليكن عبدً ا ( متى 20/ 26-28 ) " فالسلطة في مفهوم يسوع هي خدمة، والرئاسة خدمة، والرؤساء خدام الشعب .
لا شك أن تجارب الحياة تؤكد على أن الغرور والأعجاب بالنفس والتكبر تؤدي الى السقوط ، وهذا ينطبق على عامة الناس ، فتصور عزيزي القاريء كم يكون ذلكَ السقوط عظيماً عندما يحصل( تحديداً ) لرجل دين مسيحي لا سامح الله ، كونهُ يحيد عن سيرة مخلصهِ وفاديه الاله المتجسد والمتمثل بشخص يسوع المسيح لهُ كل المجد .
تُرى هل يكون المطران مار سرهد جمو ثورويًا ساذجًا أو فوضويًا، ينكر ضرورة وجود السلطة والرئاسة في جسد الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية ، هل يسعى الى إقامة كنيسة كلدانية بدون رئاسة ، أو الى إقامة سلطة بديلة في غرب أمريكا يكون هو رئيسها الأعلى ، لربما تكون أفضل من تلك الرئاسة العريقة التي تحتفظ بموقعها في بلاد ما بين النهرين منذ دخول المسيحية ؟
لنتذكر كلمات يسوع: "إذا أَحَبَّ بَعضُكُم بَعضاً عَرَف النَّاسُ جَميعاً أَنَّكُم تَلاميذي" (يو 13، 35
أتمنى أن يسعى المطران الجليل الى الوحدة الكنسية والقومية، كونهُ أحد رواد البحث عن الوحدة قبل عدة سنين ، وأن يحب شعبهُ بكل تسمياتهِ ، لأنهُ لا شك بأنهُ ملِّم بتاريخ وادي الرافدين ، ولو حكًّم ضميرهُ لأعترف بوحدة هذا الشعب المقهور ، كما أتمنى أن يكون التواضع صفة ملازمة لشخصيتهِ نظراً لأختيارهِ طواعيةً مباديء العقيدة المسيحية وأن يبتعد عن شر تمجيد الذات ، وأن يجعل الشعب يُمجدهُ بلِسانهِ وضميرهِ .