المحرر موضوع: كنيسة مريم العذراء في السليمانية . رسالة الى من يهمه الامر ... !  (زيارة 3135 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل بدري نوئيل

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 136
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
كنيسة مريم العذراء في السليمانية .
رسالة الى من يهمه الامر ... !
بدري نوئيل يوسف ـ السويد
كنت مع صديقي جمشيد نتناول فنجان قهوة في احدى المقاهي الحديثة ونتذكر ايام السنين التي قضيناها في المدينة نعمل معا وأثناء الحديث .
قال بهدوء مستفسرا : هل زرت الكنيسة القديمة والتي تحولت الى دير ، اقصد كنيسة مريم العذراء  الواقعة في محلة كويژة .
قلت له باستغراب : لا ...
قال مستفسرا : هل تحب أن نذهب لزيارة الكنيسة .
قلت : لا مانع لدي ...
قال : اذن لنذهب معا لزيارة الكنيسة ، سوف تشاهد العجب والغرائب .
سرحت في افكاري للحظات انظر الى جمشيد بتعجب واستغراب وأقول مع نفسي:
 ما علاقة جمشيد بالكنيسة  او الدير .. ؟ ولماذا يريد أن يأخذنني للكنيسة  ..؟
خرجنا من المقهى وركبنا سيارته وانطلق نحو الكنيسة .
قال بنبرة حزينة وهو يقود السيارة : تعرف يا صديقي كلّما بدأنا بسرد قصة تعّودنا أن نقول كان يا ما كان وفي سالف العصر والأوان ، حتى ولو كانت أحداث القصة تجري في الحاضر أو الماضي القريب ؟ 
قلت مبتسما : اعرف ذلك لان حكايات جدتي تبدأ بهذه العبارة .
قال بانفعال وجدية : نحن لا نسكن في وطن لكن الوطن يسكن فينا ،  أين أنت يا وطن بين الأمس واليوم ؟ وكيف أمسى حالك يا وطن وأنت تئن من شدة آلامك وتنزف منذ عقود دماً من عروقك ، أبنائك الذين شربوا من مياهك وأكلوا زادك ووضعوا بين أيديك مصيرهم ومنحتهم ثقتك ، طُعنوا بخنجر مسموم في ظهرهم ، وحينما سقطتْ  . اعدائك ثملوا فرحاً ورقصوا طرباً على جراحك . 
 أما سمعتَ أن الزمان يأخذ الحبيب ، في ليلة من الليالي ، حل الظلام معلنا عن ظلامه ، اختفى نور القمر بالغيوم السوداء القادمة ، خيّم على المكان إعصار الحزن والأسى ، كانوا في الموصل وسهل نينوى والقرى القريبة منها ،كُتِبَ الحرف على جدران منازلهم ، اختصروهم يا وطن في حرف ، استباحوا شقاء عمرهم  ، لقد حان وقت الرحيل ، يترنح الجميع على الطريق مثل سكير اسرف في الشراب ، مدينة كنائسها ومساجدها مهجورة محروقة ومعابدها مهدمة ، مآذنها باكية ، قبابها دمرت ، طفل يصرخ يبكي ، يتشبث بثياب أمه ،كالغريق دموعه تتساقط صوته يعلو يشتكي الجوع والخوف ، عجوز أنهكه التعب ، شابة تمشي خلف والدها تحتمي بأخيها لم تعي بنفسها من كثرة الغضب . نفذ الدواء وقل الماء وفقد الامان . قنبلة لها دوي ودبابة تعوي وصاروخ يهوي لن يرحم طفلا ولا شيخا .
سأل العالم ما الخبر ، قالوا نحن النازحين تشردنا من بيوتنا و تركنا كل ما نملك .
 رد العالم عليهم وقال لهم :  نشجب وندين ونستنكر ونتظاهر ونصرخ ونراقب ، نعقد الاجتماعات ، ونصدر البيانات .
 هكذا هم النازحون المهجرون اليوم متشائمون منتشرون تائهون ضائعون في السهول والوديان والجبال وعلى قارعات الطرق وأرصفة الشوارع يحتمون خلف جدران وحصير وخيام. هكذا ما فعلوه بالأمس مع أجدادهم. اخرجوهم من المجامع ، بل تأتي ساعة فيها يظن كل من يقتلهم انه يقدم خدمة لله ، انها حدثت في الماضي القريب و في الأيام التي نعيشها ، أين المشكلة وأين الحل ؟ أهي البداية ؟ أم النهاية ؟ البدايات من أصعب المشكلات في كل شيء . على كلًّ حال ، سأدع البدايات جانبا ، وسندخل مباشرةً في صلب الموضوع .
هذا حال كنيسة مريم العذراء في السليمانية تحولت المذابح لغرف نوم والكنيسة اصبحت شقق سكنية تحوي على عدد من العوائل النازحة من سهل نينوى بالإضافة الى صف لتدريس الاطفال ، وكذلك قاعة الكنيسة قسمت الى شقق . اما الدار المجاور للكنيسة فهو بناء قديم من الطين تسكنه ثلاث عوائل ونصبت خيمة في فناء الدار وأصبحت مدرسة لتعليم ابناء النازحين .
توقفت السيارة امام باب الكنيسة وترجلنا متجهان نحو الباب اعترضنا الحرس مستفسرا ماذا نريد قلت له نريد زيارة الكنيسة . وعند المدخل يقف عدد من الرجال والشباب وهم من النازحون تقرب احدهم نحونا
وقال مبتسما : عمي اعملوا حل لهذه العوائل . والله حرام عليكم (متصورا اننا جئنا لنجدتهم ) .
دخلنا الى الداخل ووقفنا عند المدخل نلاحظ عشرات الاطفال يلهون في الساحة وبعض الصبايا تغسل الثياب وأخرى تطبخ وبعضهن تجلسن تحت اشعة الشمس . نساء كبار في السن بيدهم مسبحة الوردية يتمتمون بصوت واطئ صلوات لأمنا العذراء ، وعدد من الرجال واقفون قرب باب القاعة يتناقشون بموضوع الهجرة تتعالى اصواتهم وكأنهم ذو خبرة في قوانين الهجرة والمهجرين وحقوق الانسان و مفوضية شؤون اللاجئين ولا تفهم منهم كلمة واحدة لأنهم يتكلمون كلهم في وقت واحد انتبهى احدهم و تقدم نحونا .
وقال والدمعة ملأت عينتاه :أعتب عليك أيها الوطن لم اجدكِ بجانبيي عندما احتجتكَ ، لم أجد غير شقائي عندما بحثت عن سعادتي ، يا وطن هل تعلم أن غيابك اقل اياما من حضورك ، وهل تعلم أن وجودك في حياتي مهم لاني لم اتجاهل وجودك يوما ، في قلبي حرقة وغصة في حلقي  ، وبح صوتي من المنجاة ولكن الصمت زاد وجعي ، اكفكف الدمع وابتسم لأطفالي ! حتى ظنوا بأني اصحبت معتوه ، خفقان قلبي يزيد ، اشعر بكابوس يكتم أنفاسي اصيح بصوت عالي يا أخوتي ما هذا الذي داهمني ، اسمع صدى ندائي يتردد لا مجيب . وا حسرتاه  يا وطن انا بداخلك وأخاف الغربة ، اصرخ ربِّ أناجيك وأنت قريب مجيب ،فعندما اعتب عليك فقلبي وعقلي يحبك .
اقتربت منا أمرآة في العقد الرابع بدأ الشيب يغطي رأسها ، واخفى الحزن جمالها وفقدت ابتسامتها والدمعة تسيل على خدها ويذوب العاشق في سحر عينيها وتحمل الكثير من الألم والكثير من خيبة الأمل .
قالت يا وطن ... اعتب عليك لأنك لم تقف معي في معاناتي وتضحياتي فلا تلومني على عتابك لأنك لم تصغي إليَّ ولا تشاركني في همومي وتكون لي صديق .
سلمنا على الراهب الذي يخدم في الدير ويعمل بكل تفاني وفرح ان يقدم خدمة لهذه العوائل .
قال الراهب لنا : العوائل المقيمة في هذا الدير عددها عشرين عائلة  لها نفس الامتيازات من المساعدات التي تقدم للعوائل النازحة المقيمة في كنيسة مار يوسف ولكن ارغب ان احصل على مساعدة حتى استطيع ان اسكن هذه العوائل في شقق او سكن يحميهم من برد الشتاء. ونحونا كرهبان في الدير نحتاج المكان والكنيسة والنفقات التي تصرف على الطلاب والمرضى لا تكفي .اتمنى ان يسمعنا الخيرون .
ودعنا الراهب والعوائل وركبنا السيارة .
قلت لصديقي جمشيد : اسالك لماذا طلبت مني ان ازور هذا الدير .
قال :  اشكرك لقبولك الزيارة والتقاط الصور . اكتب يا اخي ما شاهدت لعل من له عينان يستطيع القراءة .او من يسمع يقدم المساعدة .
قلت له . سأكتب ما شاهدت .
اترك لكم الصور تتكلم



غير متصل خالد توما

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1710
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
أخي أبو روش هذا قدرنا ؟؟؟ خوفي ليصيبو أهلنا ما أصاب الفلسطينيون سنة 1948 سكنو المخيمات وما زالو ؟؟
أنا لست متشائم ؟؟ لكن الأحداث والرياح الشديده والغير متوقعه التي تعصف في وطننا العزيز تجعلني متشائماً ؟؟
أتضرع الى الله أن يعيد المهاجرين الى بيوتهم بسلام ...