متــــى تدار أقلامنا بإتجاه متطلبات حال ابناء شعبنا في العراق؟
شوكت توسا يقول المطران جورجيس خضر في معرض رده على سؤال لماذا اكتب:"" أقبل ضعف الذين يحسون أنهم يكتبون ليحققوا ذواتهم , هؤلاء ينطلقون من أنفسهم, أما الذين ينطلقون من الحقيقه يحسون أنهم هم وقراؤهم للحقيقه, أكتب لأني لا أستطيع أن أكون أمام عيني إذا لم تقل عيناي ما تنظران"".
مقولة تؤكد قولنا بان احدى سمات الكاتب الملتزم تفاعله مع إهتمامات قرائه وشجون ابناء شعبه , تُكتسب هذه السمه حين اللجوء الى التفكير (والتذكير) بما هو اجدى واقرب لهموم الناس وتطلعاتهم ,أي بالفكر الدال وبالقلم الميال صوب ما تتطلبه قساوة الحال وكضم الذين في قلب الحدث , خلاف ذلك وهو ما نحن بصدده , يحتار المرء أمام سيل ٍ من مقالات واشرطه نابشه رواحا ومجيئا في اختلافات اللاهوت والجنان المفقوده التي أورثتنا جحيما لا يطاق ,حقيقة اعتراضنا هي ليست على اختيار الموضوعة بالتحديد ,لكننا حين نقارن بين الحاصل لشعبنا اليوم وبين ما اقلامنا منشغلة فيه ,سنجد العجب في مدافعٍ عن قدسية مذهب كنيسته رافعا راية انتصاره على كنيسة اخرى يئمها اهله الجياع المشردون من بيوتهم وقراهم , واخر يلوّح مبتهجا بقصم ظهر الذي خالفه الرأي في بنوّة المسيح وآلوهيته فيجرّم ويهدر دم المتسائل : ما ضير لو اعتبرنا المسيح إنسانا مثلنا اختلفت نوازعه عنا نحن البشر فتجاوز الشهوه وواجه ظلم أخيه الانسان له بالسلم والمحبه فكان له تحقيق ذاته في جعل حياته قربانا لخلاص الانسان من الظلم والعبوديه.
كما اسلفنا, ليس المراد من كلامنا فرض رأينا في اختيار مادة النشر على إخوة لنا نكن لهم التقدير ونحترم جهودهم بعيدا عن قصد النيل منهم , لكنّ إنسانية هذا الإبن المـُختلـَف على نسبه مثلا, سواء اعتبرناه رمزا لمن يود الدفاع عن كنيسه مؤمنه او مرجعا لمذهب موصوف بالهرطقه , فهو اي السيد المسيح يكفيه أنه تجرع المرارة كي تسعد البشريه من بعده , فعل ذلك كما اظن ليس إعلاءً لشأن من هو أصلا في أعالي سماوات الكون والا ما استطاع ان يتربع راس هرم الانسانيه ,ناهيك عن ان الحديث والتعمق في مسائل اللاهوت وغيبيات المقدسات , تطاله الثرثرة العبثيه لا محال مادامه يتناول شأنا اختلف لا بل عجز المختصون اللاهوتيون أنفسهم عن فرضه كحقيقة متفق عليها بالمطلق, وها نحن اليوم نحصد مزيدا من التشرذم جراء اختلافاتهم ومن قصور في فهمنا لماديات الحياة ومستلزمات البقاء التي من الممكن تحقيقها في التزام الانسان بقليل من كثير ركزت فيه النصوص المقدسه على قيمة المخلوق المبتلى بمحبي تفاسير النص وعابدي كتابه ومنظريه .
جدالات كهذه عدا كونها عديمة الثمر ,حين ننشغل بها و شعبنا يمر في كارثة قل مثيلها , لا يمكننا وصفها سوى بالعبثيه والتبعيه لمن نصب نفسه وصيا عن آلوهية المسيح او انسانيته كي يستغلها في توسيع مقاطعة سلطانه الدنيويه , أيعقل بقاءنا جالسين صاغرين نستمع الى تراشقات كهذه و صغيرنا قبل شيخنا يدرك بأن علة ضعفنا وطمع الأخر فينا هو تشتتنا ! حقيقةٌ لا يختلف عليها سوى المختل فكريا , اما السليم عقليا فهو الدارك السباق لجوهر المسببات التاريخيه التي ادت الى تشتتنا هذا, لو تغاضى عما خلفته مشاحنات الديانه و تماديات تقاطعاتها المذهبيه فهو في ذلك يتجاهل فعلة المنشار الذي قطـّعنا وما يزال صعودا ونزولا في جسد شعبنا المقسّم الى نحل وملل تتصارع دون هواده تحت ظل رساله هي براء من ممارسات أوليائها براءة الذئب من دم يوسف , وإلا ما صنف هذه المسيحية التي يهتف بها مثقفنا ( وهو داعية قومي في نفس الوقت) عندما يتباهى ويتبارى رافعا راية نصرة رجل دين يمكيج خديه بلون التفاح والعنجاص و كرشه الخارج عن قامته متخم ٌ باموال كرماء المؤمنين (ان لم اقل مغفليهم) , هل تقصى احدهم عن سبب انزواء اصحاب الكروش بعيدا عن مربض وموطن كنيستهم الاصل وأحدهم اليوم بصدد اعلان فصل كنيسته عن الام , انا لا افهم تحت اي مسوغ يدافع الداعيه المسيحي عن رجل دين يمتلك اكثر من معبد ترف وقصر فخم وسائق لسيارته الفارهه في بلد الرفاه !! أي فرج ذاك الذي ينتظره شعبنا المشرد في العراق من سفسطات المبجلين بأصحاب الخدود المتفحه والكروش المدوره!! .
في الحقيقه , الذي يهمنا مما اسلفنا قوله , هو تذكير إخواننا المتكلمين بأمور ومتعلقات شعبنا بأن اكثر من ستة اشهر عجاف مرت و بلدات سهل نينوى الكلدواشوريه السريانيه (المسيحيه) خاوية من سكانها, اذ تم تفخيخ بيوتها و كنائسها بعد تهجير اهاليها ونهبها بالكامل , بلدات بناسها تعاني الظلم والضيم وهي تستنجد بالغرباء بينما اقلام مسيحييينا (القوميون منهم بالذات) منهمكة في تلميع صفحة راهب اوتجريم كاهن قابع عبر البحار,لنفترض صدق اهتمامهم القومي وصدق حرصهم على متعلقات الايمان المسيحي , ولكن أليس الاجدر بهم ان يلتفتوا قليلا و اولا الى مصير ومستقبل الحضور الحقيقي لمسيحية وقومية ابناء شعبهم الذين يعانون الأمـّرين في موطن ابائهم واجدادهم المسيحيين.
من هنا , دعوتي الاخويه التي اود توجيهها الى كل من تهمه مسيحية امته وسلامة ومستقبل قومية ابناء شعبه أن يدع النقاشات الغير المثمره جانبا كي يعطي للحدث حقه من وقته و من جهد قلمه لدعم ابناء شعبه المشردين وهم مقبلون بحسب ما ينشر من اخبار على حركه معاكسه للعوده الى قراهم ومساكنهم بعد تحريرها , وتلك كما نعلم عمليه معقده بحاجه الى ترتيبات اداريه وماليه والى تكتاف الأيادي لتسهيل عودة الناس الى اماكنها , اي ان القائمين على هذا العمل بحاجه الى تبادل وتفاعل افكار ومقترحات علها تقدم شيئا من الدعم والتشجيع للعائدين الى اماكنهم.
هل بامكاننا ان نضع المشاحنات جانبا ولو لفترة شهرين كي نثبت موقفا متضامنا مع الرابضين من اهلنا في الوطن؟
الوطن والشعب من وراء القصد