المحرر موضوع: عندما كنا أطفال في عنكاوا الحبيبه  (زيارة 2716 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل خالد توما

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1710
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
عندما كنا أطفال في عنكاوا الحبيبه
خالد توما
عندما أكتب عن الطفوله أعني  أعمارنا ما بين سته الى أثني عشر سنه أي مرحله الدراسه الأبتدائيه .. في الخمسينات القرن الماضي كان الطفل في هذه المرحله من العمر يختلف ونحن في عينكاوا كما نحن في قرن الواحد والعشرين وخاصة الأطفال الذين يعيشون بالدول المتقدمه وأطفالنا اليوم ..
كانت عينكاوا فيها مدرسه واحده وهي ( مدرسة الحكمه البتدائيه للبنين ) وتقع في غرب الناحيه مقابلة دور آل حكيم  ومن هم بعمري اي من مواليد 1945 ومن كان قبلنا كنا ندرس في هذه المدرسه العريقه التي تخرج منها المئات بمختلف الوظائف من أبنائها  لينشروا العلم والمعرفه ويقدمون خددماتهم  لشعبهم في جميع أنحاء العراق وخاصة في كردستان الحبيبة ..
ولمحبتي لهذه المدرسة أحب وصفها لأنها متعلقه في ذاكرتي وتعيش بين أضلعي .. كان بنائها من الطين مربعه الشكل مساحتها تقدر 400 متر مربع أو أكثر  كنا ندخل من بابها الرئيسي الكبير مصنوع من الخشب ذو صفاقتين كل صفاقه طولها ما يقارب المترين وعرضها اكثر من متر وعند دخولنا تصادفنا على اليمين غرفة المدير وكان آنذاك رباني لوقا الله يرحمه وعلى يسارنا غرفة المعلمين وكان يغلق الباب الكبير الساعه الثامنه ولا يسمح للطالب المتأخر الدخول الى المدرسه .. ونقف في ساحه المدرسه وحسب الصفوف لغرض التفتيش على النظافه وقراءة النشيد الوطني وبعدها نذهب الى الصفوف فيبدأ بالدخول الى الصفوف الصف الأول وهكذا الى الصف السادس .. ولعدم وجود إسالة ماء في عينكاوه كنا نشرب الماء بواسطة أكواب مربوطه بخيط قوي  من تانكي مصنوع من الجنكو وفيه ستة حنفيات ويملئ التانكي بالماء من بئر داخل المدرسه بواسطة دلو مربوط بالحبل على بكره معدنيه وينزل داخل البئر ويسحب من قبل عامل يعمل في المدرسه يسمى ( فراش ) وكان لنا ثلاثة عاملين هم شابو ويلده وأوسي رحمهم الله مكلفين بهذه العمليه وتنظيف وحراسة المدرسه ونحن فرحانين ونطير كالطيور رغم بساطه الحياة وننتضر متى ينتهي الدوام ونضع كتبنا في الجنطه التي كانت تخيطها أمهاتنا في البيت من القماش المتوفر لديهم لنذهب الى البيت لنلعب ونحضر دروسنا لليوم الثاني وننام ..
وعند خروجنا من الباب الرئسي للمدرسة الطلاب الذين يتجهون الى اليسار بمعنى هم سكنة محلة بلندر ونباتي وعضمت وعسكر ودخوكا مروراً بأتجاه الجمعيه أما  الطلاب الذين يتجهون على اليمين بمعنى هم سكنة محلة  دركا وحسيني والدور القريبه من الكنيسه الى بقجة قاشا بولص عبدوكا ..
هنا احب ان أبين وأشير الفرق بين طفولتنا واطفال اليوم بجميع مفردات الحياة التي عشناها ونحن في عينكاوا  واقول ..
نحن الأطفال كنا نتألم  من عصا المعلم وخاصة المعلم الشديد ..ونتعاطف مع ظروف عوائلنا ..ولم تتعلق قلوبنا بغير أمهاتنا ..ولم نبكي  خلف المربيات كما هو حال أطفالنا اليوم ؟؟
نحن الاطفال الذين تعاطفنا مع جيراننا وأولاد محلتنا .. ونقسم رغيفنا بيننا .. ولم نخرج من طريقنا .. ونصلي معاً الصلاة الربانيه ( أبانا الذي في السموات ) حتى بحت أصواتنا ؟
نحن الأطفال كنا نذهب الى المدرسه مشياً على الأقدام تحت حرارة الشمس المحرقه في الصيف والبرد القارص وهطول الأمطار في الشتاء ..
نحن الاطفال الذين لم يستذكر لنا أولياء أمورنا دروسنا .. ولم يكتبوا واجباتنا المدرسية .. وكنا ننجح بلا دروس خصوصيه وبتفوق معتمدين على أنفسنا  .
نحن الأطفال الذين لم ندخل مدارسنا بهواتفنا النقالة..ولم نشكو من كثافة المناهج الدراسية ولاحجم الحقائب المدرسية..ولا كثرة الواجبات المنزلية
نحن الاطفال الذين كنا نلاحق بعضنا في الدرابين  القديمة بأمان ونتوجل من محله الى محلة .. ولم يعترض لنا لص ولا مشاكس ولامجرم ولاخائن ..
نحن الاطفال الذين كان فطورنا لا يحتوي الكورن فليكس .. ولا سندويشة السابوي .. ولا الحليب البارد .. ولا قطع التوست الجافة ..ولا زجاجة نوتيلا اللذيذة ..
نحن الأطفال كان فطورنا لبن رائب وجبن بلدي وتمر والزبيب وزيتون وراشي مع دبس ( دوشب وتاحن )  والبيض المسلوق والبصل الأخظر والفجل التي كنا نشتريه من ( شيناي ) اي مزرعه كانت عائده الى رجل أسمه مولود وتسقي المزرعه من مياه الجاريه من نبع كاهريس وتمر في عينكاوه في ساقيه لا يتجاوز عرضها المتر وتقطع الساقيه ( الشقيذه ) بقجة قشا بولص مروراً بجايخانه يوسف سلمان  ونتنتهي بشيناي مولود مع خبز من صنع أيادي  أمهاتنا الطاهرات .. 
نحن الأطفال الذين وقفنا في طابور الصباح بنظام داخل مدرستنا ..وأنشدنا السلام الوطني  بحماس .. ودخلنا الى صفوفنا بهدوء وأحترام ..
نحن الأطفال الذين كنا ننام عندما  يطفئ  الفانوس أو الوكس في فناء المنازل .. ونتحدث كثيرا ..ونضحك كثيرا..وننظر إلى السماء بفرح ..ونعد النجوم حتى نغفو وخاصة أيام الصيف ونحن فوق السطوح ..
نحن الأطفال كنا نفرح بهطول الأمطار في الشتاء لتنمو الزروع من الحنطه والشعير والعدس وتلبس الأرض لباسها الأخضر ونتجول بينها لنقطف بلسونه ونقلع كاعوب ( لكنه )  ونخسلها بمياه المطر الواقفه في الحفر ..
نحن الأطفال كنا نفرح ونرقص عند سماعنا الطبل والزرنه في الأعراس والمناسبات وخاصة يكون عازف الزرنه خدر والطبال قادر
نحن الأطفال كنا نفرح بقدوم عيد القيامه لأنه يحتوي في طياته الملبس الجديد والبيض المسلوق الملون بألوانه الزاهيه التي كانت مصدر ألوانه من القماش  التي كانت تحضره لنا أمهاتنا ونلعب بلعبه ( الداق والداق ) أي من كسر بيضه صاحبه يأخذها له ..   
نحن الأطفال الذين كان للوالدين في داخلنا هيبة .. ولرجل الدين هيبه ..وللقريب هيبة .. وللمعلم هيبة.. وللشرطي هيبه .. ونخبأ أنفسنا عن كبيرنا وهو يقطع الطريق .. وللعشرة هيبة ..و كنا نحترم سابع جار ..ونتقاسم مع الصديق المصروف والأسرار واللقمة ؟؟ 
نحن أطفال الخمسينات يسمى اليوم جيلنا جيل المبادئ ونفتخر به ؟؟ ونفتخر بالأجيال التي سبقتنا لأننا تعلمنا منها الكثير الكثير وكانت قدوة لنا لشق طريقنا بسلام ؟؟ ونفتخر بالأجيال الحاليه لتكمل المسيره وهي قادره على ذالك  لأننا كلنا من رحم واحد ومن عائله واحده  وهي عينكاوا الحبيبه ؟؟
خالد توما tomajulie@yahoo.se



غير متصل Anwar Behnam

  • المشرف العام
  • عضو مميز جدا
  • *
  • مشاركة: 2395
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
عاشت ايدك على هذا السرد الحقيقي لجزء من تاريخ عنكاوا الحبيبة اتمنى ان تواصل بكتابة تاريخ عنكاوا و شكرا لهذه المعلومات القيمة

تحياتي لك وللعائلة الكريمة
انور بهنام

غير متصل بطرس هرمز نباتي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 440
    • مشاهدة الملف الشخصي
صديقي العزيز خالد توما
 عندما قرات ما تكتبه من ذكرياتك حول عنكاوا  تذكرت  عنوان رواية  للروائي الشهير  غابرييل غارسيا ماركيز  الا وهو عشت لارويها،  نعم صديقي نحن عشنا لنروي لهذا الجيل ما حدث وما جرى في ذلك الزمان الذي سبق  .. حقاً ذكرياتك عن الطفولة أعادتني الى الوراء اكثر من نصف قرن  تذكرت مدرستنا الطينية القديمة وتلك الحكمة  المدونة على القطعة الخشبية ..حتما انت دخلت الى غرفة المدير  رباني لوقا  .هل تذكر  تلك العبارة المكتوبة على اللوحة المعلقة فوق راس المدير ؟سأذكرها لك في السطر الأخير ..ثم الا تذكر رباني الاخر متي وسيدارته ،  أتذكر بماذا كان يعاقب الطالب المشاكس فينا ،تذكرت الان ..
مرة كان احد أصدقاءنا قد حلق رأسه( نمرة صفر) هكذا كانوا يدعونها،  فطقطق رأسه بقلم الرصاص  حتى سالت منه قطرات دماء  فعالجه المعلم ثم أعطاه الأذن فذهب فرحاً الى خارج المدرسة  والله يا صديقي لولا ما تتذكره انت لما تذكرت انا اي من هذه الذكريات العذبة لان ذاكرتنا قد علاها الصدأ نتيجة جسامة الأحداث التي مرت .
مدرستنا تلك رغم بساطتها الا ان أريج طينها الأحمر لا زال عالقا في تلابيب ذاكرتنا، لقد تحولت تلك المدرسة التي احتضنت طفولتنا الى قاعة حفلات ومطعم وكانت ملكا خاصا للكنيسة، وتلك القطعة التي كانت تحمل حكمة يعتد بها مديرنا وجميع معلمينا كانت تقول (راس الحكمة مخافة الله )لقد زالت مدرستنا عن الوجود اما ذكراها فلن تزول ومع زوالها زالت واضمحلت حكمة مخافة الله لان المصالح الآنية حلت مخافة الله  للاسف،
  اخي أقول لك دمت لنا لترويها ولتتذكر ..تحياتي
بطرس نباتي

غير متصل بطرس هرمز نباتي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 440
    • مشاهدة الملف الشخصي
الأشياء الراءعة التي يتذكرها عن عنكاوا الصديق العزيز خالد هي ذكرياته عن هذه القعة الجميلة التي ضمت طفولتنا وستظم  رفاتنا  أيضاً ان لم نجبر على تركها  اخي وليد في ذلك الزمن كانت التربية تأخذ بالقسوة واستخدام العصى تحت شعار العصا لمن عصى   ربما لم يكن في زمانكم  اما في زماننا كانت حتى الفلقة موجودة لمن كانوا يقسون  عليه  الذي المطلوب منا اليوم  ان ننسى الاثار المزعجة التي تركت في نفوسنا تلك القسوة الغير المبررة وان نغفر لهم لأنهم كانوا يتصورون بان ضربهم لنا سيكون سببا بنجاحنا في المستقبل  رحم الله الراحلين منهم والصحة للباقين على قيد الحياة  الحق الذي نقوله بحقهم انهم كانوا أساتذتنا الأوائل وهم الذين ساهموا في تكوين ما نحن عليه شكرًا لهم جميعا بدون استثناء تقبل تحياتي
بطرس نباتي

غير متصل خالد توما

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1710
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
أخي وليد حنا .. تحيه أخويه صادقه
اخي انا ما كتبته عن المعلم لا أقصد اي معلم جميعهم كانو أساتذتنا وتعلمنا منهم الكثير الكثير ونبقى مدينين لهم وليس لدينا ما نكافئم انهم رمز لنا ويبقون ويعيشون في ضمائرنا ولن ننساهم وأقول وأنت أعرف مني ومتعلم أكثر مني ( من علمني حرفاً ملكني عبدا ) فكيف من علمنا من ( أ ) الى ( ي ) ؟؟..
أخي أما رفع ردك على الموضوع من قبل المشرفين هو حرصاً منهم عليك وعلي وعلى القارئ ؟؟ وما كتبه الأستاذ والصديق بطرس نباتي لك هو حقيقه بعينها في زماننا ولا تنزعج يا اخي وصديقي العزيز وأريد رأيك عما كتبته وأتر ك موضوع العصى وإذا رغبت أرفعها عن المقال ..
اخي عندما نكتب عن عينكاوا وأهلها من مربين ومربيات ومن رجال الدين الأجلاء وعن عاداتنا نكتب لنستوفي بعض من الدين الذي في رقابنا ونبين للجيل الحالي كيف كنا نحن وكيف هم الآن ؟؟ تقبل تحياتي ومن خلالك الى العائله الكريمه ...
أخوك المحب لعينكاوا واهلها / خالد توما

غير متصل وليد حنا بيداويد

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 3064
    • مشاهدة الملف الشخصي
القديريين خالد توما كاتب المقال وبطرس هرمز نباتى المحترميين

شكرا على تعليقكما الراقى، بلا شك نحن لا ننسى سواء من علمنا حرفا ومن كان ارهبنا ضربا، الاثنان فى ظمائرنا باقون للذكرى لا ينسى ، سوف لا نقول الا مايجب قوله بحقهم ولا احد قادر ان يغيير المعادلة التى رسمها كل واحد لنفسه وهذه هى النتيجة، تلك الحقيقة سواء حذفها المشرف على هذه الصفحة او لم يحذفها
فى الثمانينات عندما كنت احيانا اتولى رئيس الفريق  كادارى للمشاركة فى المهرجان الرياضى او الموسيقى المقام فى احدى اقضية او نواحى محافظة اربيل كنت التقى بعدد من اهالى تلك المدن  ونتبادل الاحاديث وعندما كنت اقول لهم اننى من عنكاوا فكان اول من يتبادر الى السؤال عن  اننى اعرف المعلم الفلانى من عنكاوا وكم كان طيبا، فكنت انا اضحك فى داخلى واستغرب فى هذا المدح وكنت اعتبر المتكلم منافقا وكاذبا ولا يقول الحق إلا كما يقال  ان بروستيج التعامل مع الاخر كان يفرض على الواقع ان يعاملنى بالطيبة وكنت احسبه انه يجاملنى لا اكثر ، كنت استغرب عجبا من ان المعلم الفلانى الذى يتكلم عنه الاخ الكوردى ليس ذات سمعة طيبة بين اهله فى عنكاوا، انه صاحب خلفية سيئة وارهب طلابها واجبر الكثيريين منهم على ترك المقاعد الدراسية ولم يكمل معظمهم السادس الابتدائى فاضطر الكثيريين منهم للانخراط فى الجيش، فيا عجبى ان المعلم الفلانى طيبا مع الغريب عنيفا مع ابناء جلدته وهكذا العشرات ممن لا اريد ان اذكر اسمائهم ، فاختصر كلامى من دون تشخيص او لربما يحسب البعض انها اساءة ويجب ان ننسى الماضى،، نعم يجب ان ننسى الماضى ولكن الشئ بالشئ يذكر وان نسينا فالتاريخ لا ينسى وعلينا الاستفادة من كل مافات ، فنحن اسود على ابناء جلدتنا وخرفان امام الاخرين.. هذه حقيقتنا نحن المسيحيين فى العراق، نخاف الغريب  واسودا على القريب
اكرر عتبى على الذى رفع التعليق وهو من ذات الطينة بلا شك عندما ياتى المساء ونحتسى بيكا من العرق بجانب الحبيبة فكلنا نصبح محللين سياسيين لا مثيل لنا ماشاءلله وابطالا وما ان يتلاشى العرق وظهرت اولى خيوط الصباح حتى تتلاشى تلك البطولة التى عرضها صاحبها امام قنينته ولا للاسف الشديد
الزمن والغربة والحياة لم تعلمنا شيئا، عندما كنا فى ارض الوطن كان الخوف يملئ بطوننا وعندما تغربنا فدخل الخوف عظامنا وبات الشلل يمنعنا من الحركة فاى موقع اعرابى موقعنا فى الجملة.
 محبة وتقدير