مائة عام على رسالة البطريرك يوسف عمانوئيل الثاني .
المقدمة :
اثناء بحثي ودراسة المخطوطات القديمة التي تخص تجارة التجار الكلدان بين عام 1820 ـ 1920 والبالغة عددها الف وستون مخطوطة باللغتين العربية والكلدانية والمحفوظة في مؤسسة ژين الثقافية ( بنكي ژين ) في مدينة السليمانية والمنشور عدد قليل منها بدون شرح تفاصيل المخطوطات في كتاب شارى سليماني
( ململاني گروپه كومه لايه تييه كان) ( 1820 ـ 1920 ) للمؤلف ماموستا جعفر ، من ضمن هذه المخطوطات بعض رسائل تخص الاباء الكهنة الكلدان مكتوبة بخط أيدهم في تلك الفترة الزمنية ، وسأنشرها تباعا منها هذه الرسالة المكتوبة بيد مثلث الرحمات البطريرك يوسف عمانوئيل الثاني بطريرك بابل (1900 ـ 1947) .
الرسالة أو المخطوطة :
حيث في الرابع عشر من اذار 1914 ارسل ابناء رعية كنيسة الكلدان في السليمانية رسالة الى غبطة البطريرك يوسف عمانوئيل طالبين تبديل الكاهن الذي يخدم في كنيسة الكلدان (مريم العذراء حاليا) .
في الثامن والعشرين من اذار 1914 ارسل البطريرك يوسف عمانوئيل الثاني رسالة الى رعية مدينة السليمانية ردا على رسالتهم (مكتوبهم) . والمرفقة صورة من المخطوطة (الرسالة) .
نص الرسالة
بطريركية بابل الكلدانية
عدد
يوسف عمانوئيل الثاني
بطريرك بابل
حضرة ابنائنا الاعزاء الخواجات عبد الكريم علكة ورفقه المحترمين .
اخذنا مكتبوكم المرقم 14 الجاري وكل ما حررتم صار معلوما وعليه نقول : اننا بوقته سنعمل اللازم بخصوص ما كتبتم أما اصراركم على تبديل الكاهن الان فهذا ما نقبله منكم أيها الابناء الاعزاء ولا تنسى ان ابائكم وأجدادكم السعيدي الذكر ما كان لهم هذه المداخلات في امور الرؤساء ولهذا السبب كان الله يبارك في كدهم وشغلهم . اقتدوا بهم ان كنتم تريدون بان الله يبارك في اموركم ، وأنا انصحكم بهذه النصيحة حبا بخيركم وتقدمكم ونجاحكم نفسا وجسدا من الله نطلب لكم الموفقية في جميع اموركم ، وعند الختام نبارككم ونبارك عائلاتكم المكرمة حرسكم الله .
الموصل 28 اذار 1914
يبدو من دراسة الرسالة أن البطريرك يوسف عمانوئيل الثاني قدم وعداً لرعية السليمانية بتغير الكاهن ، فقد اعطى لهم مفهوم دور الرعاة والرعية ،ونجد العلاقة بين البطريرك ورعيته ليست علاقةً شخصيّةً تتحكم بها مصالح مطعمة بمصالحه الخاصة التي نهايته مهددة بالفشل ، بل تتضمّن العلاقة الّتي يجب أن تربط الرّاعي برعيّته والتي تصبو الى تحقيق حياة الرعية فالراعي هنا هو بمثابة القائد الذي يعلم ٬ يوجه وينظم ، وليس عمله شخصيًّا يبغي مجدًا ذاتيًّا ، بل عمل الرّاعي هو عملٌ كنسيٌّ ورعويٌّ بامتياز . والمدبِّرٌ المنتخب من اعضاء السينودس و مُقامٌ من قِبَل السّلطة الكنسيّة العليا لرعاية شؤون الكنيسة واحتياجاتها ، هو من يتحمّل المسؤوليّة الكاملةً أمام الله والرّعيّة وضميره بعد أخذ الآراء المتعدّدة ولكنّ القرار الأخير يكون له .
وفي نفس الوقت قدم لهم تحذير وتوبيخ لتدخلهم بأمور كنسية ونبههم وذكرهم بان اجدادهم ما كان لهم من هذه المداخلات ، تلك العلاقة الكنيسة التي تحكم الراعي والرعية على حد سواء وليس كباقي العلاقات الاجتماعيّة أو العائليّة . والراعي والرعية يعرفا مفهوم الكرامة الشخصية وكيف يحبوا ويغفروا ، كيف ومتى يتنازلون عند الحاجة كيف تكون المصلحة العامة افضل من المصلحة الشخصية .
ثم دعائهم لكي يقتدوا بأجدادهم وهنا لكي يوفر الأرضية الصالحة لتحقيق غاية وجود الكنيسة. والرعية هنا جموع المؤمنين ٬ وهي أساس مادة الكنيسة وروحها ٬ وغاية وجودها وهدفها ، والرعية تعيش وستعيش عصرها وبعدها باركهم ، ولبى الجميع طلب البطريرك .