الى أحزابنا السياسية ومؤسساتنا القومية والدينية . وهل أمامنا غير الوحدة ؟
آشور قرياقوس ديشو
تورونتو - كنداashourdisho@yahoo.com
نحن جميعاً معرضون للخطأ. ليس بيننا من هو معصوماً من ألخطأ أبداً. قد نخطأ بسبب قلة معرفتنا وتجربتنا أو نتيجة نزواتنا أوضعفنا امام اغراءات الحياة المختلفة. ولكننا في نهاية الامر نعود لنعترف بأخطاءنا ونحاول أن نتلافاها مع مرور الزمن بعد أن نحصّن أنفسنا بالمعرفة والخبرة وننمو في تجاربنا لنكتسب منها الحكمة فنتدارك اخطاءنا ونمضي الى الامام في حياتنا .
الشعوب أيضاً لها أخطاءها وكبواتها ولكن أخطاء الشعوب يتحملها قادتها ورؤساءها والاحزاب الرائدة والحاكمة فيها لأنها جاءت بسبب سوء أدارتهم وزلاتهم وقصور حكمتهم وهناك اليوم الكثير من الشعوب التي أعترفت بأخطائها فوجهت لومها الى قياداتها في ذلك الحين.الا أنها في نفس الوقت لم تبخل من العمل والاصلاح لتبدأ مرحلة جديدة من البناء والتطوروالازدهار لان جزء كبير من النجاح والتقدم الذي تحققه الشعوب يأتي من الدروس التي تتعلمها من اخطاءها وفشلها في مرحلة من مراحل حياتها .
من المؤسف القول أن شعبنا أيضاً كان له نصيب كبير من الاخطاء في أوقات ومراحل متعددة من مسيرته ولكني سأحصر في مقالتي هذه تجربة شعبنا منذ 2003بعد أن تلمسنا بأنفسنا أننا لم نتعلم من تجاربنا وأخطائنا لتحقيق أحلامنا القومية في الوطن . فهاهي قد مرت السنوات العشر العجاف ولازال قادتنا السياسيين والحزبيين والدينيين يتبجحون بسياستهم وبادارتهم لأمور شعبنا ويصّرون بانها صحيحة وعادلة ويحاولون أن يقنعوننا بأننا نعيش في نظام ديمقراطي وبين مكونات تتعامل معنا على أساس الاخوة والتعايش السلمي والعدالة بينما لم نرى أي قائد سياسي أو حزبي أو ديني يخطوا الى الامام ليحصى الانجازات التي حصل عليها شعبنا منذ السقوط أو ليبرر كل ما حدث لشعبنا من قتل وتهجير وظلم وتجاوز او حتى ليذكر نقطة أيجابية واحدة في مسيرة شعبنا منذ 2003 .
لعل أكبر نقطة ضعف يتصف بها شعبنا وقادتنا السياسيين والدينين هي الذاكرة القصيرة التي جعلتنا ننسى بسرعة كل ما يحدث لشعبنا من أهوال ومصائب ومآسي فالمواقع والاخبار والشبكات الالكترونية وذكريات المنكوبين منهم مليئة بأرقام ووقائع وأفلام للقتل والخراب والدمار والاختطاف والتجاوزات والتهجير منذ 2003 . وأنتهت بكارثة أكلت الاخضر واليابس ورمت بشعبنا في الشوارع والساحات .بينما لا يزال قادتنا والاحزاب السياسية والدينية وحتى هذه اللحظة يحاولون ان يصنعوا لنا أنتصارات وهمية وتقديم تبريرات باهتة ومخيبة للامال حول هذه الفضائع التي يعيشها شعبنا ومن غير أن يعلنوا عن اية خطط جدية و أيجابية لتصحيح مسار سياستهم. أو أن يأخذوا خطوات جديدة مشتركة يقودون بها شعبنا الى طريق الامن والامان و التقد م والازدهار.
لقد ظلت احزابنا السياسية والقومية ومنذ 2003 تتبادل الاتهامات وفي محاولات لتخوين الاخروتمارس الاسقاط السياسي بينها وتعيش في عداءوصراع ومواجهة مع البعض فيما ظلت مصرة على أيدولوجياتها الفكرية والسياسية والشعارات التقليدية التي تبنتها في أبجدياتها القديمة من غير أن تلتفت الى تغيير المسار السياسي والحزبي بما يتناسب مع متطلبات المرحلة ونوعية العمل والتنسيق والتعاون الذي تتطلبه الظروف الحالية لتجد حل جدي لهذه الحادثة المؤلمة والمعضلة التي ألمت بشعبنا في الوطن.فلم تكن قادرة على الاحتفاظ بتحالفاتها وتجمعاتها التي حاولت ان تصنعها بعد كل مآساة أو جريمة لحقت بشعبنا في الوطن لأنها لم تكن مخلصة لتأسيس أرضية مشتركة أو تعمل من أجل أي أصلاح سياسي أو أجتماعي أو اقتصادي يعزز هويتنا القومية للبقاء أقوياء في الساحة السياسية الوطنية . لان كل قراراتها كانت تؤخذ على أساس المصلحة الحزبية من غير ان تولي الاهتمام بمصالح شعبنا العامة.
وآخر ما خلصت اليه أحزاب ومؤسسات شعبنا لتتعامل مع الازمة هو أن تزيد من جروح هذا الشعب فأخذت تنثر الملح على جروحه لتزيد من لسعتها وحرقتها فتوجهت الى العمل بشكل انفرادي لتشكيل فصائل ومفارز وقوات وميليشيات عسكرية وتحت مسميات مختلفة وعديدة منها دويخ نوشا التابعة الى الحزب الوطني الاشوري وحراسات المجلس الشعبي ووحدات حماية سهل نينوى التابعة لزوعا وقوات سهل نينوى المشكلة من قبل حزب بيت نهرين وسرايا آخرى تابعة للاخوة السريان وقوات من شعبنا تشارك الحشد الشعبي وآخرى تعمل تحت رعاية الحكومة المركزية وبعضه الاخر تسنده حكومة الاقليم . أن وجود هذه القوات من شعبنا منفردة وفي نشاطات عسكرية بدون تنسيق وعمل مشترك بينها هو دليل لا يدعوا الى الشك بفشل قياداتنا الحزبية والسياسية في ادارة امور هذه الازمة التي يمر بها شعبنا وتمسكها بصفة الأنانية التي لازمتها دائماً.ودليل آخر على تشرذم وتشتت هذه الاحزاب القومية . وبرهان جديد على أن هذه الاحزاب والمؤسسات القومية تحاول أن تبرز عضلاتها منفردة لتغطي على الفشل والضعف التي ظهرت به أمام نمو الاحداث والظروف التي لحقت بشعبنا بعد أن وقفت مشدوهة في البداية لا تدري ماذا تفعل لأن أساسها الاداري والشعبي والجماهيري كان ضعيف وهش .
ليست غايتنا هنا وأمتنا تعيش في مرحلة حرجة أن نوجه نقد مؤذي أو محبط للمعنويات . لأننا نؤمن بأن ولادة أي شريان نضالي في هذه الامة يمثل بشرى لنهضة قومية يجب أن نفتخرونعتز بها.ولكننا في نفس الوقت نعلم بأن هذه البذور لن تنبت وتكون مثمرة وطيبة طالما تعيش في واقع سياسي متردي ومتمزق وعلاقات فاشلة وأن هذه المجموعات الصغيرة ستفشل وسيرمى بشبابنا في اتون المحرقة والنكبة لا سامح الله . لأن هذه المجموعات الصغيرة لن يكون لها تأثيرات عسكرية قوية مقارنة بقوة الارهاب وحجم وأمكانيات تسليحه الكبير بالرغم من كل ما يقال عنها طالما تعمل بشكل منعزل وصورة منفردة.وبعد أن فشلت هذه القيادات في التوجه الى الحوار لجعلها قوة عسكرية واحدة تعبر عن أمال شعبنا جميعاً وتمتلك الشرعية في أي قرار يخص مصير شعبنا في الوطن .
ان شعبنا اليوم في أمس الحاجة الى أتفاق قومي مركزي يجمع كل المكونات والمذاهب والاحزاب والمؤسسات السياسية في مشروع سياسي وديني مشترك يمكنه أن يشعل علامة جديدة ومضيئة في حياة هذا الشعب ويمكن لهذه الاحزاب من خلاله أن تتخلى عن أنانيتها ومصالحها الحزبية الضيقة وينفتحوا على مصلحة شعبنا العامة من خلال خلق روح التوافق بين مكوناته على الساحة السياسية والاجتماعية والدينية .
هذا المشروع الذي أدعو اليه هو أن تتجه أحزاب شعبنا ومؤسساتنا لتحقيق تقاسم في سلطة القرار بين الجميع من خلال تشكيل نواة لبرلمان فيدرالي قومي واسع من جميع الاحزاب والمكونات والفئات التي ترغب المشاركة بحيث يمنح كل طرف مشارك في هذا البرلمان مقعدين أو أي عدد آخر يتفق عليه. أن مشروع البرلمان كأي لجنة أو جمعية يحتاج الى نظام داخلي يصوغ ترتيب وشكل الهيئة أو الجمعية والصلاحيات والاختصاصات . بجانب الحاجة الى فريق عمل كامل من الاعضاء ورئيس وسكرتير وأمين عام ومسجل وأمين صندوق وأشخاص أخرين لتقييم عمل البرلمان ولجان للبحث والتقييم ومستشارين من أختصاصات مختلفة. ويمكن تسمية هذا البرلمان بأسم مختصر يربطه بالهدف من تأسيسها. وندعوا أن تكون المناصب الثلاث والتي هي الرئيس والسكرتير وأمين عام البرلمان من المستقلين حتى تحفظ على عدم أنحيازية القرار وأستقلاليته عند التصويت وفي حالة وجود أتفاقات مصالح بين الاحزاب .ان هذا النظام البرلماني القومي العادل الشامل سيجمع كل أحزابنا السياسية القومية بأسس قوية ولا تستبعد أي من الاحزاب من المشاركة في النظام السياسي ولا يستطيع أحداً بالطعن في شرعية هذا البرلمان .
أن صنع القرار هو عنصر حاسم في حياة الشعوب . فهناك قضايا حاسمة تحتاج الى الوقت والتخصص وحاجة كبيرة للمناقشة والحوار وجمع المعلومات ومسألة توحيد الفصائل النضالية المشكّلة يجب ان تكون من القضايا والاولوية في الحوار والتصويت عليها في هذا البرلمان وكذلك توحيد المواقف من مطالب أخرى كأقليم خاص لشعبنا في الوطن ويمكن أن يناقش هذا البرلمان نوع الحماية الدولية المطلوبة أو لتوفيرها لمناطق تواجد شعبنا في الوطن في حواره وتصويته .
أن تشكيل هذا البرلمان هو تطور وفهم جديد للعمل المشترك المعاصرالذي تتطلبه المرحلة والظروف التي يمر بها شعبنا في الوطن ويظمن بناء فريق واحد يؤمن الفرصة للأعضاء من جميع الاحزاب ومكونات ومذاهب شعبنا للتعبيرعن أراءها ورؤيتها السياسية والفكرية والثقافية والاجتماعية وحقها في المشاركة ولتكون جميع قراراتها في المنأى من الاعتراض والانتقاد.
اننا بحاجة الى نظام سياسي يكسب الشرعية ويجمع أعضاء من خلفيات مختلفة ووجهات نظر ومهارات وهذا التنوع سيؤدي الى عمل مثمر وأقوى في أتخاذ القرار من خلال زيادة الكفاءة والقدرة ة و التعاون بين فريق يحمل ميزات وصفات قيادية مختلفة ينمو منها ولادة أفكار جديدة ومجموعة لها القدرة على المناقشة والتحليل ثم التصويت.
أن نقل فكرة المشروع الى الامام سيكون قوة دافعة يمكنها السيطرة على الخلافات الداخلية التي نشهدها بين فصائل شعبنا المختلفة وتقضي على التفكير السلبي الذي لازال يعشعش في عقول البعض بالاضافة الى التشجيع والمشاعر الايجابية الذي سيحمله لشعبنا . وستطور من عمل أحزابنا ويجعلها أكثر فعالية .أن عوامل نجاح هذه الفكرة ان كانت ممكنة ويمكن تحريكها قدماً لمشروع سياسي وديني يعني به خلق نوعية جديدة من القرار تعتمد على الديمقراطية في أوج صورها وهو أيضاً سيدفع كل احزاب شعبنا ومؤسساته ليرتبطوا معاً كحزب واحد متحد يعمل لصالح شعبنا العام . ان اعتماد هذا النظام يعطي معظم الاحزاب ومكونات شعبنا المختلفة شعوراً بالامان والامال.
أن تشكيل هذا البرلمان لا يلغي أحزابنا ومكونات شعبنا بكل فئاته ومؤسساته الاخرى والموجودة في المهجر للمشاركة في هذا المشروع القومي.أن وجود ممثلين لأحزاب ومؤسسات من مختلف المذاهب منتمين في هذا البرلمان لن يؤثر على حقوق وواجبات اي طرف من الاطراف للفئة أوالمذهب أو المكون الذي ينتمي اليه. ويمكن أن يكون لهذا البرلمان بعد تكوينه وصياغة قانونه موقع في الانترنيت ونشر أخباره على المواقع الالكترونية . ونشر اخطارات مسبقة عن أجتماعاته ووضع جدول الاعمال وأجندات الاجتماعات وأجراء لقاءات دورية للتواصل مع الجميع في المهجر أيضاً من خلال الاستفادة من تكنولوجيا التواصل والاتصال التي توفرها وسائل الاتصال الالكترونية المتعددة .
وختاماً ادعوا الاخوة والاخوات من الكتاب والمثقفين والقراء أن يكونوا متفائلين في أمالهم وتوقعاتهم دائماً وعدم أستبعاد فكرة الوحدة والعمل المشترك من مخيلتنا واعمالنا ونشاطاتنا وبذل كل الجهود لأستكشاف المقترحات التي قد تجد فيها أحزابنا السياسية ومؤسساتنا الدينية فرص مناسبة للجلوس معاً للحوار والمناقشة . ومن الله التوفيق
أمنياتي للجميع بالسنة الميلادية الجديدة مباركة وسعيدة
12-28-2014