البوصلة السعودية توصل المبشرين بالجنة لأرضها
أن يعلن أن أرض المملكة العربية ،هي أرض جهاد لفتحها ،ودحر حكامها ،لهو آخر ما تتوقعه من دولة الخلافة ،ولعل ماحدث في عرعر يعتبر البداية ،لكن له مدلولات جمة ،سيما أن المنفذين أغلبهم سعوديون ،ويملكون شبكة تواصل أجتماعية وتأمين في عرعر ،تعتبر التأمين الأستراتيجي العسكري لنجاح دخول المملكة ،وفتحها بقوة المبشرين بالجنة؟
سأعود بضع سنوات إلى الوراء في الصراع السوري،وتحديداً لأيام خضوع محافظة الرقة للدولة الأسلامية،وكان ذلك مفاجئاً للجميع،فهي المحافظة الأولى والوحيدة،وبالرغم من أن الحراك الشعبي فيها كان بسيطاً ،لكن خروجها المدوي من تحت سيطرة النظام كان قوياً ،وفعالاً،لماذا يا ترى؟
السر يكمن في بدو الرقة ،حيث يعتبر البدو في الرقة هم غالبية أهل المحافظة ،وأي بدو؟ هناك قبائل أصيلة فخوذ ،وبطون ،يعتبرو أنفسهم أحق في حكم المملكة من بيت آل سعود ،لا بل هناك بدو العنيزة اللذين هم قبلياً من نفس قبيلة آل سعود.وخلال الخمسون السنة الماضية بلغت أعداد المتجنسين في المملكة وهم من الرقة مئات الآلاف ،وحتى أن معظم زعماء عشائر البدو أصبحوا من أتباع المملكة.
وبالرغم من كل الحدود الدولية ،فإن الذهاب والإياب إلى عرعر كان حلم كل بدوي ،وبقيت الرحلات مسيرة بالرغم من كل الصعاب.
لا بل أكثر كم كان ربيع الرقة ،مزدحما بالسعوديين اللذين أعتبروها مناطق مربعانيتهم ،فكانت السيارات الخليجية اللوحات أكثر من المحلية خلال هذه الفترة.
لكل تلك الحركة والتواصل الأجتماعي ،كان له الأثر الفعال في المحافظة ،والتي شخصياً أعتبرها عقائديا كانت تتبع السعودية في كل شيء ،قوانين عشائرية ،لكنها عقائدية كما في المملكة وهي الأولى بالتعامل بها ،وأخرى وضعية للحكومة السورية ،يعتبرونها ثانوية لتسيير أمور الحياة اليومية .
هذا ما جعل الرقة لتكون أهلاً لأصحاب فكر دولة الخلافة ،التي مابرح علماء المملكة ،وبالأخص الشيخ محمد العريفي يعلنها بشكل متتابع ،وممنهج،فالمبشرين بالجنةالجدد اللذين هم جند الخلافة وجدوا لهم أرض خصبة ،وقلوب دافئة تحتضنهم ،وبفتوه من شيوخ المملكة ،بل بالأكثر إن أغلب العادات الأجتماعية ،والحياة اليومية في الرقة ،يطابق بل ينسخ الحياة في المملكة .وهكذا الجو جوهم،والأهل أهلهم ومافي حدا أحسن من حدا؟ كما يقول المثل الشعبي السوري.
هذا البعد الأجتماعي لتنظيم الدولة الأسلامية في محافظة الرقة ،أجزم أنه كان له الدور الرئيس في القبول الأجتماعي من قبائل عراقية معينة لها أرتباط عشائري بقبائل البادية السورية،وكانت الحاضنة الأساسية لتنظيم الدولة ،والقوة الرئيسية في سقوط الموصل.والقاعدة تتمدد،فالقبائل عابرة للحدود في علاقاتها ،ولها فخوذ وبطون في المملكة ،لقد أستمتعوا اللعبة ،وأحبوها ،إنهم مبشرون بالجنة ،وموعودون بدولة الخلافة على منهاج النبوة ،فهل توقفهم قوات آل سعود؟
في الرقة وجدوا أهلهم،وشيوخهم ،وأخذوا فتوتهم بإقامة دولة الخلافة من شيخهم محمد العريفي ،فهل في عرعر يريدون أن يحرروا شيخهم المأسور في سجون المملكة؟
إن إعلان أرض المملكة أرض حرب ،هو إعلان مدمر ،وخاصة أنه يعلن من أبناء المملكة نفسها ،وبشيوخها.
تراني أرى ،وأسمع الأسواط التي يضرب بها الأديب رائف البدوي ،أتعلمون إلى أي منزلق تنزلقون؟أليس في المملكة يعقلون،قبل أن يجرف السيل كل القائمين ،ويعلنها أرضاً فتحت لمن هم عائدين،وبحور العين حالمين.
وصدق من قال، لأَنَّكُمْ بِالدَّيْنُونَةِ الَّتِي بِهَا تَدِينُونَ تُدَانُونَ، وَبِالْكَيْلِ الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ.
ترى هل تكون أموال المملكة قادرة على وقف زحف جند الخلافة ،أم ستكون تحفيزاَ لبناء دولة الخلافة التي أرادها العريفي ،وإن لغدٍ لناظره قريبُ؟
