المحرر موضوع: فلكلور كرمليس ينبض بأغاني تراثية توثق لمحطات زاخرة بالفرح والأحزان  (زيارة 1484 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سامر ألياس

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 380
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
فلكلور كرمليس ينبض بأغاني تراثية توثق لمحطات زاخرة بالفرح والأحزان


سامر الياس سعيد
لايختلف اثنان عما حازته بلدة كرمليس من موقع حضاري من خلال ما اختزنته أسفار الحقب التاريخية عن عراقة  البلدة وجذورها التي تمتد الى العصور الحجرية  حيث اقترن اسمها بالمعارك والغزوات التي جرت وقائعها في زمن ما قبل الميلاد وما بعده ومنها ، كحملة داريوس دارا الاول (485 ق.م) وداريوس دار الثالث والاسكندر الكبير (331 ق.م)، وحملة الامبراطور الروماني طرايانوس للشرق (114م) وغزوات المغول (1236م) وغزوة القائد الفارسي نادر شاه (1743م)، وغيرها. كما ان تسميتها الحالية مرتبطة  بالحقبة الاكدية التي  أطلقت عليها ابان سيطرة الاكديين على البلاد الاشورية خلال حكم ملكهم سرجون الاكدي (2371-2316 ق.م) خصوصا خلال  خضوع الدولة الاشورية للسومريين حيث اطلقت على البلدة تسمية (كار- دنكير- نين- ليل) اي مدينة الآلهة ننليل زوجة الاله انليل ووالدة ننيورتا وهي الهة سومرية كانت لها معابد في معظم مدن العراق القديم.
فيما سبق يؤكد المعلومات التي تقتبس مصادرها من صفحات الحضارة الاشورية والتي  استوحاها الأديب قصي مصلوب في مشروعه الذي اطلقه مؤخرا  من اجل الحفاظ على الارث التراثي والفلكلوري لبلدته كرمليس فقام بإبراز هذا المشروع الذي يضم عشرات الاغاني التي كان يرددها أهالي البلدة بلغة السوريث لتصل الماضي التليد بالحاضر وترنو نحو المستقبل الذي تعيشه البلدة اليوم بعيدة عن ابنائها بعد خضوعها لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية  في صيف عام 2014..
يبرز مصلوب المشروع الذي يعده باطلاق أغاني تستمد كلماتها من خلال يوميات الحياة للبلدة والتي تترجم لمحطات من الفرح والحزن فهنالك أغاني كانت تنشد في زمن الحصاد كون البلدة من المناطق الزراعية الخصبة بالإضافة الى انشغال اغلب ابنائها بهذا العمل ،كما هنالك أغنيات مخصصة لمناغاة الأطفال وهي تستند على وفق أساطير مستمدة من الحضارة الاشورية القديمة ..
ويتابع مصلوب في حديثه بان للأغنية الكرمليسية خصوصية وتفرد بارز من خلال ما تستمده من بيئة البلدة الجغرافية  والتقاليد التي تفرضها الكنيسة بوجود التشفع لدى عدد من القديسين لعل أبرزهم القديسة بربارة التي ينتصب مزارها في مدخل البلدة ..
ولايجد الأديب قصي مصلوب صعوبة في جمع الموروث الغنائي الخاص بالبلدة مفيدا بان اغلب اهالي البلدة كانوا يتوارثون تلك الأغنيات على ظهر قلب من ابائهم واجدادهم لتكون كسلسلة طيبة تتناقلها الاجيال ككنز ثمين غني بالمحافظة على الاصالة التي تفخر بها البلدة لكنه في المقابل يجد بان عمله الخاص بتلقين فرقته المؤلفة من الفتيان والفتيات ممن تتراوح اعمارهم ما بين 8الى 15 سنة غني بالصعوبات من خلال المفردات عالية الطبقة الصوتية التي تلتزم بها الاغنيات التراثية وصعوبة نطق بعض كلماتها  كما تزخر تلك الاغنيات بمقام يستمد من البلدة خصوصيته وتفرده الواضح ولعله ينحو نحو مقام الحزن كون البلدة عاشت ازمنة صعبة من خلال توالي الغزوات والاضطهادات التي نالت من اغلب ابنائها ..
ومن تلك الاغنيات التي ينشدها الاطفال وقد تعلموها في فترة قياسية حيث يقول قصي مصلوب بان العمل كان يتم في مخيمات النازحين خلال فترة لاتتجاوز العشرة ايام من اجل تهيئة تلك الفواصل الفنية  التي تتحدث عن فترة الحصاد التي يعتبرها الكرمليسيون باهم الفترات التي تمر بها البلدة لارتباطها بقيمة العمل كما ترتبط اغنيات اخرى بازمة احتباس الامطار وما كان اهالي البلدة يسعون اليه من مظاهر وطقوس تناجي شفعاء البلدة من اجل انهاء تلك الازمة  واستجلاب الغيوم الزاخرة بالامطار لتقوم باخصاب الارض وابراز مكنونها من الخضرة والغذاء كما تبرز من تلك الاغنيات طقوس اخرى ترتبط باستعدادات الكرمليسيين للاحتفال بعيد القيامة لاسيما من خلال تنظيف ازقة البلدة من قبل الاطفال استعدادا لمسيرة السعانين التي تسبق العيد باسبوع ..
المشروع الذي يحمله الاديب قصي مصلوب من خلال تهيئة الاغاني واعدادهاوتدريب الاطفال على ادائها يجسد عمل بارز تتميز مشاهده بالمحافظة على الاصالة التي تزخر بها يوميات كرمليس والتي يختتمها مهرجان الاغنية التراثية الكرمليسية بنواح امراة كانت من اخر مغادري البلدة على ما تعرضت له بلدتها من تخريب لحواضرها من قبل عناصر التنظيم ويندرج هذا النواح  في باب الرثائيات التي دابت عليها النسوة وهن يذكرون مناقب عزيز رحل عنهم ..