الاب بيوس قاشا ..عندما يحدث ما لا طاقة لنا به نحسبه مؤامرة
بطرس نباتيابتي العزيز.. هذه القصص المأساوية التي تروى اليوم ابطالها ليسوا فقهاء الفتاوى القاتلة ، وأزلام الموت الارهابيون ، والذين كفرّونا ولا زالوا يكفروننا، ويعملون على محو إسمنا ، وطمر ديانتنا ) كما جاء في مقدمة مقالتك الرائعة بدل الهروب لنعانق الصليب ..
ابطال هذه القصص المأساوية هم صبية واطفال صغار ونساء ورجال مساكين ، الصامدين داخل الخيم وقاعات المدارس والكارفانات ، ابطالها هم ضحايا الفتاوي لشيوخ القتل هم شهداء من أجل رسالة المسيح إيمانهم دفعهم من أجل اعتناق صليب المسيح بشغف و التضحية بكل مقتنيات الدنيا و بكل ما يمتلكون وخرجوا وهم مرفوعي الهامات ، ضعفهم أمام ( بطولة ) مضطهديهم كان بمثابة هزة ارضية بقوة أعلى درجات ريختر زلزل الارض تحت أقدام من صنعوا هؤلاء فقهاء الموت والدمار في دهاليز استخباراتهم ومؤامراتهم القذرة.
ابطالها أناس بسطاء استقوا ايمانهم بالمسيح مع قطرات حليب امهاتهم ، هؤلاء حاول قبلهم شهبور الثاني وبهرام الفارسي في الاضطهاد الاربعيني السيء الصيت ، اربعون سنة من الالام من القتل والذبح وسقوط شهداء تمتلأ الكتب باسامائهم ومآثرهم وبعد انتهائها لحقتها عذابات أخرى وآلام على أيدي أباطرة وسلاطين الدم والقتل والحروب أرادوا ابادتنا وإمحاء وجودنا ، لكن اباؤنا واجدادنا ظلوا متمسكين بالارض التي انبتتهم تارة يلحسون جراحاتهم حاملين صلبان الصبر والتحمل ،وتارة أخرى يتعاملون مع المضطهد والفاتل بحكمة ودهاء رغم أنهم لم يكونوا يمتلكون الانترنيت ووسائل الاتصال والسفر السريع ،وعقولهم لم تكن أوسع من مديات حقولهم الخضراء ولكنهم رغم ذلك حافظوا على الارض الطيبة المعطاء .
انهم كانوا يعانقون الصليب وكان يقودهم ويرشدهم اباء شهداء يسيرون نحو الشهادة يحبونها كما يحبون الحياة بدءاَ من مار شمعون برصباعي ورفقائه شهداء المشرق وانتهاء ببولس فرج رحو وشهداء كنيسة النجاة.
ابتي العزيز لو سمحت لي ، إن ما سطرته لهو نص أدبي رائع يصلح ان يكون ,وعظاَ او كرازة ليوم الاحاد والاعياد .
أقولها اسفا أبتي العزيز ، شعبنا بعد هزيمته من داخله اولا قبل ان يلجأ إلى الهروب وترك الوطن من غير رجعة، ليس بحاجة إلى موعظة بقدر حاجته إما لمعجزة ( رغم أن زمننا ليس زمن المعجزات) أو لعمل جبار وجهود مضنية من اجل تثبيته في ارض الاباء والاجداد، الموعظة تنفع لو طبقها الواعظ عمليا على نفسه اولا ، المشكلة اليوم التي قصمت ظهور كتابنا وقسمتهم بعنف ، هناك حفنة من الاباء الكهنة والرهبان هجروا الوطن وهم قابعون في دول الغرب ولا يودون العودة رغم ما يتخذ بحقهم من إجراءات قانونية كنسية صادرة من أعلى سلطة كنسية ، كيف تريد من ابناء شعبنا التشبث بارض ابائهم واجدادهم وقادتهم الدينية والدنيوية والذين نعتبرهم رموزا للصمود واحتضان الصليب مهزومين اساسا ، بطريرك الكنيسة الاثورية لا زال مهاجرا تاركا وطن الام، وطن كما يسميه وطن الاباء والاجداد وهو يتكرم بزيارته كل عشر سنين وربما اكثر ، أنا لست ممن يتدخل بشؤون الكنيسة مطلقا لأني اؤمن بان للكنيسة شؤنها ويتمكن ابائنا الكنسيين من حل مشاكلهم بانفسهم حسب القانون الكنسي ولكن كلمتك الرقيقة الرائعة دفعتني كي اتداخل بشأن يقع خارج اهتماماتي..
انا اؤيد ما ذهبت اليه بان الهجرة الشاملة هي النهاية هي نهاية الكنيسة في الداخل وهي فقدان للخصوصية والاندماج في مجتمعات لا تتحمل تلك الخصوصية التي نشأنا عليها في الداخل ، الذوبان والهروب ليس من مصلحاتنا حتما ولكن تصور يا ابتي ، الفنانة انجيلا جولي ،عندما تتفقد خيام الاجئين وتزور من فترة إلى أخرى مدننا وقصباتنا تعطي لمن في الداخل نوعا من الامل في البقاء والصمود، وهي تذرف الدموع الساخنة عند سماعها لأم مفجوعة او اب فقد كل ما يملك ، أليس هذا على الاقل تعزية او عزاء لمن يلاقيها ، في حين نجد من هو الاولى والاجدر في تقديم يد المساعدة يهرب في اولا تاركا شعبه ووجود اهله وذويه على كف عفريت ، والا يوصينا الرب بتعزية الاخرين والمشاركة بالامهم ومعاناتهم بعطشهم بحوعهم بمرضهم وبؤسهم ، أقول اين رؤسائنا الذين يختارون العيش في كنف الدول الاوروبية وامريكا من اقوال المسيح بل اين هم من تصرفات انجيلا جولي .
كنا بحاجة وخاصة قبل شهرين او ثلاثة ان يأتينا هؤلاء الاشاوس الذين ملئوا اسماعنا زعيقا وصياحا من وراء المحيطات، كي على الاقل ليتقضلوا بزيارة اهلهم وذويهم والتعرف على احتياجاتهم عن كثب ( على الاقل كما فعلت انجيلا جولي مثلا) ،
انجيلا جولي مع المهاجرين في القوش ( علنا نستحي قليلا)
بدل الوعود التي اغطوها والقائم التي سجلوها والتي كانت تضم الاف من الاسماء بوعود كاذبة ويجعلوا من انفسهم منقذين لأن السلطات الامريكية والاوربية تعمل ليل نهار من اجل ارسال طائراتها لتحط فوق سطوح ديارنا لتنقلنا نحو العالم السعيد .
وعندما انقشع الغمام عن مشاريعهم الغبية الكاذبة راحوا يوجهون اللوم للأسقف الفلاني وللباطريك الفلاني ويًدعون بأنه هو من عرقل مسير طائراتهم الورقية وجعلها تبتعد عن سقوف بيوتنا أو أمام خيامنا.
أني اتسائل يا ابتي إلى متى سينتهي هؤلاء من الرقص فوق جراحات الوطن المثخن بها ؟ الى متى سيستمر هؤلاء بالضحك على ذقوننا؟ بحيث اصبحنا (امة ضحكت من عارها وجهلها الامم)