المحرر موضوع: ليلى الأحيدب تتأمل "جنات صغيرة"  (زيارة 818 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل وفاء شـهاب الدين

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 198
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
ليلى الأحيدب تتأمل "جنات صغيرة"

بعد روايتها "عيون الثعالب" وتوقف عن النشر تعود الكاتبة السعودية ليلى الأحيدب إلى قرائها بنصوص "جنات صغيرة" الصادرة عن دار أثر.
وحرصت الأحيدب على تأكيد هوية كتابها الجديد بأنه "نصوص" بحثًا عن فضاء مفتوح في القراءة والتأويل، وإن كان الطابع الشعري للعمل لا يخفى.
تنطلق الذات الشاعرة غالبًا من مفردة بعينها تؤسس لعنوان النص.. كما تؤسس في الوقت ذاته للحالة الشعرية مثل: ورد، حداد، مشهد، تقرير، يقين، يقظة، قفز، أمنية، سر، حواء، مشيئة، حظ، قوس، إدانة، سؤال، رقص، هدنة، خيار، نبوءة، ظل، اعتراف، ثقب، كفن، آية، صرخة، قسوة، قصيدة، تسبيح، غواية، باب، تكنيك، مرآة، سكين، منتصف، بلاغة، وحدة، صندوق، فتاة. وبعض النصوص القليلة جدا اعتمدت عنونتها على مركب من مفردتين مثل: ليس فجأة، ظلال سخطة، تفاح فاسد، ودرس النداء.
ومن الواضح من تلك العنونة مركزية المفردة وتأثيرها على بناء النص، وعملية تأويله، فمثلًا في نص حرية ـ وهو من أشد النصوص قصرًا ـ نقرأ:
"توحدت مع  نقائضي
خلعت كل أقنعتي
ونزلت للنهر عارية"
فالعنوان يشير إشارة صريحة ومباشرة إلى النص، وحالتها الشعرية والشعورية، ويحكم عملية بناء صوره. وقد تأخذ الأحيدب من مفردة حياتية بسيطة مثل باب أو جدار متكأ للتأمل والغوص الجواني وكشف إحساسها بالوجود.. والعكس أيضًا أي تبدأ من معنى غائم وتبدأ في منحه جسدًا من صور وأشياء مادية، فنراها تعبر عن معاني مجردة مثل "الألم" و"الخوف" بعد تجسيدها في صورة مادية مركبة:
"سددت كل منافذ الألم
وردمت كل حفر الخوف
بكلمة  واحدة
مكونة من أربعة أحرف
مندفعة  كحربة
ومتمردة كقوس"
 
هناك الكثير من التشبيهات في النصوص، لتقريب أدق الخلجات ولحظات التأمل والانفعالات الهامسة، ومزج الحسي بالمجرد، وفي ذلك كله تلجأ الذات الشاعرة على معجم رحب، يأتي أحيانًا من الطبيعة: النهر، البحر، الشمس، الريح.. وأحيانا من اللغة العربية والتعابير الدينية العتيقة.. أو من مفردات اليومي الآني مثل قولها:
"كي لا تضع الريموت على الجزيرة
واضعه أنا على العربية
ونختلف أكثر
أن يهدأ أزيزالرصاص لتسمعني حين أقول أحبك"
 
وفي كثير من الحالات تعبر النصوص عن ذات تلعق وحدتها، وتعيد تأمل رحلتها، وكونها الشاسع المضطرب من حولها.. ذات تسعى للحب الكامل.. للانعتاق من المألوف ونيل حريتها غير منقوصة.. لكن التقاط تموجاتها عبر النصوص المتفاوتة في طولها وقصيرها، يتطلب إنصاتًا خاصًا:
"أخاف –فقط- أن أستسلم
أن أكف عن الركض عكس الريح
وأترك الماء يجري بي
 كما يريد البحر"
 
تبقى الإشارة إلى أن ليلى الأحيدب صاحبة مجموعة "فتاة النص" لا تتعامل مع مسألة النشر كالتزام موسمي، ولا تقيد ذاتها في إطار.. بل تتحرك على الدوام ما بين الرواية والقصة القصيرة والشعر وكتابة المقالات. وهي من ألمع الكاتبات السعوديات منذ ثمانينيات القرن الماضي، وتواصل كتابة مقالاتها الصحفية حاليًا في جريدة "الجزيرة" السعودية تحت عنوان "تحولات امرأة نهرية".