المحرر موضوع: د. عوديشو ملكو آشيثا : الآشوريون ومُتطلّبات السياسة الشرق أوسطية  (زيارة 1274 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل ilbron

  • عضو مميز متقدم
  • *******
  • مشاركة: 6863
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
د. عوديشو ملكو آشيثا

1 نيسان - 6765

 

مائة عام بين (1914-2014) ومتطلبات السياسة الدولية عموماً والشرق اوسطية خصوصاً قد تغيرت وتبدلت مائة مرة واكثر. والساسة الآشوريون لم يعوا المسألة بل لم يحاولوا مراقبة وهضم ما يدور حولهم. يقصد بالساسة هنا المسؤولين على الشأن السياسي والعشائري والديني والمذهبي الآشوري في طول الامة وعرضها كـ( الشعب، العشائر، المذاهب، الكنائس) مع طيّ تلك الصفحة المؤلمة من تاريخ الامة الآشورية، وهي تطأ عتبة المائة الثانية بعد الحرب العالمية الاولى، يا ترى هل سيظهر من بين ابنائها مَن يهضم المجريات المحيطة بعقلية راشدة، ذكية؟ ليجعل من مآسيها هّم الرجال الرجال فيها (لا نستثني هنا بعض النساء) بغية ايقاف تلك المآسي وتلافي تبعاتها. ووضع الجماهير الآشورية حيثما كانت على سكة الانطلاق نحو غد البناء والرقي الحضاري والثقافي والاجتماعي والانساني في الوطن آشور والذي معظمه يقع اليوم ضمن العراق الحالي وخصوصاً في القسم الشمالي منه.

 

إذًا الأمّة الآن امام مهمة وضع النخبة من رجالها ونسائها على خط الشروع الصحيح للسير على طريق المستقبل بخطى ثابتة، والعمل الجاد بإيمان صادق من اجل بقائها ووجودها (الامة) في الحياة ككائن مؤثر ومتأثر بما يحيط به. ومن ثم السهر على نشر الوعي القومي والحضاري بين صفوف ابنائها حيثما كانوا.

 

ان مثل هذه المهمة ليست سهلة ابداً، ولكن الذين يتصدون لها ويأخذون مسؤولية انجازها على عاتقهم هم مَن يستحقون لقب ابطال الامة وروادها. هذا ليس حصراً بالآشوريين بل انه ذاته لدى جميع الامم والشعوب وعلى مرّ العصور. فالذي (فرد او مجموعة، رجال ونساء) يكون سبباً لانتشال الامة من واقعها المزري الذي تتخبط فيه، لكي تأخذ دورها المناسب في مسيرة الحضارة الانسانية. هو قائد ومؤسس ومنقذ ورمز دون منازع. وما احوج الآشوريون اليوم الى ذلك (الذي) والمتمثل بمجموعة نخبوية تنذر نفسها ووقتها وفكرها وراحتها لاجل الامة وحدها. مجموعة لا تعادي احداً بقصد الحقد او الشهرة او المال او المنصب. مجموعة لا تفرقها المغريات، ولا يتأثر أعضاؤها بالفئوية والمذهبية والمناطقية، وتكون على نفس المسافة من الجميع. مجموعة تأبى الولاءات وترفض الإملاءات.

 

ولحسن حظّ امة الآشوريين فهناك الكثير بين ابنائها من هذا النمط (نخبويون صامتون) وهم يصلحون بحقّ ان يكونوا اللبنة الاولى والاساسية لمهمة انقاذ آشور(شعب ووطن) من الزوال، بعد رصّهم في صفوف العمل لهذه المهمة المقدسة.

 

إذًا مَن يرصّ شباب آشور في مسيرة الاستفاقة لواقعها المرير؟ انه السؤال الكبير والاساسي. ويليه سؤال آخر ليس باقل اهمية منه: كيف يفعل ذلك ومتى؟ نعم ايها الاخوة عند الإجابة على هذين السؤالين بأسلوب منطقي وواقعي وعقلاني وقابل للتطبيق على ارض الواقع يكمن حلّ معضلة الآشوريين في هذا الزمن. ومن خلال ذلك الجواب تتضح ملامح الاشكالية الآشورية المطروحة في عنوان هذا البحث، الا وهي: خلق او ايجاد المتطلبات اللازمة للآشوريين كأمة وشعب لكي يشكلوا واقعًا ملموسًا في سياسة الشرق اوسطية الحالية. على ان يكون هذا الخلق بعيداً عن اسلوب تبرئة الذات، وتحميل الآخر المسؤولية الكاملة عن كامل اخفاقات الامة، خصوصاً اذا كان ذلك الآخر متوفياً او مخالفاً في المذهب والمناطقية للمتحدث، او كان في حزب لا يرتاح له ذلك المتحدث او المفكر.

 

من هنا لابد من القول للنخبة الآشورية الصامتة: ايها الشابات ايها الشباب آن الاوان ودقت ساعة العمل في وطنكم الآشوري الواقع في (سوريا وتركيا والعراق وايران الحاليين) لكي تشمّروا عن السواعد القوية للعمل، وتسخرّوا العقول العامرة بالعلم والثقافة والايمان بشرف الامة للتفكير والابداع. وبذلك ترصوّا صفوفكم بأنفسكم وتسيروا على الخطوات التالية: فإنكم ان فعلتم ذلك ضمنتم الوصول الى مبتغاكم في خدمة الامة ورسم مستقبلها المشرق حتماً:

 

1- عدم الاتكال على جميع كنائس الامة ورجالاتها، تحسباً من الانجراف الى واحة المذهبيات الخطيرة في الشرق عموماً. شريطة ان يكون عدم الاتكال هذا مقروناً بشكل صارم بعدم الانتقاص من قيمة ودور الكنيسة في خدمة الامة وعلى مدى الفي سنة الماضية او النكران لذلك الدور.

 

2- عدم الاخذ بافعال واقوال الاحزاب الآشورية (القومية والمذهبية والعلمانية) الموجودة الآن مأخذ الجدّ. وعدم الانجراف العاطفي وراء ادعاءات هذا الحزب او ذاك خصوصاً وان جميعهم قد اصبح لهم تاريخ الآن يسّهل معرفة اقوالهم ومقارنتها بأفعالهم على الارض. لقد انكشف البون الشاسع بين القول والفعل لجميعهم دون استثناء.

 

3- الاصرار على الحقيقة الآشورية الشاملة (متخطية المذهبية والمناطقية). والعمل الجدي وبعلمية عالية لجعل الآخر يقبل بها سواء كان في المجال العلمي والاكاديمي او في المجال السياسي والمالي والفكري والإجتماعي.

 

4- دراسة وفهم التاريخ الآشوري المعاصر جيداً بطريقة تحليلية وعلمية حديثة. والكشف عن محطات إخفاق المجتمع الدولي ومنظماته العامة (عصبة الامم، هيئة الامم المتحدة ودوائرها) والخاصة أيضاً، في الوقوف الى جانب الحق الانساني والحضاري، فيما يتعلق بالقضية الآشورية في العراق المعاصر وبقية دول الشرق الاوسط.

 

5- الإيمان الكامل بأن معظم جيران الآشوريين في الوطن، دولاً ومجتمعات. وجميع الذين تعامل معهم الآباء والأجداد خلال القرن العشرين. هم لم يكونوا يوماً صادقين مع الآشوريين وليسوا غير ذلك اليوم !

 

6-  البحث عن اصدقاء جدد ممن يستطيع تفهم الحالة المأساوية للآشوريين والخطر المحدق بوجودهم كأمة وحضارة ويعطي وزناً لتلك الحضارة ودورها في خدمة الإنسانية، بعيدًا عن اتهامهم بالتسلط وممارسة القسوة والعنف مع غيرهم في الغابر من الايام. فان كان الآشوريون قد فعلوا ذلك حفاظاً على حضارتهم وكيان دولتهم قبل ثلاثة آلاف عام، يوم لم يكن الفرد قد شبع من رضاعة الروح الإنسانية المتسامحة. ولم تكن كتب ورسالات السماء قد تشرفت الارض والمجتمعات بها! فلماذا فعل ذلك بل الأبشع منه كل من الرومان والفرس والعرب والتتر والمغول والترك والنابليونيون والهتلريون؟ والقائمة تطول ان اردنا لها ذلك. مع كون جميعهم (غير الآشوريين) قد تفيأوا بشكل او بآخر تحت مظلة الكتب والأنبياء المرسلة لصالح البشرية وتثقيفها إنسانياً.

 

7-  مع الإلتزام بهذه النقاط وتطبيقها في الحياة اليومية عند التعامل مع الوسط الآشوري والمحيط الدولي والاقليمي ستكون الامة الآشورية من دون ادنى شكّ لاعباً فعالاً في معظم مجريات الامور السياسية في العراق والمنطقة. عندها سيكون صوت ابناء آشور مسموعاً دولياً واقليمياً وعراقياً دون ريب إطلاقًا.