المحرر موضوع: الأنصار الشيوعيين يصدون تقدماً عسكرياً في قريتي لينافا وباخرنيف  (زيارة 2212 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل وردا البيلاتـي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 124
    • مشاهدة الملف الشخصي
الأنصار الشيوعيين يصدون تقدماً عسكرياً في قريتي لينافا وباخرنيف (*)
وردا البيلاتي (ملازم أبو ميسون)
في حوض سلسلة متراصفة من قرى وادي قصروك، تقع قريتا لينافا وباخرنيف التابعتان الى ناحية زاويته واللتان لا تبعدان عن مدينة دهوك سوى نصف ساعة بالسيارة.

هذه القرى المعروفة بكثرة بساتينها، واشجار الخوخ والرمان، بالاضافة لكرومها متعددة الانواع. كما تغفوعلى سفوح الجبال المحيطة بالمنطقة اشجار السرو والبلوط والحبة الخضراء، وهي ثرية باشجار الصنوبر التي تتميزعن مثيلاتها في المناطق الاخرى من كردستان (كما يقول الفلاحين)
حينما كنا نتجول بين قراها سنوات ثمانينات القرن الماضي سيما في فصل الصيف، كثيرا ما نختار البساتين اماكن لاستراحاتنا، فننعم بالبرودة تحت ظلال اشجارها كثيفة الاغصان، التي تخبئنا وتحمينا من عيون الاعداء، خصوصا طائرات الهليكوبتر التي كانت تحلق فوق تلك المناطق بين فترة واخرى، وبذات الوقت لنسد ألم الجوع من فاكهتها اللذيذة المتدلية على رؤوسنا. وفي كثير من الاحيان كان صاحب البستان يدعونا لقطف ما نشاء مما تحمله الاشجار، لقد كانوا كرماء في بساتينهم وبيوتهم ايضا.

ملازم ابو ميسون ، في لقطة من فيلم فضائية العربية "بيش مركة مرة أخرى"
متوجها نحو موقع المعركة
يومئذ كنتُ المسؤول العسكري للسرية الثالثة لأنصار الحزب الشيوعي العراقي قاطع بهدينان (دهوك)،التي كانت تجوب منطقة الدوسكي وناحية زاويتة وسميل المتاخمة لمدينة دهوك،حيث تعتبر تلك المناطق شبه محررة (1).

كانت سريتنا تتواجد هناك في هذه القرى، وبالاخص حينما يكون للسرية هدف عسكري او استطلاع لمواقع السلطة، لاقتحامها او ضربها فيما بعد، كما ان مهمات السرايا لم تقتصر على الاعمال العسكرية فحسب ، انما تضمنت ايضاً اقامة الندوات السياسية وتثقيف القرويين بما يجري من مستجدات في الوضع السياسي.

يومذاك وفي استراحة (2) قرية صندور كنا قد التقينا برفاقنا من السرية السابعة القادمة من منطقة زاخو والتابعة لقاطع بهدنان ايضا، للقيام بعمل عسكري مشترك. كان لقاءاً حاراً وفرحاً بين الأنصار لانه لقاء الفكر والسلاح.

خلال فترة تجوالنا معاً قمنا بعقد العديد من الندوات السياسية. وخصوصاً حول موقف الحزب الشيوعي العراقي من الحكم الذاتي للشعب الكردي، كان الرفيق شفان (شيرزاد مختار دهوكي) هو من يقدمها، والتي كان لها صداً كبيراً بين جماهير المنطقة، واعتبرت تلك الندوات مفخرة لنا جميعا، خصوصا مع رفاق النضال من الحزب الديمقراطي الكردستاني.

اثر ذلك وفي احدى لقاءاتنا مع محلية دهوك لحدك، اقترح مسؤول منظمة احدى المفارز القتالية (صادق كلناصكي) عقد ندوة لبيشمركة المنظمة التي يقودها عن الحكم الذاتي لكردستان واهميته بالنسبة لهم. وفعلا تم الاتفاق على ذلك،فاجتمعنا مع بيشمركة حدك الذين كانوا قرابة ال 40 مقاتلاً في بستان قرية كرمافا وقدم رفيقنا شيفان المحاضرة التي كان سيد صادق كلناصكي يستمع اليها.

بعد ايام من ذلك وحينما كانت السريتان في ضيافة قرية لينافا، وكما اعتدنا بعد العشاء اخذ أفرشة النوم، والتوجه الى الاماكن المخصصة لنا للنوم فيها داخل القرية. ومثل ماهو متبع ان على قادة الفصائل ان يقوموا بتنظيم الحراسات، وتم وضع سر الليل بين رفاق السريتين.

في الصباح الباكر، كانت مفاجأة غير متوقعة، اكتشفها مستشار السرية الثالثة، بينما كان خارج قاعة النوم وبين الاشجار لقضاء حاجته، رأى امامه عسكرياً، يتكلم بالعربي، فما كان منه الا العودة مسرعا ومنبها بقية الانصار "رفاق نحن مطوقين"!! بلمح البصر تم ابلاغ جميع الرفاق من قبل مساعد امر السرية للخروج.

اصدرت امر الانسحاب من مكاننا بسرعة، كي احافظ على حياة الرفاق جميعا، خلال لحظات كان الجميع بجهازية كاملة دون ان يتركوا خلفهم اي شئ. مع توجيه ان يكون كل نصير يخرج من باب البيت ، متهيئاً ، واصبعه على زناد بندقيته للرماية باتجاه العدو.

بدأ الانسحاب من احدى الثغرات التي كانت بعيدة عن عيون الجيش والجحوش (3) ، وقد تمكنت برفقة الرفيق حيدر كمكي من السيطرة على موقع استراتيجي لمشاغلة العدو وتأمين انسحاب الرفاق وحمايتهم . اثناء المعركة جرح اول رفيق وهو سالم الصابئي، ثم جرح ثلاثة رفاق اخرين.

وما ان هدأ ازيز الرصاص حتى بدأت بالبحث والاستفسار عن بعض الرفاق الغائبين. وبالرغم من ان احد الرفاق اكد بشكل قاطع انه شاهدهم متوجهين بأنسحابهم نحو عمق الوادي. الا اني لم اطمأن ، وبقيت قلقاً على مصير اربعة من انصار السرية .

بعد إستشارة المسؤول السياسي كان عليّ أتخاذ قرار الهجوم على العدو. وفعلا تم ذلك بهمة عالية وجهازية قتالية . فقد تم توزيع مقاتلي السريتين على مواقع استراتيجية مهمة. وما ان بدأت المعركة حيث استلمت، ورفيق اخر من السرية السابعة سلاح ال (بي كي سي) في موقع أستراتيجي مرتفع بحيث يكون العدو تحت نيران مقاتلي السريتين.

سيطرنا سيطرة تامة على ساحة المعركة، واثناء تبادل النيران بين الجانبين لمحت مجموعة من الجحوش والجيش متوجهة الى موقع معين في الوادي، فتوقعت ان نيتهم أسر احد انصار سريتنا وكان قد جرح ولم يقوى على الانسحاب، فما كان منا الا ان نركز نيران بنادقنا ورصاص ال (بي كي سي) بأتجاههم لقطع الطريق عليهم ومنعهم من الوصول اليه.

قرابة الساعة الرابعة عصراً ، وصلت احدى مفارز الحزب الديمقراطي الكردستاني، لاسنادنا ودعمنا في معركتنا ضد عدو شرس مكون من الجيش والجحوش وعناصر الأفواج الخفيفة والجيش الشعبي، كما ساهمت ربايا النظام التي تشرف على المنطقة بالقصف العشوائي على القريتين بقاذفات مدفعيتها. فسقطت بعض من قذائفها على بيوت الفلاحين واصابت قناني الغاز التي تفجرت محدثةً اصواتاً رهيبة، مما حدا بالاهالي ترك منازلهم والاحتماء داخل الجامع.
ثم سرعان ما اخذت قوات النظام بالانسحاب وبتغطية ومشاركة من طائرات الهليكوبتر.

مع غروب الشمس انتهت المعركة التي استمرت طوال ساعات النهار، فاجتمعنا من جديد وعندئذ تبين بان لدينا عدد اخر من الجرحى (النصير الشاب - هه ژار - من قريبة بروشكي، الذي لم يتجاوزعمره التاسعة عشر، وكانت قد اصابته رصاصة في العمود الفقري . والنصير جوزيف توما توماس،والنصير ابو جاسم ونصير رابع "نسيت اسمه". ومع حلول الظلام ، دخلنا القرية حيث استقبلنا الاهالي بترحاب كبير.

بعدها توضح لنا السر في تقدم قوات النظام على القريتين، اذ كان بسبب وشاية من احد شباب القرية بعد مشاجرة حدثت بينه وبين احد الهاربين (4) من قادســية صدام (الحرب العراقية الأيرانية)، ونكاية به توجه الى دهوك واتصل بجهاز الأمن فيها مدعياً وجود عدد من الجنود الهاربين في القريتين.

وقد استخدمت قوات النظام ، اسلوب حرب العصابات، حيث تركوا سياراتهم وآلياتهم العسكرية في بداية وادي قصروك،ثم توجهوا سيراً على الاقدام الى القريتين عبر الوادي، وكان دليلهم احد ابناء القرية وبعض الجحوش من اهل المنطقة، وبذلك باغتونا بتطويق القريتين،ولم يتوقعوا وجود مجموعة من الانصار الشيوعيين فيهما.

رغم التعب والجهد المضني، الا اننا حملنا جرحانا ، مضطرين لحمل الرفيق (هه ژار) - الذي كان جرحه بليغا - على بغل ، وانطلقنا الى مقر الفوج الثالث في كلي حصبة *، في قرية ازمانا ، حصلنا من الاهالي على جرار حراثة (تراكتور)، فكان خير وسيلة نقل مريحة لنقل الجرحى ، اما بقية الرفاق فقد تابعوا مسيرتهم الطويلة الى المقر سيرا على الاقدام .

عند ظهيرة اليوم الرابع من المعركة وفي قاعة الرفيقات التي اخليت للجرحى، انطفأت حياة الرفيق (هه ژار) الذي كان مفعماً بالامل والحرية بسبب نزفه المستمر من جراء الطلقة التي استقرت في عموده الفقري، وتم دفن الشهيد في مقبرة قرية بروشكي ..

(1) المناطق شبه المحررة في كردستان: هي المناطق المحاذية للمدن الكردية والتي انسحبت منها معسكرات وربايا الجيش، منها أنطلق الكفاح المسلح من عام 1979 حتى 1988.
(2) الاستراحة .. مكان قريب من القرى وغالبا ما يكون في البساتين وقريب من ينابيع المياه حيث يجتمع فيها الانصار .
(3) الجحوش. تسمية تطلق على الأكراد الذين يعملون مع النظام ضد ابناء جلدتهم.
(4) الهاربين ..تسمية تطلق على الرجال الرافضين للحرب، الذين يلجأون للمناطق شبه المحررة .

(*) انتجت فضائية العربية فيلما وثائقيا بعنوان "بيش مركة مرة أخرى" يحكي قصة ثلاثة أصدقاء يلتقون مجدّداً للذهاب في رحلة إلى أعماق جبال كردستان حيث كانوا يحاربون ضمن "البيشمركة" مع "حركة الأنصار" الشيوعية ، وكان احدهم كاتب السطور ، الذي تحدث عن هذه المعركة ، من خلال زيارة ميدانية لموقعها .
رابط فيلم "بيش مركة مرة أخرى":
http://www.alarabiya.net/ar/programs/documentaries/2014/11/29/%D8%A8%D8%B4%D9%85%D8%B1%D9%83%D8%A9-%D9%85 %D8%B1%D9%91%D8%A9-%D8%A3%D8%AE%D8%B1%D9%89.html 



غير متصل samy

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1162
    • مشاهدة الملف الشخصي
الاخ العزيز وردا البيلاتي
يبدو ان قناة العربية نقلت او حذفت الفلم من الموقع

http://www.alarabiya.net/ar/programs/documentaries/2014/11/29/%D8%A8%D8%B4%D9%85%D8%B1%D9%83%D8%A9-%D9%85

غير متصل وردا البيلاتـي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 124
    • مشاهدة الملف الشخصي
الأخ العزيزسامي المحترم
تحية
شكرا لمروركم الكريم تمنياتي لكم بالموفقية، اخي الفلم موجود، وممكن تذهب الى صفحة قناةالعربية هناك في الارشيف  افلام وثائقية موجود، كثير من الأصدقاء ارسلته لهم عبر فيسبوك وايضا عبر الأيمل، وان كنت تريد ارسل ايميلك سوف ارسله لك. مع الود


غير متصل samy

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1162
    • مشاهدة الملف الشخصي
عزيزي وردة البيلاتي المحترم
اللنك الاخير قام با المهمة مع الشكر اللجزيل