المحرر موضوع: الذكرى السنوية الاولى لأنتهاك قدسية الكنائس  (زيارة 1462 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Kadhim Alwaeli

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 42
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الذكرى السنوية الاولى لأنتهاك قدسية الكنائس.

 

من المتعارف عليه ان الله عزوجل ارسل الرسل والانبياء ليبشروا بثلات رسالات سماوية (اليهودية بتوراتها والمسيحية بأنجيلها والاسلامية بقرأنها) ولكل ديانة مقرها الخاص للأداء طقوسها وترسيخ معتقداتها على ارض الواقع بالرغم من تشابه الاهداف مثل عبادة الرب الواحد والرحمة بالانسانية ونشر الخير والسلام بين بنو آدم وتتمتع اماكن العبادة لهذه الديانات بقدسية وروحية ونكهة خاصة حيث ينظر اليها الجميع على انها بيوت عُمرت لعبادة الله فترى الناس يلجأون اليها في الشدائد والكوارث سواء طبيعية ام من صنع الانسان.

روى الشيخ احمد الوائلي (رحمه الله) في احدى محاضراته قصة هجرة الخليفة الرابع الامام علي واصحابه من المدينة الى  الكوفة عاصمة الخلافة الاسلامية الجديدة وفي طريقهم مروا على اطلال دير فأشار احد مرافقي الامام الى الدير وقال(  طالما أُشرك بالله في هذا المكان) فرد عليه الامام ( بل طالما عٌبد الله في هذا المكان)، والرواية الثانية تقول عند فتح الخليفة الثاني عمر بن خطاب (رض) بيت المقدس دعي لزيارة الكنيسة في القدس وما أن دخلها ليلقي على سدنتها التحية حتى حل وقت الصلاة فهم الخليفة بالخروج من الكنسية متجهاً الى المسجد الأقصى ليؤدي الصلاة هناك، فسُأل الخليفة عن سبب امتناعه من الصلاة في الكنيسة فأجاب السائلين السبب هو إذا صلى في الكنيسة وهو بمقام الفاتح فستكون إشارة على أن الكنيسة بيت من بيوت المسلمين فتكون مبرراً لأقتحامها من قبل الفاتحين.

قد ثمن الخلفاء والأئمة الصالحين قدسية الكنيسة والديانة المسيحية وكان تأريخ العراق حافلاً ومتميزاً بهذه الأخلاقيات والمواقف الرائعة حيث يبارك المسيحي لأخيه المسلم أعياد الأضحى والفطر وتقوم العوائل المسيحية بصنع(الكليجة) لأخوانهم المسلمين في المناسبات الأسلامية، وبالمقابل يقوم المسلمون بمساعدة أخوتهم النصارى في تهيأة احتفالات أعياد الميلاد المجيد وعيد القيامة، وبتلك الفطرة والتسامح الذي أمتاز به أبناء العراق حيث يبارك ويشارك بعضهم البعض في مناسباتهم الدينية الى يوم 1 أغسطس 2004 عندما أنتهكت قدسية خمسة (5) كنائس في بغداد وتوقع البعض بأن تلك الهجمات كانت عابرة ولم تكن مصممة لقتل النصارى في بلاد الرافدين وحسبنا أن الغمامة السوداء قد مرت وليس لها مكاناً في سماء العراق الجديد, وما ان تفتت تلك السحابة اللئيمة التي اهتز من جعجعتها الضمير العراقي الحر حيث انهمك الكتاب الاحرار والمثقفين والسياسيين العراقيين بملأ صفحات الصحف ومواقع الانترنيت برسائل تضامن مع ابناء النصارى وذلك الموقف الجميل من قبل السيد مقتدى الصدر عندما عرض خدماته لحماية بيوت الله وروادها من المسيحيين, ولاننسى موقف الحزب الاسلامي والحوزة العلمية في النجف والاحزاب السياسية والدينية عندما ابدت تعاطفها وتضامنها مع اخوتهم في الانسانية وشركائهم في الوطن.

حتى يوم 19 أكتوبر 2004، عندما صرح أحد أعضاء هيئة علماء المسلمين تعقيباً على أقتحام الفلوجة من قبل القوات الأمريكية حيث صرح لقناة الجزيرة القطرية (هذه الحرب مثلما سماها الرئيس الأميركي جورج بوش حرب صليبية وهي هكذا وتستهدف الدين الإسلامي.)  وقال ايضا (أن هذه الحملة إنما تهدف إلى تدمير المساجد العراقية، مؤكدا أن على البابا أن يندد بتلك العمليات، إن كانت بالفعل لا تتم تحت غطاء ديني، وإلا فان ما يجري من عمليات اقتحام ومداهمة واعتقال بحق أئمة المساجد العراقية، إنما هو حرب صليبية), والله أعلم أن كان هذا التصريح نابع من ردة فعل عاطفية أم أنه الضوء الأخضر لمهاجمة الكنائس مرة ثانية، فبعد 21 يوم من هذا التصريح قامت الجماعات التكفيرية بتفجير كنيسة مار جرجيس في بغداد وكنيسة مار متي في الموصل وراح ضحيتها الكثير من العراقيين من مختلف الديانات,

وبحكمة القساوسة والمطارنة حافظت النخبة المسيحية على إلتزامها بالأخلاق اليسوعية وعفة مريم العذراء (ع) التي تدعوا الى المحبة والسلام، فبالرغم من قساوة تلك الهجمات التي كانت تحمل بصمات بما تسمى الجماعات الأسلامية، قامت مجموعة من جهابذة الديانة المسيحية بزعامة رئيس الكنيسة الكاثوليكية غبطة البطريك عمانوئيل دلي بزيارة المرجع الأعلى السيد السيستاني والسيد محمد سعيد الحكيم في مدينة النجف والغرض من هذه الزيارة هي تعزيز الوحدة الوطنية وتقارب الديانات السماوية السمحاء, التي غرست بأرض العراق وجعلت العراق كباقة زهور بأختلاف عبيقها وألوانها, فسيبقى العراق (صحن مرمر) وابناءه من الديانه المسيحية (حبة العنبر) .

"المجد لله في الاعالي وعلى الارض السلام وبالناس المسرة"   (انجيل لوقا  14:2 )


نشرت في صحيفة الصباح البغدادية في عدد ‏23‏ آب‏، 2005
كاظم الوائلي
كاتب عراقي
Kadhim1972@yahoo.com