المحرر موضوع: العراقي يُقتل حتى في السويد!  (زيارة 942 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عبد الحسين شعبان

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1288
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
العراقي يُقتل حتى في السويد!

عبد الحسين شعبان
باحث ومفكر عربي

هرب العراقي المسكين إلى السويد طلباً للجوء السياسي بعد موجة التطهير الطائفي والاحتراب المذهبي الذي ضربت العراق بعد العام 2006-2007، وإذا به يكون على موعد مع القدر في السويد أيضاً، حيث تلقفته المشاكل الواحدة بعد الأخرى، فيرُفض لجوئه، على الرغم من أن الأوضاع العامة والخاصة لصالحه موضوعياً وذاتياً، فالبلد يعاني من احتراب وعنف وإرهاب، إضافة إلى أن منطقته تعتبر ساخنة، حتى وإن كانت وسط بغداد!  ومنذ أن وصل عدنان غني سلمان العبيدي (45 عاماً) قبل ثمان سنوات إلى السويد، دخل في دوّامة لها أول وليس لها آخر، وفي نهاية الرحلة المضنية كان عليه العودة بزعم أن العراق آمن وأنه لا يوجد ما يستوجب لجوئه.
بعد القرار بترحيله، يوضع في سيارة تقلّه إلى المطار، مع ثلاثة موظفين وشرطي واحد من مصلحة السجون والشرطة السويدية، ويجبر على صعود الطائرة. حاول الرجل رفض إبعاده بالقوة، ثم قاوم ذلك، لكنهم أمسكوا به بقوة  وأجلسوه في مقعده إلى أن انقطعت أنفاسه، وكتب موظفو مصلحة السجون تقريراً قالوا فيه بعد فترة صمت تصوّرنا "إمّا أنه يستريح أو أغمي عليه"، لكنهم عند إدراك الخطر قرّروا نقله إلى المستشفى ، ولكنه كان قد فارق الحياة عند وصوله إلى قسم الطوارئ.
وكانت الإذاعة السويدية هي من سلّط الضوء على هذا الانتهاك الخطير لحقوق الإنسان في بلد هو الأكثر التزاماً باحترام حقوق الإنسان على المستوى العالمي بمنظومتها الشاملة، فقد إلتقت اثنين من ركاب الطائرة المفزوعين للمشهد المأساوي والعنف الذي استخدم لإجباره على الرضوخ، أما وكيل النائب العام في الحالات الخاصة بالتحقيقات الأولية، فقد قال هناك "شبهة بالقتل" غير المتعمّد، وهذا يعني أن هناك لا مبالاة أو تقصير قد حدث وأدى إلى موت إنسان، وهي تهمة جنائية.
 ولكن ماذا يترتّب على إبعاد شخص تقدّم بطلب اللجوء السياسي في بلد يعاني من حرب أهلية ووجود نحو مليوني نازح، إضافة إلى استمرار أعمال العنف والإرهاب، خصوصاً بعد سيطرة " داعش"، وهناك نزاع مسلح مشتعل في ثلاث محافظات، وتحالف دولي يزيد على  40 دولة، ويشتبك العراقيون من قوات نظامية (جيش وشرطة) إضافة إلى البيشمركة (في إقليم كردستان) وقوات غير نظامية "الحشد الشعبي"، وإن أصبحت شبه نظامية لارتباطها برئاسة الوزارة، وعشائر وأبناء المنطقة ضد داعش والإرهابيين.
كيف يمكن لحكومة أو دولة تأخذ بمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، وهي من أكثر دول العالم إلتزاماً بذلك، أن تتهاون بخصوص إجراءات إدارية بيروقراطية أودت بحياة إنسان، خصوصاً وأن الرجل قبل مفارقته الحياة ، كما يروي أحد الشهود كان قد قال بالانكليزية أن حقوق الإنسان تنتصف له، ثم أردف بالقول بعد أن اشتد الضغط عليه "إنهم سيقتلوني"، وهو ما حصل سواء عن عمد ولأسباب تتعلق بالموقف من الأجانب بشكل عام والعرب والمسلمين بشكل خاص، أو عن غير عمد، ولكن ذلك لا يبرّر وقوع الجريمة الجنائية.
إن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 10 ديسمبر /كانون الأول العام 1948، وكذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والصادر في العام 1966 والداخل حيّز التنفيذ في العام 1976، وهو  أحد أركان الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، يقتضيان احترام حق اللاجئ وتأمين المستلزمات الضرورية له، طالما  هرب من بلاده لاستشعاره بخطر  أو تعرّضه له، وذلك لأسباب سياسية أو دينية أو جنسية أو غير ذلك، وأية محاولة لإعادته بالقوة قد تعرّض حياته للخطر، الأمر الذي سيرتّب مسؤوليات دولية على الدولة المضيّفة، فضلاً عن جهات إنفاذ القانون التي قامت بالارتكاب. وتذهب إلى ذلك بشيء من التفصيل اتفاقية حقوق اللاجئين لعام 1951 وملحقها لعام 1967، الذي يعتبر تطوراً مهماً بالنسبة لحقوق اللاجئين، حين تؤكد حق طلب اللجوء، وعدم إعادة اللاجئ، بل تقضي بتهيئة متطلبات لجوئه، من أمن ومأوى وتعليم، إضافة إلى جميع حقوق الإنسان، باستثناء حق الترشيح والتصويت لعضوية البرلمان أو لمسؤوليات عليا في الدولة.
وإذا كان يقصد السويد سنوياً الآلاف من طالبي اللجوء من مختلف دول العالم، سواءً كان لأسباب سياسية أو قومية أو دينية أو غيرها، إضافة إلى أسباب اقتصادية، حيث توجد جاليات كبيرة من العراق ويبلغ تعدادها أكثر من 160 ألف لاجئ وجاليات كردية، إضافة إلى جاليات من بلدان أوروبا الشرقية السابقة، فإن الأمر لا ينبغي أن التعامل معه باعتباره منّة أو هبة أو مكرمة، لأن ذلك حق لكل إنسان تتعرض حياته للتهديد، خصوصاً وأن السويد موقعة على الغالبية الساحقة من الاتفاقيات والصكوك الدولية الخاصة بحماية حقوق الإنسان، بما فيها الاتفاقيات الدولية التي تتعلق بحقوق اللاجئين.
وبالطبع لا تستطيع أحياناً دائرة الهجرة منح اللجوء لجميع من يطلبه، لأن بعض المتقدّمين  قد لا تنطبق عليه صفة اللاجئ، خصوصاً بعد دراسة حالته، بالارتباط بظروف بلده، فالبلدان التي تعاني من حروب ونزاعات أهلية وأعمال عسكرية أو تمرّ بصعوبات اقتصادية بسبب نظام العقوبات الدولي، فإن منح اللجوء السياسي للمتقدّمين من هذه البلدان يكون له الأولوية، فما بالك إذا كان الشخص ذاته قد تعرّض للاضطهاد أو يخشى التعرّض له أو لوحق أو سجن أو طاردته السلطات لأسباب سياسية أو دينية أو قومية أو غيرها، أو تعرّضت عائلته أو أحد أفرادها القريبين لذلك.
تلك الأسباب تكون لصالح المتقدّم بطلب اللجوء السياسي، لكن بعض هذه الحالات لا تنطبق على آخرين أو إن تكييفها لم يكن دقيقاً، فتقوم السلطات  بعد رفض اللجوء إلى ترحيل المتقدّمين بطلب اللجوء إلى بلدانهم أو إلى البلدان التي جاءوا منها، وغالباً ما تحصل مفاجآت بسبب تعرّض هؤلاء عند عودتهم إلى التعذيب أو الاعتقال أو السجن أو التصفية، الأمر الذي يحمّل سلطات البلد المضيّف المسؤولية عن ذلك، ويمكن تقديم شكوى ضدّها لدى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. ولا بدّ من الإشارة هنا أن دوائر الهجرة أحياناً تجهل الحالة السياسية في بلدان الأصل، وليس لديها معلومات كافية، فتّتخذ قراراً إدارياً بيروقراطياً، مخالفاً لحقوق الإنسان، وهكذا تسلّم الضحية إلى جلاّدها، وأحياناً يتم تصفية هؤلاء أو اغتيالهم بدم بارد.
أما بخصوص حالة عدنان غني سلمان العبيدي، وهي إذ نتناولها كحالة نموذجية ليس إلاّ، بغض النظر عن بعض التفاصيل، فقد زعمت السلطات السويدية (دائرة الهجرة) أن بإمكانه العودة إلى بلده العراق الذي يعتبر آمناً، فهل يعتبر العراق بلداً آمناً بالفعل أم أن ذلك جهلاً وعدم شعور بالمسؤولية؟ خصوصاً وأن أعمال العنف مستمرة وتستشري فيه الطائفية وينتشر الفساد والرشا وتتواصل عمليات الإقصاء والتهميش؟ وللأسف فإن بعض المسؤولين في الحكومة العراقية، سواءً على نحو مباشر أو غير مباشر يوحون أن الوضع الأمني مستتب حتى وإن كانت هناك بعض الخروقات والانتهاكات، والهدف من ذلك سياسي بالطبع، ولا علاقة له بالواقع.
وبسبب البيروقراطية أحياناً تُرفض طلبات لجوء لمن يستحقها، حيث تطالب سلطات البلد المضيّف إثبات التعرّض إلى العنف أو الملاحقة السياسية أو تطلب من اللاجئين الوثائق الأصلية للاعتقال والسجن أو غير ذلك، وهي أمور تكاد تكون أحياناً مستحيلة، وكان كاتب السطور بصفته الحقوقية والمهنية كرئيس للمنظمة العربية لحقوق الإنسان في لندن ولسنوات، قد تابع قضايا اللاجئين خلال التسعينيات من القرن الماضي ومطلع القرن الحالي، ويعرف الكثير من المشكلات والتعقيدات التي ترافق مثل هذه القضايا وصعوبة إثباتها أو التوثّق منها، خصوصاً عندما تعيش البلاد ظروف حرب أو نزاع أهلي مسلح أو غير ذلك، فما بالك حين يُقدم بعض متقدمي اللجوء على إتلاف جوازات سفرهم أو ما يثبت هوّيتهم، لاعتقادهم إن سلطات البلد المضيّف سوف لا تعيدهم من حيث أتوا، وهو أمرٌ يبرّره لهم المهرّبون كي لا تنكشف خططهم للدخول إلى البلد المعين.
والشيء بالشيء يُذكر، فقد سبق أن قتل طالب لجوء سياسي اسمه شاكر سعيد سلمان وهو عراقي رحّل في السويد، لكنه بعد عامين قتل في شمال العراق بانفجار سيارة مفخخة، وكان قد طلب اللجوء العام 2009، ولكنه أبعد بزعم أن العراق آمن، لكن الأجل لحقه إلى بلدة برطيلة في محافظة نينوى وعاصمتها  (الموصل). كما قتل في بغداد كذلك خليل جبار محمد طالب اللجوء في السويد الذي أعيد قسراً إلى بغداد بانفجار سيارة مركونة أمام أحد المحلات التجارية، وهكذا تتكرّر وتتوالى مثل هذه الحوادث لضحايا الإبعاد القسري، دون مراعاة لاتفاقية حقوق اللاجئين والشرعة الدولية لحقوق الإنسان، ومن حق عوائل الضحايا إقامة دعاوى على السلطات السويدية ومطالبتها بالتعويض المادي والمعنوي وليس القصد من ذلك الحصول على التعويض وهو استحقاق لذوي الضحايا، بل لثني السلطات السويدية وغيرها من سلطات البلدان الأوروبية، إعادة طالبي اللجوء، خصوصاً وأن هذه الدول موقعة  على الغالبية الساحقة من الاتفاقيات الدولية.
وبالقدر الذي ترتفع فيه أعداد اللاجئين ويلتهم البحر الآلاف منهم، فإن البلدان الأوروبية بدلاً من وضع خطط وبرامج آنية وأخرى طويلة الأمد لمعالجة هذه الظاهرة، فإنها تحدد هدفها بوقف موجات الهجرة واتخاذ إجراءات مشدّدة، الأمر الذي أثار جدلاً قانونياً وإنسانياً واسعاً، بمستقبل هذه الإجراءات الأمنية – الإدارية، خصوصاً وقد بلغ عدد القتلى من طالبي اللجوء منذ مطلع العام الحالي وحتى الآن 1750 مهاجراً في البحر المتوسط وهو عدد يفوق 30 مرّة من حصيلة العام السابق 2014 للفترة ذاتها .
إن حلّ مشكلات اللاجئين ووضع حد لمآسيهم يحتاج إلى تعاون دولي وثيق، بحيث تقوم دول الشمال الغني بتقديم جميع أنواع المساعدة لدول الجنوب الفقير في إحداث التنمية المنشودة بما يؤدي إلى القضاء على الأمية والتخلّف والتوزيع غير العادل للثروة وتعديل نظام العلاقات.


غير متصل يوسف ابو يوسف

  • عضو مميز متقدم
  • *******
  • مشاركة: 6323
  • الجنس: ذكر
  • ان كنت كاذبا فتلك مصيبه وان كنت صادقا المصيبه اعظم
    • مشاهدة الملف الشخصي
رد: العراقي يُقتل حتى في السويد!
« رد #1 في: 18:16 28/05/2015 »
فعلا اللي استحوا ماتوا .

                                                   
لن أُحابيَ أحدًا مِنَ النَّاسِ ولن أتَمَلَّقَ أيَ إنسانٍ! فأنا لا أعرِفُ التَمَلُّقَ. أيوب 32.

غير متصل Ashur Rafidean

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1021
    • مشاهدة الملف الشخصي
رد: العراقي يُقتل حتى في السويد!
« رد #2 في: 22:49 28/05/2015 »
الله لايسامح من كان سبب احزاننا وألامنا وجراحنا والله يكون بعون كل عائلة فقدت عزيزا لها والله يشفي كل جريح والله يرحم كل من قتل والله يكون بعون المهاجر داخل العراق وخارجه .