المحرر موضوع: الكلدواشوريون السريان بين الظاهرة الصوتية والسكوت المريح  (زيارة 1591 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل روميل ايليا

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 6
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
الكلدواشوريون السريان بين الظاهرة الصوتية والسكوت المريح
روميل ايليا
 ظهر مفهوم "منطق العمل الجماعي"  في خمسينات القرن الماضي وطبق على نطاق واسع في الاقتصاد والسياسة. يؤكد هذا المفهوم بأن اي تجمع، اتحاد، شراكة، او تنظيم، سيكون في وضع افضل عندما يعمل الاعضاء بشكل منسق من اجل الصالح العام لهذا التجمع. في حين ـ وبسبب الطبيعة الانانية للانسان ـ عندما يحاول كل عضو التصرف بما يخدم مصالحه اولا، وعندما يميل غالبية الاعضاء للعمل من اجل مكاسب فردية، فأن التجمع سيؤول الى وضع اسوأ، وهنا تظهر اشكالية العمل الجماعي. من جانب اخر، تؤكد نظرية الخيار العقلاني بأن الافراد، على العموم، هم اكثر ميلا للمشاركة في التجمعات او المؤسسات الناجحة التي تحقق انجازات ملموسة ومفيدة للمجتمع.     
تعتبر اشكالية العمل الجماعي لمؤسساتنا القومية والدينية، احدى آليات الكبح الرئيسية التي تمنعنا من المضي قدما، وبسبب تأثيراتها السلبية الواضحة على الفرد الكلدواشوري السرياني ومسيرتنا القومية، اصبح من السهل على المرء، وبشكل لم يسبق له مثيل، تصور مستقبلنا في الوطن. وفي ظل استمرار الوضع المتردي وعدم حصول تغيير حقيقي وعاجل، فأن الكثير من الناشطين المخلصين قد يلجأون الى حالة الانزواء بسبب التشكك في غالبية مؤسساتنا التي اعتمدنا عليها كثيرا، والتي لا يمكن الوثوق بها في اتباع قواعد المنطق السليم. حيث بات العجز يتردد قويا وعميقا في نفوسنا، واصبح الامل اليائس سمة واضحة في حياتنا كأمة. من هنا، امسى هروبنا من هذا الواقع ملاذا وإغراءً لا يقاوم، الهروب من كآبة الحاضر إلى حنين الماضي وتمجيد القديم بزهو وكبرياء.
تبعا لذلك، ومع مرور الزمن، اضحى نشاطنا القومي ولحد كبير مجرد ظاهرة صوتية (اقوال بدون افعال)،  هذه الظاهرة الصوتية هي ميزتنا الاساسية والرئيسية التي لاتعترف بالحدود ولا يعلو عليها سلطان. فترانا  نندفع بحماسة هوجاء و بعواطف جامحة لتقديس الماضي، او للدفاع عن عظمتنا الزائفة حاليا، او للتغني بالوحدة، ونادرا ما نرى خطبة سياسية، قومية، ودينية، تنتهي دون التنويه الى الوحدة و التواضع.
 ولكن ما يثير الدهشة في نفوس الكثير منا هو: حينما يتم طرح مبادرة واقعية للوحدة بين مؤسساتنا الدينية او السياسية، كمبادرة البطريرك مار لويس ساكو، والتي لاتتطلب تضحيات بشرية او مادية بل ارادة صادقة فقط ، تتحول هذه الظاهرة الصوتية العنيدة وبأعجوبة الى سكوت...السكوت المريح لغالبية مؤسساتنا... السكوت المريح المبني على حسابات آنية، او الى ردود خجولة وتأويلية. وفي ذات الوقت، يندفع بعض محبي النفوذ والشهرة والمستفيدين من الوضع القائم (المتفكك والهزيل) لاخماد لهيب الوحدة بدروع وهمية وحجج مبتورة يصوغونها بشكل ماكر لكسب عطف بعض المتعصبين، ولاخفاء عوراتهم ونواياهم الحقيقية التي لا يتجرأون على ذكرها.  يقول الشاعر الكبير سركون بولص " ترقص البذرة في تابوتها الاخضر تحت التراب ". ويقول الكاتب المشهور جبران خليل جبران " الجذر زهرة تحتقر الشهرة ". وبدوري اقول: نفتقر البذار ونتصارع على الثمار.