المحرر موضوع: لماذا يحتفل العراقيون في العيد؟!  (زيارة 504 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل رزاق عبود

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 390
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
لماذا يحتفل العراقيون في العيد؟!
لم اعد افهم هل اختلط الامر على العراقيين؟ ام انه لم يعد هناك عراقيين؟ صفحات الجرائد، ونشرات الاخبار، ومتابعات الفضائيات، ومكالمات التلفونات، والاحاديث اليومية كلها تتحدث عن القتل، والدمار، والارهاب، والتفجيرات، والموت، والتشرد، والنزوح الجماعي، ومع هذا فاضت صفحات الفيس بوك اليوم، وامس، وبشكل غريب، بل ومقزز ببطاقات التهاني، وازدحمت بشدات الورود، وعبارات التبريك، والاماني، والتهاني. قسم كبير منها من اناس لا علاقة لهم بالدين لا من قريب، ولا من بعيد. وعيد الفطر مناسبة دينية بحتة. العراق كله عبارة عن خيمة مجلس عزاء(فاتحة) ضخمة تمتد من الشمال الى الجنوب. فهل صار العراقيون يتبادلون التهاني في مجلس العزاء بعد سنوات من الحكم الاسلامي الطائفي، والاثني المتعصب؟!
لا استوعب كيف "يحتفل" او "يعيد" العراقيون وهم يقاسون، ويتعذبون، ويعانون، ويكابدون نقص الخدمات، وانقطاع الكهرباء. متظاهرين مسالمين يسقطون برصاص المليشيات والشرطة الاسلامية. الدواعش يحتلون ثلث البلد، ويذيقون اهله العذاب، والاذلال اليومي. الشعب ممزق الى طوائف، واديان، واثنيات. نفطه يسرق، واثاره تنهب، وامواله تهرب الى الخارج في حسابات الفاسدين، وشركاتهم اللصوصية.الرشوة تنخر جهاز الدولة كله، والمحسوبية تزكم الانوف. ملايين العاطلين عن العمل، والاف الشباب يذبحون بسبب اخطاء الحاكمين. جيش صرفت عيه المليارات تبخر في دقائق. ملايين النازحين، والمهجرين، واللاجئين، والمغربين، والمغتربين داخل وخارج الوطن. وطن سيادته منتهكة، وحدوده مخترقة، واسوقه سائبة لاعمل الارهاب الوهابي القذر. سياسة طائفية مقيتة مزقت النسيج الاجتماعي، الذي تميز به المحتمع العراقي. التعصب القومي، والمذهبي، والديني، والتناحر العشائري، والمناطقي. اقصاء العقول، والخبرات، والكوادر المخلصة الشريفة. تتحكم بهم وجوه وشخصيات  فاسدة، مزوة، منافقة، وعميلة. ارض، واعراض، وقيم، ومقدسات مستباحة. فقراء مسحوقين، يتامي، وارامل، وثكالى بالملايين. "علماء" دين كاذبين، لا ينشرون سوى العداء الطائفي، والديني. لاحساب، ولا مراقبة على كل هذا الانفلات في كل الجوانب، واموال الشعب، وثروات الوطن المنهوبة. اضطهاد، وظلم، وتمييز ضد الاقليات، والنساء. مشاريع وهمية، وانجازات فنطازية. بلد النفط، يستورد المنتجات النفطية، بلد الشمس تنقطع عنه الكهرباء، بلد الانهار يموت فيه الشجر، والبشر عطشا. تلكأ في انجاز، ولو مدرسة بسيطة، تبليط شارع، انشاء مستوصف. المئات تذبح في مصباح العيد اثر عمل ارهابي مجرم، ويكتب البطرانيين "كل عام وانتم بالف خير"! اي خير؟ خير المزابل، ام الكلاب السائبة، ام تفشي الامراض المعروفة، وغير المعروفة؟ خير المجاري الفائضة، ام الاف الجثامين العائدة كل يوم لشباب في عمر الورود في حين يتمتع ابناء المسؤولين في مدن الغرب، والخليج، ودور الجوار سياحة، وايفاد، وبعثات على حساب ملايين الجوعى في بلد السواد؟ خير الحزن، والفواتح، والتفجيرات اليومية؟ خير قوافل التوابيت اليومية الى الاحياء الشعبية؟ خير الانفلات الامني، وتزايد العصابات واستخدام المخدرات، وتعدد المليشيات؟ لا افهم كيف تتبادلون التهاني، وفي كل شارع مجلس عزاء، وفي كل نشرة اخبار تفجيرات، وانتهاكات، وضحايا، وموت، ودمار؟ لصوص يسرقون الميزانية، ويبيعون النفط في السوق السوداء، ويتعاونون مع الشيطان في سبيل تمزيق خارطة الوطن.
هل عاد الايزيديون الى ديارهم؟ هل استعادوا سباياهم؟ هل عاد المسيحيون الى الموصل، هل استعادوا كنائسهم، واديرتهم، ومقابرهم المدنسة برجس داعش؟ هل عاد ابناء المنطقة الغربية الى مدنهم، وقراهم؟ هل تحررت الانبار؟ هل استعيدت الموصل؟ هل استقر الوضع في كركوك؟ هل باتت شوارع المدن العراقية امنة من الارهاب؟ فلماذا، وعلى ماذا تتبادلون التهاني؟ لانكم خلصتم من رمضان؟ كنتم صائمين كل السنة، فكل السنة هي رمضان في العراق، لكنه ليس رمضان الخير، كما يدعون، انه رمضان الموت، والقتل، والتفجير، وارهاب الناس، وهتك الاعراض، وسلب الاموال، وتهريب النفط، واستباحة الارض، وبيع الايزيديات. امن اجل هذا تتبدلون التهاني؟ تهانينا اذن بموتكم اليومي!
رزاق عبود
18ـ7ـ2015