المحرر موضوع: ما الذي يُميز الأستاذ سركيس آغاجان وزير المالية في حكومة إقليم كردستان العراق - إنطباعات شخصية خاصــ  (زيارة 4145 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل وسام كاكو

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 64
    • مشاهدة الملف الشخصي
ما الذي يُميز الأستاذ سركيس آغاجان وزير المالية في حكومة إقليم كردستان العراق
   -    إنطباعات شخصية خاصــة
-

(القســم الثاني)

بقلم: وســام كاكو


عوامل عديدة تجتمع سوية في إنجاح شخصية هذا الرجل وهي بإختصار ومن وجهة نظري الخاصة كالآتي:

1.   الأستاذ سركيس آغاجان هو المسؤول - ربما يكون الوحيد-  الذي إستطاع تجاوز عقدة المكونات الثلاثة لشعبنا فعلاً وليس قولاً، أي إن الكثير من التنظيمات المختلفة (أو قادتها) كانت تدعي بكونها تعمل على مستوى الشعب ولكنها عملياً فشلت جميعا في إثبات ذلك وبعضها جاهر بإلغاء الآخر ومارس ذلك علانية في أدبياته وسلوكياته وتصريحاته، وبالتالي فشلت كتنظيمات وشخصيات سياسية في إستقطاب أبناء المكونين الآخرين. الأستاذ سركيس هو الوحيد الذي لم يتقوقع في مكون واحد وقام عملياً بمساعدة رجال الدين من كل المكونات الثلاثة، وبنى قرى لكل المكونات، وساعد أبناء كل المكونات ولم يُميز بشكل مُتعمد بين أبناء المكونات الثلاثة، صحيح إن بعض الحالات الفردية قد تُثار هنا وهناك ولكنها ليست مقياساً، فمثلاً في إحدى الليالي إتصلت بي سيدة من إقليم كردستان العراق وقالت ببعض العصبية (أنت تقول إن رابي سركيس يُساعد الجميع، وأنا أعاني من مرض القلب وقد أعطى زوجي أوراق الطبيب التي تثبت إصابتي بهذا المرض الى رجل الدين الفلاني ليعطيها بدوره الى رابي سركيس الذي يعرفه جيداً لكي يُساعدني على العلاج في سوريا ولكن رجل الدين رجع بعد يومين وقال إن رابي سركيس يقول بأنه لا يريد أن يسمع عن هذه الحالات ولا يستطيع المساعدة فيها لأنه سبق وأن ساعد بعض الأشخاص وتبيّن فيما بعد بأنهم كانوا محتالين وإستخدموا المال الذي أخذوه لهم في أمور أخرى) ثم أضافت (ما ذنبي أنا لكي لا يُساعدني رابي سركيس؟ هل لأني كلدانية لا يريد مساعدتي؟). هذا الظن السيئ وارد في تفكيرنا فأبسط ما يمكن أن نثيره ضد الآخر هو إستجداء العطف منه من خلال الإدعاء بالتمييز العرقي أو الطائفي، وهذه لعبة يُمارسها حتى الأفارقة الأميركان في أميركا في مناسبات مختلفة. عندما سألتُ عن الموضوع من بعض المصادر تبيّن لي إن رجل الدين لم يوصل الموضوع أصلاً الى الأستاذ  سركيس. هذه الحالات الفردية والإستنتاجات الشخصية التي يُثيرها هذا وذاك لا يُمكن أن ننظر من خلال مقاييسها الى الحقيقة الكبيرة، رغم إنها قد تساهم في تشويه الحقائق العامة المُعلنة. حساسية أبناء شعبنا في التعامل مع أبناء المُكوّن الآخر لم تقتصر على العامة وإنما على القادة السياسيين والتنظيميين والدينيين أيضاً فقد نُقل لي بعد زيارة أحد قادتنا الدينيين للأستاذ سركيس إنه حاول (أي القائد الديني) أن يقول (أنا أشكرك لما تُقدمه لشعبنا، فرغم كونك آشوري إلا أنك تُساعد ...) أراد أن يُكمل كلامه بالقول (..أنك تساعد الكلدان والسريان أيضاً...) ولكن الأستاذ سركيس قاطعه قائلاً (أنا لست آشورياً فقط ... أنا كلداني وسرياني..) أي إنه رفض بشكل حازم ومُعلن تحديده بمكون واحد من مكونات شعبنا لأنه أدرك منذ البداية إنه يتعامل مع حالة شعب تعرّض للتفتيت والتغييب لقرون عدة من الزمن وليس من الحكمة الآن الإقتناع بالتقوقع في مكون واحد لأن التقوقع في مكون واحد لن ينقل القائد (المُكوناتي) الى حالة قائد الشعب، ولن يكون قادراً على مداواة جروح هذا الشعب.

2.   أغلب القادة التنظيميين الذين ظهروا في شعبنا إبتدأوا بخلق جماهيرية لهم من خلال تنظيماتهم ومكوناتهم (القومية) وبذلك إنحصر تأثيرهم في نطاق تنظيمهم أو في نطاق مكونهم (القومي) على أحسن تقدير وكان أولئك القادة يُظهرون نشاطهم من خلال تنظيماتهم فبعض التنظيمات بَنَتْ بعض البيوت هنا وهناك وبعضها قدم بعض المساعدات ولكنها ظلت أسيرة تنظيماتها ومكوناتها وأدبياتها. هنا نلاحظ إن الستراتيجية الشخصية للأستاذ سركيس قائمة على أساس إنه لا يملك تنظيماً مكوناتياً (مؤلف من مكون واحد من مكونات شعبنا) خاصاً به لإدراكه المسبق بأن أي تنظيم يُقيمه سينحاز بالضرورة الى مكون ما من المكونات الثلاثة (الكلدان الآشوريين السريان) وفي ذلك نقطة القتل للتنظيمات القائمة التي لم تستوعب حالة الشعب الواحد وإنما حالة المكون الواحد المُنفتح أو غير المُنفتح على الآخر هذا من جانب، ومن جانب آخر إرتبط نشاطه التنظيمي بالأكراد وهنا نُلاحظ مسألة غاية في الأهمية وهي إن جميع، أو الأعم الأغلب من، الأفراد الذين ينضمون للأحزاب يسيرون وفق مباديء  الحزب الذي ينضمون إليه، والذي بدوره يعمل بالدرجة الأولى لصالح شعبه الذي يُمثله أو يعمل بين صفوفه، بمعنى إن الأحزاب العربية تعمل لصالح العرب والأحزاب الكردية تعمل لصالح الأكراد وهكذا كل المنتمين إليها، لدرجة أن المسيحي العراقي الذي ينتمي للحزب العربي نراه يقول بأنه عربي في أحيان كثيرة والمسيحي العراقي الذي ينتمي للحزب الكردي يقول بأنه كردي في أحيان كثيرة أيضاً، ولكن الأستاذ سركيس خرق هذه القاعدة وأصبح يعمل كمسيحي لصالح شعبنا الكلداني السرياني الآشوري وأصبح بشكل غير مباشر (من خلال أخلاقه وسلوكياته وعلاقاته) يكسب الأكراد لصالح تحقيق مصالح شعبنا وهذه مسألة جديرة بالملاحظة والدراسة وفيها تفاصيل كثيرة لا مجال لشرحها في هذا الحيز المحدود. إذن جماهيرية الأستاذ سركيس لم تقتصر على الدعم المكوناتي بل تعّدتها الى الدعم الشعبي وكذلك الدعم الإقليمي (السياسي) الكردي الذي يعمل لصالحنا، والمتتبع للإعلام يُلاحظ إنه بتاريخ 2-12-2006 نشر موقع كردستان بوست الإلكتروني (الخبر منقول من موقع عنكاوة) خبراً مفاده إن رابي سركيس إستطاع إقناع السيد مسعود البارزاني والسيد جلال الطالباني بالعمل لصالح تحقيق أهدافنا في عملية الحكم الذاتي، وبتاريخ 6-12-2006 عقد السيد نيجيرفان البارزاني رئيس حكومة الإقليم مؤتمراً قال فيه إنه من حق شعبنا الكلداني السرياني الآشوري تثبيت حقوقه في دستور الإقليم بما في ذلك الحكم الذاتي في سهل نينوى. الذي قرأ خبر إداء القسم أثناء إجراء عملية تنصيب الوزراء في حكومة الإقليم المنشور في موقع عنكاوة بتاريخ 7 أيار 2006  يُلاحظ ما يلي:  إستهل وزراء شعبنا قسَمَهم بترديد بسم الآب والإبن والروح القدس وباللغة السريانية تميزاً عن الوزراء الآخرين، وقد كان هذا بمبادرة من الأستاذ سركيس. هذه الملاحظات لا أعتقد إنه يُمكن المرور بها بلامبالاة، لا سيما وإنها تحصل لأول مرة في حياة شعبنا الكلداني الآشوري السرياني.

3.   يميل القادة عادةً الى البروز الإعلامي المكثف لكسب الجماهير حولهم ويُكثر البعض من إقامة الندوات والأحاديث المنشورة هنا وهناك بُغية إظهار كفاءته ودرجة تأثيره أو حتى مُنجزاته وأعماله وإتصالاته، ونرى عموماً الكم الكبير نسبياً للندوات التي يعقدها القادة التنظيميين الصغار والكبار في مكوناتنا القومية لتحقيق أهداف آنية أو طويلة الأمد لتنظيماتهم أو حتى للحديث العام فقط، ولكن الأستاذ سركيس لم نره يتحدث في أي لقاء صحفي أو على أية قناة فضائية أو محلية حتى ان أحد الأخوة الإعلاميين في عنكاوة سألني (كيف إستطعت أن تكسر الحاجز وحققت مقابلتين مع الأستاذ سركيس؟) إنه رجل صامت إعلامياً أو على الأقل نادر الحديث، وهذا يزيد من الغموض الذي يُحيط به ومن تعقيد إجتهادات الذين يتحدثون عنه، ففي الوقت الذي ترى إن القادة في العالم يتحدث الإعلام عنهم لأيام وربما لأسابيع عندما يفتتحون بعض المشاريع، نرى إسم الأستاذ سركيس منقوشاً في أماكن عديدة زرناها في الداخل ولكنه لم يُظهرها ولم يتحدث عنها إعلامياً بالحجم الذي يُمارسه الآخرون، لا بل إنه قال لي مرةً إنه حاول ولعدة مرات منع قيام بعض الفنانين بنشر أغانيهم التي تمتدحه. هذه المسألة قد ينظر إليها الإعلاميون بمثابة حالة غير مُحبّبة لأن الإعلاميين يرغبون في إكتشاف الغامض أو تسليط الضوء عليه وهذه هي طبيعة عملهم، إلا ان هذا الإبتعاد عن الإعلام له إيجابية كبيرة هي إنه ليس كتاباً مفتوحاً أمام الآخرين، على عكس بقية السياسيين الذين يُحبوا أن يكشفوا معظم أوراقهم أمام الإعلام وبدوافع مختلفة قد تتركز في مجملها حول تمجيد الذات أو حول أهداف خاصة بتنظيماتهم وبالتالي تُصبح عملية سبر أغوارهم من قبل الآخر، بعد مدة من الزمن، غير مُعقدة الى حد ما. ربما يرى البعض إن عدم الظهور في وسائل الإعلام يمكن أن يكون مردّه الى عدم الكفاءة أو عدم القدرة على التعامل مع الأعلام ولكن من خبرتي الشخصية رسمتُ، بعد مقابلتي الأولى معهُ، مجموعة إنطباعات أو خصائص لنفسي عند التعامل إعلامياً مع الأستاذ سركيس وقد طبّقتها في مقابلتي الثانية معه وهي بإختصار كالآتي:
أ‌.   يصعب الحصول على ما تريد من معلومات إذا لم يرغب هو بالتصريح بها ويقوم بذلك بشكل فيه الكثير من الكياسة واللياقة، كأن يقوم بتحويل الموضوع الى موضوع قريب جداً من الموضوع الذي يتحدث به أو يقوم بإشعال سيكارة وغيرها.
ب‌.   يجعل الآخر يلتزم بما يريده دون إلحاح، فمثلاً حاولتُ عدة مرات أنْ أسجّل (صوتياً) المعلومات التي كان يتكلم بها معي ولكنه كان يدفع بي الى تغيير رأيي بشكل لطيف جداً كأن يقول (دعك يا رابي من هذا المُسّجل ولنتحدث في مواضيع أخرى) ويعقبها بإبتسامة هادئة تجعلك توافق عن طيب خاطر على ما يُريد.
ت‌.   يتمتع بقابلية كبيرة على الإسترسال في الحديث ويُوفر على السائل إثارة الكثير من الأسئلة من خلال تغطيته لكل ما يمت بصلة للسؤال وبتفرعات متعددة.

4.   عند الإلتقاء مع السياسيين (سياسيي شعبنا أو غيرهم) يكون اللقاء في معظم الأحيان جافاً ومقتصراً على العمل وغالباً ما يكون في أماكن لها صفات رسمية أو عامة وعادةً ما ينتقون من العبارات أثقلها وأكثرها بريقاً ليعكسوا ثقافتهم وإمكانياتهم الفكرية، أما الوضع مع الأستاذ سركيس فيختلف تماماً فهو يستقبلك في بيته ويجعلك تُحس بأنك صاحب الدار وهو الضيف ويتكلم بشكل هاديء وبكلمات سهلة، ومواضيعه ليست أحادية الإتجاه أي إنه لا يُرسل فقط بل يُرسل ويستقبل، بمعنى إنه يُحاول خلال الحديث إكتشاف المقابل بأسئلة تبدو سهلة ولكنها إستكشافية، ولغته بسيطة ولا يتكلف في الحديث ولا تُحس بتعاليه (هذا التعالي الذي يفرضه المنصب عند بعض المسؤولين) في الكلام. أحاديثه، على تنوعها، تكون جادة وهادفة وجديدة على مَسـمع الملتقي به بحيث تمر أحياناً ساعات دون ضجر أو ملل وأنت تستمع الى حديثه وتتابع المعلومات التي ينقلها إليك سواء كانت في النشاطات الآنية او الأحداث التاريخية المعاصرة، وله أراء واضحة لا مجاملة فيها إطلاقاً ويعطي قراره بحزم وثقة دون تملق أو مجاملة لهذا أو ذاك، أما السياسيين بشكل عام فإنهم غالباً ما يراوغون في الإجابة على الأسئلة ويعطون أراءاً فيها الكثير من المطاطية والتفسيرات المتفاوتة وربما المتناقضة احياناً إعتماداً على الظرف أو على الشخص الذي يُقابلونه.



الإخوة القراء: رجاءً تابعونا في القسم الثالث من هذا الموضوع للإطلاع على المزيد من المعلومات الجديدة عن هذه الشخصية ومن خلالها أبناء شعبنا وشكراً
[/b][/font][/size]