هو أول الغيث / ألكنيسة الكلدانبة المستقلة مثالاً
د. صباح قيَاتشهد الأغلبية من غير المسيحيين بأن سمة المسيحي الرافديني الإخلاص والنزاهة والعمل بجد , إضافة إلى العديد من الخصال الحميدة التي يحوز بواسطتها حاملها ثقة أقرانه ويفرض احترامه على العاملين معه , ومن النادر تورطه بأعمال تتنافى مع القانون وتتقاطع مع العرف العام , ولن يجد مفراُ من تأنيب وملامة بني دينه أولاً وحتى ابتعادهم عنه إذا حصل خلاف ذلك ... وليس غريباً أن يصطدم مع أعز معارفه عندما يتطلب العمل تطبيق التعليمات والسير بموجب السياقات المتبعة ... ولا شك بأن الكثير من القراء قد واجه مواقف حازمة ممن هو في موقع وظيفي معين تحول دون تحقيق ما يصبو إليه ولو على حساب القانون , رغم ما تسببه تلك المواقف من امتعاض وتذمر عند صاحب الحاجة الذي لا يرى الأشياء إلا من خلال منظاره الخاص .... وصاحب الحاجة أعمى كما يقال ...
يحضرني وأنا اكتب هذه السطور موقف راعي الكنيسة القريبة من سكني آنذاك عند طلبي موافقته لإجراء مراسيم زواجي في كنيسة أخرى قريبة من سكني السابقً . أبدى عناداً غير طبيعي لا مبرر له من طرفي ... وبعد إلحاحي وإلحاح خطيبتي وقتذاك , أفصح عن ما في جعبته متهماً إياي بعدم تقدير واحترام زيارته لي في عيادتي متوسطاً لإعفاء أحد معارفه من الخدمة ... وأخيراً , والحق يقال , استجاب لما أردت بعد أن اقتنع بوجهة نظري بأن تنفيذ وساطته يعتبر مخالفة أحاسب عليها قانوناً كون حالة المعني الصحية لا تستوجب الإعفاء من الخدمة .... ولكن هل العين بالعين والسن بالسن من تعاليم المسيح , وحتى لو كنت مخطئاً , ألا أستحق الغفران والمسامحة ؟ وهل يجوز محاسبة الحق بالباطل ؟ .
وفي مناسبة ثانية مع راعٍ آخر , عندما شاء القدر أن أطرق بابه من أجل تزويدي بنسخ من شهادة عماذ إبنتي وابني , فالبرغم من كون خدمته تلك من أساسيات واجباته تجاه ابناء رعيته ولم تكن في يوم ما على ما أذكر خدمةً مجانية إطلاقاً , ألا أن استقباله لي ولزوجتي بوجه مرير وأسلوب تفوح منه رائحة التأنيب والوعيد بعدم تزويدنا بنسخة بديلة فيما إذا ظهر أي خطأٍ في كتابة المعلومات الشخصية باللغة الإنكليزية نتحمل نحن الإثنان ( أي أنا وزوجتي ) تبعاته ... وقرررت بعد ذلك اللقاء المؤلم أن لا أحضر له قداساً أبداً , وهذا ما حصل لحين مغادرتي الوطن الجريح .
لا يعني التطرق إلى بعض سلبيات رجال الدين الأعزاء بأنهم جميعاً على السواء , بل من المجحف جداً تعميم ذلك , حيث هنالك منهم من لا تفارق الإبتسامة وجنتيه , ومنهم من يتحلى بالبساطة والشفافية ولا يتوانى عن تقديم ما يحتاجه أبناء رعيته في كل ظرف ومكان ... ولكن ديدن الإنسان ’ عموماً ’ هو إبراز ما ينعكس سلباً على الطرف المقابل يتناسب طردياً أو عكسياً حسب تقديره للأمور من منظوره الخاص مع الأخذ بنظر الإعتبار مدى تأثير سمة " ألأنا " على موقفه النقدي , وبالأخص إذا كان ذلك الطرف في موقع وظيفي متقدم أو إجتماعيٍ متميز أو روحي وديني بغض النظر عن درجته وتسلسله في السلم الكهنوتي .... ألكاهن , وبصراحة , بنتقد بحق وبباطل , لكل شاردة وواردة . ألرعية ترجوه قديساً أو ملاكاً صالحاً ولكن تتناسى أو تتغافل كونه من البشر وكسائر البشر له أحاسيسه ومشاعره ويتأثر بعوامل حياتية شتى , وربما تظهر عليه ردود أفعال غير مألوفة وخاصة عندما يشكك برسالته صواباً أو خطاً ... ألرعية لا ترحم , ومن أفرادها من يتصرف بالمطلق وينقلب جذرياً على كنيسته أو على راعيها , وقد يكون السبب عميقاً أو سطحياً , وجيهاً أو ساذجاً , ولكن , وكما هو معروف , لن يدعي أحد بأن " حليب أمه حامض " ....
ما يحدث حالياً في رحاب الكنيسة الكلدانية , وبالتحديد , في عالم المهجر , يدخل ضمن الأطر المنوه عنها آنفاً ... للأسف الشديد , بعد ان كان يشاد بالبنان للمواطن المسيحي في وطنه كما أسلفت , تبرز عنده في المهجر , ربما بتأثير مساحة الحرية المتوفرة وضبابية مدى الرؤيا بالإضافة إلى دعم بعض المتضررين والمستفيدين , ظاهرة التمرد والتحدي سواء ما يتعلق بالشأن العائلي أو الإجتماعي أو الكنسي . ربما تسدل العين جفنيها عن اشتطاط العلماني وهجرته كنيسته , ولكن أن بشتط من نذر نفسه من أجل رسالة الكتاب المقدس وبشارة الروح القدس مسألة تستوجب وقفة تأملية جادة ومراجعة دقيقة وشاملة لواقع الكنيسة وما آلت إليه اليوم ً من جهة , وللذات التي تتحكم بها إبتداءً من قمة هرمها وإلى أبعد نقطة في قاعدتها من جهة أخرى , وإلا ما حصل بالأمس القريب من إعلان الكنيسة الكلدانية المستقلة سيكون بمثابة أول الغيث تقلده كنائس أخرى تباعاً ما دام هنالك من يشجع ويدفع بهذا الإتجاه بكلمات وأعمال ظاهرها تصحيح و حق وهدفها تشتيت وباطل ....
شقاقٌ يليه شقاقٌ وماذا بعَدْ كُلٌّ بإسمِ المسيحِ عن الحقِِ شرَدْ
ندعوا لوحدةٍ هيَ نَسْجُ خيالِنا وواقعُ ماضينا على الفِرقةِ شهَدْ
فكمْ مِنَ الإنجيلِ استباحتْ أتباعَهُ آياتٌ عليها القاتلُ اقتدى واعتمَدْ
فكيفَ للمرءِ أنْ يظَلَّ إيمانُه وركنُ المحبةِ غاب روحاً وجسَدْ
وإلى متى الصبرُ سيبقى أسيرَنا وبعضُ رعاتنا على بعضِهم حقَدْ
لسانُهم وعظٌ ما أحلى منابعُه بشارةٌ لمنْ أوحى بها الكلُّ شهَدْ
وا أسَفاً لقلوبهم في أعماقِها سكنَ الكرهُ ورمزُ الخطيئةِ رقَدْ
في كلِّ عهدٍ يطلُّ علينا ناسكُ خان الرسالةَ نذورُهُ لا تُعْتَمَدْ
تحلو لهُ مُتَعُ الحياةِ في عالَمٍ جاءَه لاجئاً أو موفداً أو مُضْطَهَدْ
هوَ خاطئٌ مَنْ في عيشْهِ لا يخطأُ وصوابُ الرأيِ أنْ لا يُعْزَلْ أو يُسْتَبَدْ
فأقسى ما على الإنسانِ موتَ فكرِهِ وكمْ بفكرِهِ يحيا رغمَ قتلِ الجسَدْ
ورعيةٌ سئمتْ ما اليومَ ظاهراً وسِترُكَ يا ربْ مما في الغدِ يُسْتَجَدْ
فصِفْحاً بمنْ ظلَّ السبيلَ شبابُه وإلا لِمَ القربانُ يُعطى صُبْحَ الأحَدْ
طوبى لِمَنْ ملأتْ فؤادَهُ رحمةٌ ودارَ بخدِّهِ يميناًً صفعاً ليَدْ
وطوبى للْذي يفعلُ ما يُعَلِّمُ ولِمَنْ تقبَّلَ الإساءةَ وصمَدْفلولا تعاليمُ ربّي ورسائلُ رُسْلِهِ وسيرةُ القديسينَ والوَعَدْ
لهجرتُ كنيستي بلا ندامةٍ وأكملتُ صلاتي وحيداً إلى الأبَدْ[/color]