المحرر موضوع: نفاق اليسار النيوليبرالي (3-3)  (زيارة 649 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل فلاح علي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 196
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
نفاق اليسار النيوليبرالي
(3-3)
فلاح علي
لابديل عن دور الدولة والقطاع العام :
في ظروف كظروف العراق وغيره من البلدان النامية لا يمكن الاعتماد على القطاع الخاص لوحدة للقيام بعمليات التنمية , ان الاعتماد على القطاع الخاص ليس فقط سيكون الفشل المحتوم الذي ينتظره وانما , سينتج ازمات اقتصادية واجتماعية جديدة ويعمق ازمات البلد الموجودة اصلاً .  اذا اريد للبلد الخروج من ازماته الاقتصادية والاجتماعية لا بد من ان يكون للدولة دور في قيادة عمليات التنمية . حتى في الدول الراسمالية اكدت ازماتها على فشل اقتصاد السوق المعولم نيوليبرالياً وهيمنة لدورالشركات في ادارة الاقتصاد وذلك لأن الدولة النيوليبرالية تعجز عن وضع قوانيين مقيدة , لهذا ينتج النظام الراسمالي واقتصاد السوق ازمات اقتصادية واجتماعية تضعف استقرار البلد . الماركسية تنتقد هذا النوع من العولمة
لهذا لجأت الدول الراسمالية في ازماتها الاقتصادية لمعاجة آثار الأزمات : الى تطبيق نظرية ( جون مينارد كينز) وهو عالم اقتصادي انكًليزي وتركز نظريته على الاقتصاد المختلط اي على دور القطاعين العام والخاص , نظريته ليس مع اقتصاد السوق الا اذا تدخلت فيه الدولة . ويرفض سيطرة القطاع الخاص على اقتصاد السوق . نظريته الاقتصادية الكنزية عالجت آثار الازمة العامة للراسمالية في عام 1932 واستطاع ان يساعد البلدان من الخروج من الكساد الكبير الذي حصل آنذاك . نظريته قائمة على ان يكون للدولة دور في ادارة اقتصاد البلد , لهذا لجأت الى نظريته الولايات المتحدة الامريكية في ازمة عام 1987 و2007 . ففي ازمة عام 2007 قامت الدول الراسمالية بدور مباشر للمساعدة على التخفيف من آثار الأزمة . ومالاحظة العالم ان الاقتصاديات والشركات الاحتكارية التي انهارت في ازمة 2007 قامت الحكومات الراسمالية بتعويضها من اجل اعادة نشاطها الاقتصادي . الشيوعييون واليسار الماركسي لن يقدسو دور الدولة وملكيتها للمشاريع الاقتصادية ولكن تجارب بلدان العالم بما فيها البلدان النامية تؤكد انه لن تكون هنالك تنمية ونمو اقتصادي وتطور ومعالجة البطالة والفقر والتسريحات من الوظائف في ظل الخصخصة والقطاع الخاص ان لم يكن هنالك دور للدولة والقطاع العام. نفس السؤال ينطرح بصيغة اخرى لماذا يقدس اليسار النيوليبرالي القطاع الخاص وعمليات الخصخصة المنفلته؟ . طالما  ان الاسواق المحلية قي البلدان النامية لا تؤمن الحاجات الضرورية الاساسية للناس .
وهنالك مثال آخر يؤكد على دور القطاع الحكومي في البلدان الراسمالية : (( المصارف في الولايات المتحدة الامريكية لا تمول العائلات ذوي الدخل المحدود بالقروض لغرض الاسكان فقامت الحكومة الامريكية بتأسيس الجمعية الوطنية الفيدرالية للأسكان لقاء معدلات معقوله من الفائدة , اما في البلدان النامية فهذه المشاكل اسوء بكثير , ان الغاء المؤسسات الحكومية قد يخلق فراغاً عظيماً , وحتى لو دخل القطاع الخاص الحلبه في آخر الامر , فستكون قد ترتبت على هذا القرارآلام رهيبة )) ((1))
اخيراً اتوقف عند الطرح التالي الذي يمثله اليسار النيوليبرالي :
 وقد أصدم القارئ إن قلت بأن الحركات الماركسية المتشدّدة والطبقة العاملة التقليدية في الغرب باتت قوة رجعية معادية لقيم اليسار.
فهي تتّخذ مواقف تكاد تكون متطابقة مع مواقف اليمين المتطرف. ولهذا فليس غريبا أن نجد أن جزءا كبيرا من القاعدة الإجتماعية لحركات اليمين المتطرف تتكون من العمال. إنهم / ضد فتح الحدود القومية لأن هذا يهدد بأن يأخذ المهاجرون وظائفهم لأنهم يقبلون بأجور أقل .

ارى من وجهة نظري ان هذا الطرح النيوليبرالي غير واقعي ولا يصمد امام النقد للاسباب التالية :
1-فيما يخص فتح الحدود وغلقها ليس له علاقة بموقف الطبقة العاملة في البلدان الراسمالية هذه هي سياسة العولمة الراسمالية المتوحشة مثال : الغرب طالب بحرية التجارة للمنتجات التي يصدرها , ولكنه في الوقت نفسه استمر في حماية قطاعاته التي كان يمكن ان تهددها المنافسه من منتوجات البلدان النامية والمثال الملموس هو تجلرته مع الصين . وذاكرتنا لا تزال حيه حيث احتجاجات ومظاهرات سياتل التي اشترك فيها اليسار والطبقة العامله ما هي الا دليل على ذلك, وهي تفند طروحات اليسار النيوليبرالي. لأن حرية التجارة لم تحقق منافع للبلدان الاقل نمو . وتشترط منظمة التجارة العالمية على البلدان النامية فتح حدودها بتحرير التجارة وتخفيض الرسوم الكًمركًية في حين الدول الراسمالية غير معنية بذلك . وهذا ما يمارسه صندوق النقد الدولي من تشديد الضغوط على البلدان النامية لتحرير تجارتها وفتح حدودها مقابل تقديم المساعدة . الصين صمدت عشرون سنه امام ضغوطات منظمة التجارة العالميةولكن ليس كل البلدان مثل الصين . الصين التي حققت اكبر نمو في الاقتصاد لم تسمع الى اي من التوصيفات والوصفات والتعليمات الغربية .
2- ان الطبقة العامله والماركسية لم تكن في يوم من الايام رجعية , وان الزعم بثورية النظام الراسمالي هذا ادعاء غير واقعي وغير معلل علمياً وواقعياً في ظل مرحلة الامبريالية . صحيح في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية وخلال الحرب الباردة وفي اجواء المنافسه مع الاتحاد السوفياتي , بالاضافة الى نضالات الطبقة العامله في البلدان الراسمالية , لجأت العديد من البلدان الراسمالية الى اقامة انظمة اجتماعية كنظام الضمان الاجتماعي والضمان الصحي وضمان السكن . وكانت هذه الانظمة الاجتماعية تقدمية وفيها شيئ من العدالة الاجتماعية كما هو في السويد والنرويج والدانمارك ....... الخ .
3- ولكن بعد ان هيمنت الولايات المتحدة على النظام الدولي الجديد بظهور نظام القطب الواحد , بدأت هجمتها الشرسه , في العالم ومنها على حقوق الطبقة العامله في البلدان الراسمالية وما حققته من انجازات كالنظام الاجتماعي فتقلصت الكثير من الانجازات التي حققتها الطبقة العاملة .
4- ان كانت الراسمالية تقدمية في عصرها الاول الا ان مواقف الامبريالية الآن مما يجري في العالم ماهي الا مواقف رجعية . من منا ينسى دور المخابرات المركزية الامريكية في افغانستان في نهاية سبعينات القرن الماضي , عندما احتضنت ودعمت ومولت مالياً ولوجستياً جماعة القاعدة وزعيمهم اسامه ابن لا دن بالتعاون مع رجعيي النظام السعودي آنذاك . الذي حصل في افغانستان بعد سقوط النظام اليساري لنجيب الله بعد انسحاب القوات السوفيتية , وما حصل قبله وبعده وما يحصل الآن , ما هو الا نتيجة للدور الرجعي للسياسة الامريكية وتعاونها مع الاصولية الاسلامية . وهذا التعاون اصبح مصدر تهديد لكل دول المنطقة وعدم استقرارها . المخابرات المركزية الامريكية لم تدعم فقط القاعدة وانما ساهمت بتطوير انتاج الهيروين بفتح معامل على حدود افغانستان مع باكستان وساهمت في تجارته , اين هي الثورية هنا للنظام الراسمالي ؟ واي بلد نامي طورته الراسمالية لتصبح ثورية ؟
5- وما يجري الآن في سورية والعراق من ظهور حركات اجرامية متطرفة من داعش وجبهة النصره وغيرهم , ان العوامل والظروف التي انتجت القاعدة هي نفسها التي انتجت الآن هذه الحركات المتطرفه , دعمت ومولت بضوء اخضر من المخابرات المركزية الامريكية . ان الامبريالية الآن توظف هذه الجماعلت المتطرفة لأرهاب العمال وافزاعهم في بلدانها , فمنذ سقوط الاتحاد السوفياتي والى الآن تمارس الراسمالية واجهزتها الاعلامية  ضغوط على العمال لأذعانهم لنظامها ولقوانينها الرجعية. لا اعرف اين رجعية الحركات الماركسية واين رجعية الطبقة العامله في الدول الغربية هنا , هذا مجرد اتهام وغض الطرق عن دور الغول المتوحش في مرحلة الامبريالية , وعن ما تقوم به عولمتها من خلق ازمات سياسية واقتصادية واجتماعية في بلدانها وفي بلدان اخرى .
الاستنتاجات :
1- اعتقد ليس هنالك غرابة في ظل عولمة الراسمالية المتوحشة , وفي ظل فوضى وانفلات الاوضاع الداخلية للبلدان نتيجة هيجان الحركات الاصولية المتطرفة  المدعومة امبريالياً ورجعياً اقليمياً ومحلياً من ان يطل علينا بين الحين والآخر كاتب او باحث او مثقف او مفكر ويدعو الى انهاء اليسار الماركسي , ولم يقل لنا كيف سينهي اليسار الماركسي ؟  وهل اليسار النيوليبرالي هو البديل عن اليسار الماركسي ؟ في حالة اذا تمكن طرف ما من انهائه , ارى ان هكذا تحليل يرتكز على اوهام وقراءة مغلوطة وغير واقعية لواقع المجتمع العراقي او المجتمعات الاخرى .
2- ان واقع تطورات الاحداث في العالم تؤكد ان الاحزاب الشيوعية وقوى اليسار هي اليوم في نهوض ونمو وتوسع وحضور جماهيري ولها فاعلية سياسية واعلامية وجماهيرية في بلدانها وهذا مؤشر على حيويتها .
3- الشيوعيين العرب واليساريين الذين تحولوا الى الفكر النيوليبرالي بخجل بعد انهيار التجربة الاشتراكية وتفكك الاتحاد السوفياتي , ارى انهم الآن لم يحسنوا بعد اختيار الوقت المناسب للاعلان عن نيوليبراليتهم وانخراطهم في مشروع العولمة , في الوقت الذي تمر فيه الراسمالية بأزمات مالية عالمية وان فكرها النيوليبرالي قد تخلخل ولا يصمد امام النقد .
4- ارى من وجهة نظري انه لا قيمة لأي من يدعي اليسار عندما يضع له مهمه محاربة الاحزاب الشيوعية او اطلاق دعوات لأنهاء اليسار الماركسي , لأن هذه الممارسة هي حالة مرضية تتنافى ومبدأ الديمقراطية والتنوع الفكري والسياسي الذي يؤمن بهما اي يساري .
5- الفكر اليساري النيوليبرالي بهذا الطرح الغير واقعي يؤكد انه ليس بمقدوره فهم ومعرفة ما يحصل في العالم وبالذات العالم الراسمالي لكي يطرح مشروعه الواقعي في التغيير وحسب ظروف بلده اذن كيف يكون مشروعه للتغير واقعي ومقبول اذا لم تكن لديه رؤية فكرية واضحه عما يجري. وانما ايضاً ان اليسار النيوليبرالي فكره غير متماسك وغير متبلور تسود فيه التشاؤمية والضبابية والعتمه وعدم الوضوح وهو بنفس الوقت يقدس الخصخة والقطاع الخاص ويعادي دور الدولة في عمليات التنمية كما يرفض اي دور للقطاع العام .
6- ان الفكر الماركسي هو مرشد لعمل اليسار الماركسي في فهم طبيعة المتغيرات على صعيد كل بلد او في العالم  . والفكر الماركسي فكر ديمقراطي يؤمن بالتعددية والتنوع الفكري والسياسي . ويؤمن بدور الجماهير في عملية التغيير التاريخي انطلاقاً من ان الجماهير هي التي تصنع التاريخ . وهي التي تغيير سلمياً .
7- ارى ان اليسار النيوليبرالي بهذا الطرح النيوليبرالي لا يعدوا عن كونه ورقة احتياط مضمونه يدخل في رصيد العولمة المتوحشة  , تلعب بورقة اليسار النيوليبرالي وتوظفه في الوقت المناسب بالنسبه لها , عندما تريد اظهار شعاراتها البراقة ولتظليل الراي العام المحلي والعالمي انها تقدمية وثورية ومع حق الشعوب , في الديمقراطية الزائفه لكن ماركتها امريكية الصنع .  وتلعب هذه الورقة الخسرانه بوجه قوى اليسار الحقيقي عندما تشعر ان هذا اليسار هو في نهوض جماهيري وسياسي .
8- في الوقت الذي التقت فيه السلفية الاسلامية الجديدة مع النيوليبرالية في التوجهات الاقتصادية للنيوليبرالية فيما يخص الخصخصة واقتصاد السوق وانهاء دور الدولة في الاقتصاد وتقديم التسهيلات للشركات الاحتكارية العابرة للقارات , نجد ان اليسار النيوليبرالي يقف مع هذا التوجه الاقتصادي .
9- اليسار الذي ينضوي تحت عباءة النيوليبرالية ولم ينتقد عولمتها المتوحشه , ليس هذا يساراً جديراً بهذا الاسم , واليسار الذي يصمت على انتهاكات الامبريالية للسيادة الوطنية ودعوتها لتقسيم البلدان وانتهاك حق الشعوب ودعمها للكيان الصهيوني المحتل هذا ليس يساراً ولا يحمل قيم اليسار . واليسار الذي يدعو الى انهاء اليسار الماركسي هذا ليس يساراً حقيقياً وانما مصطنع لأجندات .
10- اليسار النيوليبرالي لا توجد لديه حدود فكرية بينه وبين اعداء الماركسية , كما انه بمطالبته بانهاء اليسار الماركسي اكد اليسار النيوليبرالي على رجعيته .
11- ان اليسار في العراق بحاجة اليوم اكثر من اي وقت مضى على بناء قطب ثالث فيه وعلى مستوى كل العراق ويكون عابر للقوميات, تلتقي فيه كل قوى اليسار والديمقراطية على اساس برنامج عمل فيما بينهما ويجري تنسيق النشاطات من خلال لجنة تنسيق مع احتفاظ كل طرف باستقلاله السياسي والفكري والتنظيمي . لأهمية هذا القطب اليساري لأعادة التوازن في المجتمع ولأحداث عملية التغيير الديمقراطي .
11-10-2015
1- جوزيف إستيفليتز – حامل جائزة نوبل في الاقتصاد – من مؤلفه خيبات العولمة .